المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • أحزاب وحركات سياسية
  • 1353

بعد ثلاثة أشهر فقط من زوبعة فينوغراد يقف أولمرت وحكومته أمام السؤال ذاته: حل الحكومة أم استمرارها؟ مع أن الأسباب نفسها التي أبعدت شبح انهيار الحكومة لا تزال موجودة * رغم ذلك جميع الاحتمالات واردة، وخيار الحكومة سيكون مفروضا من خارجها، ويبدو خيار تشكيل حكومة بديلة أقوى من انتخابات برلمانية مبكرة

 

بعد ثلاثة أشهر فقط من زوبعة فينوغراد يقف أولمرت وحكومته أمام السؤال ذاته: حل الحكومة أم استمرارها؟ مع أن الأسباب نفسها التي أبعدت شبح انهيار الحكومة لا تزال موجودة * رغم ذلك جميع الاحتمالات واردة، وخيار الحكومة سيكون مفروضا من خارجها، ويبدو خيار تشكيل حكومة بديلة أقوى من انتخابات برلمانية مبكرة

 

 

 

بعد ثلاثة أشهر فقط من "نجاة" حكومة إيهود أولمرت من احتمال حل الحكومة، والتوجه لتشكيل حكومة بديلة أو انتخابات برلمانية مبكرة، في أعقاب التقرير النهائي للجنة فينوغراد المكلفة بفحص مجريات الحرب على لبنان، تجد الحكومة نفسها أمام الاحتمال ذاته، في ظل قضية شبهات حصول أولمرت على رشوة قبل سنوات، حينما كان يمول حملاته الانتخابية من "متبرعين" من خارج البلاد.

لكن يبدو أن جميع الأسباب التي دفعت مركبات الائتلاف الحكومي للحفاظ على الحكومة لا تزال قائمة، وهذا على الرغم من أن القضية، كما يصفها المحللون، أشد وطأة من سابقاتها، في الوقت الذي لا تزال فيه الغالبية الساحقة من تفاصيل القضية تحت قيد حظر النشر، وهي ليست بالضرورة تفاصيل مؤكدة، لأنها كلها تبقى في ظل الشبهات.

والإعلام الإسرائيلي كعادته، يسارع لعرض الأمور بأقصى ما يكون من درامية، ويحتاج لأسابيع حتى يبدأ بالتراجع. هذا ما كان على مدى أكثر من عام من عمل لجنة فينوغراد، وهكذا كان أيضا في ظل قضية بنك ليئومي، حينما أخبرتنا وسائل الإعلام أن بين أيدي الشرطة إفادات ووثائق تدين أولمرت بأنه حاول إرساء عطاء خصخصة البنك على أحد المقربين منه، لكن النتيجة النهائية للتحقيق كانت توصية الشرطة بإغلاق الملف كليا بسبب عدم كفاية الأدلة، وعدم وجود ما يدين أولمرت.

ورغم ذلك فإن كل الاحتمالات لا تزال مفتوحة في هذه القضية، ولا يمكن المراهنة على شكل انتهائها منذ الآن، لكن إذا ما نظرنا إلى هذه القضية بالمجمل نجد أن أربعة رؤساء حكومات لإسرائيل قبل أولمرت، قد تورطوا بقضايا مشابهة، مرتبطة بتلقي تبرعات لتمويل حملات انتخابية، وكانت الشبهة الأولى هو تصرف غير قانوني بهذه الأموال.

فقد تم توجيه مثل هذه الشبهات إلى رئيس الحكومة الأسبق شمعون بيريس وسلفه بنيامين نتنياهو، وسلفهما إيهود باراك، إلا أن القضية الأكبر وجهت إلى رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون بعدة ملفات، في أحد هذه الملفات يقبع نجله عومري في السجن ويقضي عقوبة السجن لثمانية أشهر، بتهمة تتعلق بإدارة أموال حملات والده الانتخابية.

ولهذا فإن السؤال المركزي الموجه لأولمرت في هذه القضية: هل صرف قسطا من هذه الأموال لقضاياه الشخصية، وهل قدم مقابلا لمن تبرع له؟، وهذا ما تسعى لمعرفته الشرطة، ويقول المراسلون والمحللون الإسرائيليون إن التحقيق يتطلب عدة أشهر ليكون بالإمكان معرفة ما إذا سيتم تقديم لائحة اتهام أم لا؟.

