الحكومة والقيادة السياسية الاسرائيلية إتخذت 610 قرارات من أجل تنفيذ المساواة للأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، إلا أن هذه القرارات والتوصيات بقيت حبرًا على ورق، ولم تنفذ منها الحكومات المتعاقبة قراراٌ واحدًا
أحداث أكتوبر 2000 التي راح ضحيتها 13 شهيداٌ من خيرة شبابنا، أدت الى تشكيل لجنة تحقيق أطلق عليها "لجنة أور"، تقرير اللجنة كان بمثابة إدانة صارخة للسياسة التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية منذ قيام الدولة تجاه الاقلية العربية الفلسطينية التي بقيت متشبثة بتراب الوطن وجدار البيت، وتوصيات "لجنة أور" جاءت واضحة جداٌ، أن على الحكومة وقف التمييز الصارخ تجاه المواطنين العرب، والمباشرة بتنفيذ التوصيات وجسر الهوة القائمة ما بين المواطنين العرب واليهود في كافة المجالات .
عُقدت المؤتمرات الصحفية التي شارك فيها مختلف المسؤولين الرسميين، من رئيس الوزراء ونازل .. وحتى "الخبراء بالشؤون العربية"، وأغدقت الوعود بأن هذه التوصيات ستكون الاخيرة، والسبب أن الحكومة ستقوم بالمبادرة الى جسر الهوة، حتى المساواة التامة ؟؟؟! . ومن أجل التعبير عن النوايا الصادقة.. قامت الحكومة وعلى الفور بتعيين لجنة وزارية برئاسة وزير القضاء السابق طومي لبيد ، لهذا السبب أطلق عليها إسم "لجنة لبيد". منذ تعيين هذه اللجنة لم نشعر بأي تغيير تجاه الوسط العربي، على العكس البطالة ترتفع بإستمرار، الفقر يتعمق ويشمل معظم العائلات العربية والاولاد العرب، هدم البيوت يتواصل.... الميزانيات للسلطات المحلية العربية تتقلص، والخدمات للمواطن العربي تكاد تكون معدومة... جهاز التعليم ينهار ومثله الخدمات الصحية... وطوق مصادرة الارض يعصر ما تبقى من الارض العربية ويصادر ما تبقى لنا من الارض تحت غطاء "خطط التنظيم والبناء" عن طريق تحويل الارض الى مناطق حُرجية أو مصادرتها للصالح العام .
هذه "الانجازات" بل الضربات تمت في ظل "لجنة لبيد" التي كان من المفروض أن تباشر في خطوات فورية، تقوم من خلالها بالبدء بتقليص الفجوة القائمة والتمييز الفظيع . نحن الذين نعارك تلك السياسة يوميا لم نوهم أنفسنا ولا جماهيرنا بتاتا، بل قلنا إن" لجنة لبيد" لن تأتي لنا بالفرج المنشود، بل يجب مواصلة النضال اليومي ضد السياسة الحكومية من أجل تغيير هذا الواقع الأليم، واقع التمييز العنصري الذي تمارسه المؤسسة الحاكمة ضدنا يومياٌ. لبيد أُقيل من الحكومة بأمر من شارو، وهكذا بقيت اللجنة الوزارية يتيمة.. بل حبراٌ على ورق. وعندما سُئل الوزير السابق لبيد في مقابلة إذاعية معه في الشبكة "ب" للاذاعة الرسمية العبرية يوم 27/12 عمّا أنجزته "لجنة لبيد" للوسط العربي، كان صريحاٌ وأجاب أن لجنته هذه لم تُحرز أي تقدم في الموضوع العربي . وعندما سأله مقدم البرنامج لماذا؟ أجاب :"للحقيقة علينا الإعتراف بأن لا وجود للعرب في الأجندة الحكومية ولا في الأجندة الفردية للمواطنين اليهود". وأضاف: "اليهود لا يفكرون بالمواطنين العرب ولا تهمهم ظروف حياتهم". وأسهب الوزير السابق لبيد في عرضه للمشاكل التي تواجه المواطن العربي من قبل الجهاز الحاكم الذي كان جزءاٌ منه قبل أيام.. مشيرًا إلى أن العربي لا يستطيع المنافسة في المناقصات التي تصدرها الحكومة لوظائف رسمية، وهي مناقصات داخلية لأنه ليس موظفاُ في الجهاز الحكومي، وبذلك تبقى الفجوة شاسعة .... إلى غير ذلك من المشاكل التي كان من المفروض أن تعالجها لجنته المذكورة. وعندما ضغط عليه مقدما البرنامج بالاسئلة التي تناولت الحقائق الدامغة للتمييز الحكومي القائم تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، إقترح إقامة يوم تسوّق في المدن والقرى العربية، مما دفع مقدمي البرنامج الى مقاطعته، والقول نحن نسأل عن تنفيذ توصيات لجنة تحقيق رسمية وحكومية قدمت تقريراٌ دامغاٌ للسياسة الحكومية تجاه الأقلية العربية . قال الوزير السابق لبيد: "نحن لا نتصرف مع الأقلية العربية كما كنّا نتوقع من حكومات أخرى أن تتصرف مع اليهود في دول أخرى .." .
أقوال الوزير لبيد هذه تؤكد فظاعة التمييز الذي نتعرض له كأقلية عربية تعيش في وطنها الأم، ولو كان هذا الوضع ينطبق على أقلية يهودية مماثلة في إحدى دول العالم لكانت صرخات حكومات إسرائيل قد إنطلقت عالياٌ، "هذه لاسامية ..هذا عداء لليهود .." . الوزير السابق لبيد لم يتورع عن الاستمرار في أقواله الدامغة هذه وأضاف: "ماذا تريدون مني.. لجنة لبيد لن تتمكن من إصلاح كافة المظالم والشرور التي مارستها حكومتنا تجاه المواطنين العرب". وأضاف: "حتى قيادتهم المحلية التي تمارس نشاطها في الكنيست لن تتمكن من تغيير هذا التمييز لانه يجب أن يكون من قبل الحكومة، وأن تخصص الميزانيات الكافية لجسر الهوة الشاسعة القائمة اليوم".
لا بد وأن نشيد بصراحة الوزير السابق يوسيف (طومي) لبيد، هذه الصراحة تحلى بها بعد إقالته من منصبه الوزاري، ومؤخراٌ تم الكشف عن معطيات فظيعة بهذا الخصوص وهي أن الحكومة والقيادة السياسية الاسرائيلية إتخذت 610 قرارات من أجل تنفيذ المساواة للأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، إلا أن هذه القرارات والتوصيات بقيت حبرًا على ورق، ولم تنفذ منها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قرارًا واحدًا. بالمقابل لم تتورع تلك الحكومات والقيادة السياسية التي تسيطر عليها عن تنفيذ مخططات مصادرة الاراضي وتطويق المدن والقرى العربية، وعدم السماح بتطوير مسطحاتها وحرمانها من مشاريع البنية التحتية، ووضع مصطلح "القرى غير المعترف بها"، لتجمعات سكنية عربية يعيش فيها سكانها العرب منذ مئات السنين، بإدعاء أنها "غير معترف بها"، ولذلك يجب هدمها وترحيل أهاليها ومصادرة أراضيها. بالإضافة الى فقدان فرص العمل للاكاديميين العرب وللعمال أيضا، مما يعمق ظاهرة البطالة ومعها الفقر .
هذا الوضع يؤكد مجدداٌ أن الآقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل ما زالت تعيش على هامش الجدول اليومي لحكومات إسرائيل والاكثرية الساحقة من مواطنيها اليهود، مما يؤكد أن علينا مواصلة مشوارنا الكفاحي اليومي من أجل تحقيق المساواة وانتزاع حقوقنا رغم أنف الظالم .