تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 2291

يمكن الاتفاق، تماماً، مع الرأي الذي سجله "الصندوق الجديد لإسرائيل" في تعقيبه على ما تعرضت له نائبة رئيسه، جينيفر غوروفيتش، من احتجاز واستجواب في مطار اللد (بن غوريون) الدولي، فقال إن "حادثة غوروفيتش" هذه تنضم إلى "قانون التسوية" غير الديمقراطي وإلى طلب نتنياهو من رئيس حكومة البريطانية، تيريزا ماي، خلال لقائهما في لندن الأسبوع الماضي، التوقف عن تمويل منظمة "لنكسر الصمت" الإسرائيلية (رغم أن الحكومة البريطانية قد توقفت عن تمويل هذه المنظمة منذ سنوات) وأن "هذه، جميعها، هي جزء من التوجه الذي نراه يتفاقم ويتخذ أشكالا خطيرة في الأشهر الأخيرة"، ضمن "مسعى منهجي ومتصاعد تقوم به حكومة نتنياهو لإخراس الإسرائيليين الذين يعارضون الاحتلال، العنصرية، التمييز بحق الأقليات والفساد المستشري في الدولة، لتخويفهم، لمحاصرتهم ولنزع الشرعية عنهم حدّ إخراجهم خارج القانون".

وكان موظفو "سلطة السكان والهجرة" قد أوقفوا غوروفيتش في مطار اللد الدولي، يوم الأربعاء الماضي، لدى نزولها من الطائرة قادمة إلى إسرائيل للمشاركة في جلسات لجنة إدارة "الصندوق الجديد لإسرائيل" وأخضعوها لاستجواب معمق ومطول استمر نحو ساعة ونصف الساعة طالبوها، خلاله، بتزويدهم بتفاصيل مختلفة عن الصندوق ونشاطه والتنظيمات التي يموّلها ويدعمها مالياً.

ولم يشفع لغوروفيتش، المواطِنة الأميركية، تأكيدها لموظفي "سلطة السكان والهجرة" حقيقة كونها "يهودية صهيونية" وأنها، والصندوق الذي تشغل منصب نائبة رئيسه، يعارضان حملة المقاطعة الدولية (BDS).

ورغم أن نائب المدير العام لـ"سلطة السكان والهجرة"، أمنون شموئيلي، قدم اعتذاراً رسمياً إلى "الصندوق الجديد لإسرائيل" عن احتجاز نائبة رئيسه، موضحاً ـ في اتصال مع رئيسة الصندوق، طاليا ساسون ـ أن ما حصل مع غوروفيتش هو "إجراء مهني ولم تكن ثمة أية نية للمس بها أو بالصندوق"! وأن "الاحتجاز جاء لأسباب أمنية"، إلا أن "الصندوق" اعتبر احتجاز غوروفيتش في المطار واستجوابها "ملاحقة سياسية" تندرج في إطار "الملاحقات السياسية التي تشنها حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو ضد نشطاء حقوق الإنسان الإسرائيليين منذ بضع سنوات" وأن هذه السياسة "أصبحت موجَّهة الآن ضد نشطاء يهود من خارج البلاد، أيضا".

حرب متعددة الجبهات

الحقيقة أن "حادثة غوروفيتش" هذه تنسجم مع إجراءات وخطوات عديدة ومختلفة، في أكثر من مستوى ومجال، تلجأ إليها أحزاب اليمين الحاكمة في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة في معركة واضحة المعالم ترمي إلى محاصرة المعارضة السياسية لها والتضييق عليها، من خلال تصوير أية نشاطات سياسية معارضة وكأنها "تآمر ضد الدولة ومؤسساتها" والتعامل معها وكأنها "تشكل خطرا وجودياً على الدولة"!

