الوزير السابق ورئيس لجنة الداخلية البرلمانية، عضو الكنيست أوفير باز- بينيس، يقول لـ"المشهد الإسرائيلي" أيضًا: على إسرائيل التوقف عن البناء في المستوطنات وإخلاء البؤر الاستيطانية، بشكل أحادي الجانب * لا يزال موقف حزب العمل هو وقف الشراكة مع أولمرت إذا لم يستقل بعد صدور التقرير النهائيّ للجنة فينوغراد
كتب بلال ضاهر:
رفضت إسرائيل هذا الأسبوع، على لسان قادتها السياسيين والعسكريين، اقتراحا بوقف العمليات العسكرية في قطاع غزة فيما واصلت الفصائل الفلسطينية إطلاق صواريخ قسام وقدس باتجاه مناطق في جنوب إسرائيل.
ومع انطلاق المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على أثر لقاء أنابوليس، بدأت السلطات الإسرائيلية بتنفيذ مخططات لتوسيع المستوطنات، في القدس الشرقية والضفة الغربية، خلافا لتعهداتها.
وفي ظل ذلك لا تزال الحكومة الإسرائيلية غير مستقرة ويتهددها انسحاب أحزاب كبيرة منها مثل الحزبين اليمينيين "إسرائيل بيتنا" و"شاس" على خلفية احتمال إخلاء مستوطنات أو حتى وقف البناء في المستوطنات، أو انسحاب حزب العمل على خلفية نشر تقرير لجنة فينوغراد الذي يتوقع صدوره في النصف الثاني من شهر كانون الثاني المقبل. وفي حال تحقق سيناريو أي من الاحتمالين فإن حكومة إيهود أولمرت ستكون مهددة بالسقوط.
حول هذه المواضيع أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة مع الوزير السابق ورئيس لجنة الداخلية التابعة للكنيست، عضو الكنيست عن حزب العمل أوفير باز- بينيس.
(*) "المشهد الإسرائيلي": رئيس الحكومة أولمرت يرفض التوصل لهدنة ووقف إطلاق نار مع حماس في قطاع غزة. لماذا ترفض إسرائيل اقتراحا كهذا، خصوصا وأن اقتراحا بهذا الشأن وصل إليها من رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ومسؤولين في الحركة، بينما يعترف ضباط الجيش الإسرائيلي بأنه لا يمكن منع المسلحين الفلسطينيين من إطلاق صواريخ قسام باتجاه جنوب إسرائيل حتى لو تم تنفيذ عملية عسكرية واسعة في القطاع؟
- بينيس: "أولا، إذا أرادت حماس التوقف عن إطلاق صواريخ قسام فإنه بإمكانها التوقف ونحن سنوقف على الفور جميع العمليات العسكرية التي نضطر لتنفيذها في القطاع. ولا يتوجب من أجل تنفيذ ذلك إجراء مفاوضات ولا التوصل إلى اتفاق. وبالإمكان تنفيذ هذا الأمر صباح غد. وفي اللحظة التي يتوقفون فيها عن إطلاق صواريخ قسام من غزة ستوقف إسرائيل رد فعلها ضد غزة. من جهة أخرى بالإمكان التوصل إلى اتفاق مع حماس فقط في حال اعترفت حماس بوجود دولة إسرائيل، مثلما نعترف نحن بوجود السلطة الفلسطينية ومثلما نريد أيضًا التوصل لقيام دولة فلسطينية. فحماس لا تعترف بنا. ومن شاهد مظاهرة حماس ضدنا قبل أسبوع يدرك ما يحدث في هذه الحركة، فمن جهة أخرجت عشرات آلاف الأشخاص للشوارع وراحوا يشتمون إسرائيل ويدعون لتدميرها وبعد ذلك بيوم واحد يقترحون علينا مفاوضات. واضح أن هذا الاقتراح ليس جديا. أما إذا غيرت حماس سياستها، علما أن حماس أعلنت خلال مظاهرة الأسبوع الماضي أنها لن تفعل ذلك أبدا، وقررت الاعتراف بدولة إسرائيل وفتح صفحة جديدة ووقف الإرهاب فعندها سيكون هناك مكان لمحادثات. لكن طالما تصر حماس على مواقفها فإن ما تريده في الواقع هو فترة ما من أجل تعزيز قوتها وممارسة إرهاب أكبر ضدنا. وقد وقعنا في الماضي في هذا الفخ.
