المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

دعوة الى مشروع وطني فلسطيني يتبنى حل الدولة ثنائية القومية

في يوم دراسي لمركز "مدى الكرمل":

دعوة الى مشروع وطني فلسطيني يتبنى حل الدولة ثنائية القومية

دعا البروفيسور نديم روحانا، المحاضر في جامعة حيفا ومدير المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية،"مدى الكرمل"، القيادات الفلسطينية الى تبني منظومة فكرية سياسية جديدة تعتمد حل الصراع باقامة دولة ثنائية القومية، وذلك في ضوء انهيار منظومة حل الدولتين لشعبين، على حد تعبيره. روحانا الذي كان يحاضر في ندوة عقدت في مدينة الناصرة بعنوان "رهان المواطنة في ضوء هبة تشرين الاول 2000" استعرض ميلاد المنظومة التقليدية المتمثلة بحل الدولتين منذ المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 لافتا الى ان المنظومة السياسية لا تسقط لمجرد اصطدامها بالمشاكل الصعبة مثل المستوطنات الاسرائيلية اوعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، انما تسقط عندما تعرض منظومة بديلة حلولا لهذه المشاكل. ولفت روحانا الى المتغيرات الدولية الكبيرة التي تركت اسقاطاتها على المنطقة والصراع الفلسطيني الاسرائيلي وعلى مواطنة فلسطينيي 48 فيها وتوجب أخذها بالحسبان سيما بعد احداث 11 سبتمبر/ ايلول 2001 التي استغلتها اسرائيل لصياغة صراعها مع الفلسطينيين وعرضه وكأنه حرب ضد "الارهاب" اضافة الى تهربها من فكرة الدولة الفلسطينية حتى على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة فقط. واستعاد الاستاذ الجامعي تطور فكرة الحل باقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل بالقول "منذ عقود كان واضحا ان الحل المطروح هو حل الدولتين. وقد سئل جورج حبش، الامين العام السابق للجبهة الشعبية، عن اقصى حد ممكن ان تصل اليه جبهته فأجاب: حل الدولتين. وبعد سنوات تبنت منظمة التحرير الفلسطينية هذا الاقتراح واكدت عليه في اوسلو الا ان اسرائيل عادت وتجاهلت هذا الحل كما كانت فعلت طيلة عقود رغم استعداد النخب الفلسطينية لدفع ثمن باهظ في قبولهم له كالتفاوض على حق عودة اللاجئين والاعتراف باسرائيل كدولة يهودية على 78 بالمئة من اراضي فلسطين التاريخية". واشار روحانا الى ان ما يسميه بالمنظومة السياسية القائمة على حل الدولتين قد بدأت تسير في طريق الانهيار بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000 ، ما مهد الى بروز فكرة الدولة ثنائية القومية منوها الى انه رغم عدم طرحها فانها تحظى بدعم 20 بالمئة من الفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 67 ودعم 67 بالمئة من الفلسطينيين في اراضي 48، وذلك استنادا الى استطلاع اجراه مركز "مدى الكرمل". ودعا روحانا المثقفين الفلسطينيين الى معاينة المنظومة البديلة ومناقشتها وتطويرها ولفت الى بداية دخولها ضمن إطار الاجندة الاعلامية العالمية مشيرا الى مقال نشرته صحيفة أميركية بهذا الشأن للمستشار القضائي لمنظمة التحرير الفلسطينية مايكل ترزي والى مقال مشابه نشره مؤخرا الدكتور مروان بشارة.

وردا على سؤال حول موقف ودور فلسطينيي 48 من حل الدولة الثنائية القومية اوضح البروفيسور روحانا ان اغلبية هؤلاء أيدت حل الدولتين دون مراجعة شاملة وعميقة لانعكاسات هذا الحل على طبيعة الدولة التي يعيشون فيها وعلى معنى مواطنتهم. وتساءل هل يكتفي فلسطينيو 48 بالنضال من اجل ان تكون اسرائيل دولة كل مواطنيها ومنعها من حل مشكلة الديموغرافية العربية داخلها بتفريغ مواطنتهم من مفهومها فيما يقوم ابناء شعبهم في الضفة والقطاع بمقاومة الابرتهايد؟ كما تساءل عن تبني فلسطينيي 48 خطاب المساواة المدنية والنضال من اجلها في الوقت الذي تصر فيه اسرائيل على تعريف نفسها كدولة يهودية وشدد على ان "وهم المواطنة العربية" في اسرائيل آخذ بالزوال منذ احداث هبة القدس والاقصى في العام 2000 والتي اقدمت فيها قوات امنها على قتل وجرح المئات من المواطنين العرب.

الى ذلك لفت الاستاذ روحانا الى ازدياد حدة النقاش الداخلي لدى فلسطينيي 48 حول جدوى تمثيلهم في الكنيست ومشاركتهم في الانتخابات لها سيما بعد تقليص هامش عمل النواب العرب وارتفاع الثمن المدفوع لقاء مشاركتهم في هذه اللعبة السياسية وضرورة فحص الربح والخسارة باعتبار ان وجود نواب عرب يمنح اسرائيل الفرصة للافلات من تهمة الابرتهايد. روحانا، الذي انتقد الاحزاب والجمعيات الاهلية لدى فلسطينيي 48 بحصر نشاطها في المجال المطلبي الاصلاحي، نادى ببدء بلورة مشروع او برنامج وطني متكامل وواضح لهم عماده السياسي اقامة دولة لمجموعتين قوميتين في فلسطين يكون بمثابة اطار للعمل المطلبي الجماعي الذي ينبغي ان يحدث في المحافل الدولية ايضا تمثلاًا بنموذج جنوب افريقيا ايام الابرتهايد او بمشروع السود في اميركا من اجل المساواة.

وردا على سؤال الباحث في "مدى" نبيل الصالح حول قدرة الشعب الفلسطيني على هذا التحدي واعتماد هذه الفكرة الكبيرة طالما انه لم ينجح بانجاز حل الدولة في الضفة والقطاع قال البروفيسور روحانا ان اخراج الفكرة المطروحة الى حيز التنفيذ لن يتم في المدى القصير سيما واننا في صراع طويل مع الصهيونية. واضاف "هناك مكان للافكار الكبيرة ويجب علينا نحن في الداخل المساهمة في تطويرها بشكل عملي الى ان تنضج على المستوى الفلسطيني الواسع وما ينقصنا هو الوعي لضرورة هذه الفكرة. علينا ان نتحرك كي يكون هذا الحل برنامجا انسانيا ايجابيا وحيدا بالافضلية الاولى لدينا لانه يعطي الحلول لمشاكلنا وفيه تكمن نقاط قوة كثيرة كتدويل المعركة من جانبنا كمجموعة قومية".

اما المحامي الباحث في مركز "مدى الكرمل" نمر سلطاني، الذي ايد دعوة روحانا، فقد نفى في محاضرته وجود مواطنة حقيقية لفلسطينيي 48 في اسرائيل معتبرا اياهم "مواطنين بلا مواطنة" ولفت الى استحالة تحقيق المساواة لهم وبقائهم على هوامش المواطنة بعيدين عن الحيز العام طالما عرفت هذه نفسها بأنها دولة اليهود. واضاف "نحن مواطنون اصلانيون بلا مواطنة لأن المواطن العربي يواجه سياسة الاقصاء المنهجي ولا يحصل على عضوية كاملة ولا يشارك في العملية السياسية وبلورتها". وشدد سلطاني على اهمية تعميم الهوية الوطنية المستندة الى حقيقة كون فلسطينيي 48 السكان الاصليين وتعزيز الروابط الوجدانية والمعرفية بينهم وبين الوطن بالنسبة لنجاحهم في صياغة برامجهم الوطنية وتخلصهم من الشعور بالدونية ومواجهة الهيمنة اليهودية. وللتدليل على محاولات السلطات الاسرائيلية لنزع الشرعية الوجودية والحقوقية عن المواطنين العرب في اسرائيل بواسطة اعادة صياغة حدود الديموقراطية استذكر المحامي نمر سلطاني تصريحين اولهما لشارون والذي اقر بوجود "حقوق للعرب في البلاد لا على البلاد" وثانيهما لايهود باراك الذي تمنى ان تكون اسرائيل "بيتا للعرب لكن ليسا بيتهم القومي".

المحامي مرون دلال، من مركز عدالة، تحدث في محاضرته عن "انعكاس المواطنة في خطاب لجنة اور" وقسم الاشكاليات الواردة فيها الى اربع دوائر موجها الاتهامات الكثيرة لها ولمنطلقاتها ولطرائق عملها حيث اكد ان مرجعيتها كانت صحيفة "هآرتس" وتقارير الصحفي عوزي بنزيمان بدلا من الجماهير العربية في اسرائيل. كما انتقد كونها بدأت تحقق بالاحداث التي حصلت في 29.09.00 فما بعد اضافة الى انها تجاهلت تفسير المساواة معتبرة الحقوق الجماعية "موضوعا سياسيا وحساسا".

ورفض دلال الانتقادات التي وجهت لمركز عدالة وكأنه يستنكف عن تحدي القضايا الجوهرية الخاصة بيهودية الدولة وانغماسه في العمل المطلبي تاركًا المهام السياسية الى الغير بمعزل عن برنامج وطني واضح وأنه يساعد اسرائيل في التهرب من امكانية اتهامها بالابرتهايد. واضاف "هذا غير صحيح. التماساتنا الى العليا الاسرائيلية في مختلف المواضيع والى المنابر الدولية كالاعلام العالمي تنطلق من رغبتنا في مراكمة الحقوق المدنية للمواطنين العرب. اجمالا، نعم نحن بحاجة الى تجذير وعي التحدي الذي يتم بواسطة تجذير الحقوق".

وكان اليوم الدراسي، الذي بادر اليه "مدى الكرمل"، قد شمل ندوتين اضافيتين: الأولى بمشاركة د. رمزي سليمان ود. رباح حلبي حول الهوية الجماعية المزدوجة للمواطنين العرب في اسرائيل، والثانية بعنوان "الهبة ومؤسسات المجتمع المدني" بمشاركة الناشطة النسوية عايدة توما وامير مخول، مدير عام اتحاد الجمعيات الاهلية ود. باسل غطاس، مدير جمعية الجليل. وكان د. رمزي سليمان قد اشار في مداخلته الى استخدام مؤسسة التعليم العربي في اسرائيل من اجل محاولة محو كل اثر للكرامة الوطنية والتفاعل مع رموز التراث العربي الى جانب الدور السلبي للرياضة التي اعتبرها احد الوان التهميش لافتا الى ان الاحزاب والحركات السياسية تلعب دورا ايجابيا من هذه الناحية.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات