"خلية الصحافيات": إعلاميات إسرائيليات يطالبن بحقوقهن وزيادة تمثيلهن
*طالي شنايدر إحدى مؤسسات الخلية لـ "المشهد الإسرائيلي": حان الوقت للتعامل مع النساء كخبيرات ذوات مستوى لا يقل عن مستوى الرجال*
كتبت هبة زعبي:
أشار بحث أجرته منظمة "كيشف" - مركز حماية الديمقراطية في إسرائيل- قبل عدة أعوام إلى أن نسبة تمثيل النساء في الإعلام الإسرائيلي كمقدمات أو محللات سياسيات أو حتى مراسلات ميدانيات في أوقات الأزمات والحروب ضئيلة جدا وتصل فقط إلى 5%.
وعادة تظهر النساء في الإعلام الإسرائيلي بصورة الزوجة الجيدة أو المرأة الخائفة والمذهولة أو الأم المصدومة، أما نسبة ظهورهن في الأوقات اليومية العادية بموجب بحث أجرته جمعية حقوق المواطن قبل عدة أعوام فلا تتجاوز 15% في التلفزيون و25% في نشرات الأخبار.
لذا انطلقت منظمة "خلية الصحافيات" قبل أكثر من سنة ونصف السنة من منطلق حاجة الإعلاميات الإسرائيليات إلى الدفاع عن حقوقهن والمطالبة بتحسين ظروف عملهن وزيادة تمثيلهن في الإعلام.
وبرز اسم المجموعة بشكل كبير من خلال قضية الإعلامي عمانوئيل روزين والاعتداءات والتحرشات التي ارتكبها بحق صحافيات زميلات له في القناة العاشرة انتفضن للنيل منه وقدمن شكاوى ضده. وتعتبر "الخلية" منظمة صحافيات فعالة تعتمد على نشاط تطوعي لمجموعة كبيرة من الصحافيات المشاركات واللاتي يعملن في وسائل إعلامية مختلفة وينشطن للمطالبة بحقوقهن.
وقد أجرينا المقابلة التالية مع الصحافية طالي شنايدر وهي ناشطة في المجموعة ومن المؤسسات لها ومن اللاتي كشفن النقاب عن قضية عمانوئيل روزين أيضا.
(*) سؤال: متى وكيف أقيم هذا التنظيم؟ ومن أين أتت الجرأة على إثارة قضايا المضايقات الجنسية وهي قضية شغلت الرأي العام؟
شنايدر: شكلنا الجمعية أو المجموعة قبل حوالي سنة وأكثر قليلا، واجتمعنا في مؤتمر خاص وكبير نظمناه خلال صيف العام 2012، وهناك انتظمنا وانقسمنا إلى مجموعات عمل شملت كل مجموعة منها 15 صحافية، ومباشرة أنشأنا المنتدى الخاص وخلاله بدأت الصحافيات الحديث عن مضايقات يتعرضن لها بصورة دائمة خلال عملهن في البرامج التلفزيونية أو في الصحافة المكتوبة. في البداية لم نعرف كيف نتصرف مع هذه القضايا وما هي الطرق لحل هذه المشاكل. لكن الشكاوى بدأت تنهال علينا بكثافة وبدأنا بالحصول على معلومات. قررنا أن نجمع أكبر قدر من المعلومات قبل أن نتوجه الى القناة العاشرة ونطالبها بفصل المتورطين في هذه المضايقات. في شهر نيسان الأخير نشرنا في صفحتنا في الفيسبوك طلبا لنيل معلومات متعلقة بالقضية، وجراء ذلك وصلنا عدد كبير من المعلومات واتضح أننا أمام قصة قوية، يعلمها الجميع لكن لا يوجد من يعالجها ويهتم بها، استغرق منا الأمر قرابة الـ48 ساعة استطعنا خلالها كشف كل المعلومات، ووجهنا رسالة إلى القناة العاشرة أوردنا خلالها الشكاوى الكثيرة. وقامت القناة العاشرة بالتوجه إلى روزين وهو بدوره اختار أن يعلق عمله في القناة وفعلا قام بذلك.