و"عدة أشهر" هذه هي الفرصة المتبقية لمعرفة مصير الحكومة، فمركباتها تبرر بقاءها في الحكومة تحت شعار "دعونا نحترم عمل الشرطة وأن لا نستبق الأمور"، و"كل مشبوه بريء حتى تثبت إدانته"، أو على الأقل إلى حين البت في مسألة تقديم لائحة اتهام، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الائتلاف الحكومي سيعمل منذ الآن في بحبوحة، خاصة وأنه في الاسبوع القادم سيفتتح الكنيست دورته الصيفية التي ستستمر لشهرين ونصف الشهر، وسيتضح خلالها مدى تماسك الائتلاف الحاكم، وقدرته على اجتياز العاصفة، طالما أنه، أو جزء منه، ليس معنيا بالتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة.

ونستعرض هنا وضعية مركبات الائتلاف الحكومي وفق الظروف الراهنة، وقضاياها الداخلية، وكيفية تعاملها مع قضية أولمرت الجديدة، علما أن ما يوحد هذه الأحزاب في بلورة موقفها من قضية أولمرت، هو حسابات الربح والخسارة على المستوى الحزبي والشخصي الضيق في ظل انتخابات برلمانية مبكرة، أو حتى في ظل تشكيل حكومة جديدة، قد ترأسها مثلا وزيرة الخارجية تسيبي ليفني.

 

أولمرت و"كديما"

 

 

العبارة الأبرز التي قالها أولمرت للمقربين منه في الأيام الأخيرة: "لقد اجتزت أزمات كبيرة، وسأجتاز هذه الأزمة أيضا". ولربما انه عندما اطلع على نتائج استطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أمس الاثنين (12/5)، تملكه شعور بالثقة أكثر، حينما قرأ أن 59% "فقط" يطالبون باستقالته الفورية في أعقاب قضية شبهات الرشوة.

وذلك لأن "فقط" تأتي بعد أن كانت نسبة المطالبين باستقالة أولمرت، في أزمات سابقة، أعلى بكثير مما هي عليه اليوم. مثلا بعد استقالة رئيس هيئة أركان الجيش، دان حالوتس، في مطلع العام 2007، وبعد صدور التقرير المرحلي للجنة فينوغراد، في نيسان 2007، دعا ما بين 73% إلى 78% من المستطلعين إلى استقالة أولمرت، وهذه النسبة تراجعت إلى 63% بعد صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر. ولذا فإن أولمرت حين يرى 59% "فقط" يطالبونه بالاستقالة رغم النشر المكثف في وسائل الإعلام فإنه قد يشعر "بارتياح" أكثر.

وكما يبدو فإن أولمرت تأقلم مع واقع فقدان شعبيته، فهو ضرب أرقاما قياسية في سرعة فقدان الشعبية في تاريخ رؤساء حكومات إسرائيل، إذ خسر الأغلبية (وفق الاستطلاعات) بعد أقل من شهرين على تشكيله حكومته الحالية، في حزيران 2006، ثم قفز إلى شعبية 75% بعد ذلك التاريخ بشهر، في أوج الحرب على لبنان، ليفقد نصف هذا التأييد بعد انتهاء الحرب، ومن ثم هبط إلى حضيض غير مسبوق لرئيس حكومة، مع 7% في الأشهر التي تلت ذلك، وفي أوج عمل لجنة فينوغراد.

ولذا فإن مهمة أولمرت في هذه المرحلة ستكون معرفة كيف يجتاز الضغوط، واحتمال أن تقرر الشرطة تقديم لائحة اتهام، في حين أنه لن يكون مضطرا لمواجهة ضغوط من داخل حزبه، خلافا لفترات سابقة، عندما تحدثت وسائل الإعلام عن تكتل "صغير" ضده في داخل الكتلة البرلمانية لحزبه، أو أن يسمع انتقادات مباشرة من وزراء كبار في الحزب، من أمثال تسيبي ليفني وشاؤول موفاز وآفي ديختر ومائير شيطريت، لا بل، وكما نشر، فقد أعرب جميعهم عن دعمهم لأولمرت في محنته.

وبالإمكان أن نثق بما ينشر حول هذا "الدعم". وهذا دعم ليس من باب الموضوعية والحماسة الزائدة لأولمرت، بل لأن نجوم حزب "كديما"، أيقنوا في هذه المرّة، وأكثر من ذي قبل، أنهم جميعا يقفون على نفس السجادة، وأي اهتزاز فيها سيسقطون جميعا، ولذا فإن مهمتهم الجماعية هي اجتياز هذه المرحلة بأقل ما يمكن من خسائر، وبالأساس منع سقوط الحزب وحل الكنيست والتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة، تنبئ الاستطلاعات بأنه سيتلقى فيها ضربة مؤلمة، فقد يهبط إلى المرتبة الثانية وحتى الثالثة من حيث القوة البرلمانية، وتبعده عن سدة الحكم.

ورغم ذلك هناك صراعات داخلية هادئة جدا في "كديما". مثلا قيل في عدة وسائل إعلام إن قادة في الحزب، مثل الوزيرين شاؤول موفاز ومائير شيطريت، لا يقبلون بخلافة ليفني لأولمرت في حال اضطراره للاستقالة، كأمر واقع، بل يطلبون حسم الموضوع في انتخابات داخلية في الحزب، لا يمكن اجراؤها بسبب العامل الزمني، إذ يقضي القانون بأن على رئيس الدولة أن يختار شخصية بديلة لتشكيل الحكومة خلال أسبوع واحد من استقالة رئيس الحكومة، بمعنى أنه خلال أسبوع سيكون على حزب "كديما" إجراء انتخابات عامة تشمل عشرات آلاف المنتسبين، وهذا غير ممكن، ولذا فإن القرار قد يكون في يد مجلس الحزب.

وعمليا فإن ما يطالب به موفاز وشيطريت يندرج في إطار الصراع المقبول، الذي يدعو إلى حسم القرار وفق آليات الحزب، ولكن من دون التمرد عليه.

وفي ظل أجواء كهذه، فإن الوزيرة ليفني يبدو أنها تعلمت الدرس من رد فعلها حينما صدر التقرير المرحلي للجنة فينوغراد قبل أكثر من عام، ولهذا فهي تلتزم الصمت لئلا تتورط بخلافات حزبية داخلية، قد تثير ضدها وزراء ونوابا، ستسعى للحصول لتأييدهم في حال رشحت نفسها لخلافة أولمرت.

وتتمتع ليفني بدعم إعلامي، فمجرد الحديث عنها كأقوى مرشحة لخلافة أولمرت يخفف عنها عبء العمل لتجنيد الحزب والرأي العام إلى جانبها، وعلى ما يبدو فإن نتائج استطلاع الرأي السابق ذكره، الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، قد "بالغ" في الإطراء لليفني، حينما نشر معطيات مفاجئة، لا يوجد ما يبررها.

فقد أشار الاستطلاع إلى أنه في حال جرت انتخابات برلمانية مبكرة وكانت ليفني على رأس حزب "كديما"، فإنه سيحافظ على مكانته كحزب أول، بحصوله على 27 مقعدا، مقابل 23 مقعدا لحزب الليكود.

وهذا أول استطلاع ينشر منذ عام ونصف العام يشير إلى أن "كديما" سيحافظ على الحكم، على الرغم من أنه لا يوجد ما يبرر هذه القفزة لكديما، وهذا التراجع لليكود، حتى في حالة تسلم ليفني قيادة الحزب، لأن مثل هذا السؤال مطروح دائما في استطلاعات الرأي، وكانت النتائج دائما عكسية لما نشر أخيرا، حتى حينما كانت الأجواء المحيطة بالحكومة وليفني أفضل بكثير مما هي عليه اليوم، وهذا يجعل النتائج أقرب إلى كونها غير منطقية.

