المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1759

 

 

 

 

 


"معهد التخطيط الاقتصادي الإسرائيلي" يوصي بالإسراع في معالجة غلاء المعيشة وأوضاع سوق العمل

 

 

 

*غياب التنافس الحقيقي من أبرز أسباب غلاء المعيشة *اتساع استخدام شركات القوى العاملة من جهة وبطء تجدد كوادر القطاع العام من جهة أخرى يخلقان صعوبات في سوق العمل*

 


حذر تقرير جديد لـ "معهد التخطيط الاقتصادي الإسرائيلي" من صعوبات اعتبرها جذرية تمنع حل قضايا، مثل غلاء المعيشة، وسوء أوضاع سوق العمل، في الوقت الذي تزداد فيه ضائقة الجمهور، مشيرا إلى تراجع مكانة الاقتصاد الإسرائيلي في عدد من المؤشرات الاقتصادية العالمية، وإلى أن السياسة الاقتصادية القائمة منذ ما يزيد عن عشر سنوات ليست كفيلة بإصلاح الوضع.

ويقول التقرير في مقدمته إن الأوضاع الاقتصادية تستدعي اصلاحا جذريا، يشمل ثلاثة مرتكزات هي: زيادة وتيرة النمو من خلال زيادة التنافس، تغيير جدي وواسع في سوق العمل، وتعزيز ميزة المنافسة الإسرائيلية في المجال التكنولوجي والعصرنة الذي تبدو فيه توجهات ضعف.

ويشير التقرير إلى أن القائمين عليه فحصوا الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات الـ 12 الأخيرة، في مجالات مركزية، ومنها البنى التحتية، والصحة، والتعليم، والأجواء الاقتصادية، ومقارنة كافة المعطيات بما هو قائم في الدول الأخرى، "وحقا فإن الوضع في إسرائيل إشكالي"، حسب تعبير واستنتاج التقرير.

 


وفي ما يلي بعض الجوانب التي تطرق لها التقرير، واستعرضتها صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية.

 


التعليم: هبوط في عدد حملة شهادات الدكتوراة

بحسب التقرير، هناك تخوف من أن التحسن المزعوم في نتائج امتحانات "بيزا" لا يعكس توجهات ايجابية ("بيزا"- أحد الامتحانات الاختبارية للقدرات على المستوى العام ولا يدخل في نتائج التحصيل العلمي للطلاب). ويحذر التقرير من التراجع في عدد الذين يحصلون على شهادات الدكتوراة سنويا، ففي السنوات الاربع كان المعدل حوالي 312 شخصا، مقابل معدل 390 شخصا في السنوات التي سبقت، ما يعني تراجعا بنسبة 21%، وهي نسبة التراجع في عدد الذين يتسجلون للحصول على الشهادة.

 


كذلك يشير التقرير إلى أنه على الرغم من ارتفاع إسرائيل ضمن التدريج العالمي في موضوع الرياضيات، من المرتبة 104 في العام 2009، إلى المرتبة 79 من أصل 148 دولة، إلا أن المستوى ما زال منخفضا، في مجال تحصيل الطلاب في الرياضيات، وهذه معدلات أبعد بكثير مما هو قائم في الدول المتطورة.

 


ويشار هنا إلى أن جزءا كبيرا من أسباب هذا الدرجة المتدنية نسبيا، هو الفجوة الكبيرة بين تحصيل الطلاب اليهود، الذي قد يدرجون في المرتبة ما بين 55 إلى 60، وبين الطلاب العرب الذين يتدهور الوضع عندهم جدا، بسبب صعوبات جهاز التعليم العربي، الناجمة عن سياسة التمييز. فهكذا مثلا في العام 2011، كانت نتيجة إسرائيل على المستوى العالمي في الرياضيات لطلاب المدارس الابتدائية حوالي 37، ولكن بعد فحص النتائج يتبين أن الطلاب اليهود يوازون المرتبة 16 والطلاب العرب المرتبة 59.