"الأمر الثاني هو أنه إذا أجرينا مفاوضات مع حماس فعندها سيجري العالم كله مفاوضات مع حماس. كيف سنغير نحن موقفنا في الوقت الذي لم تغير الرباعية الدولية موقفها من حماس؟.
"والأمر الثالث هو في أي وضع سنجعل السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض، اللذين نتحاور ونسير معهما في عملية سلام فيما حماس احتلت، عمليا، قطاع غزة وتتعاون مع جميع الجهات الإرهابية في سورية وإيران؟. كيف سيكون بإمكاننا النظر في أعين شركائنا الفلسطينيين، وحيث يتوجب أن يكون قطاع غزة جزءا من السلطة الفلسطينية وليس حماستان؟. أنا لا أرى منطقا، وأنا رجل سلام وأريد أن أوقف الإرهاب والعنف، ولا أرى شيئا جديا في اقتراح حماس وإنما هو اقتراح تكتيكي غايته تحسين مواقفها في العالم وأيضا في حرب الإرهاب ضدنا".
(*) كيف ترى أقوال رفيقك في حزب العمل، الوزير عامي أيالون، الذي قال إن "فشلا استخباريًا يمنع تنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية" لتحرير الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت؟
- بينيس: "لا أعرف عن ماذا يتحدث أيالون. فأنا لست ضالعا في تفاصيل كهذه".
(*) لكن هل إسرائيل تفكر أصلا في تنفيذ عملية عسكرية لتحرير شاليت؟
- بينيس: "لا أعرف. هذا موضوع متعلق بالجهات الأمنية. وأنا لست موجودا اليوم في الأماكن التي تبحث في مثل هذه الأمور".
(*) هل تعرف "الأفكار الجديدة" المطروحة بخصوص صفقة شاليت من خلال المفاوضات التي تجددت بين إسرائيل وحماس بوساطة مصرية؟
- بينيس: "لا أعرف تفاصيلها، لكن آمل أن يؤدي المصريون دورا مركزيا في الاتصالات لإطلاق شاليت. وأنا واثق من أن هذا الموضوع سيطرح خلال اللقاء بين باراك ومبارك (غدا الأربعاء في مصر). والمصريون يبذلون جهودا صادقة منذ وقت طويل لتحرير شاليت، لكن دون أن ينجحوا".
(*) بحثت لجنة وزارية إسرائيلية أمس (الاثنين 24/12) في تغيير اعتبارات إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، بما يتيح إمكانية إطلاق سراح أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل عملاء فلسطينيين تعاونوا مع السلطات الإسرائيلية وأسرى أدينوا بالعضوية في خلايا فلسطينية مسلحة وتم إطلاق قادة هذه الخلايا في إطار صفقة جبريل في العام 1985 وأسرى نفذوا عمليات إطلاق نار ضد إسرائيليين ولم يسقط فيها قتلى. ما رأيك، هل توافق على تعديل هذه الاعتبارات؟
- بينيس: "هذا ليس موضوعا بسيطا. لكن من الجائز أن تعريف "دماء على اليدين" هو تعريف واسع جدا ويشمل أيضا أسرى لم يكونوا ضالعين في عمليات إرهابية. لكني ما زلت أؤيد الرأي القائل إن شخصا قتل أناسا يجب أن يعاقب. مع ذلك فإني أعتقد أن هناك أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية وأسرى إداريين يمكن إطلاق سراحهم ولكن يبدو أن حماس لا تطالب بإطلاق سراحهم. وما كنت سأبدأ بإطلاق سراح الأسرى الذين هم كبار الإرهابيين وقتلوا أناسا".