(*) سؤال: ما هو دورك في قضية روزين ؟ وما هي القضايا الشبيهة الأخرى التي تدخلتن بها؟
شنايدر: كنت أنا ممن كشفن قضية روزين، ونشرت "يديعوت أحرونوت" مؤخرا أنه من المتوقع أن تصدر لائحة اتهام بحقه بتهم تحرش جنسي، ومن الممكن أن توجه له تهمة ارتكاب أعمال مشينة. وفي قضية موشيه نستلباوم مدير القناة الأولى، وهي قضية بدأت قبل تشكيل المجموعة وتتعلق بمضايقات وتحرشات، لعبنا لاحقا دورا في تحريكها ودعمها. وهناك قضية الصحافي شارون جال، فنحن لم نتدخل في القضية لكن كان لنشاطنا تأثير غير مباشر شجع على السير قدما بها وتقديم شكاوى ضده. بشكل عام، نحن حين نعلم عن تذمر نساء من مضايقات وأنهن ينوين التقدم بشكوى أو تقدمن فعلا نقوم بدعمهن بشكل معلن وصريح.
(*) سؤال: ما هو تقييمك للخطوات التي جرى القيام بها في قضايا التحرشات؟
شنايدر: الأمر الأقوى الذي قمنا به هو خطوتنا التضامنية وتكاتفنا لنصرة المشتكيات في تلك القضايا، ونحن وصلنا إلى نتيجة جيدة وفعالة خلال فترة قياسية قصيرة، ونجحنا في تغيير الخطاب العام بسرعة. ساعد تكاتفنا وتعاضدنا وتعاوننا معا لإنجاح هذه الخطوة ولم نشعر بأي ذهول أو خوف عندما أقدمنا عليها. سمعت قبل فترة لقاء مع أحد مقدمي البرامج في القناة العاشرة يقول بأنه في داخل أروقة القناة العاشرة باتوا يشعرون بالاختلاف في السلوكيات داخل طاقم العمل، وذلك فيما يتعلق بانخفاض الصراخ والتذمرات فيما بينهم خلال العمل حيث باتت الأجواء أكثر هدوءاً.
(*) سؤال: كم هو عددكن؟
شنايدر:عدد الصحافيات المسجلات في الجمعية يقدر بين 400 حتى 500 صحافية، و40 من بينهن ناشطات وفعالات.
(*) سؤال: ما هي أهم الأهداف الماثلة أمامكن بشكل عام؟
شنايدر: وضعنا أمامنا عدة أهداف أهمها المطالبة بتحسين ظروف عمل الصحافيات في إسرائيل في جميع أنواع الوسائل الاعلامية، مع التشديد على توفير بيئة عمل جيدة وخالية من أية مضايقات، من منطلق الرغبة والإرادة في تحسين تمثيل النساء كضيفات ومقدمات في كافة وسائل الإعلام.
(*) سؤال: هل تلقيتن أي دعم؟ وكيف تدار المجموعة؟
شنايدر: ننشط حاليا كمنظمة تطوعية، وليس كمنظمة عمالية، لا تتوفر لنا أية موارد مالية. والنشاط يعتمد على مدى اجتهادنا والذي نبذله بدون مقابل مادي. لا توجد أية مديرة تدير المجموعة، نتجمع حين نرغب في مناقشة أي أمر وأي قضية، القرار يتخذ بموجب الأغلبية التي تكون حاضرة في الاجتماع وهكذا تصدر قراراتنا.
(*) سؤال: هل حصلت الخلية على أي دعم من النقابات الصحافية الثلاث؟
شنايدر: "منظمة الصحافيين" (التابعة للهستدروت) تقوم بدعمنا، وهي تهتم بنشاطاتنا وتتابع خطواتنا بشكل كبير. جزء كبير من المجموعة نشيط في كلا الجانبين وأنا منهن، لكننا تنظيم يهتم بالقيم وليس منظمة عمالية. وأعتقد بأن نقابة الصحافيين في تل أبيب كانت راضية عن دعمنا لها في "قضية نستلباوم" وهي لا تتجاهلنا. أما نقابة القدس فلم تسنح لنا الفرصة لأن نتعاون معها. لكن بشكل عام فإن النقابات تقوم بدعمنا.
(*) سؤال: ما هو موقف وسائل الإعلام المختلفة من وجود الخلية؟ وكيف تتجاوب معها؟
شنايدر: في المرة الأخيرة حين اقترحنا عليها أن تقوم باستضافة خبيرات وألا يكون الأمر محصورا على الرجال، تلقينا ردا إيجابيا جدا، وقمنا بتحضير قائمة تتضمن أكثر من 50 اسما لنساء خبيرات في مواضيع متنوعة، وتلقينا عددا هائلا من الاتصالات من قبل منتجي البرامج يطالبون أن أرسل لهم القائمة، الاستجابة كانت بسرعة فائقة جدا وقياسية.