 


تراجع الميزة الإسرائيلية في التقنيات العالية

يقول التقرير إن إسرائيل تحصل على نتائج عالية جدا في كل ما يتعلق بالمواضيع العصرية، وعادة ما يتم تدريجها بين المراتب الأولى وحتى الرابعة، وفق تخصصات التكنولوجيا، ولكن هناك توجهات سلبية أيضا في هذا المجال في النظرة للمستقبل، ومنها تقليص ميزانية "العالِم الرئيسي للدولة" (بكسر اللام)، وهو الجهاز الذي يمول ويدعم تمويل أبحاث علمية، وهذا ما قد يؤدي إلى نقص حقيقي في عدد المهنيين، من المهندسين والتقنيين وغيرهم.

 


كذلك فإن شركات عالمية كبرى لم تدخل بعد إلى إسرائيل، وهناك نقص في عدد الاختراعات المسجلة على أسماء إسرائيلية، ووضعية القوة العاملة في هذا المجال لا تتناسب مع حجم الشركات الجديدة، أو ما يسمى بـ "شركات الانطلاقة" (ستارت أب).

 


سوق العمل قضية حارقة

يرى التقرير أن القضية الحارقة أكثر من غيرها في الاقتصاد الإسرائيلي، هي قضية سوق العمل و"الذي لا يعي كثيرون مدى العلاقة الوثيقة بين سوق العمل والمنافسة الاقتصادية والنمو" حسب التقرير، الذي يصف الوضع على أنه "قنبلة موقوتة"، بسبب الفجوة الكبيرة بين من أسماهم بـ"العاملين الأقوياء الحصينين في احتكارات القطاع العام والاحتكارات الخاصة، وبين العاملين ضمن شركات القوى العاملة"، وهذه الفجوة تساهم في تقليص قدرات النمو، وتخلق "قنبلة اجتماعية موقوتة".

 


وللتوضيح، فإن التقرير يقارن بين وضعية العاملين في المؤسسات والشركات، بوظائف كاملة يحصلون على كافة الحقوق والامتيازات الاجتماعية، ومنهم من يصعب فصله من العمل، وبين العاملين في مؤسسات، ولكن من خلال شركات قوى عاملة، بظروف أجور متدنية، ومن دون تثبيت في العمل.

 


ويقول التقرير إن سوق العمل الإسرائيلية تشهد وضعية تقاطب بين نقيضين، ما يجعلها في مراتب متدنية في التدريج بين الدول المتطورة. ويضيف أن المشكلة نابعة من حالة التناقض، فمن ناحية هناك الكثير من العاملين ضمن شركات قوى عاملة، من دون ضمان أماكن عملهم، وبالإمكان فصلهم من العمل بسرعة، ومن ناحية ثانية، هناك قسم كبير من العاملين بشكل ثابت في القطاع العام والشركات الكبرى، الذين من غير الممكن فصلهم، إلا بدفع ثمن باهظ جدا، بسبب القوانين القائمة، وهذا ما يمنع تجدد طاقم العاملين في تلك المؤسسات والشركات.

 


ويرى التقرير أن الفشل في سوق العمل صارخ جدا، ففي حين أن عاملين يتقاضون رواتب وامتيازات، أكثر من قيمة ما ينتجون، فإن عاملين آخرين يتقاضون رواتب تقل قيمتها عن قيمة ما ينتجون، وهذا أمر ينعكس سلبا على مستوى وحجم الناتج، ويزيد من حالة اللامساواة.

 


ويدعو التقرير إلى اقرار خطة إصلاح واسعة النطاق، بحيث تكون الحكومة قادرة على استبدال طواقم عمل ليست ناجعة، ومنع ظروف العمل القائمة في شركات القوى العاملة. ويقترح التقرير مثلا، مشاركة العاملين في أرباح المؤسسات، أو دفع مكافآت، وفي المقابل تقييد قوة لجان العمال الكبيرة، من خلال منع الاضرابات في قطاع الخدمات الحيوية، والزام اللجان باستخدام المسارات القضائية أولا، قبل اتخاذ أي إجراء نقابي.

