أعلنت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، ان البطالة في إسرائيل انخفضت في نهاية العام الماضي 2005 الى 8.8%، بعد ان وصلت في العام 2003 الى حوالي 11%، وانخفضت في العام 2004 الى نسبة 10.4%، وتعتقد وزارة المالية ان البطالة ستنخفض مع نهاية العام الحالي الى 8.5%.
لكن الجدل في إسرائيل يدور حول نوعية هذا التراجع الذي تتداخل فيه عدة أسباب، في غالبيتها تؤكد أن هذا تراجع شكلي، بمعنى أن الخارجين من دائرة البطالة لم يجدوا وظائف كاملة او برواتب طبيعية
أعلنت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، ان البطالة في إسرائيل انخفضت في نهاية العام الماضي 2005 الى 8.8%، بعد ان وصلت في العام 2003 الى حوالي 11%، وانخفضت في العام 2004 الى نسبة 10.4%، وتعتقد وزارة المالية ان البطالة ستنخفض مع نهاية العام الحالي الى 8.5%.
وكان تعداد القوى العاملة في إسرائيل مع نهاية العام الماضي 2.74 مليون عامل، من بينهم حوالي 245 ألف عاطل عن العمل، عدد الرجال في القوى العاملة مليون و347 ألف مقابل مليون و180 ألف إمرأة، وحسب المعطيات فإن الفجوة بين نسبة الرجال العاملين والنساء العاملات تتقلص سنويا، ففي العام الماضي ارتفع عدد الرجال العاملين بنسبة 3%، بينما لدى النساء كان الارتفاع بنسبة 4.9%. وترتفع نسبة القوى العاملة في إسرائيل سنويا في حدود 2.3%، بمعنى ان إسرائيل بحاجة سنويا الى لا أقل من 63 ألف فرصة عمل جديدة.
وحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية فإن البطالة بين النساء أكثر منها لدى الرجال، ففي حين أن البطالة بين الرجال وصلت في نهاية العام الماضي الى 8.5% فإنها بين النساء وصلت الى 9.2%، ولكن يشار هنا الى ان نسبة النساء العربيات المنخرطات في سوق العمل، حوالي 30%، هي اقل بكثير من نسبة النساء اليهوديات، التي تتجاوز نسبة 50%، كما ان نسبة البطالة بين النساء العربيات هي الأعلى في كل إسرائيل، فالبطالة بين العرب أصلا تصل الى 14%، بينما بين اليهود هي في حدود 7%.
ويؤكد جدول البلدات المنكوبة ببطالة 10% وما فوق ان جميع البلدات هي عربية، وأحيانا تقفز بلدة صغيرة او اثنتان من البلدات اليهودية الجنوبية. وتضم هذه اللائحة ما بين 24 الى 32 بلدة شهريا تتغير فيها المعطيات من شهر الى آخر، لكن هناك بلدات عربية لم تتراجع فيها البطالة منذ سنوات طويلة، وخاصة بلدات الجنوب.
لكن الجدل في إسرائيل يدور حول نوعية هذا التراجع الذي تتداخل فيه عدة أسباب، في غالبيتها تؤكد أن هذا تراجع شكلي، بمعنى أن الخارجين من دائرة البطالة لم يجدوا وظائف كاملة او برواتب طبيعية. فمثلا في العام الماضي وجد 93 ألف شخص فرص عمل جديدة، وبنظرة أولى فإن هذا العدد يعني أنه تم استيعاب جميع المنخرطين الجدد في سوق العمل وهكذا تم تخفيض عدد العاطلين عن العمل.
