مع الإنتهاء من تقديم القوائم الانتخابية، تبيّن أن ممثلي المليون الفلسطيني سجّلوا اتجاها معاكساً لاتجاه الريح في الشارع العربي: تسعة نواب كانوا برأس كراسيهم في البرلمان الخامس عشر، ما زالوا يقودون ثمانية أحزاب مختلفة، تعتزم التنافس ضمن أربع قوائم انتخابية على أصوات الناخبين العرب..
منذ أن حُسمت مسألة تبكير الانتخابات التشريعية الإسرائيلية في الشهر الماضي، لم يتوقع الكثيرون أن يتمخض "نداء الوحدة"، الصادر عن أوساط سياسية واجتماعية عربية مختلفة في الداخل، عن استجابة جماعية فورية من جانب رؤساء الأحزاب والقوائم الإنتخابية العربية لهذه الفكرة المتكررة بوتائر مختلفة، مرة كل انتخابات.
ومع أن الباحث في برامج هذه الأحزاب سرعان ما يقف على أوجه الشبه العديدة فيما بينها، إلا أن الجميع من "يمين" و "يسار" عربيين هبوا لتقديم مسوّغات "الفرقة" أكثر من "الوحدة"، ولكل طرف دوافعه ومبرراته.
ومع الإنتهاء من تقديم القوائم للجنة الانتخابات المركزية في يوم الخميس الماضي، تبيّن أن ممثلي المليون الفلسطيني سجّلوا اتجاها معاكساً لاتجاه الريح في الشارع العربي. ذلك أن تسعة نواب كانوا برأس كراسيهم في البرلمان الخامس عشر، ما زالوا يقودون ثمانية أحزاب مختلفة، تعتزم التنافس ضمن أربع قوائم انتخابية على أصوات الناخب العربي.
في انتخابات 1999 أيضا ترددت في الشارع العربي نداءات للوحدة، لكن الأحزاب العربية تنافست على مقاعد البرلمان الخامس عشر في ثلاث قوائم: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، القائمة العربية الموحدة (التي ضمت آنذاك اضافة الى الحزب الديمقراطي العربي كلا من الحركة الاسلامية الجنوبية وجبهة الوحدة الوطنية بقيادة النائب هاشم محاميد) وتحالف التجمع الوطني الديمقراطي مع الحركة العربية للتغيير (عزمي بسارة واحمد الطيبي – وهي شراكة قصيرة العمر انفكت عراها مباشرة بعد الانتخابات). في هذه الانتخابات ايضا تشكلت قائمتان مشتركتان تسجلتا لدى لجنة الانتخابات المركزية هما: القائمة العربية الموحدة بتركيبة جديدة، وتحالف الجبهة الديمقراطية مع الحركة العربية للتغيير.
ويؤكد رؤساء الاحزاب الخمسة المتداخلة في هذه التحالفات ان كل حزب سيحافظ خلال الدورة القادمة في البرلمان على "طابعه الخصوصي" من حيث الجوهر.
لا يحبذ النواب العرب الاعتراف علانية بذلك، الا انهم يعبرون في جلسات مغلقة عن مخاوفهم من مخاطر الفرقة في إضعاف الأحزاب العربية في الانتخابات. هذه مخاوف حقيقية يعبر عنها الشارع العربي يوميا، وتدَبّج فيها اسبوعيا عشرات المقالات.
هناك نفور عام من التشرذم في الشارع الانتخابي العربي، له ما يبرره في ارض الواقع. وتقول التقديرات ان حزبي العمل وميرتس (تحالف سريد - بيلين الجديد) سيحاولان التأسيس على مشاعر الاحباط العربي العامة من الفرقة العربية، عبر حملات دعائية انتخابية في الجانب العربي.
على هذه المشاعر ايضا تؤسس حركة مقاطعة الانتخابات التي تقودها الحركة الاسلامية الشمالية وبقايا "ابناء البلد" في الداخل.
في هذه الاثناء تخلت القائمة العربية الموحدة عن النائب هاشم محاميد - ومن كتلته "الجبهة الوطنية" التي اقامها بعد انشقاقه عن الجبهة الديمقراطية – احد مؤسسي التحالف العربي في 1996، وذلك بعد ان خاب امله من العرض الذي تلقاه لاحتلال المكان الخامس في القائمة الانتخابية.
بالمقابل، عاد النائب محمد كنعان الى حضن القائمة العربية الموحدة، تحت لواء حزب جديد "الحزب القومي – العربي". ويشار الى ان كنعان انشق عن الموحدة في منتصف الدورة المنصرمة، بعد ان اختلف مع زميله النائب طلب الصانع، المرشح الثاني على قائمتها الجديدة.
بعد فشل جهود التحالف مع النائب العربي توفيق الخطيب (انتخب ضمن الموحدة للكنيست الخامسة عشرة وقرر اعتزال الحياة السياسية بعد ان اختلف مع الاسلامية الجنوبية واقام حزب "الاصلاح") تسجل محاميد لدى مسجل الاحزاب ضمن قائمة جديدة: "التحالف الوطني التقدمي". يقول محاميد ان قائمته تضم "الجبهة القومية" التي اسسها و "لجنة المبادرة للوحدة" وممثلين مستقلين.
في نهاية المطاف تتصارع على اصوات الناخب العربي – علاوة على الاحزاب الثمانية الممثلة في الكنيست اليوم – احزاب العمل، ميرتس، وقوائم لم يسبق ابدا ان كانت ممثلة في الكنيست، مثل "دعم" – منظمة العمل الديمقراطي. مؤيدو الوحدة، على غرار قادة الحركة الاسلامية، حاولوا حتى اللحظة الاخيرة اقناع جميع الاحزاب بتشكيل قائمة واحدة.
بالمقابل، حتى اشد المتعصبين للتعددية في السياسة العربية يصرون على انه لا يوجد أي مبرر لوجود اكثر من ثلاث قوائم عربية تمثل اليسار والتيار الاسلامي المحافظ والتيار القومي. هذا الاسبوع صرح اعضاء عرب في الكنيست انهم يؤيدون القوائم المشتركة الا ان زملاءهم كانوا يحبطون ذلك بمطالبهم "الصغيرة".
محاميد واثق بأن هناك مكانا لحزبه في الانتخابات القريبة، ويقول ان "خاصيته بكونه حزبا علمانيا ديمقراطيا". ويضيف: "هذه ليست مجرد محاولة للعثور على كرسي في البرلمان".
القوائم العربية لانتخابات الكنيست السادسة عشرة:
أ) القائمة العربية الموحدة: عبد المالك دهامشة (الحركة الاسلامية)، طلب الصانع (الحزب الديمقراطي العربي)، سلمان ابو احمد (الحركة الاسلامية)، محمد كنعان (الحزب العربي القومي – انشق عن الحزب العربي)، ابراهيم العمور (الحركة الاسلامية).
ب) الجبهة الديمقراطية – العربية للتغيير: محمد بركة (الجبهة)، عصام مخول (الحزب السشيوعي)، احمد الطيبي (العربية للتغيير)، دوف حنين (الجبهة)، تغريد شبيطة (الجبهة)، يوسف العطاونة (الجبهة).
ت) التجمع الوطني الديمقراطي: د. عزمي بشارة، د. جمال زحالقة، واصل طه، افنان اغبارية، د. فتحي دقة.
ث) التحالف الوطني التقدمي: هاشم محاميد (انشق عن الموحدة).
ج) الاصلاح: عضو الكنيست توفيق الخطيب – انشق عن الحركة الاسلامية الجنوبية – حزبه لن يتنافس في الانتخابات القريبة.a