كتب أسعد تلحمي:
رغم الشعور الذي يرافق رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت بأنه اجتاز بأمان التظاهرة الاحتجاجية الكبرى في تل أبيب مساء يوم 3/5/2007، التي طالبته و«كل الفاشلين» بتسليم مقاليد الحكم في إسرائيل، إلاّ أنه من المبكر القول إن «اجتياز امتحان الشارع» يمنح اولمرت الراحة المؤقتة التي ينشدها، على الأقل حتى التقرير النهائي لـ «لجنة فينوغراد» أواخر الصيف المقبل. وثمة مسائل كثيرة تنتظر الحسم مثل استقالة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من عدمها، أو الخطوات التي سيقدم عليها زعيم حزب «العمل» وزير الدفاع عمير بيرتس واحتمال استباق ليفني وإعلان استقالته وربما في بث تلفزيوني، أو ما سيسفر عنه اجتماع اللجنة المركزية لحزب «العمل»، الشريك الأبرز في الائتلاف الحكومي، بعد ثمانية أيام والمفروض أن يبت في طلب عدد من أعضائها الانسحاب من الحكومة.
وعقبت أوساط رئيس الحكومة على تظاهرة تل أبيب بتأكيد رفض اولمرت الاستقالة بداعي ان «لجنة فينوغراد» حمّلته وحكومته مسؤولية الفشل والإخفاقات في الحرب على لبنان، لكنها طالبته وحكومته بإصلاح العيوب «ورئيس الحكومة باشر هذه العملية».
وتابع مقربو رئيس الحكومة انه رغم احترامه للمتظاهرين وحقهم في التعبير عن رأيهم «لكن لا يجوز أن يقرر مائة ألف شخص إسقاط الحكومة وحسم مصير رئيسها». ونقلت صحف عبرية عن مقربي اولمرت أن الأخير الذي تابع أولاً بأول التظاهرة من مكتبه، توقع عدداً أكبر من المشاركين وقال إن تغيير الحكومة لا يتم في ساحات التظاهرات إنما في انتخابات برلمانية يدرك اولمرت أن معظم الأحزاب ليس معنيا بها الآن. وقالت الناطقة باسمه ميري أيزين إن «رئيس الحكومة لا ينوي الاستقالة» وإنه «يصغي بانتباه إلى كل ما يجري»، معتبرة الحديث عن استقالته مجرد تكهنات.
في المقابل، رجحت أوساط إعلامية أن ينعكس دوي التظاهرة على الوضع المأزوم أصلاً في حزب «العمل» الذي شارك ثلاثة من مرشحيه الخمسة لمنصب زعيم الحزب (عامي أيالون واوفير بينيس وداني ياتوم) في التظاهرة تأييداً لمطلب استقالة اولمرت وبيرتس. كما بات نحو نصف نواب الحزب في الكنيست يؤيد الانسحاب من الحكومة، ومنهم من يعتزم التصويت ضد الحكومة أو التغيب عن جلسة الكنيست الاثنين المقبل التي ستنظر في طلب أحزاب المعارضة نزع الثقة عن الحكومة على خلفية «تقرير فينوغراد»، رغم أن الحكومة ستفلت من السقوط لتوافر غالبية تدعمها.
ولا شك ان اولمرت حدد في مفكرته الثالث عشر من الشهر الجاري يوماً مهماً يجب متابعة أحداثه، إذ تلتئم اللجنة المركزية لحزب «العمل» للنظر في طلب الأمين العام للحزب الوزير المستقيل ايتان كابل والوزير الذي سبقه في تقديم الاستقالة بينيس، الانسحاب من الائتلاف الحكومي. كما أن الثامن والعشرين من الشهر الجاري يشهد حدثاً مهما هو الانتخابات لزعامة «العمل» التي يرجو اولمرت أن يفوز بها زعيم الحزب رئيس الحكومة السابق ايهود باراك اقتناعاً منه أن باراك سيبقي الحزب في الحكومة ويتسلم منصب وزير الدفاع بدلاً من بيرتس، فيما منافسه الأبرز أيالون أعلن أنه سينسحب من الحكومة إذا لم يقدم اولمرت استقالته. لكن معارضي البقاء في حكومة اولمرت لا ينفون احتمال البقاء في ائتلاف حكومي بديل برئاسة قطب آخر من كديما.
من جهته، لا يزال باراك يلتزم الصمت منذ صدور «تقرير فينوغراد»، ويبدو أنه ينتظر تطورات أخرى قبل إعلان موقفه، مثل ما سيسفر عنه اجتماع اللجنة المركزية للحزب.
يذكر أنه في حال لم تحسم هوية الفائز في الجولة الأولى من الانتخابات فستجري جولة ثانية في 11 حزيران (يونيو) بين المرشحيْن اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى، ويتوقع أن يكونا باراك وأيالون. وإزاء ما تقدم استأنف القريبون من اولمرت اتصالاتهم مع حركة «يهدوت هتوراة» الدينية الأشكنازية المتزمتة لإقناعها بالانضمام إلى الائتلاف الحكومي، ما سيضمن لأولمرت غالبية برلمانية من 65 نائباً في حال انسحب «العمل». لكن انضمام الحزب المتدين ليس أكيداً البتة وهو مشروط بتجاوب الائتلاف الحكومي مع مطلبه توفير موازنات هائلة لمؤسسات الحزب الدينية وتعديل مخصصات الأطفال وغيرها من المطالب التي سبق أن رفضها اولمرت لدى تشكيل حكومته.
في غضون ذلك، تناولت وسائل الإعلام العبرية سيناريوهات عديدة لمستقبل الساحة السياسية أحدثتها مبادرة رئيس حزب «ميرتس» اليساري يوسي بيلين لتتويج عجوز السياسة الإسرائيلية شمعون بيريس (84 عاماً) رئيساً للحكومة ملتزماً دعم نواب ميرتس الخمسة، وسط أنباء عن دعم من نواب «العمل» و«يهدوت هتوراة». ورغم دعوة صحيفة هآرتس في افتتاحيتها إلى تنصيب بيريس، إلاّ ان هذا السيناريو يبدو غير واقعي حيال المعارضة المتوقعة من «كديما» الذي يفضل عدد من أركانه العودة إلى حظيرة الليكود على تسليم بيريس «اليساري» مقاليد الحكم.
المصطلحات المستخدمة:
هآرتس, باراك, كديما, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, عمير بيرتس