إلا أن الحقيقة على أرض الواقع هي غير ذلك، فحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية فإن 54 ألف شخص فقط وجدوا وظائف بنسبة كاملة، أي 35 ساعة عمل أسبوعيا وما فوق، بينما 39 ألف شخص وجدوا وظائف جزئية، ولكن ما يوحد ما بين 80% إلى 90% من جميع الذين وجدوا عملا هو أنهم يتقاضون رواتب متدنية وحتى أقل من الحد الأدنى من الرواتب الذي يبلغ في إسرائيل حوالي 735 دولار، ناهيك عن شروط عمل غير طبيعية، على ضوء انتشار مكاتب القوى العاملة التي أصبحت تتغلغل حتى في المؤسسات الرسمية مثل المجالس البلدية والقروية، وأيضا في كبرى الشركات، وحتى في البنوك. وتعمل هذه الشركات عن طريق المقاولة، أي أنها تأخذ قسما من عمل هذه المؤسسات وهي توظف عمالا من عندها بشروط عمل مخالفة كليا عن القائمة في تلك المؤسسات، وهي شروط عمل الحد الأدنى، عدا عن أنه يتم فصل العامل والموظف قبل أن يكتمل العام لكي لا يستحق امتيازات العامل المثبت.
مثلا كل أعمال النظافة والصيانة في إسرائيل تقريبا، باتت بيد هذه الشركات، ويتم إجبار العاملين على التوقيع على اتفاقيات عمل غير قانونية كشرط لتشغيلهم، وحاولت مجموعات برلمانية في السنوات الأخيرة سن قوانين للحد من ظاهرة شركات القوى العاملة إلا أن ما تم حتى الآن لم يحد من قوة هذه الشركات.
الأمر الآخر الذي تبنته إسرائيل وبدأت بتطبيقه منذ عشرة أشهر في بعض المناطق وغالبيتها عربية، هو "مشروع فيسكونسين"، على اسم ولاية أميركية تم فيها تطبيق هذا المشروع، وعلى الرغم من فشله في موطنه الأصلي إلا ان إسرائيل أصرت على تطبيقه لديها.
وتدير هذا المشروع شركة هولندية بشراكة إسرائيلية، وتعمل تحت غطاء تحفيز العاطلين عن العمل للخروج الى سوق العمل، ويتم إحضار آلاف العاطلين عن العمل من مختلف الأجيال الى مكاتب الشركة، ليس هم وحدهم بل وزوجاتهم أيضا، دون الأخذ بعين الاعتبار إذا كانت المرأة أصلا منخرطة بسوق العمل، ويتم إجبارهم على المكوث ساعات طويلة في المكتب، او توجيههم الى "أعمال تطوعية" هي بالأساس أعمال لا يستطيع كل إنسان تحملها، مثل أعمال النظافة والخدمة في المؤسسات.
وغالبا ما يضطر العاطل عن العمل للاستغناء عن مخصصات البطالة لكي لا يواجه أوضاعا محرجة له، وبذلك يخرج من سجلات البطالة رغم أنه لم يجد عملا. وعلى ضوء الشكاوى، بعد أن تأكد أن الشركة التي تدير هذا المشروع تربح الملايين على حساب العاطلين عن العمل، وتتلقى محفزات مالية من الحكومة إذا ما "نجحت" في تخفيض البطالة، حتى وإن كان رقميا، فإن مراقب الدولة الإسرائيلي قرر مؤخرا التحقيق في هذا المشروع ونجاعته.
يضاف الى كل هذا أن إسرائيل ومنذ حوالي تسع سنوات بدأت تدريجيا في تخفيض مخصصات البطالة للعاطلين عن العمل، وتضع شروطا صعبة لتلقي هذه المخصصات، مما يدفع بالكثير الى الاستغناء عن التسجيل في مكاتب العمل لتلقي هذه المخصصات.
وينعكس كل هذا على تقارير الفقر الدورية الصادرة في إسرائيل، فرغم الحديث عن انخفاض نسبة البطالة في العامين الماضيين، إلا أن نسبة الفقر آخذة بالازدياد، كما أن نسبة الفقر بين العائلات التي فيها شخص وحتى شخصان يعملان آخذة بالارتفاع من عام الى آخر. وهذا يعود الى أن العاملين الجدد بغالبيتهم لا يجدون وظائف كاملة، أو يعملون برواتب متدنية لضمان الحد الأدنى من المعيشة.