يتناول الكتاب بتوسع الجوانب المختلفة للمهاجرين الروس والدوافع وراء هذه الهجرة والتكوين الإثني وأنماط الهوية والتوجهات الاجتماعية والتعبئة السياسية لديهم. كما يتمحور التحليل حول انعكاسات هذه الهجرة على النسيج الاجتماعي والثقافي لإسرائيل
.صدر هذا الكتاب عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" بالشراكة مع مركز البحوث والدراسات السياسية في جامعة القاهرة، والذي يتناول أحد أهم وأبرز التطورات الاجتماعية – الديمغرافية التي حدثت في إسرائيل منذ نشأتها، ألا وهي الهجرة الروسية خلال تسعينيات القرن الماضي.
وتكمن خصوصية هذا البحث/ الكتاب في كونه يقدم مقاربة نظرية صارمة ومستندة إلى أعمق أدبيات الهجرة في العالم، تعيد وضع الهجرة الروسية والهجرات اليهودية في سياقها التاريخي، بعيدا عن التقديمات الأيديولوجية والإعجازية التي تقدمها الرواية الصهيونية.
يتناول الكتاب بتوسع الجوانب المختلفة للمهاجرين والدوافع وراء هذه الهجرة والتكوين الإثني وأنماط الهوية والتوجهات الاجتماعية والتعبئة السياسية لديهم. كما يتمحور التحليل حول انعكاسات هذه الهجرة على النسيج الاجتماعي والثقافي لإسرائيل. ويجري تحليل تلك القضايا على ضوء التغييرات السياسية والاقتصادية والإيديولوجية في المجتمع الإسرائيلي وديناميكية الصراع الإسرائيلي العربي ومحاولات التسويات السلمية وتدهور العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية منذ انتفاضة الأقصى في تشرين الأول 2000.
يستند الكتاب إلى مجموعة أبحاث ميدانية أجريت على مدى خمسة عشر عاما منذ قدوم الموجة الأولى في سنوات التسعين من القرن الماضي. وتشمل هذه البحوث مجموعة من استطلاعات الرأي لدى المهاجرين والإسرائيليين بالإضافة إلى مقابلات شخصية مع مجموعة تمثيلية من المهاجرين وتحليل للصحف الصادرة في إسرائيل باللغات الثلاث: العبرية والروسية والعربية.
وكان الكتاب قد صدر باللغة الإنكليزية في العام 2004 من قبل دار النشر العالمية "Brill". أما فكرة نقله للعربية فقد ولدت في القاهرة خلال لقاء جمع بين نخبة من الأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين من مناطق الـ 48 وأمين الجامعة العربية وعدد من المسئولين والمفكرين العرب بهدف تعزيز التواصل القومي بين الوطن العربي والفلسطينيين في إسرائيل.
وخلص الكتاب إلى انه يظهر من خلال مراقبة وضع مهاجري التسعينيات من السوفييت في إطار بيئة التطور التاريخي للمجتمع الإسرائيلي، أنهم يشكلون أحد أكبر التحديات للمشروع الصهيوني." ذلك أن دوافعهم للهجرة تفرض تحديا واضحا لادعاء "التميّز" الذي لازم الحركة الصهيونية قبل وبعد نشأة إسرائيل. صحيح أن موجة التسعينيات لم تكن أولى موجات الهجرة التي تدفعها العوامل البراغماتية لا العوامل الأيديولوجية ، ولكنها بلا شك الموجة الأولى التي تعترف بهذه الحقيقة علانية ومنذ البداية. ولقد عبر التوجه البراغماتي للمهاجرين عن نفسه في مواقفهم وفي سلوكهم. وهذه الموجة لا تتلاءم مع النموذج الصهيوني المثالي "لمجتمع الشتات". وقد وجد البحث أنه لا يزال لدى عدد ضخم من هؤلاء المهاجرين حنين قوي للوطن الأم واشتياق لوجود روابط اجتماعية وثقافية مع بلدانهم الأصلية، وكذلك فخر عميق بثقافتهم الأصلية مقترن بشعور بالاستعلاء الثقافي مقابل الثقافة الإسرائيلية. ومن ثم يجدر النظر للكثيرين من مهاجري موجة التسعينيات كمهاجرين "عاديين"، يتركون وطنهم للبحث عن وطن جديد. بل ويمكن اعتبار قسم كبير منهم بمثابة "الشتات الروسي في إسرائيل" وليس "الشتات اليهودي العائد إلى إسرائيل".