وتدير أحزاب اليمين الحاكمة معركتها هذه ضد كل ما ومَن يستأنف على سياساتها، في شتى المجالات، على جبهات مختلفة تشمل الجبهة الإعلامية، الجبهة التشريعية والجبهة الإدارية، بشكل أساس. فإلى جانب حملة التحريض المتواصلة والمتصاعدة ضد أوساط المعارضة السياسية وتنظيماتها المختلفة، بما فيها منظمات حقوق الإنسان ومنظمات نزاهة الحكم، علاوة على التحريض المستمر والمتصاعد ضد الجهاز القضائي عامة، والمحكمة العليا خاصة، تستغل أحزاب اليمين الحاكم، أيضا، الأذرع السلطوية الرسمية المسؤولة عن تطبيق القانون، وخاصة الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) والنيابة العامة، إذ يُلاحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع كبير في الاستدعاءات التي يتعرض لها نشطاء هذه المعارضة وتنظيماتها المختلفة، إخضاعهم للتحقيقات السياسية، ثم تقديمهم إلى محاكمات "جنائية" ترمي إلى ترهيبهم وتخويفهم وردعهم عن مواصلة نشاطاتهم.

وقد كان هذا التصعيد في صلب الالتماس الذي أصدرت "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية قرارها النهائي فيه، الأسبوع الماضي، وأقرت من خلاله قانونية ودستورية سياسة "الشاباك" ونهجه في استدعاء النشطاء السياسيين لـ"محادثات" تشكل، في حقيقة الأمر، تحقيقات سياسية ترهيبية. وهو التماس كانت قد تقدمت به "جمعية حقوق المواطن" في إسرائيل لمطالبة المحكمة العليا بإصدار أمر إلى الشرطة وجهاز "الشاباك" بالتوقف عن هذه الاستدعاءات وهذه التحقيقات "نظرا لما تنطوي عليه من مس خطير بحقوق أساسية"، في مقدمتها الحق في إجراء عادل، الحق في الحرية وفي حرية التعبير وحق الاحتجاج.

وتبنت المحكمة العليا، في قرارها شطب الالتماس، موقف جهاز "الشاباك" كما عرضه أمامها وادعى فيه بأن هذه التحقيقات التي يجريها مع النشطاء "لا تتطرق إلى نشاطات سياسية أو إلى احتجاج قانوني" وإنما "تدور حول الخشية من نشاطات غير قانونية تصل حد احتمال المس بأمن الدولة على هامش النشاط السياسي أو الاحتجاج القانوني"!

كما تبنت المحكمة العليا، أيضا، ادعاء جهاز "الشاباك" بأن "هذه السياسة معتمدة، في الأساس، بحق أشخاص تحوم شكوك حول ضلوعهم في نشاطات إرهابية أو أعمال تجسسية"، رغم اعتراف هذا الجهاز الصريح، أمام المحكمة، بأن هذه السياسة تُعتمد أيضا في "بعض الحالات"(!) بحق أشخاص "يشاركون، غالباً، في مظاهرات موضوعها الاحتجاج السياسي الخارج عن الإجماع"!! ومن الواضح، بالطبع، أن "الخروج عن الإجماع" هنا يقصد كل ما يخالف السياسات الحكومية الرسمية ويعترض عليها. ورغم هذا، تبنت المحكمة، في نهاية المطاف، موقف جهاز "الشاباك" وأقرت سياسته ونهجه المذكورين، وقررت شطب الالتماس رغم تأكيد "جمعية حقوق المواطن" على أن هذه السياسة "تشكل تجاوزا للصلاحيات القانونية المخولة لهذا الجهاز" وأن وصم أي نشاط سياسي معارض، أو خارج عن الإجماع، بأنه "عمل تآمري" يستدعي تدخل جهاز "الشاباك" ويبرر له استدعاء النشطاء السياسيين لـ"محادثة ودية على كأس من الشاي" (!) يتنافى مع الأصول والأعراف الديمقراطية ويشكل مساً خطيرا بجملة من حقوق الإنسان والمواطن الأساسية.

