وزارة المالية تعرض خطوطا عريضة لميزانية العام المقبل ولكنها مطابقة لحجم ميزانية العام الجاري وبعد نقض وعود سابقة بزيادة إطار الميزانية * الأجواء الانتخابية ستنعكس على عملية إقرار الميزانية العامة، وفي حال لم تتفق مركبات الائتلاف على صيغة توافقية، فعلى الأغلب سيكون انهيار الحكومة على خلفية الميزانية سببًا ظاهريًا لأزمة حزبية أعمق
وزارة المالية تعرض خطوطا عريضة لميزانية العام القادم- 2009، ولكنها مطابقة لحجم ميزانية العام الجاري وبعد نقض وعود سابقة بزيادة إطار الميزانية * الأجواء الانتخابية ستنعكس على عملية إقرار الميزانية العامة، وفي حال لم تتفق مركبات الائتلاف على صيغة توافقية، فعلى الأغلب سيكون انهيار الحكومة على خلفية الميزانية سببًا ظاهريًا لأزمة حزبية أعمق
بدأت الحكومة الإسرائيلية، مؤخرًا، بالتداول في الخطوط العريضة لميزانية الدولة للعام القادم 2009، وذلك على الرغم من أنه لا يزال واردا عدم قدرة هذا الحكومة على إقرار الميزانية، على ضوء الأزمة الحزبية المتنامية وخاصة أزمتها الداخلية، واحتمال أن يضطر رئيس الحكومة إلى ترك منصبه، على خلفية التحقيقات بشبهات الفساد الموجهة ضده.
ويقول محللون اقتصاديون إن وزارة المالية أحضرت مخططا لميزانية 2009، مطابقا تقريبًا لميزانية العام الجاري، دون أي تعديل، على الرغم من الوعود التي أطلقها أولمرت، وحتى وزارة المالية، بشأن الميزانية القادمة.
وقد برز خلاف حاد في جلسة الحكومة حول نسبة زيادة مصروفات الحكومة العادية، فقد كان اقتراح وزارة المالية أن يزداد هذا الجزء من الميزانية بنسبة 7ر1%، على الرغم من محاولات رفعها إلى نسبة 5ر2% حتى في ميزانية العام الجاري، ولكن بهدف حل الخلاف الذي نشب لدى إقرار ميزانية 2008، جرى الاتفاق على أن وزارة المالية ستسعى لرفع هذه المصروفات بنسبة 5ر2% في العام 2009.
وكما يظهر من التقارير الصحافية، بعد تلك الجلسة، فإن وزير المالية روني بار- أون كان وحيدا في موقفه في الدفاع عن موقف مسؤولي وزارته، وحتى رئيس الحكومة إيهود أولمرت أعرب عن "استغرابه" من عدم رفع النسبة المذكورة، إذ من شأنها أن تزيد من حجم الموازنة العامة وميزانيات الوزارات المختلفة.
وتقول الوزارة إن حجم الميزانية للعام القادم 2009 سيكون نحو 316 مليار شيكل (معدل سعر الدولار أمام الشيكل في هذه الفترة هو 4ر3 شيكل للدولار)، أي بالضبط كما هي عليه في ميزانية العام الجاري، وهذا لأن وزارة المالية أعلنت أنها ستضطر إلى تقليص الموازنة العامة بقيمة 8ر8 مليار شيكل، بهدف تمويل التزامات الحكومة والكنيست لمشاريع مختلفة.
كما تريد وزارة المالية أن لا يتعدى العجز في الموازنة العامة نسبة 1% (99ر0%) من الناتج القومي، أي نحو 2ر7 مليار شيكل، بدلا من 6ر11 مليار شيكل في ميزانية العام الجاري، وهي تشكل نسبة 6ر1% من الناتج القومي.
وعلى الرغم من أن تقديرات وزارة المالية بشأن جباية الضرائب في هذا العام كانت أقل مما تحقق حتى الآن، وهي الحال التي جرت في السنوات الأخيرة، فإن الوزارة تضع تقديرات "متواضعة" لجباية الضرائب، وتتوقع ان يبلغ حجمها في العام القادم، أكثر بقليل من 4ر195 مليار شيكل، والهدف من تقديرات متدنية كهذه هو عدم فسح المجال أمام توسيع إطار الموازنة العامة، وصرفها على القضايا الخدماتية الحيوية، بزعم أن توسيعا كهذا يشكل عبئا مستقبليا، في حال تراجع مستوى الجباية في ظل أزمة اقتصادية.
وفي هذا المجال نذكر أن وزارة المالية توقعت أن يبلغ حجم جباية الضرائب للعام الجاري 190 مليار شيكل، إلا أن سلطة الضرائب تتوقع أن يصل المبلغ حتى نهاية العام إلى أكثر من 200 مليار شيكل.
ونقرأ أيضا أن وزارة المالية خصصت لوزارة الدفاع ميزانية بقيمة 2ر56 مليار شيكل، وهي أعلى ميزانية لهذه الوزارة في تاريخ إسرائيل وستشكل 8ر17%، علما أن هذه ميزانية مباشرة، ولكن للأمن ميزانيات غير مباشرة، لتبلغ حصته الإجمالية بما في ذلك الاستيطان وتوابعه، في الموازنة العامة، أكثر من 30%.
أما الصرف على الخدمات والوزارات المدنية فسيبلغ 6ر55 مليار شيكل، يضاف إليه نحو 90 مليار شيكل للمخصصات والضمانات الاجتماعية المختلفة.
وسيكون لتسديد الديون الداخلية والخارجية الحصة الأكبر، 100 مليار شيكل، لتشكل نسبة 8ر31%. وأعلنت وزارة المالية أنها تريد خفض المديونية العامة من الناتج القومي، في إطار برنامج شامل لخفض المديونية باستمرار حتى العام 2015 (اقرأ تفاصيل أكثر في خبر عن توقعات بنك إسرائيل في هذه الصفحة).
ميزانية انتخابات
حتى وإن لم يتم حل الكنيست، فإن الحلبة السياسية دخلت في أجواء انتخابية، ومختلف الأحزاب تتوقع أن تجري في العام 2009، ولكن حتى وإن تنازل الكنيست عن حل نفسه، فإن الأجواء الانتخابية، أو التهديد بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، سيبقى في خلفية الحراك السياسي، وهذا سينعكس على عمل الحكومة، بما في ذلك إعداد الميزانية العامة، إذ أن كل حزب سيضغط من أجل تحقيق مكسب معين يلوح به في الانتخابات القادمة.
والقضية الأبرز في هذا المجال هي تلك التي تلوح بها حركة "شاس"، وهي مخصصات الأولاد التي تدفع لكل عائلة عن كل ولد دون سن الثامنة عشرة من عمره، إذ تطالب الحركة برفعها بنسبة 22%، على الأقل، ما سيكلف خزينة الدولة بنحو مليار شيكل، وهو مطلب قد يلقى مؤازرة من حزب "العمل"، ولكن بتحفظ من حيث النسبة، كذلك فإن حزب المتقاعدين المتهاوي يطمح إلى تحقيق إنجاز للمتقاعدين برفع مخصصاتهم هم أيضا.
وفي ظل أجواء كهذه فإن حزب "العمل" لا يقف مكتوف الأيدي، وهو يطالب أيضا بزيادة إضافية للحد الأدنى من الدخل، إضافة إلى زيادة ميزانيات التعليم والرفاه الاجتماعي.
وفي ظل أجواء سياسية كهذه، فإن كل مطلب سيرافقه فورا تهديد بعدم دعم الميزانية والانسحاب كليا من الحكومة.
وقد علمت التجربة أن حكومات إسرائيل التي كانت تواجه أزمة في النصف الثاني من كل عام كانت تستصعب إقرار موازنة عامة، وعلى الأغلب كان يتم نقل الميزانية إما إلى ما بعد الانتخابات، وتسيير ميزانية مؤقتة ترتكز إلى ميزانية العام المنتهي، أو الاتفاق على ميزانية حل وسط، مع إبقاء الباب مفتوحا لتعديلها في ظل الحكومة الجديدة التي تقام عادة بعد كل انتخابات.
ولهذا ليس صدفة أن معارضي حل الكنيست في داخل كتلة "العمل"، وأبرزهم رئيس الحزب السابق، عمير بيرتس، يتوقع إجراء انتخابات في ربيع العام القادم، وذلك على خلفية فشل الحكومة في إقرار ميزانية عامة للعام القادم 2009.
ورغم ذلك فإن الباب يبقى مفتوحا أمام تشكيل حكومة بديلة برئاسة شخصية بديلة لأولمرت، ومن ثم تبدأ مفاوضات مع مركبات الائتلاف من أجل إقرار ميزانية للعام القادم، يتم فيها عرض حلول وسط لطلبات أحزاب الائتلاف، بما فيها مطالب حركة "شاس"، خاصة وأن حزب "كديما" الحاكم يصارع هو أيضا من أجل البقاء في الحلبة السياسية، ومن أجل أن لا ينهار كليا خلال انتخابات برلمانية مبكرة، وهو أيضا ستكون من مصلحته التخفيف عن الشرائح الفقيرة، ولو ببعض الفتات، ليعتبره إنجازا يلوح به خلال الحملة الانتخابية.