 


الاحتكارات تضرب سوق البضائع

يقول التقرير إن حجم الاحتكارات في الاقتصاد الإسرائيلي يشكل عائقا أمام المنافسة الاقتصادية، لتخفيض الأسعار وزيادة الجودة، ويشير إلى وجود 65 احتكارا كبيرا في مجالات متنوعة في الاقتصاد، وتحظى هذه الاحتكارات بحماية حكومية.

ويقول مدير معهد التخطيط الاقتصادي، درور شطروم، الذي كان سابقا مسؤولا عن فرض التقييدات على الصفقات الاقتصادية، "إن موضوع غلاء المعيشة، تجري معالجته بصورة سطحية جدا، فكلهم يعرفون أن ادخال منتوج آخر إلى دائرة رقابة الأسعار لن يغير شيئا في وضعية غلاء المعيشة، لأن السياسة الاقتصادية الإسرائيلية هي التي تخلق غلاء معيشة، من دون معالجة جذرية للأسباب الأساسية، من احتكار دائرة أراضي إسرائيل، إلى الاحتكارات في القطاع العام، إلى الاحتكارات في البضائع الأساسية للأفراد، وهي احتكارات لا تسمح بتخفيض الغلاء ولو بنسبة 1%".

 


كما يحذر التقرير من اتساع ظاهرة البيروقراطية في المؤسسات الرسمية، خاصة في ما يتعلق بقرار الاجراءات الاقتصادية في شتى المجالات، من تراخيص واقرار صفقات كبرى وغيرها، ويرى أن تعديلات القانون الأخيرة في هذا الجانب لم تخفف من الظاهرة.

 


خطة لتقليل كلفة المعيشة

 


يطرح "معهد التخطيط الاقتصادي" خطة يدعي أنها ستساهم في تخفيض كلفة المعيشة بنسبة 25%، وترتكز على عدة نقاط، أولها السكن، وهي القضية الأكثر حرقة وتأثيرا في قضية غلاء المعيشة، ففي السنوات الست الأخيرة ارتفعت اسعار البيوت بالمعدل بنسبة 50%، ما يعني أنه في التجمعات السكانية الضخمة كانت الزيادة أكثر من هذه النسبة.

 


وتدعو الخطة إلى إنهاء حالة الاحتكار للأرض لما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل"، وتغيير القانون القائمة عليه الدائرة، بشكل يسمح لوزير الاسكان بأن يحدد بنفسه كمية الأراضي التي سيخصصها للبناء وتسويقها من خلال شركات خاصة وليس "الدائرة" التي توجه لها أصابع اتهام بأنها السبب في رفع اسعار الاراضي.

 


وفي بند آخر من الخطة، متعلق بأسعار المواد الغذائية والاحتياجات اليومية الاساسية، يدعو المعهد إلى منع الشركات من تخفيض أسعار في اطار حملات مخصصة لشبكات التسوق، لأن ليس في هذا أي تخفيض اسعار حقيقي، بل فتح الاسواق للتنافس الحقيقي بين الشركات، من خلال السماح باستيراد كل أنواع البضائع الغذائية لمنع احتكارها والتحكم بأسعارها، وتخفيض الجمارك والغائها عن بعض البضائع الأساسية.

 


كما يدعو التقرير إلى تقليص أعداد العاملين "الأقوياء" بقصد الثابتين في القطاع العام والشركات الكبرى، من خلال تعديل قوانين تمنع الاضرابات في المرافق الحيوية، قبل استخدام المسار القضائي، وتعديل قانون تعدد الاحتكارات في إسرائيل، الذي جرى افراغه من مضمونه الأول، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الحالي، وشريكيه وزير المالية يائير لبيد، ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت.

 

 

 

 

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات