"المشهد الإسرائيلي"- ننشر هنا وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية في 13 آذار 2007 بعنوان "الوضع في الشرق الأوسط- نظرة شاملة على السياسة الإسرائيلية الحالية" تتطرق إلى الوضع في المنطقة والتطورات في فلسطين ولبنان وإيران وسورية، علمًا بأنها صدرت قبل تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية، وتوضح بعض مفاصل السياسة الإسرائيلية الحالية
الوضع في الشرق الأوسط
شهدنا خلال العام الماضي مؤشرات متزايدة إلى إعادة التخطيط الإستراتيجي في الشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب إعادة تقييم فرضيات معينة سائدة عن المنطقة. فهذه المنطقة لم تعد منطقة مقسمة بين الإسرائيليين والعرب بقدر ما هي مقسمة بين أولئك الذين يؤمنون بالتسامح والتعايش- أيا كانت هويتهم الوطنية والدينية- وأولئك الذين يرفضون شرعية أية أيديولوجية أو مصلحة غير أيديولوجيتهم أو مصلحتهم ولذا فهم على استعداد للجوء الى ممارسة العنف العشوائي من أجل المضي قدما بقضيتهم.
في هذا السياق، نشهد جهودا مكثفة تبذلها قوى راديكالية مثل إيران وحزب الله وحماس من أجل تعزيز نفوذها السياسي والعسكري. وتسعى هذه القوى بهمة ونشاط الى تحويل نزاعات سياسية بطبيعتها وقابلة للحل، الى صراعات دينية غير قابلة للتسوية من خلال التفاوض أو المصالحة.
يسود الاعتقاد أحيانا بأن الصراع الإسرائيلي- العربي هو السبب وراء هذا التطرف. لكن الأقرب الى الصواب والصحة هو القول بأن الإخفاق في مواجهة هذه القوى المتطرفة وهزمها هو الذي أبقى هذا الصراع حيا قائما.
ويتجلى هذا التقسيم الواضح بين القوى المعتدلة والمتطرفة في جميع أرجاء الشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب منا بذل جميع الجهود وتنسيقها، مستخدمين جميع الوسائل المتاحة لنا، لكي نشد أزر الملتزمين بشرق أوسط يسوده الاستقرار والأمن والسلام بينما نعمل على إضعاف أولئك الذين يؤمنون بأجندة راديكالية أصولية وعلى تجريدهم من صبغة الشرعية.
السلطة الفلسطينية
تبقى إسرائيل شديدة الالتزام بحل الدولتين، تمشيا مع رؤيا خريطة الطريق. كما تؤيد إسرائيل إقامة دولة فلسطينية مزدهرة وفاعلة وقابلة للحياة تكون وطنا للشعب الفلسطيني، تنبذ الإرهاب والعنف والتحريض نبذا تاما، وتعيش إلى جانب إسرائيل في سلام وأمن حقيقيين. وتؤمن إسرائيل بأن المعتدلين في جميع أرجاء المنطقة وفي العالم أجمع يشاطرونها هذه الرؤيا.
وكما أظهرت خطة الانفصال الإسرائيلية العام 2005 عن غزة وأجزاء من الضفة الغربية، فإن إسرائيل تدرك أن حل الدولتين يتطلب مخاطرة جسيمة وتضحيات مؤلمة، وهي مستعدة رغم ذلك للإقدام على هذه المخاطرة وتقديم هذه التضحيات. هذا وقد ظلت إسرائيل ملتزمة بالعمل مع المعتدلين في الجانب الفلسطيني الذين يؤمنون حقا برؤيا حل الدولتين، ممن لديهم الاستعداد لتطبيق خريطة الطريق وكذلك الاستعداد والجاهزية لقبول الحلول الوسط والمصالحة التاريخية اللازمة لتحويل هذا الحلم أو هذه الرؤيا إلى حقيقة واقعية.
مما يؤسف له أن الآمال في تحقيق حل الدولتين بموجب خريطة الطريق قد تعرضت الى نكسة خطيرة مع تولي منظمة حماس الإرهابية مقاليد الحكم في السلطة الفلسطينية، وهي منظمة تعارض بشكل أساسي ومبدئي عملية السلام والتعايش الحقيقي بين الشعبين.
يستحق المجتمع الدولي في هذا الصدد، وبضمنه الاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية، كل المديح والإطراء، على مواصلتهم الإصرار على ضرورة التزام أي حكومة فلسطينية سيتم تشكيلها التزاما كاملا بتطبيق مبادئ الرباعية الدولية الثلاثة وهي: نبذ الإرهاب والعنف، الاعتراف بإسرائيل، والقبول بالاتفاقيات والالتزامات السابقة بما فيها خريطة الطريق.
في أعقاب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مكة بين فتح وحماس حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، أصبح ضروريًا أن يواصل المجتمع الدولي إصراره على الاستيفاء التام والكامل لهذه المبادئ. فهذه المطالب ليست عقبة في طريق السلام بل من المقومات الأساسية لإحلال السلام؛ ولذلك يجب ألا تكون موضع مفاوضات أو صياغة غامضة مبهمة ويجب الوفاء بها وبالكامل من قبل أي حكومة فلسطينية يتم تشكيلها، لتحظى الأخيرة بالشرعية والتعاون من جانب المجتمع الدولي.
وعندما يرفض المجتمع الدولي إضفاء صبغة الشرعية لحكومة أو منظمة ترفض هذه المبادئ الأساسية من أجل التوصل الى السلام، فإنه بذلك يعزز مكانة المعتدلين في المجتمع الفلسطيني، ويسهل الجهود لتعاون مثمر بين إسرائيل والمعتدلين الفلسطينيين، وفي ذات الوقت يظهر بشكل جلي وواضح بأن طريق التطرف لن تحقق أي نتائج على الصعيد الفلسطيني الداخلي كما لن تكون مقبولة على المجتمع الدولي.
إن قدرة إسرائيل على التعاون وإحراز تقدم مع المعتدلين في الجانب الفلسطيني منوطة وبشكل وثيق بمواصلة المجتمع الدولي لرفضه إضفاء صبغة الشرعية لأية حكومة يتم تشكيلها في السلطة الفلسطينية تخفق في التطبيق الكامل لمبادئ الرباعية الدولية؛ وستتأثر هذه القدرة تأثرا كبيرا أيضا من مدى استعداد المعتدلين الفلسطينيين لإظهار التزامهم بمبادئ الرباعية الدولية-سواء من خلال التصريحات أو الأفعال. ويتوجب أن يشمل ذلك بذل جهود حقيقية لتأمين إطلاق سراح العريف غلعاد شليط الذي ما زال محتجزًا، ووضع حد للاعتداءات الإرهابية المستمرة، بما في ذلك وقف إطلاق صواريخ القسام على التجمعات السكنية الإسرائيلية، ووقف تهريب الأموال والأسلحة غير المشروعة إلى مجموعات فلسطينية إرهابية عبر الحدود بين مصر وغزة.
في الوقت ذاته تواصل إسرائيل دعم الجهود لسد الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني؛ وترحب بتقديم المساعدات الإنسانية المباشرة للفلسطينيين من قبل المجتمع الدولي، وذلك من أجل تحسين أوضاع السكان الفلسطينيين، دون التعاون أو منح الشرعية لحكومة فلسطينية ترفض قبول مبادئ الرباعية الدولية قبولا كاملا وتاما .
من جانبها تبنت الحكومة الإسرائيلية إجراءات تهدف الى تسهيل الحركة والتنقل والموصولية فيما يتعلق بالأشخاص والبضائع؛ والى زيادة حجم حركة العبور عبر المعابر؛ وإلى تحسين البنية التحتية لشبكة الطرق والمياه؛ والى إنعاش الاقتصاد من خلال تعزيز العلاقات التجارية بين المدن والقرى؛ وتشجيع الاعتمادات؛ وإتاحة إعادة العلاقات المصرفية الاعتيادية مع المصارف الإسرائيلية.
لقد شهد معبر كارني، الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني، زيادة في عدد الشاحنات والحاويات العابرة على أساس يومي، والمقدر حوالي 500 الى 600 شاحنة في كلا الاتجاهين يوميا. الآن وبعد أن اتخذ قرار يقضي بتمديد ساعات العمل في المعبر حتى الساعة الحادية عشرة ليلا يجب أن يبلغ المعبر كامل طاقته وقابليته بحيث يتيح عبور حوالي ألف شاحنة يوميا، وذلك خلال الأسابيع القليلة القادمة. أما موضوع تزويد المياه ومشاريع معالجة مياه المجاري والمياه العادمة فيحظى بكبير أهمية من قبل الحكومة الإسرائيلية. كما يتم وبمساعدة المجتمع الدولي مؤخرا ربط قرى إضافية في الضفة الغربية بشبكة المياه الإسرائيلية. وهناك أيضا مشروع البنية التحتية للكهرباء الذي تشارك فيه الحكومة الإسرائيلية مشاركة كبرى؛ وتجري حاليا مباحثات مع الأردنيين من أجل إمداد أريحا بالكهرباء من الأردن.
في أعقاب الاجتماع بين رئيس الوزراء أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في شهر كانون الثاني أفرجت الحكومة الإسرائيلية عن مبلغ 100 مليون دولار من عائدات الضرائب المحتجزة لتعزيز مكانة مكتب الرئيس الفلسطيني والحرس الرئاسي.
لبنان
تتعرض المصالح المشتركة للمعتدلين في لبنان وفي المنطقة بأسرها للخطر من قبل القوى الراديكالية التي تسعى الى إرغام المجتمع اللبناني على خدمة أجندتها المتطرفة؛ وتشاطر إسرائيل المجتمع الدولي والقوى المعتدلة في الشرق الأوسط ولبنان ذاته الرغبة في رؤية الاستقرار والأمن يسودان كل ربوع لبنان بعيدا عن التدخل الأجنبي، ليمارس لبنان سيادته ويحتكر وحده دون غيره حق استخدام القوة فوق جميع أراضيه، وهو يعيش في سلام ويحترم حقوق جيرانه.
لقد أبرز الصراع الأخير في لبنان المخاطر التي تهدد المنطقة في حالة عدم تحقق الأهداف المذكورة آنفًا في لبنان. وكانت منظمة حزب الله الإرهابية، التي تسلحها وتمولها وتساندها كل من سوريا وإيران، قد أشعلت نار مواجهة عسكرية في الصيف الماضي، وذلك عندما شنت اعتداءً على إسرائيل - لم يسبقه أي استفزاز- عبر الخط الأزرق- وهو الخط الذي انسحبت إليه إسرائيل تمشيا مع امتثالها الكامل والأكيد لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 قبل هذا الاعتداء بست سنوات. وعلى الرغم من الانتكاسات الخطيرة التي منيت بها تلك المنظمة خلال المواجهات العسكرية بقيت منظمة حزب الله عازمة على تقويض دعائم الحكومة اللبنانية وعلى زعزعة استقرار المنطقة خدمةً لأغراض إيران الراديكالية.
في هذا السياق يجب التأكيد على مدى أهمية قراري مجلس الأمن الدولي 1559 و1701. وإسرائيل من جانبها تثني على المجتمع الدولي لدعمه هذين القرارين وعلى استعداد بضع دول أوروبية المساهمة بعدد لا بأس به من الجنود في قوة يونيفيل جديدة- تتمتع بتفويض قوي وفعال- لمساعدة القوات اللبنانية المسلحة على ممارسة مسؤولياتها السيادية.
إن ضمان التطبيق الكامل للقرارين 1559 و 1701 هو بمثابة اختبار حاسم بالنسبة للمجتمع الدولي، كما انه شرط مسبق لإقامة دولة لبنانية كاملة الاستقلال والسيادة؛ أما الإخفاق في تطبيق هذين القرارين فسينظر إليه وكأنه انتصار للقوى المتطرفة ودليل على الوهن الدولي، ليشكل سابقة سلبية بمجال المشاركة الدولية في حل صراعات المنطقة.
لبالغ الأسف ما زالت هناك عقبات تعترض سبيل تطبيق هذين القرارين. وفيما يتعلق بالخروقات المستمرة للقرار 1701 يبقى الجنديان الإسرائيليان إلداد ريغف وإيهود غولدفاسر محتجزين. وفي الجنوب، من جهة يكون هناك دليل على الحد من حرية حزب الله في العمل، وفي الوقت ذاته لا تستغل قوات يونيفيل دائما وبصورة صحيحة التفويض القوي والصلاحية الممنوحة لها لكي تضمن، بالتعاون مع القوات اللبنانية المسلحة، خلو جنوب لبنان من الجماعات المسلحة والأسلحة ولكي تضمن "عدم استخدام الجنوب للقيام بعمليات عدائية من أي نوع كان" كما ورد في القرار 1701.
إن غياب أي خطوات ملموسة لنزع سلاح حزب الله وتفكيكه تمشيا مع القرارين الدوليين المذكورين، والفشل في تطبيق حظر فعال على وصول الأسلحة الى حزب الله يعتبر سببا يدعو الى القلق بشكل خاص. فقد شهدت الأشهر الأخيرة جهودا مكثفة من قبل حزب الله لإعادة تسليح عناصره، بخاصة عبر الحدود السورية – اللبنانية، بأسلحة تزوده بها دمشق وطهران، وذلك من خلال انتهاك مباشر للقرار 1701. وإضافة إلى ذلك، بقيت عناصر حراس الثورة الإيرانية تنشط في لبنان وتعمل بتعاون وثيق مع قوات حزب الله.
إن تكديس الأسلحة لدى حزب الله، كما اعترف بذلك ممثلوه جهارا، يعتبر تحديا مباشرا من جانب حزب الله وسوريا وإيران للحكومة اللبنانية، للمجتمع الدولي ولقوات اليونيفيل. فهذه الأسلحة غير مشروعة؛ وهي تزعزع استقرار لبنان، مثلما تعرض قوات يونيفيل للخطر وتشكل تهديدا على إسرائيل أيضا. وكلما ازدادت انتهاكات وخروقات حزب الله، تزداد معها مخاطر تجدد أعمال العنف وضرورة بقاء إسرائيل متيقظة من أجل الدفاع عن مواطنيها بوجه أي تهديد من قبل حزب الله.
المطلوب هو جهد دولي دبلوماسي أكثر تنسيقا وكثافة وفاعلية لضمان تطبيق القرار1701. وفي هذا السياق، لا بد من تشجيع قوات يونيفيل على الاستغلال الكامل للسلطة الممنوحة لها بموجب هذا القرار، من حيث تصورها للقيام بعمليات وقواعد الاشتباك لكي تطبق تلك القوات التفويض الذي كلفت به، كما يجب بذل كل جهد مستطاع بغية تطبيق حظر الأسلحة وتأمين إطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين المخطوفين. وفي الوقت ذاته، يجب ربط جهود المجتمع الدولي الهامة، بما في ذلك جهود دول الاتحاد الأوروبي الكبرى، الرامية الى المساعدة في إعادة إعمار لبنان، بفاعلية أكبر من أجل تحقيق أهداف القرارين 1559 و 1701.
تعتمد القوى المتطرفة على ضعف عزيمة المجتمع الدولي لكن تهيمن على المعتدلين في لبنان وفي المنطقة بأسرها الذين يعولون على اقامة لبنان السيادي الذي يعيش بسلام مع جيرانه. إن الفشل في اتخاذ إجراء الآن سيزيد من صعوبة العمل وسيزيد من تكلفة مثل هذا الإجراء في المستقبل. كما أن الوقوف الحازم إلى جانب المعتدلين والتطبيق الكامل للقرارين 1559 و 1701 هما وحدهما يشكلان الحائل دون تجدد المواجهات ويضمنان تحقيق أهدافنا المشتركة.
إيران
ليس هناك تهديد أكبر لاستقرار وأمن الشرق الأوسط اليوم من التهديد الذي يشكله النظام الراديكالي في طهران. حيث يشكل النظام الإيراني خطرا استراتيجيا متناميا وجليا ليس على إسرائيل وغيرها من دول المنطقة فحسب، بل على قيم العالم الديمقراطي، على المجتمع الدولي وعلى الأمن العالمي عموما.
تتوقع إسرائيل من المجتمع الدولي أن يستخدم كل ما يتوفر من الأدوات الموجودة في "جعبته الدبلوماسية" من أجل حمل القيادة الإيرانية على تغيير سياستها فيما يتعلق بتطوير برنامجها النووي ووضع حد للتهديد الذي توجهه سياساتها وتصرفاتها للمنطقة.
إن الطريقة الوحيدة لحمل إيران على إعادة تقييم سياستها تأتي من خلال ممارسة ضغوط قوية-لا لبس فيها- عليها لكي تطبق مطالب مجلس الأمن وكذلك القيام بإجراءات إضافية من قبل دول تتمتع بنفوذ اقتصادي ومالي قوي في إيران.
تجدر الإشارة الى أن التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية الدولية، الصادر بتاريخ 22 فبراير/ شباط 2007، يعكس مرة أخرى استهانة إيران بقرارات مجلس الأمن وبالأعراف والمعايير الدولية، ومثلما تحدّت إيران قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1737، فإن من الضروري الإسراع في العمل لاستصدار قرار إضافي عاجل يشمل عقوبات أكثر قوة وشمولية ضد النظام الإيراني.
يشكل برنامج إيران النووي تهديدا على العالم بأسره، وهذه التركيبة لقيادة متطرفة تدعم الإرهاب وتنكر حق دول أخرى في الوجود سوية مع القدرة على الوصول إلى أوروبا وأنحاء أخرى من العالم بصواريخها البعيدة المدى يجب أن تثير القلق لدى الجميع.
في إيران نفسها يواجه العالم نظاما تدفعه وتحركه أيديولوجية دينية متطرفة تتطلع إلى الهيمنة على المنطقة، فرض أجندته الراديكالية، ومنع التوصل الى سلام بين إسرائيل وجيرانها. وفي هذا السياق، فإن رعاية إيران للعديد من المجموعات الإرهابية تشكل مصدر قلق عظيم. وما تقدمه إيران من مساعدات في مجال تمويل وتدريب وإرشاد حزب الله وحماس هو بمثابة عامل عدم استقرار بوجه خاص في الشرق الأوسط ومن شأنها، إذا لم يتم كبح جماحها، أن تقوض كل جهد يرمي الى إحياء عملية السلام.
إن مطامح إيران النووية وأجندتها الراديكالية تقترن بدعاية رئيسها اللاسامية الوضيعة، بإنكارها للكارثة، ودعوتها الى "محو إسرائيل عن الخارطة". إسرائيل من جانبها تثمّن وتقدّر الموقف الأخلاقي القوي الذي اتخذته دول عدة في العالم، والتي أعلنت بأن تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وغيره من أفراد نظامه هي تصريحات غير مقبولة بتاتا. في هذا الصدد تناشد حكومة إسرائيل المجتمع الدولي مواصلة اليقظة والحيطة ونبذ أي مظهر من مظاهر اللاسامية نبذا قاطعا غير قابل للتأويل.
سوريا
إسرائيل ملتزمة بالسلام مع جميع جيرانها، وبضمنهم سوريا، وهي تدرك بأن سلاما كهذا يحتاج الى حلول وسط وتسويات، وعلى الرغم من التصريحات الطنانة التي صدرت عن جهات من النظام السوري، فقد فشلت دمشق حتى الآن في البرهنة على أنها قد اتخذت من خيار السلام خيارا حقيقيا وإستراتيجيا. فسياسة سوريا وأفعالها في مجالات متنوعة تظهر باستمرار أنها تدفع باتجاه أجندة راديكالية تزعزع استقرار المنطقة، مما يتناقض مع تصريحاتها الموجهة الى الجماهير الغربية.
تعتبر سوريا سببا مركزيا لعدم الاستقرار في لبنان، فهي تواصل حتى يومنا هذا تقديم الدعم الواسع والأسلحة إلى حزب الله في خرق مباشر وسافر للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن الدولي.
كما تتباهى سوريا باستضافة ودعم منظمات إرهابية عديدة، منها منظمة الجهاد الإسلامي ومنظمة حماس الفلسطينيتان. وبهذا الصدد نشطت سوريا بشكل خاص في تشجيع العمليات الإرهابية ضد المواطنين الإسرائيليين، وذلك من خلال تقديم الدعم المباشر لنشاطات قادة الجهاد الإسلامي وحماس، الذين وفرت لهم المأوى ومنحتهم حرية العمل فيها. هذا وتواصل سوريا أيضا لعب دورها في مجال زعزعة الاستقرار في العراق، حيث عبرت عن دعمها للقوى الراديكالية بتحالفها الوثيق المتزايد مع طهران.
إن هذا النمط المستمر للسلوك التخريبي الهدام يدل على أن سوريا ما زالت تختار أن تكون جزءا من المشكلة، بدلا من أن تكون جزءا من الحل، وفي ضوء هذا الموقف يبدو وكأن دعوات سوريا الأخيرة لإجراء محادثات قد جاءت من أجل تخفيف الضغط الدولي والعزلة التي جرتها عليها سياساتها. ولا تشكل هذه الدعوات دليلا على التزام حقيقي بالتعايش والسلام. إن التعاطي مع النظام السوري، في غياب أي تغيير حقيقي في أفعاله على الأرض، سيكون بمثابة مكافأة للنظام على سياسات عرضت الشرق الأوسط والسلام للخطر.
تعتقد إسرائيل بأنه يتوجب على المجتمع الدولي أن يوضح لسوريا أن الالتزام بخيار السلام يظهر ويتجلى من خلال الأفعال وليس من خلال التصريحات والأقوال . والرسالة الموجهة الى النظام السوري يجب أن تكون: إن الطريق إلى الشرعية الدولية وتجديد التعاطي مع المجتمع الدولي يمران من خلال تحول وتغيير واضح وملموس في النهج السوري.
(المصدر- موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على شبكة الانترنت)