فاجأ النمو الاقتصادي الأوساط الإسرائيلية بأن سجل في النصف الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 9ر2% بمعدل سنوي، وهو أعلى من التقديرات المنخفضة لنمو هذا العام، الصادرة عن وزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي وهي بنسبة 4ر2%. والسبب في هذا الارتفاع هو أن مكتب الاحصاء أخطأ في تقديراته للنمو في الربع الأول من العام الجاري حينما قال إنه ارتفع بنسبة 8ر0%، ليتبين في آخر تقرير أن نمو الربع الأول ارتفع بنسبة 2ر2%، بما يعني ثلاثة أضعاف التقديرات الأولى. بينما ارتفع النمو في الربع الثاني بنسبة 7ر3%.
ويقول التقرير إن النمو سجل في الربع الثاني ارتفاعا حادا، نسبيا، بنسبة 7ر3%، بعد أن ارتفع في الربع الأول بنسبة 2ر2%، وفي الربع الأخير من العام 2015 بنسبة 7ر3%. وجاء أن الارتفاع في الربع الثاني ناجم عن ارتفاع الاستهلاك الفردي العام، بنسبة 5ر9%، وارتفاع الصرف العام بنسبة 7ر8%، كما ارتفعت الاستثمارات في العقارات بنسبة 1ر4%، وارتفع اجمالي الصادرات، بمعنى صادرات البضائع والخدمات معا، بنسبة 8ر3%، علما ان صادرات البضائع وحدها تشهد تراجعات منذ قرابة العامين، بينما صادرات الخدمات تسجل ارتفاعات حادة، ما يبقي اجمالي الصادرات في حالة ارتفاع مستمر، وإن كانت بنسب أقل من السنوات القليلة الماضية.
ويضيف التقرير أن الاستهلاك على مستوى الفرد، وهو مقياس مستوى المعيشة، سجل في الربع الثاني ارتفاعا بنسبة 2ر5%، بعد ارتفاع بنسبة 6ر2% في الربع الأول من العام الجاري. إلا أن النسبة للنصف الأول من العام الجاري سجلت ارتفاعا بـ 8ر2%.
وكما ذكر، فإن مكتب الاحصاء كان قد اعلن في شهر أيار الماضي، أن نسبة النمو في الربع الأول من العام الجاري ارتفعت بنسبة 8ر0%، وكانت هذه التقديرات قد قادت إلى عناوين صارخة، حول الأوضاع الاقتصادية، إلا أنه بعد فترة قصيرة جرى تعديل التقديرات للربع الأول إلى 3ر1%، ثم في منتصف الشهر الماضي عدّل المكتب التقديرات مرّة ثانية ليتحدث عن نسبة 7ر1%، أما في التقرير الأخير الصادر في الأسبوع الماضي، فقد تبين أن النمو ارتفع في الربع الأول بنسبة 2ر2%، ما يعني أقرب إلى ثلاثة أضعاف التقديرات الأولى. وتدعي أوساط في مكتب الإحصاء أن التقديرات الأولى لا تشمل دائما كل مركبّات النمو، إذ أنه لاحقا تتكشف أمور أكثر، تؤدي إلى تغيير التقديرات.
وبحسب المكتب فإن التقديرات الأولى دلّت على تراجع حاد ليس فقط في صادرات البضائع، وإنما أيضا في صادرات الخدمات بنسبة 2ر14%. إلا أنه تبين لاحقا للمكتب أن صادرات الخدمات لم تتراجع بل سجلت ارتفاعا، وفي التقرير الأخير تبين أن صادرات الخدمات ارتفعت لوحدها بنسبة تلامس 26%.
وعلى أثر التقديرات الأولى، كان بنك إسرائيل المركزي قد أقدم في الشهر الماضي على خفض تقديراته للنمو الاقتصادي للعام الجاري 2016، إلى نسبة 4ر2%، وهو التخفيض الثاني في غضون ثلاثة أشهر. وساهم في خفض التقديرات، التي باتت أقرب إلى الركود، الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة التكاثر السكاني في العامين الماضيين، وكما يبدو الجاري أيضا، قد بلغت 2% سنويا. وتقول محافظة بنك إسرائيل المركزي، كارنيت فلوغ، إنها لا تتوقع أن يتأثر الاقتصاد الإسرائيلي بقدر كبير من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مدعية أن الاقتصاد الإسرائيلي حصين في وجه الهزات العالمية، وأن التأثير سيكون طفيفا وغير ملموس.
وحسب تقديرات البنك ذاتها فإن النمو الاقتصادي في العام المقبل 2017 سيكون في حدود 9ر2%، بدلا من 1ر3% وفق تقديرات نيسان الماضي. وقالت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية إن خفض تقديرات النمو للعام الجاري كان متوقعا، على أثر النمو الضعيف الذي ظهر في الربع الأول من العام الجاري، إذ ارتفع بنسبة 3ر1% بوتيرة سنوية، وكان هذا ناجما عن التراجع في الصادرات، وخاصة صادرات البضائع.
