يستهل الكتاب دراسة حول ردّة الفعل على حرب حزيران 1967 في النصوص الثقافية الإسرائيلية، والتي تميزت عمومًا، كما يؤكد المؤلف، بمماشاة "الإجماع الصهيونيّ العام" وبمجانبة دلالات السياق الموضوعي لتلك الحرب، وهو السياق الذي تأخرت قراءته حتى من جانب دراسات العلوم الاجتماعية. وقد انسحبت هذه المجانبة والمماشاة على الأدب، كما على المسرح الإسرائيلي. كما أنهما طغتا على الأغنية الإسرائيلية.
بيد أنه بالذات على خلفية حرب حزيران 1967 وعلى رغم ما سلف شهد المسرح الإسرائيلي ظاهرة فريدة من نوعها، تمثلت في ما قدمه كاتب إسرائيلي شاب في ذلك الوقت يدعى حانوخ ليفين (1943- 1999) من نصوص مسرحية ساخرة. وترجع فرادتها أساسًا إلى جوهر الدور الذي أدّاه ذلك المسرح ولا يزال في مجال التساوق مع "الإجماع" السالف.
كما يحتوي الكتاب على ترجمة عربية لثلاثة نصوص مسرحية ساخرة من أعمال حانوخ ليفين تعكس روح كتابته، بقدر ما تشفّ عن المناخ الرسميّ والشعبيّ الذي راج في أعقاب تلك الحرب.
ويشير مؤلف الكتاب إلى أنه في هذه النصوص- "أنت وأنا والحرب القادمة" و"كتشوب" و"ملكة الحمّام"- ابتكر حانوخ ليفين أداة فنية- أدبية للنقد السياسيّ. ويكمن جوهر هذا النقد في تعرية الخداع الذاتيّ الذي أمسك بتلابيب المجتمع الإسرائيلي، من منطلق الفرضية الذاهبة إلى إمكان اتخاذ مواقف تفتقر إلى الخداع الذاتي اتسم بها ليفين نفسه. كما يكمن في تعرية المعاناة التي يتسبب المجتمع الإسرائيلي فيها من منطلق الفرضية القائلة إنّ في وسع هذا المجتمع- إن أراد- عدم التسبب فيها. وعندما كتبت هذه الأعمال الساخرة في أعقاب حرب حزيران 1967 كانت كذبة "اللاخيار"واحدة من المصادر الرئيسة لخداع الذات والمعاناة في المجتمع الإسرائيلي، ولذا فقد وجّه ليفين إليها أيضًا الكثير من سهام نقده.
ويشير شلحت إلى كون ليفين، في كتابته المسرحية المواكبة لتلك الحرب، استثناءً لا أكثر، وهذا ما ظلّه حتى رحيله في العام 1999. وهو من صنف الاستثناء الذي يحيل إلى القاعدة المشار إليها بعد أن يثقبها، علاوة على كونه موازيًا ومناقضًا لحالات استثنائية أخرى لا تصبّ في مصلحة التمرّد على القاعدة. وإنّ مثل هذا الصنف الأول من الاستثناء تفتقر إليه الكتابة الأدبية الاحتجاجية في إسرائيل الآن. وهو يرجع ذلك إلى مبلغ تحصّن الأشياء التي اعتبرتها الدولة الإسرائيلية أشبه بالبديهيات، المفهومة ضمناً، الخاضعة لقانون المسكوت عنه، في النصّ الأدبي الإسرائيلي
وتقدّم الدراسة عرضًا مفصلاً للزوبعة وحملة "صيد الساحرات" التي تعرضت لها مسرحية "ملكة الحمّام" لدى عرضها في أوائل السبعينيات وشاركت فيها كل أجهزة الدعاية الإسرائيلية، الرسمية والشعبية. كما شارك فيها وزراء وجنرالات وصحف وأحزاب، بقوى مشتركة، مستغلين كل الوسائل الحكومية التي في حوزتهم. وكيف أنه في النهاية رضخ مسرح "الكاميري" في تل أبيب وأسقط المسرحية عن الخشبة بعد تسعة عشر عرضًا فقط. كذلك تتناول تاريخ المسرح الإسرائيلي وكيفية تناوله للشخصية العربية في المراحل المختلفة، وصولاً إلى الزمان الراهن.