(*) سؤال: كيف تجدون حضور المرأة في البرامج؟
شنايدر: نهتم حاليا بقضية عدم وجود نساء في وسائل الاعلام كخبيرات ومحللات وكضيفات في البرنامج، ونرغب في الاهتمام بالمادة الاعلامية المعروضة وأن تقدم المرأة المتحدثة بشكل نوعي يضفي أهمية للبرنامج وأن يكون حضورها مركزيا، وأن يستعينوا قدر المستطاع بنساء يشغلن مناصب ووظائف ذات أهمية، والحرص على عدم التعامل معهن بطريقة الفرضيات المسبقة وأن لا يتوجهوا لهن فقط حين يبحثون عن نساء في ضائقة مثلا.
(*) سؤال: وكيف يتم القيام بذلك؟
شنايدر: نجحنا في توفير ميزانية خارجية لمشروع "دليل الخبيرات" والذي أطلقنا عليه اسم "مجلس الحكيمات"، ويتضمن أسماء مجموعة من الخبيرات في مواضيع مختلفة للإشارة إليهن حتى يتم التوجه للتحدث عن هذه المواضيع خلال الحوارات والمقابلات المختلفة. ونحن نخطط لإقامة موقع انترنت يتضمن هذه المعلومات أيضا لكننا نحتاج إلى ميزانية كافية لذلك.
(*) سؤال: ما الذي دفعكن للمضي في هذه الخطوة؟
شنايدر: خطرت الفكرة حين استمعت إلى أحد الحوارات الإذاعية، حيث استضاف البرنامج ثلاثة من الخبراء الرجال، واشتكى أحدهم أمام المقدم من كونه يكرر نفس السؤال أمامه عدة مرات، فقلت لنفسي لماذا يستضيفون دائما نفس الأشخاص الذين يتكرر حضورهم ويجعلوننا نشعر بالملل، بدلا من أن يقوموا باستضافة نساء خبيرات وملمات في هذه المواضيع، وهناك الكثير منهن؟. وجدنا في قائمتنا أكثر من 50 اسما أضفنا لها أسماء أخرى من السياسيات السابقات وتتوفر لديهن الخبرة الكافية في مواضيع معينة، وأضفنا إلى القائمة أسماء نساء يعملن في وظائف دبلوماسية وناطقات. وبعد إرسال القائمة لاحظت في الشهر الأخير زيادة في عدد الخبيرات اللاتي تتم استضافتهن للبرامج في وسائل الاعلام المختلفة وهذا أمر جيد يبشر بالخير.
(*) سؤال: لماذا اخترتن اسم "مجلس الحكيمات"؟
شنايدر: أنا من اخترت اسم "مجلس الحكيمات" والذي يستند إلى نموذج أميركي يوفر أسماء خبراء في اختصاصات متنوعة. أنا شخصيا أرغب في أن أجد تنوعا في الاعلام وألا يعتمد على فئة معينة، فبالإضافة إلى دعم حضور النساء أرغب في استضافة متدينين وعرب وفئات مجتمعية مختلفة، يجب أن يكون كل قطاع ممثلا في وسائل الإعلام.
(*) سؤال: ما هي الأمور الأخرى التي تخططن للمطالبة بها وتحقيقها مستقبلا؟
شنايدر: نحن مستمرون في متابعة قضايا المضايقات الجنسية ونطمح بأن يعين شخص في كل وسيلة إعلامية يقوم بمتابعة هذا الجانب فيها، وذلك حتى يجعلوا النساء يتابعن عملهن بحرية وراحة، وسنقوم بالتأكد من قيام أماكن العمل بمتابعة عمل المسؤول عن قضايا التحرش والتأكد أنه يتلقى شكاوى ويقوم بمعالجتها. سنتابع قضايا شروط العمل، وهنا لا أستطيع أن أحدّد شيئا فمهنة الصحافة بشكل عام تعاني من أزمة والأمر يزداد سوءا. بدأنا العمل على متابعة قضية إدارة النساء لهيئات العمل المختلفة في وسائل الاعلام حيث أن نسبتهن قليلة جدا ونحن نطالب بزيادة عددهن. نسعى لزيارة الحضور النسائي النوعي في البرامج ومن أجل ذلك نتابع مع سلطة البث الثانية قضية زيادة الحضور النسائي على الشاشة. هذه هي نشاطاتنا في السنة الأخيرة ونأمل أن ننجح بتحقيق نتائج ملموسة فيها.