ارتفاع تضخم تموز
وفي سياق الأوضاع الاقتصادية، سجل التضخم المالي في شهر تموز الماضي، ارتفاعا بنسبة 4ر0%، وفق ما أعلنه مكتب الاحصاء المركزي الإسرائيلي في الاسبوع الماضي، إلا أن هذا الارتفاع، للشهر الرابع على التوالي، يبقي التضخم في الأشهر الـ 12 الأخير "سلبيا"، بفعل تراجع التضخم في غالبية الأشهر، وهي الحال القائمة في السنوات الثلاث الأخيرة، وهذا ناجم بالأساس عن ضعف الحركة الشرائية، والتباطؤ الاقتصادي.
وبيّن التقرير أن التضخم منذ مطلع العام الجاري سجّل ارتفاعا بنسبة 4ر0%، وهو الارتفاع الحاصل في الشهر الماضي، إلا أنه حسب الوتيرة القائمة في السنوات الثلاث الأخيرة، فإنه في الأشهر الخمسة المتبقية من العام الجاري 2016، بما فيه شهر آب الجاري، تظل وتيرة التضخم ضعيفة، وغالبا ما تكون سلبية، لينتهي العام الجاري، وفق تقديرات المؤسسات الاقتصادية الرسمية، بتراجع بنسبة قد تصل إلى نصف بالمئة.
كما يظهر من التقرير أن التضخم في الأشهر الـ 12 ما زال في حالة تراجع بنسبة 6ر0%، وهو المقياس الأهم لوتيرة التضخم. وبناء على الوضع القائم، اضافة إلى ارتفاع قيمة العملية المحلية- الشيكل أمام الدولار في الأشهر الأخيرة، فإن بنك إسرائيل المركزي سيبقي، كما يبدو، الفائدة البنكية الأساسية، عند مستواها الأدنى القائم منذ نحو عامين، وهي 1ر0%، دون أي مؤشر لارتفاعها.
وقال تقرير مكتب الإحصاء إنه لولا الارتفاع المتواصل في أسعار البيوت، لكان التضخم المالي قد تراجع في الأشهر الـ 12 الأخيرة بنسبة 5ر1%، بدلا من 6ر0%، كما هو على أرض الواقع. وكانت أسعار البيوت قد سجلت في الشهر الماضي تراجعا طفيفا، وهذا لأول مرّة منذ فترة طويلة. وقال تقرير آخر لمكتب الاحصاء إنه بعد فحص معمق اكثر، تبين أن أسعار البيوت قد سجلت في شهري أيار وحزيران تراجعا بنسبة 3ر0%.
وتأثر التضخم في الشهر الماضي من ارتفاع في أسعار الخضراوات والفواكه بنسبة 2ر7%، في حين سجلت أسعار الملبوسات تراجعا موسميا بنسبة 2ر8%.
ارتفاع أسعار البيوت بنسبة 8%
في سياق متصل، قال تقرير جديد للمخمن الحكومي الإسرائيلي الرئيسي إن أسعار البيوت سجلت في الأشهر الـ 12 الأخيرة ارتفاعا بنسبة 8%، على الرغم من أن التضخم المالي منذ ثلاث سنوات في حالة تراجع مستمر. إلا أن ارتفاع أسعار البيوت تم لجمها في الأشهر القليلة الأخيرة، ففي الربع الثاني من العام الجاري ارتفعت الأسعار بنسبة 5ر2%، فيما سجلت أسعار البيوت في شهر تموز الماضي تراجعا طفيفا.
لكن الارتفاع في أسعار البيوت، وكما هو قائم طيلة الوقت، لم يكن متساويا، إذ سجلت الأسعار في تل أبيب ومنطقتها الكبرى، حيث أعلى نسبة اكتظاظ سكاني في إسرائيل، ارتفاعا وصل إلى حد 13% في الأشهر الـ 12 الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بالبيوت الكبرى، من 4 غرف وأكثر. ففي تل أبيب بلغ معدل سعر البيت بهذا الحجم حوالي 1ر3 مليون شيكل، ما يعادل 805 آلاف دولار. بينما سعر البيت بذات الحجم في حيفا بلغ 37ر1 مليون شيكل، ما يعادل 358 ألف دولار. ولوحظ أن أسعار البيوت بهذا الحجم تراجعت في مدينة القدس بنسبة 3%، ليكون المعدل 94ر1 مليون شيكل، ما يعادل 504 آلاف دولار.
وكان تقرير حول ملكية البيوت في إسرائيل، صدر في الاسبوع الماضي، قد أشار إلى ارتفاع بنسبة 10% في عدد الأشخاص الذين يملكون ثلاثة بيوت وأكثر، مقارنة مع العام الماضي 2016. لكن نسبة الارتفاع الأكبر كانت لدى من يملكون 10 بيوت وأكثر. ويقول التقرير إن 252ر1 مليون شخص في إسرائيل يملكون بيتا واحدا، زيادة بنسبة 5% عن العام الماضي، فيما أكثر من 209 آلاف شخص يملكون بيتين، زيادة بنسبة 6%، و41543 شخصا يملكون 3 بيوتا، زيادة بنسبة 9%، و10637 شخصا يملكون 4 بيوت (11%)، و3518 شخصا يملكون 5 بيوت (11%)، و1359 شخصا يملكون 6 بيوت (12%)، و678 شخصا يملكون 7 بيوت (18%)، و341 شخصا يملكون 8 بيوت (16%)، و196 شخصا يملكون 9 بيوت (6%)، ومن يملك 10 بيوت وأكثر بلغ عددهم في العام الجاري 395 شخصا، بزيادة بنسبة 19% مقارنة مع العام الماضي 2015.