قبل أكثر من عام اتخذ بنك إسرائيل قرارا يحظر على البنوك السماح للزبائن بخرق اتفاقيات الإطار، وكان من المفروض ان يتم هذا في نهاية العام الماضي، ثم تم تمديده حتى منتصف العام الحالي، وبسبب صعوبة التطبيق تم التمديد حتى نهاية العام الحالي
تتبع البنوك التجارية في إسرائيل نظاما يندر مثيله في العالم، وهو إعطاء فرصة السحب الزائد في الحسابات الجارية للمواطنين والمصالح التجارية والمؤسسات، بمعنى أن الحساب الجاري يكون في حالة سلبية (مدين) وفق اتفاق مسبق مع البنك حول الحد الأقصى (الإطار)، الذي يمكن لصاحب الحساب أن يتراجع إليه، مقابل دفع فوائد بنكية تصل إلى حوالي سبعة أضعاف الفائدة التي تدفعها البنوك على التوفيرات.
ولكن في السنوات الأخيرة ظهر قلق في بنك إسرائيل المركزي من استفحال ظاهرة حسابات الـ"مينوس" (من ماينوس- سلبي)، لئلا تتحول إلى ديون صعبة تعجز البنوك عن استردادها وتشكل مستقبلا سببا لانهيار بعض البنوك التجارية.
فقد بلغ حجم هذه الحسابات في النصف الأول من العام الحالي 38 مليار شاقل، وهو ما يعادل 8,5 مليار دولار، ولكن المشكلة ليست في النظام، بل في السحب الزائد على السحب الزائد، بمعنى أن حوالي 50% من أصحاب الحسابات يخرقون الاتفاقيات مع البنوك ويسحبون أكثر مما خصص لهم، وهذا بمعرفة وإدراك البنوك التجارية، كونها الرابح الأكبر، لأن الفائدة على السحب الزائد الذي يخرق الاتفاقية أعلى بخمسين بالمئة من الفائدة على السحب الزائد ضمن الإطار.
فالفائدة على السحب الزائد سنويا هي في حدود 10%، أما على السحب فوق الإطار فتصل إلى أكثر من 15%، بينما الفائدة البنكية السنوية على التوفيرات هي 1,5% فقط، وليس هذا فحسب بل إن الضريبة تنهش نسبة 25% من "أرباح" التوفير عند انتهاء فترته، بمعنى أن الفائدة الصافية على التوفيرات هي في حدود 1,1%.
وتقول معطيات البنوك إن حجم السحب الزائد فوق الإطار بلغ في نهاية العام الماضي في حدود ثلاثة مليارات دولار. وقبل أكثر من عام اتخذ بنك إسرائيل المركزي قرارا يحظر على البنوك السماح للزبائن بخرق اتفاقيات الإطار، وكان من المفروض ان يتم هذا في نهاية العام الماضي، ثم تم تمديده حتى منتصف العام الحالي، وبسبب صعوبة التطبيق تم التمديد حتى نهاية العام الحالي.
بمعنى أنه خلال ستة أشهر سيكون مطلوبًا من المواطنين إعادة أكثر من 13 مليار شاقل (ثلاثة مليارات دولار)، وهو ما يعني ضرب القوة الشرائية لهؤلاء المواطنين، ولكن هذا أيضا سيشكل ضربة للبنوك التجارية، الرابح الأكبر من هذا النظام البنكي.
ووفق تعليمات البنك المركزي فسيكون حجم السحب الزائد مرتبطًا بمقدرة الشخص على تسديد السحب الزائد والضمانات المالية التي لديه في البنك، بأشكال مختلفة من التوفيرات.
وعلى الرغم من هذا فإن البنوك والمواطنين يتجاهلون هذه التعليمات، إذ تقول المعطيات إن معدل السحب الزائد في البنوك التجارية بلغ حتى منتصف العام الحالي حوالي 19 ألف شاقل للحساب الواحد، أي ما يعادل 4250 دولار، وطبعا هناك حسابات بربع المبلغ وحسابات أكثر بكثير، وهذا مرتبط بالمداخيل. ويتضح أيضا أنه خلال العامين الاخيرين ارتفع حجم السحب الزائد بنسبة 42%، ولكن نصف هذا الارتفاع تم تسجيله في الأشهر الستة الأخيرة.
ويرى المراقبون أن البنوك التجارية ستجد مخرجا من تعليمات بنك إسرائيل من خلال رفع أطر السحب الزائد للزبائن الذين يردهم البنك، ولكن من جهة أخرى فإن اعتياد الزبون على اطار معين يجعله بعد فترة قصيرة يخرقه.
كما يتوقع المراقبون أن يتورط الكثير من أصحاب الحسابات، بعد تطبيق النظام الصارم، بصعوبات مالية تضعهم تحت التقييدات المالية التي تمنعهم من أي تعامل مالي مع البنوك، أو أنهم سيضطرون للسقوط تحت نير القروض البنكية بفوائد عالية للتخلص من السحب الزائد.