*22% من عائلات المسنين و25% من المسنين يعيشون في دائرة الفقر *فقط 33% من المسنين يتقاضون رواتب تقاعد *مخصصات الشيخوخة الشحيحة لا تساعد المسنين على سدّ مصاريفهم الشهرية *الكثير من المسنين يعملون أو يسعون للعمل بعد وصولهم إلى سن التقاعد*
*22% من عائلات المسنين و25% من المسنين يعيشون في دائرة الفقر *فقط 33% من المسنين يتقاضون رواتب تقاعد *مخصصات الشيخوخة الشحيحة لا تساعد المسنين على سدّ مصاريفهم الشهرية *الكثير من المسنين يعملون أو يسعون للعمل بعد وصولهم إلى سن التقاعد*
قال تقرير جديد لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، نشر في الأسبوع الماضي بمناسبة يوم المسن العالمي، إن نحو ثلث المتقاعدين في إسرائيل احتاجوا في العام الماضي إلى خدمات الرفاه الاجتماعي نظرا لسوء أوضاعهم الاقتصادية، وهي نسبة عالية مقارنة مع الأوضاع في باقي الدول المتطورة.
وقال المكتب في تقريره إنه في العام الماضي 2011 جرى تسجيل 254 ألف مسن في أقسام الرفاه الاجتماعي في مختلف البلدات في إسرائيل، وهذا من أصل 800 ألف مسن، أي ممن بلغوا سن 65 عاما وما فوق، وتتضمن الخدمات إما مساعدات مالية أو خدمات للمساعدة في إدارة البيت وغيرها.
وترتفع نسبة المحتاجين إلى خدمات أقسام الرفاه الاجتماعي، من بين الذين بلغوا سن 75 عاما، إلى 50%، ويظهر أيضا أن 22% من عائلات المسنين في إسرائيل، و25% من المسنين بشكل عام، هم في دائرة الفقر، وهذه نسب قريبة من النسب العامة للفقر في إسرائيل، إذ تبلغ النسبة بين العائلات نحو 23% وبين السكان نحو 25%.
ويقول البروفسور إسحق بريك، المختص في أبحاث جيل الشيخوخة، إنه لا مفاجأة من كون الكثير من المسنين في إسرائيل يعيشون في أوضاع اجتماعية صعبة، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المخصصات التي يتلقاها المسن تبلغ نحو 375 دولارا، ومنهم من يحصل على 250 دولارا إضافيا، كتكملة مخصصات شيخوخة، في حين أن معدل مدخول المسنين في إسرائيل هو نحو 1250 دولار.
من الجدير ذكره أن الغالبية الساحقة من المسنين في إسرائيل، وخاصة العائلات التي فيها مسنان اثنان، لا يتجاوز مدخولها حاجز ألف دولار، وأن ما يرفع المعدل هو رواتب المتقاعدين الميسورين، ممن يتقاضون رواتب تقاعدية عالية جدا، نظرا لخلفيتهم المهنية.
وتابع البروفسور بريك أن غالبية المسنين في إسرائيل ليست لديهم رواتب تقاعدية ويعتاشون على مخصصات الشيخوخة التي يتقاضونها من مؤسسة الضمان الاجتماعي (مؤسسة التأمين الوطني). وقال: لو أن غالبية المسنين في إسرائيل لديها راتب تقاعدي لكانت أوضاعها جيدة. وأضاف أنه فقط 33% من المسنين لديهم رواتب تقاعدية، وحذر من أنه حتى أولئك الذين يتقاضون رواتب تقاعدية شحيحة نوعا، من شأنهم أن يتساقطوا في دائرة الفقر.
وكان قانون قد دخل حيز التنفيذ في العام الماضي، يقضي بإلزام جميع المستقلين بتوفير تقاعدي، من أجل ضمان مخصصات شيخوخة لهم، حينما يصلون إلى جيل التقاعد على غرار الأجيرين. وكلمة "مستقل" قد توحي بأصحاب مداخيل عالية ولكن في إسرائيل 370 ألف مستقل، في حين أن غالبيتهم الساحقة من الحرفيين والبائعين في المتاجر الصغيرة، أو حتى الاكشاك المتواضعة، وغيرها من الأعمال الخاصة، ويتبين من معطيات رسمية أن أكثر من 50% لا يتجاوز مدخولهم الشهري حوالي ألف دولار، ما يعني أنهم يعيشون في دائرة الفقر أو ما دون خط الفقر، إذ أن هذا المدخول بات أقل من الحد الأدنى من الأجر.
وكانت معطيات سابقة قد أشارت إلى أن نسبة عالية من الفقراء في جيل الشيخوخة والمتقاعدين، هم من المحرومين من الراتب التقاعدي، ويعتاشون فقط على مخصصات الشيخوخة التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي، كونهم كانوا مستقلين.
وفي العام 2009 بدأ العمل في إسرائيل بقانون التوفير التقاعدي الإلزامي للمتقاعدين، وابتداء من العام 2011 بدأ يسري القانون على المستقلين، من أجل ضمان مدخول أعلى حين بلوغهم جيل التقاعد، ولكن القانون بالنسبة للمستقلين يجري تطبيقه جزئيا، على أن يكتمل تطبيقه في العام 2015، لتكون النسبة التي يدفعها المستقلون توازي النسبة التي يدفعها الأجيرون بحصتهم وحصة أصحاب العمل.
وينص القانون على جانب جزائي ضد كل من لا يدفع للصندوق التقاعدي، ويسري تطبيق القانون على كل من وصل إلى عمر 21 عاما وحتى 61 عاما، ولكن كل من وصل عمره إلى 55 عاما وما فوق في العام 2011 فإن القانون لن يسري عليه وسيكون قراره اختياريا.
احتياجات الحد الأدنى
ويقول تقرير مكتب الإحصاء المركزي إن تكلفة معيشة المسن في إسرائيل تزداد مع تقدمه في العمر، إذ أن سلة المشتريات لشخص مسن في إسرائيل تبلغ في هذه المرحلة حوالي 1600 دولار شهريا، وأن تكلفة بيت فيه زوجان من المسنين، تبلغ شهريا نحو 2350 دولار، بينما تكلفة سلة المشتريات لفرد ما دون الشيخوخة تبلغ أكثر بقليل من ألف دولار، وسلة مشتريات عائلة متوسطة من أربعة أنفار 3375 دولار شهريا.
وينبع ارتفاع تكلفة معيشة المسن الواحد، من بندين أساسيين، هما المسكن الذي يكلفه شهريا نحو 800 دولار، والمواصلات والاتصالات التي تكلفه نحو 400 دولار، بينما يصرف على المواد الغذائية نحو 300 دولار شهريا.
لكن هناك من يشكك في هذه المعطيات، كما أوردت ذلك صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، التي قالت إن تقارير اخرى أشارت إلى أن 94% من المسنين في إسرائيل يسكنون في بيوت يملكونها، ولهذا فإن نسبة قليلة جدا تستأجر بيوتا.
ويشير تقرير مكتب الإحصاء إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، تلزم نسبة ملحوظة من المسنين بالاستمرار في العمل حتى بعد تجاوزهم سن التقاعد، الذي هو حاليا 67 للرجال و62 للنساء، وهذا على الرغم من أن سوق العمل في إسرائيل تضع عراقيل كثيرة أمام استيعاب العاملين ممن بلغوا سن 45 عاما وما فوق، في حال باتوا عاطلين عن العمل.
وبموجب معطيات مكتب الإحصاء، فإن فقط 2ر13% ممن تجاوزا سن 65 عاما بقليل منخرطون في سوق العمل، جزء منهم هم على الأغلب ممن ينتظرون إتمام سن التقاعد- 67 عاما، وحسب المعطيات ذاتها، فإن نسبة المنخرطين في العمل من بين الرجال بلغت قرابة 21% مقابل 4ر7% من بين النساء، أي أن هؤلاء النساء يعملن بعد أن تجاوزن جيل التقاعد.
ويقول التقرير إن نسبة عالية من بين المسنين المنخرطين في سوق العمل نجدها في الدول الأكثر فقرا، بين الأعضاء في منظمة الدول المتطورة OECD، مثل المكسيك حيث تصل إلى نسبة إلى 27%، وتشيلي- 22%.
ويشير المكتب إلى أنه كلما كان التحصيل العلمي للمسن أعلى زادت احتمالات استمراره في العمل، فمثلا فقط 2% من المسنين الذين تعلموا حتى أربع سنوات في حياتهم منخرطون في سوق العمل بعد سن 65 عاما، وترتفع هذه النسبة بين المسنين الذين تعلموا على الأقل 16 عاما إلى نحو 26%.
ارتفاع معدل الأعمار
وكثر الحديث في السنوات الأخيرة في إسرائيل عن قضية التقاعد والمسنين، وجعلت الحكومة من ارتفاع معدل الأعمار في إسرائيل مشكلة اقتصادية، وظهرت تقارير تتحدث عن أن صناديق التقاعد من جهة، ومؤسسة الضمان الاجتماعي من جهة أخرى، ستواجهان أزمة مالية تجعلهما عاجزتين عن تسديد التزاماتهما تجاه المسنين المؤمنين.
ويبلغ معدل الأعمار للنساء في إسرائيل نحو 6ر83 عام للنساء، أكثر من 84 عاما للنساء اليهوديات، ونحو 81 عاما للنساء العربيات، أما لدى الرجال فإن معدل الأعمار 7ر79 عام، من بينه قرابة 81 عاما للرجال اليهود، ونحو 77 عاما للرجال العرب.
وقد أنذرت مؤسسة الضمان الاجتماعي، في تقرير أخير لها، بأنها ستبدأ بعد 30 عاما في تسجيل خسائر كبيرة، وقد لا تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها، في حين أن صناديق التقاعد، التي باتت في العقد الأخيرة مسوّقة في الأسواق المالية والبورصات، قالت إن استمرار الوضع الحالي سيجعلها تفقد 30% من قيمة التعويضات.
وقال تقرير للجنة تحقيق حكومية أقيمت لإجراء بحث في الموضوع، إن سنوات العمل لا تكفي لضمان راتب تقاعدي كاف، كما أن إطالة معدل الأعمار تهدد بخسائر وعدم قدرة على تنفيذ الالتزامات المالية للمؤمنين ضمن صناديق التقاعد، بمعنى الحال ذاته في ما يتعلق بمخصصات الشيخوخة، بموجب استنتاجات لجنة التحقيق.
وحسب الإحصائيات، فإن عاملا منتظما في سوق العمل الإسرائيلية يعمل ما بين 35 إلى 40 عاما، وحينما يخرج إلى التقاعد، يعيش بالمعدل 17 عاما، يتقاضى فيها راتبا تقاعديا من توفيراته التقاعدية التي ساهم فيها مكان عمله، وهذه فترة عمل أقل بنسبة 33% مما كان عليه حينما ظهر توفير التقاعد لأول مرة في ألمانيا قبل أكثر من 130 عاما، كما أن جيل التقاعد بات أكثر بكثير مما كان عليه قبل 13 عقدا.
ورأت اللجنة في فحصها الذي استمر نحو ثلاث سنوات أن التركيبة الديمغرافية في إسرائيل، من حيث معدل الأعمار، وتقلص نسبة المشاركين في سوق العمل، بالإضافة إلى تراجع المداخيل، لعدة أسباب، ستؤدي إلى عجز في ميزانية مؤسسة الضمان بعد ما بين 30 إلى 40 عاما، وقضت بأن على الحكومة أن تعيد دينا لمؤسسة الضمان بقيمة 48 مليار دولار، على مدى 40 عاما.
وتقول اللجنة إنه بين العام 2038 والعام 2050 ستواجه مؤسسة الضمان عجزا في موازنتها، وأن كل من عمره اليوم 40 عاما وما دون سيتأثر من هذا العجز، وهذا العجز نابع من التغيرات في التركيبة الديمغرافية ومن أبرزها ارتفاع معدل الأعمار في إسرائيل، وارتفاع معدلات الحياة، وبموازاة ذلك ارتفاع عدد الشريحة السكانية خارج سوق العمل، كذلك ارتفاع معدلات الولادة بين اليهود الأصوليين، في حين أنها في تراجع بين العرب، بحسب ما تقره لجنة التحقيق.