من جهة أخرى، وخلافا لفترات سابقة فإن النقاط الضعيفة في الكتلة البرلمانية لحزب "كديما" تقلصت جدا، وبالإمكان القول إنها تقتصر على نائبة واحدة، هي مارينا سولودكين، التي يعود خلافها مع أولمرت إلى كونها لم تتسلم منصبا وزاريا. لكن مفاجآت الحلبة الحزبية في إسرائيل لا تتوقف، ومن الوارد أن نسمع عن شخصيات أخرى، فمثلا في كتلة "كديما" هناك ثلاثة أو أربعة نواب، هم أصلا من جمهور اليمين والمستوطنين، وهم معرضون في أي وقت لضغوط قد يختاروا الرضوخ إليها، إذا ما ضمنوا مستقبلا بقاءهم في الكنيست بعد أي انتخابات برلمانية مبكرة.

ولكن هذا يبقى في إطار الفرضيات من دون دلائل ملموسة على أن يحدث مبكرا.

 

حزب "العمل"

 

 

إن ما يميز حزب "العمل" في هذه المرحلة أنه سيواجه ضغوطا أكثر من غيره، من قبل جهات معينة في الرأي العام، طالما أن الحديث عن قضية تتعلق بنزاهة الحكم، وشبهات بالفساد، ولكن كما يبدو حتى الآن فإنه لا يوجد تكتل يذكر في داخل الحزب يسعى للخروج من الحكومة، وهذا مزاج سائد لدى رئيس الحزب، إيهود باراك، وبشكل أشد لدى منافسه وخصمه، النائب عمير بيرتس.

وحتى الآن فإن الموقف الصادر عن الحزب يتمسك بمقولات مثل: "عدم استباق الأمور"، و"لندع الشرطة تقوم بعملها حتى تتوصل للحقيقة وتبت بجدية الشبهات"، وكلها مقولات تعطي الحزب ذريعة منطقية لصد الضغوط عليه، والمناورة لأشهر إضافية في ظل الحكومة القائمة.

إن ما يحسم موقف حزب "العمل"، كغيره من الأحزاب، حسابات الربح والخسارة، وإن اعتبرنا أن حزب "العمل" لا يزال حزب مؤسسات، بعض الشيء، فإن القرار النهائي سيعود إلى الهيئات الأوسع، التي تقول استطلاعات الرأي أن غالبية أعضاء هذه الهيئات ترفض الانسحاب من الحكومة.

والأهم من ذلك أن الحزب من المفترض أن ينهمك في الأشهر الثلاثة القادمة في انتخابات داخلية لهيئاته المركزية، وهي أيضا حلبة لصراع القوى، فالرجل القوي في هذه الهيئات لا يزال وزير البنى التحتية بنيامين بن إليعازر، الذي يدعم باراك، ونتائج هذه الانتخابات ستكون أول اختبار لحجم نفوذ رئيس الحزب الجديد نسبيًا بين الكوادر التقليدية للحزب. وذلك لأن المشاركين في هذه الانتخابات هم على الأغلب الأعضاء الدائمون في الحزب، وليس الموسميين الذين ينتسبون لبضعة أشهر إلى حين انتخاب رئيس الحزب، ثم يوقفون عضويتهم، أو يوقفون رسوم عضويتهم التي تسقط بالتالي عضويتهم من الحزب، وهي ظاهرة مألوفة في الأحزاب الكبيرة في إسرائيل.

 

ويقرأ قادة حزب "العمل" بتمعن شديد نتائج استطلاعات الرأي، التي تجمع منذ عامين على أن لا أمل لحزب "العمل" بأن يتبوأ المرتبة الأولى في أي انتخابات برلمانية قادمة، كما أن شعبية رئيس الحزب باراك لا تزال بعيدة جدا عن منافسه، زعيم الليكود بنيامين نتنياهو.

 

وهذه النتائج تقول للحزب، إنه سيكون مجرد حزب ضعيف في الولاية البرلمانية القادمة في حال بقي في صفوف المعارضة، كما أنه إذا انضم إلى حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، فإن وزنه فيها سيكون أضعف من وزنه الحالي في حكومة أولمرت، كون باقي الشركاء في حكومة يرأسها نتنياهو ستكون من أحزاب اليمين المتشدد.

 

ولهذا، ووفق الظروف الراهنة، فإن خيار الحزب في حال اضطر أولمرت للاستقالة سيكون اقرب للتوجه إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة ليفني، رغم أن باراك قد يرى في هذا بلورة منافس ثان له، إلى جانب نتنياهو، في أي انتخابات مبكرة.

