رجال الأعمال الاسرائيليون ما عادوا مكترثين بحضور مؤتمر قيسارية
رئيس اتحاد الصناعيين الاسرائيليين يهاجم منظمي "مؤتمر قيسارية" ويصفهم بـ "اللامبالين" تجاه الضائقة التي يعاني منها أصحاب المصالح الصغيرة والمتوسطة
وجهت هذا العام انتقادات عديدة الى المؤتمر الذي يعنى بالقضايا الاقتصادية الاسرائيلية ويبادر اليه "المعهد الاسرائيلي للدمقراطية" ويحمل اسم "مؤتمر قيسارية"، والذي عقد مؤخرًا. فقد تبين ان رجال الأعمال الاسرائيليين اصبحوا غير مكترثين بحضور المؤتمر، وعزا المراقبون ذلك الى مضامين المؤتمر. فقد غابت عن المؤتمر النقاشات حول الابحاث في القضايا التجارية، التي من شأنها التأثير على ارباح الشركات الاسرائيلية وفتح المجال امام فرص اقتصادية جديدة.
الا ان أكثر ما برز في "مؤتمر قيسارية" هذه السنة كان خطاب وزير المالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو. فقد خصص خطابه لما وصفه بخطة وزارة المالية لمحاربة الفقر والفجوات بين الاغنياء والفقراء في اسرائيل. وصعق جميع الحاضرين في المؤتمر عندما اعلن نتنياهو انه "ما من أحد يساعد الشرائح الضعيفة اكثر مني"! وقال ان احد الاساليب التي يدرسها الخبراء في وزارته تكمن في فرض ضريبة دخل سلبية على ذوي الدخل المنخفض.
ووعد نتنياهو انه في العام 2005 وفي الاعوام التي ستليه ستتم زيادة مصاريف الدولة بنسبة 1% فقط، وذلك بموجب سن قانون خاص في هذه الناحية. واشار الى ان نسبة التزايد السكاني السنوية في اسرائيل ترتفع بنسبة 2%، ولذلك، قال نتنياهو، فان ثمة حاجة الى تقليص مصاريف اسرائيل بنسبة 1% في كل عام، ابتداء من العام القادم.
وفيما انطوت الخطط الاقتصادية التي قدمها نتنياهو خلال العامين الاخيرين على تقليص مخصصات مؤسسة التأمين الوطني، وخصوصا مخصصات الاولاد والشيخوخة والمعاقين، فقد اعلن في مؤتمر قيسارية ان وزارة المالية تنوي طرح زيادة مخصصات الشيخوخة والمعاقين من خلال الخطة الاقتصادية التي ستطرحها وزارة المالية للعام 2005. لكنه اشار ايضا الى ان وزارته لا تنوي في هذه الاثناء خفض الضرائب. رغم ذلك، قال انه من اجل حدوث نمو اقتصادي ثمة اهمية لخفض الضرائب وزيادة حجم الاستثمارات.
وكان احد ابرز المواضيع التي بحثها "مؤتمر قيسارية" هو مركزية الجهاز المصرفي في اسرائيل. وقد نشر بنك اسرائيل قبل انعقاد المؤتمر بايام تقريرا أكد فيه ان مركزية الجهاز المصرفي الكبيرة تشكل خطرا كبيرا على الجهاز المالي. واشارت تقديرات خبراء بنك اسرائيل الى ان وجود صناديق التقاعد في ايدي البنوك من شأنه ان يزيد من تفاقم سيطرة المصارف، خصوصا اذا ما سادت اجواء من عدم الثقة بين الجهاز المصرفي والجمهور. ودعا بنك اسرائيل الى فصل صناديق التقاعد عن سيطرة البنوك.
من جانبه، دعا محافظ بنك اسرائيل، دافيد كلاين، الى وضع هدف لتقليص الفجوة بين نسبة التشغيل في اسرائيل ونسبتها في الدول الثلاثين الاكثر غنى في العالم خلال خمس الى عشر سنوات. ويقتضي تحقيق هذا الهدف اضافة 400 الف شخص الى قوة العمل الاسرائيلية. لكن كلاين قال انه وفق وتيرة الزيادة في قوة العمل الاسرائيلية السنوية، وهي 70 الفا، فان تحقيق هدف زيادة القوى العاملة في اسرائيل الى الهدف المنشود ستستغرق فترة اطول بكثير، وقد تصل الى عشرين عاما.
