يقدم الكتاب في فصوله الثمانية قراءة تفصيلية لعلاقات إسرائيل المختلفة مع الاتحاد الأوروبي منذ الخمسينيات حتى الآن عَبر مواكبة لا تكتفي بالاستعراض، معتمدة تفكيك جوانب هذه العلاقات على الأصعدة السياسية والإقليمية والاقتصادية والعلمية والأمنية والشرطية والتعاون في مجال التسلّح.
ويرى الكتاب أن العلاقات التي شهدت نمواً وتمكيناً ناعماً على مدار ستة عقود تتأسّس على جملة من المحددات والاشتباكات، نجحت إسرائيل عَبرها في إدارة علاقات ناجعة مع القوة الاقتصادية الأهم في العالم والتي تضم 27 دولة من دول العالم الصناعي.
ويرصد الكتاب ارتقاء العلاقات التي بدأت باتفاقية تجارة غير تفضيلية العام 1964، لتنتهي إلى سياسات تكامل واضحة في جوانب كثيرة أسست لها مجموعة من الاتفاقات المتعاقبة التي عزّزت التحالف لمستوى أمكن معه القول إن إسرائيل عضو في الاتحاد الأوروبي دون أن تشارك في مؤسساته.
وكما يكشف الكتاب، فإنه لا يمكن فهم العلاقة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي ضمن رؤية أحادية، بل إن ثمة حاجة لقراءة المستويات المختلفة لهذه العلاقة، مع الأخذ بعين الاعتبار المكونات المختلفة لهذه العلاقة. ففهم السياق العام لمدخلات هذه العلاقة بعيداً عن المقولات والتعميمات السطحية النمطية يقدم قراءةً وافيةً قادرةً على استكشاف المستقبل. والكتاب يدلل على ضرورة الإقرار بأن صلابة هذه العلاقة لا يمكن ردها فقط إلى المحاباة السياسية، بل إن هناك الكثير الذي لا بد أن يقال عن تقدم إسرائيل وعن فهمها للمؤسسة الأوروبية بجانب المصالح المتبادلة. وتفكيك العلاقة في مجالي البحث العلمي والصناعات الحربية يدلل على ذلك بالكثير من البراهين.
إلاّ أن الكتاب وكما يقدم في خلاصات فصوله لا يفتأ يذكر أن هذا لا يعني انحياز الاتحاد الضمني إلى سياسات الهيمنة الإسرائيلية التي تستغل العلم لتعزيز سطوتها. بجانب ذلك، وفيما لا يمكن التقليل من مستوى تقدم إسرائيل العلمي والتقني، فإن هذا التقدم بحد ذاته لا يكفي لتعليل هذا الامتياز الكبير الذي يمنح لإسرائيل، حيث يمكن الاستدلال بدول متقدمة تكنولوجياً بشكل كبير ولا تحظى بهذا الامتياز.
يرتكز الكتاب إلى الوثائق الأوروبية والإسرائيلية خاصة الاتفاقيات الموقعة والخطط المقدمة والإحصائيات والتقارير الرسمية، إلى جانب اعتماده على الكتب والدراسات والمقالات التي عالجت جوانب العلاقة والتي صدرت عن مراكز أبحاث ومؤسسات أكاديمية أوروبية وإسرائيلية. وهو ـ أي هذا الكتاب ، يشكل دعوةً إلى قراءة إسرائيل من مختلف الزوايا وتعميق البحث العربي في علاقات إسرائيل الخارجية للإحاطة بالتفاعلات الكلية للسياسة الإسرائيلية.