(*) بالنسبة للمستوطنات، أولمرت أعلن عشية لقاء أنابوليس عن وقف بناء مستوطنات وإخلاء بؤر استيطانية عشوائية كما تعهدت إسرائيل في المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق. لكننا نقرأ تقارير مكثفة تم نشرها بعد هذا المؤتمر عن نشاط استيطاني حثيث: مناقصة لبناء 307 وحدات سكنية في مستوطنة "هار حوماه" في جبل أبو غنيم بالقدس وتمويل حكومي لتنفيذ مخطط بناء 750 وحدة سكنية في "هار حوماه" و"معاليه أدوميم" ومخطط لبناء أكبر حي استيطاني في منطقة عطروت في القدس الشرقية. كيف يتماشى كل هذا مع انطلاق مفاوضات مع السلطة الفلسطينية حول الحل الدائم؟
- بينيس: "لقد أعلنت حكومة إسرائيل أنها تراجعت عن مخطط عطروت، ويبدو أن هذا المخطط كان بمبادرة محلية مع دعم محلي في وزارة الإسكان. وجيد أن الحكومة تراجعت عن هذا المخطط. وأنا أعتقد أنه على إسرائيل التوقف عن البناء في المستوطنات بشكل كامل. كما أعتقد أن على إسرائيل إخلاء البؤر الاستيطانية، بشكل أحادي الجانب".
(*) هل ترى أنه يتوجب وقف البناء في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية أيضا؟
- بينيس: "قلت وقف البناء في المستوطنات (يقصد في الضفة). وأنا أعارض إقامة أحياء جديدة يهودية في القدس الشرقية. وفيما يتعلق بالأحياء القائمة، فقد أصبحت قائمة ومن خلال اتفاق سلام يتوجب أخذها بعين الاعتبار. والمعادلة المقبولة علي بخصوص القدس الشرقية هي: أينما يتواجد فلسطينيون سيكون للفلسطينيين في إطار اتفاق سلام؛ وأينما يتواجد يهود سيكون لليهود؛ وأينما توجد أراض تم بناء أحياء يهودية فيها في القدس الشرقية يتوجب إعطاء تعويض للسلطة الفلسطينية أو للدولة الفلسطينية بهذا الشكل أو ذاك".
(*) صحيفة "هآرتس" اقتبست يوم الأحد الماضي مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى قالوا إن حكومة أولمرت لن تكون قادرة على إخلاء بؤر استيطانية ولا حتى منع توسيع مستوطنات مثلما تعهد أولمرت لأسباب سياسية داخلية ومنع انسحاب حزبي "إسرائيل بيتنا" و"شاس" من الحكومة. هل رئيسا هذين الحزبين اليمينيين أفيغدور ليبرمان وايلي يشاي يطوقان أولمرت وحكومته؟
- بينيس: "لا يوجد لدي شك في ذلك. ولا يتم إخلاء بؤر استيطانية لسببين. الأول هو بسبب ليبرمان ويشاي والثاني بسبب ضعف رئيس الحكومة أمام الجمهور الإسرائيلي نتيجة حرب لبنان الثانية وتقرير لجنة فينوغراد التي تحقق في الحرب. لكني أعتقد أن حكومة أولمرت ستفشل في مهامها إذا لم تخلِ بؤرا استيطانية. وأعتقد أنه لا يمكن التحدث بصورة جدية حول تقدم عملية السلام فيما الحكومة لا تخلي بؤرا استيطانية. وحكومة أولمرت لم تقرر بعد وجهتها على الرغم من انعقاد مؤتمر أنابوليس".
(*) في حال لم يؤدِ تقرير لجنة فينوغراد النهائي حول إخفاقات حرب لبنان الثانية إلى استقالة أولمرت، وعلى ما يبدو أنه لن يؤدّي إلى ذلك، فإنه سيستمر بمهام منصبه حتى نهاية ولاية هذه الحكومة في العام 2010. هل هذا يعني أن أداء أولمرت سيستمر بالشكل ذاته فيما يتعلق بالمفاوضات ومواصلة إسرائيل فرض وقائع على الأرض في الضفة والقدس الشرقية؟
- بينيس: "لا أريد أن أتناول تقديرات بخصوص ما يمكن أن يحدث بعد نشر تقرير لجنة فينوغراد النهائي. لكن موقف حزب العمل معروف ولا أرى أنه يتوجب تغييره. إنّ موقفنا هو أنه إذا لم يستقل أولمرت بعد صدور تقرير فينوغراد فإن على حزب العمل وقف الشراكة معه. وأنا متمسك بهذا الموقف".