كذلك خصص "كلاين" جزءا كبيرا من حديثه للقضايا الاقتصادية الاجتماعية. وقال انه على أثر اعتماد استراتيجية النمو الاقتصادي في اسرائيل على النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، فان تحقيق هدف زيادة حجم قوة العمل يتوجب ان يعتمد على زيادة القوى العاملة في القطاع الخاص وليس في القطاع العام. واضاف انه من اجل اجراء معالجة ناجعة في هذه الناحية فان ثمة حاجة الى تشكيل لجنة وزارية لشؤون التشغيل، للتأكد من تحقيق كافة خطط الحكومة في مجال التشغيل.
ورأى "كلاين" ان خطة الحكومة يجب ان تتكون من سبعة عوامل لضمان نجاحها: تقليص المحفزات للبقاء خارج دائرة العمل؛ توسيع خطة التأهيل المهني بشكل ملموس؛ اتباع سياسة في ضريبة الدخل تشجع المواطنين على العمل؛ تقليص عدد العمال الاجانب بشكل ملموس؛ تطوير خدمات واستثمارات تسهل على الخروج للعمل؛ مساعدة فعلية للمصالح الصغيرة والمتوسطة؛ زيادة الاستثمار في مجال التعليم في المناطق السكانية التي تعاني من نسبة بطالة مرتفعة.
وقال "كلاين" ان التحدي الماثل امام الحكومة الاسرائيلية في العام 2005 يكمن في رفع نسبة النمو الاقتصادي من خلال زيادة الناتج القومي، خصوصا في المجال التجاري، من خلال الحفاظ وتقوية استقرار الاسعار والاستقرار في الاسواق المالية وبضمنها سوق العملات الاجنبية.
وفي ما يتعلق بالجهاز المصرفي وسيطرته على عدة نواح اقتصادية، خصوصا صناديق التقاعد، قال "كلاين" ان هذه الصناديق يجب ان تنفصل عن البنوك. واضاف ان لا مشكلة لدى البنوك بان تخسر بعض ارباحها من اجل القضاء على من ينافسها. كما هاجم كلاين "لجنة بروديت" التي فحصت موضوع صناديق التقاعد واوصت بان تبقى ادارة هذه الصناديق في ايدي البنوك من دون ان تبقى في ايديها الملكية. لكن "كلاين" رأى ان الفصل بين الصلاحيات والمسؤولية هو امر غير صحي لادارة جهاز كبير مثل صناديق التقاعد.
من جهة اخرى هاجم رئيس اتحاد الصناعيين الاسرائيليين، عوديد طيرة، منظمي "مؤتمر قيسارية" الذين وصفهم بـ "اللامبالين" تجاه الضائقة التي يعاني منها اصحاب المصالح الصغيرة والمتوسطة. وقال ان "مؤتمر قيسارية لا يعي أهمية المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة. هذا الموضوع لم يحظ بالمكانة التي يستحقها في المؤتمر. وقد توجهت في السنتين الماضيتين الى منظمي المؤتمر عدة مرات وطلبت منهم تحويل هذا الموضوع الهام الى الموضوع المركزي في المؤتمر".
وطالب "طيرة" الحكومة الاسرائيلية بمضاعفة ميزانية "صندوق تشجيع المصالح الصغيرة" لتصل هذه الميزانية مبلغ 500 مليون شيكل. كما طالب بالغاء الضمانات التي يتوجب على اصحاب هذه المصالح تقديمها لدى حصولهم على قروض من الصندوق. وقال ان على السلطات المحلية ووزارة المالية تجميد مطالبة هذه المصالح بدفع الضرائب البلدية ، كما ان على الشركات الحكومية تسديد ديونها لهذه المصالح. ولفت "طيرة" الى ان هذه المصالح يشكل انتاجها 35% من مجمل الانتاج الاسرائيلي ويعمل فيها 52% من قوة العمل الاسرائيلية.