 

"شاس"

 

بطبيعة الحال فإن حزب "شاس" أبعد ما يكون عن الحساسية في قضايا الفساد والرشاوى، فهو يسجل رقما قياسيا في عدد منتخبي الجمهور الذين فرضت عليهم أحكام بالسجن في ظل ولايتهم البرلمانية، وأولهم آرييه درعي الذي تبعه نائبان آخران، والآن الوزير السابق، النائب شلومو بنيزري، الذي فرضت عليه المحكمة في نهاية شهر نيسان الماضي حكما بالسجن لمدة 18 شهرا بعد إدانته بتهم الفساد.

 

ولذا فإن زعيم "شاس" السياسي، الوزير إيلي يشاي، كان أول من دافع عن أولمرت، ودعا إلى دعمه ومنحه الفرصة، وبعد أيام أطلق "تهديده" المعروف بأن "شاس" سينسحب من الحكومة في حال تم التوصل إلى تفاهمات خطرة مع الفلسطينيين، وهو يدرك أن تفاهمات كهذه ليست موجودة، ومن الصعب التوصل لها، بسبب الفجوات الكبيرة في المواقف.

 

وأيضا بالنسبة لشاس، فإن المقرر هو حسابات الربح والخسارة، وربح "شاس" يكون في ظل حكومة ضعيفة، وهذا الحزب على يقين، كما يبدو حتى الآن، أنه لن تكون له نفس قوة التأثير في ظل أي حكومة أخرى تتشكل بعد انتخابات مبكرة، حتى وإن نجح في الحفاظ على قوته البرلمانية الحالية بعد الانتخابات المبكرة.

 

حزب "المتقاعدين" والمنشقون عنه

 

 

في الأيام الأخيرة حدث ما لم يكن متوقعا في حزب "المتقاعدين"، وهو انشقاق ثلاثة من أصل سبعة من نوابه ليشكلوا كتلة برلمانية جديدة، ستكون عمليا تابعة للثري الروسي اليهودي أركادي غايداماك، المتورط بقضايا جنائية مالية على مستوى دولي وهو مطلوب للعدالة في عدة دول، أبرزها فرنسا.

 

وإن دلّ هذا الانشقاق على شيء، فهو يدل على قوة المال في تحريك الحلبة الحزبية في إسرائيل، لأن انشقاق ثلاثة من شأنه أن يضعف الائتلاف الحاكم، الذي يرتكز على 67 نائبا من أصل 120 نائبا.

 

لكن الكتلة المنشقة لم تعلن طلاقها مع الحكومة، بل بالعكس فقد أعلنت أنها ستشرع في مفاوضات للانضمام إلى الحكومة والحصول على حقيبة وزارية، تكون على حساب الحقيبة الثانية التي في يد الكتلة الأصلية، ومفاوضات كهذه قد تبدأ فور إقرار هيئات الكنيست الانشقاق بموجب القانون.

 

الائتلاف ككل في الدورة الصيفية

 

 

يفتتح الكنيست دورته الصيفية في يوم الاثنين القادم (19/5)، وهي دورة تستمر لمدة شهرين ونصف الشهر، وستكون امتحانا لتماسك الائتلاف الحاكم ككل، ومواجهة تحديات المعارضة المتفككة أصلا، بين يمين ويسار، وبين يمين وكتل ناشطة بين الفلسطينيين في إسرائيل.

 

وافتتاح الدورة يذكرنا أيضا بافتتاح الدورة الصيفية في العام الماضي، الذي حدث بعد أيام من صدور التقرير المرحلي للجنة فينوغراد، وسط مطالبات باستقالة أولمرت بقدر أكبر مما هو عليه اليوم.

 

لكن الأنظار ستتجه ليس إلى المركبات ككل، وإنما إلى نقاط الضعف في الائتلاف التي تتلخص بعدد قليل من نواب الائتلاف في حزبي العمل وكديما.

 

ومع ذلك فإن التقديرات الأولية تشير إلى إمكان أن يجتاز الائتلاف هذه الدورة، في حال لم يطرأ أي تطور دراماتيكي في قضية أولمرت، أو في حال عدم ظهور قضية جديدة تهدد كيان الحكومة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات