وزارة المالية الإسرائيلية ترفع تقديرات النمو للعام المقبل
*وOECD تدعو إلى زيادة الضرائب*توقعات النمو للعام الجاري 6ر3% والمقبل 1ر3% *OECD تدعو إلى عدم إلغاء رفع ضريبة الدخل مقابل عدم رفع ضريبة الشركات وزيادة ضريبة المشتريات وإجراء تقليص في ميزانية 2015*
أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية في الأسبوع الماضي عن تعديل تقديراتها للنمو الاقتصادي للعامين الجاري والمقبل، إذ أن التقديرات للعام المقبل شهدت تحسنا طفيفا، وبموازاة ذلك قدمت منظمة التعاون للدول المتطورة OECD تقريرها الدوري للحكومة الإسرائيلية، وفيه الكثير من الملاحظات والتوصيات، التي تصب في صالح أصحاب رأس المال، مثل عدم رفع ضريبة الشركات، بموازاة الإبقاء على رفع ضريبة الدخل المفروضة على الأجيرين.
تقرير وزارة المالية
وقالت وزارة المالية إنه حسب التوقعات الجديدة، فإن النمو الاقتصادي سيرتفع في العام الجاري بنسبة 6ر3%، وسيكون العجز في الميزانية العامة الحالية بنسبة 3%، بدلا من السقف الذي وضعته الحكومة بنسبة 65ر4%، بينما سيكون النمو الاقتصادي في العام المقبل 1ر3%، بدلا من 8ر2% حسب التوقعات السابقة، في حين أن العجز في الميزانية العامة سيكون 3%، بدلا من 8ر3% حسب التقديرات السابقة.
وكان النمو الاقتصادي في إسرائيل قد سجل في الربع الثالث من العام الجاري 2013 ارتفاعا نسبة 2ر2%، وهي نسبة منخفضة، وتوقعت أوساط اقتصادية أن تقود المعطيات الاقتصادية الجديدة عن الربع الثالث إلى موجة جديدة من الفصل من العمل، خاصة وأن بوادر لهذا قد بدأت تظهر في الآونة الأخيرة، خاصة في قطاع شركات الهواتف الخليوية.
كما سجل النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام الجاري ارتفاعا ملحوظا، مقارنة بالأوضاع الاقتصادية في هذه المرحلة، إذ بلغت النسبة 6ر4%، إلا أن النسبة المنخفضة في الربع الثالث نابعة حسب مكتب الإحصاء من الانخفاض الحاد في الصادرات الإسرائيلية، بنسبة 4ر16%، بعد أن كانت الصادرات قد سجلت في الربع الثاني من العام الماضي ارتفاعا بنسبة 2%.
وطالبت وزارة المالية حكومتها بتخفيض مصروفات الحكومة في العام المقبل بنحو 920 مليون دولار، بعد أن قررت الوزراء إلغاء رفع ضريبة الداخل على الأجيرين في مطلع العام المقبل بنسبة 1%، رغم أن هذا القرار جاء في أعقاب تراكم فائض في مداخيل الضريبة وتراجع العجز في الميزانية العامة، ولم يستبعد وزير المالية يائير لبيد رفع الضرائب مجددا في ميزانية العام 2015، في حال اضطرت الظروف إلى ذلك.
تقرير منظمة OECD
وعرض مدير عام منظمة OECD إنخيل موريا على الحكومة الإسرائيلية حيثيات تقرير المنظمة الدوري الذي يصدر مرّة كل عامين، وتبين أن التقرير استثنى في تغطيته لأوضاع الاقتصاد الإسرائيلي جميع المناطق المحتلة منذ العام 1967، بما فيها مرتفعات الجولان السورية المحتلة. ولغرض إعداد التقرير زار إسرائيل منذ شهر تشرين الأول الماضي وفدا خبراء ومسؤولين "رفيعي المستوى" في المنظمة في زيارتين منفصلتين، للاطلاع على التقارير الإسرائيلية، علما أن الكثير من ملاحظات وتوصيات المنظمة قريبة جدا من تقارير صدرت مؤخرا عن بنك إسرائيل، وبشكل خاص في ما يتعلق بتعامل الحكومة مع الضرائب في الأسابيع الأخيرة.
واعتبر التقرير أن النمو الاقتصادي في إسرائيل يبقى عاليا مقارنة مع الدول المتطورة الأعضاء في المنظمة، في حين أن البطالة تعد في أدنى مستوياتها التاريخية، وفق المقياس العالمي الذي بدأت إسرائيل باتباعه في مطلع العام 2012، وأدى إلى ارتفاع ملحوظ في معطيات البطالة التي لم تكن تظهر كفاية في التقارير الإسرائيلية، بفعل استثناء القرى التي يقل عدد سكانها عن ألفي نسمة، وقسم كبير منها هي قرى عربية منكوبة بالبطالة. إلا أن التقرير يحذر من عدم انخراط العرب والمتدينين المتزمتين "الحريديم" في سوق العمل، علما أن العرب يواجهون عقبات كثيرة في الانخراط في سوق العمل، ما يجعل البطالة بينهم تتراوح ما بين 23% إلى 25%، مقابل معدل عام بنسبة 3ر6%، وبين اليهود وحدهم ما دون 5ر4%، بينما "الحريديم" يحجمون عن الانخراط في سوق العمل لأسباب ودوافع دينية، منها عدم الانصهار في المجتمع العلماني، ولهذا يفضلون العيش على المخصصات الاجتماعية، والمنح المالية التي تقدمها لهم طوائفهم الدينية.
نمو وفقر
ويرى التقرير أن ما يرفع من نسب النمو في إسرائيل هو قطاع التقنية العالية (الهاي تك)، وقطاع الغاز الطبيعي الذي بدأت إسرائيل تستخرجه من قاع البحر الأبيض المتوسط في ربيع العام الجاري. وتتوقع منظمة OECD أن يسجل النمو الاقتصادي في إسرائيل في العام الجاري ارتفاعا بنسبة 75ر3%، بينما سيرتفع النمو بنسبة 5ر3% في العام المقبل 2014، وفي الحالتين، فإن هذه النسب أعلى من توقعات وزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي، وتبقى توقعات النمو في إسرائيل في تقرير OECD، أعلى من باقي الدول المتطورة، وحسب التقرير، فإن ما بين 7ر0% إلى 1% من النمو، سيكون من مدخولات الغاز الطبيعي الذي تستخرجه إسرائيل.
أما بالنسبة للتضخم المالي، فيتوقع التقرير أن تبقى نسبة التضخم في المجال الذي حددته السياسة الاقتصادية في العقد الأخير، وتتراوح ما بين 1% إلى 3%، ولكن التقرير حذر من احتمال ارتفاع التضخم إلى أعلى من السقف الأعلى، في حال استمر ارتفاع أسعار البيوت التي ارتفعت في السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة 40%.
ويشير التقرير إلى أن حجم الدين العام في إسرائيل كان في العام 2011، بنسبة 7ر69% من الناتج العام، وانخفض الدين في العام الماضي 2012 إلى نسبة 2ر68%، بينما سيرتفع الدين بشكل طفيف في العام الجاري إلى 4ر68%، ولينخفض مجددا في العام المقبل 2014 إلى 6ر67%، وفي العام 2015 إلى 4ر66%، وهي النسبة الأدنى منذ عشرات السنين.
وهذه التوقعات تشير إلى احتمال أن تحقق إسرائيل هدفها، بتخفيض حجم الدين إلى نسبة 60% من الناتج العام، وفق المعدل القائم في الدول المتطورة.
وفي المقابل، يشير التقرير إلى أن مستوى الحياة في إسرائيل بقي أقل بنسبة كبيرة، مما هو قائم في الدول الأعضاء في OECD، إذ أن إسرائيل دائما في أسفل جدول مستوى الحياة، كما أن معدلات الفقر في إسرائيل هي الأعلى من بين جميع الدول المتطورة، إذ أن 20% من العائلات في إسرائيل تعيش دون خط الفقر.
ويحذر التقرير من استمرار ارتفاع نسب الفقر، ويوصي بتقديم محفزات للعائلات الفقيرة للخروج إلى العمل، وهذا على الرغم من أن تقرير مؤسسة الضمان الاجتماعي الإسرائيلية الرسمية، يُظهر أن نحو 4ر90% من الأولاد الفقراء يعيشون في عائلات فيها عامل واحد على الأقل، وتنخفض هذه النسبة إلى 88% لعائلات لديها أربعة أولاد، و76% لعائلات لديها ستة أولاد وأكثر.
توصيات التقرير
ترى الجهات الإسرائيلية ذات الاختصاص أن تقرير OECD إيجابي من ناحية إسرائيل، ولكنه يحمل أيضا ملاحظات وتوصيات، وهي بالأساس تتماشى مع السياسة الاقتصادية التي يتبناها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير المالية يائير لبيد، خاصة وأن التقرير يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في الميزانية العامة للعام 2014، رغم أنها مقررة منذ الصيف الماضي، وأيضا لميزانية العام 2015، التي ستبدأ الحكومة في النظر فيها في منتصف العام المقبل، وستكون أول ميزانية تقر على انفراد، منذ العام 2009، حينما تم البدء بإقرار ميزانيات عامة لعامين معا.
وتدعو OECD إلى إجراء تقليصات في مصاريف الحكومة في ميزانية 2015، ورفع ضرائب جديدة، من أجل تغطية عجز تتوقع OECD أن يكون في ذلك العام، وحسب التقرير، فإن النمو الاقتصادي الذي على إسرائيل أن تطمح له في 2015 هو 4% على الأقل، إذ أن التوقعات الحالية تتحدث عن نمو 5ر3% في 2015، كتمهيد لعودة إسرائيل إلى نسب النمو التي كانت قائمة في سنوات منتصف العقد الماضي، ما بين 5% إلى 8ر5%.
ويدعو التقرير الحكومة الإسرائيلية إلى مواصلة العمل من أجل الوصول إلى تخفيض الدين العام مقارنة بالناتج العام، إلى مستوى 60% حتى العام 2020، وهي النسبة السارية في دول الاتحاد الأوروبي.
وقال التقرير إن المعطيات الاقتصادية القائمة ونسب النمو المتوقعة للسنوات القادمة تتيح تحقيق الهدف، خاصة وأن تغيير طريقة احتساب الناتج العام، وطريقة احتساب الدين العام في العام الماضي 2012، خفضّت نسبة الدين العام من 73% إلى 68%، وحتى أن التقرير يدعو إسرائيل إلى وضع هدف يقل عن نسبة 60%، من أجل أن يكون هناك تخفيض فعلي من حيث الكم للدين العام، لأن الدين قد يبقى على حاله، ولكن نسبته تتراجع امام ارتفاع حجم الناتج العام.
ويعترض التقرير على الاستمرار في تخفيض الفائدة البنكية التي ترسو حاليا عند 1%، كفائدة أساسية، ويدعو إلى رفع الفائدة خلال العام المقبل 2014، ولكن ليس من الواضح كيف سيتعامل بنك إسرائيل المركزي مع هذه التوصية، على ضوء استمرار تراجع سعر صرف الدولار، وتضرر قطاع الصادرات من هذه الوضعية، إذ أن مؤسسات مالية عالمية كانت قد دعت إسرائيل قبل سنوات إلى وقف تخفيض الفائدة، والتوقف عن التدخل في سوق العملات، إلا أن البنك المركزي رفض هذه التوصيات في حينه.
واللافت أن OECD اعترضت على سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة الإسرائيلية في القطاع الضريبي، فقد اعترضت المنظمة على إلغاء رفع ضريبة الدخل على الأجيرين بنسبة 1%، كما اعترضت على رفع ضريبة الشركات في مطلع العام المقبل من 25% إلى 5ر26%، علما أنه قبل سنوات كانت هذه الضريبة بنسبة 34%.
ويدعو التقرير إلى رفع ضريبة المشتريات مجددا، بعد أن كانت قد ارتفعت من 16% حتى منتصف 2012، إلى 17%، ثم إلى 18% في منتصف العام الجاري 2013، علما أن الأوساط الاجتماعية والمدافعة عن الشرائح الفقيرة والوسطى تعترض على رفع هذه الضريبة، التي تمس أساسا بمحدودي الدخل.
وما يدل أكثر على توجهات منظمة OECD، هو موافقتها على قرار الحكومة بتخفيض مخصصات الأولاد، ابتداء من شهر آب الماضي، وهو القرار الذي أدى إلى سقوط نحو 7 آلاف عائلة جديدة إلى ما دون خط الفقر، وفق تقرير جديد لمؤسسة الضمان الاجتماعي.
إلا أن OECD تدعو إلى اتخاذ إجراءات من شأنها أن تقلص دائرة الفقر، وبشكل خاص توسيع استخدام ما يسمى بـ "الضريبة السلبية"، وهو نمط تعمل به إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، ولكنه ليس ملموسا، إذ تعيد ضريبة الدخل أموالا لكل عائلة محدودة الدخل ولديها أولاد وفق تدريج معين، لكن نصف العائلات لا يستخدم هذا النمط، بسبب قلة المعرفة بشأنه.