تشريع بمسارين هدفهما واحد

على الجبهة التشريعية، تواصل أحزب اليمين الحاكمة في إسرائيل مساعيها المحمومة التي بدأتها منذ فترة لتحقيق غايتها المركزية من الحرب المشار إليها ـ تقييد الجهاز القضائي وتقليص صلاحياته، في كل ما يتعلق بالنظر في التماسات تستأنف على سياسات الحكومة وممارساتها وإسقاطاتها، من جهة، ومن جهة أخرى تقليص إمكانيات المواطنين والمنظمات الحقوقية المختلفة في اللجوء إلى الجهاز القضائي، وخاصة "محكمة العدل العليا"، لإصلاح أية أضرار قد تلحق بهم من جراء سياسات الحكومة وممارساتها.

وبينما يشكل التشريع المباشر ضد المحكمة العليا، بالقوانين ومشاريع القوانين الرامية إلى الالتفاف عليها وتقليص صلاحياتها ومنعها من ممارسة "الرقابة القضائية" على عمل السلطتين التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (الكنيست) وسحب صلاحيتها في إلغاء قوانين (أو بنود من قوانين) سنها الكنيست بدعوى عدم دستوريتها، تعدياً واضحاً على الجهاز القضائي وصلاحياته ويثير معارضة شديدة، سواء لدى الجهاز القضائي نفسه أو لدى أوساط سياسية ـ حزبية وحقوقية ـ أكاديمية واسعة، إضافة إلى ما يجره من معارضة دولية، بما يجعله أشبه بـ"حقل ألغام" ينطوي السير فيه على مصاعب وعقبات جمة، يبدو التشريع الموجه ضد "زبائن" المحكمة العليا والمحتاجين إلى تدخلها مساراً أكثر سهولة وأكثر احتمالاً للتنفيذ، نظراً لكونه موجها ضد فئات وقطاعات غير مؤسساتية، غير رسمية، لا تتجند قوى كافية للتصدي له ومحاولة إحباطه.

ولهذا، نرى أن التشريع المباشر ضد المحكمة العليا لم يتوقف ولا يبدو أنه سيتوقف، بل يتواصل وإنْ "على نار هادئة"، بينما يكتسب التشريع الموجه ضد المواطنين عامة والمنظمات الحقوقية المختلفة زخماً واضحاً في الفترة الأخيرة، إذ يجد المبادِرون السياسيون ـ الحزبيون إليه تأييداً ملحوظا لمساعيهم هذا بين أوساط حقوقية ـ أكاديمية مختلفة، تجتمع كلها حول الادعاء بأن "الحياة العامة في إسرائيل تعاني من فائض التدخل القضائي"! وهو ما كان قد "شكا منه" رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في جلسة للحكومة الإسرائيلية عقدت في آذار من العام الماضي على خلفية قرار المحكمة العليا إلغاء مخطط الغاز الحكومي، إذ قال نتنياهو إن "إسرائيل تعاني من فائض الإدارة المركزية، من البيروقراطية ومن فائض التدخل القضائي"، مؤكدا على "ضرورة إصلاح هذا الوضع"!

ويبرر معارضو ما يمسى بـ"فائض التدخل القضائي" معارضتهم هذه ومساعيهم المذكورة لوضع حد له و"لإصلاح الوضع" بالقول إن "المنفِّذين (أي السلطة التنفيذية ـ الحكومة) يخضعون للانتخابات الديمقراطية ويتحملون المسؤولية، في حين أن المراقِبين في الجهاز القضائي (أي المحكمة التي تمارس "الرقابة القضائية") لا يخضعون للانتخابات الديمقراطية ولا يتحملون أية مسؤولية... لذلك، فإن المعادلة غير متوازنة ولا يمكن القبول ببقائها على حالها"!

"تجريد جمعيات اليسار من سلاحها القانوني المركزي"!

وفي صلب التشريعات الموجهة ضد المواطنين بوجه عام، والمنظمات الحقوقية والاجتماعية المختلفة بوجه خاص، يدور الحديث الآن، بصورة أساسية، عن مشروع قانون يرمي إلى تقليص "حق الالتماس" أمام المحكمة العليا، بمعنى فرض قيود كثيرة ومختلفة على أية جهة تريد الالتماس أمام المحكمة العليا بما يحول دون تقديم التماسات ضد سياسات الحكومة وممارساتها التي تعود بأضرار مباشرة على قطاعات واسعة من المواطنين والسكان، وخاصة من الفئات المستضعفة، قوميا واقتصاديا واجتماعيا.

ورغم أن مشروع القانون المذكور ليس جديداً، بل كان طرحه للنقاش من قبل وزير العدل الأسبق في حكومة إيهود أولمرت، البروفسور دانيئيل فريدمان، لكنه تراجع عنه، إلا أن أوساطا حزبية مختلفة من دوائر الائتلاف اليميني الحاكم تعمل جاهدة هذه الأيام للدفع به قدما والتعجيل في طرحه على الكنيست لإقراره.

فقد كان مشروع القانون لتقليص "حق الالتماس" على رأس جدول أعمال "مجلس شبيبة الليكود" الذي اجتمع يوم الأحد الأخير وأكد، في تلخيصاته، وقوفه إلى جانب مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست ميخائيل زوهر (الليكود) إلى الكنيست الأسبوع الماضي، سوية مع أربعة أعضاء كنيست آخرين هم: بتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي)، يسرائيل آيخلر (يهدوت هتوراه)، أكرم حسسون (كلنا، برئاسة موشيه كحلون) وعوديد فورِر (إسرائيل بيتنا)، وذلك على خلفية "إخلاء عمونه" والتماس عدد من الفلسطينيين ضد "مسار الحل البديل" الذي وضعته الحكومة لنقل مستوطني "عمونه" إلى منطقة أخرى. ويقضي مشروع القانون هذا ـ الذي يعالج جانباً واحداً من "حق الالتماس" يتعلق بالمستوطنات والأراضي المقامة عليها ـ بالسماح "فقط لشخص ثبتت ملكيته على الأرض بالالتماس إلى المحكمة العليا" وبأنه "إذا لم يثبت ملكيته على الأرض، لا يجوز له تقديم الالتماس".

وقال المُبادر إلى مشروع القانون، رئيس "مجلس شبيبة الليكود"، دافيد شاين، إنه "أصبح من الواضح لنا، في الفترة الأخيرة خصوصا، أن المحكمة العليا بحاجة إلى تغيير جوهري... لا يُعقل أن يتم إخلاء عمونه وأن تقوم المحكمة برفض مسار الحل الذي وضعته الحكومة"! وأضاف: "في الدولة الديمقراطية التي يجري فيها فصل تام بين السلطات، لا صلاحية للمحكمة العليا بإلغاء مخطط الغاز أو قانون المتسللين أو غيره مما تقره الحكومة والكنيست"! وأوضح شاين أن مشروع القانون الجديد "لا يعالج شؤون الاستيطان فقط، بل هو أوسع بكثير... على سبيل المثال، لا يمكن لأعضاء كنيست الالتماس أمام المحكة العليا ضد قوانين يسنّها الكنيست"!

وفي ديباجة شرح مشروع القانون وتفسير دوافعه، أكد المبادِرون على أن ثمة "ازدياداً كبيرا في عدد الالتماسات المقدمة إلى المحكمة العليا من جانب منظمات وأفراد في مواضيع حزبية، سياسية واقتصادية... وهذا وضع يمكّن جهات ذات أهداف سياسية ـ حزبية من إرغام السلطة التنفيذية على تنفيذ ما يتعارض مع سلم أولوياتها وأهدافها التي أنتُخبت على أساسها، ثم قيام المحكمة العليا بفرض جدول أعمال السلطة التنفيذية، بما يتجاوز إرادة الناخبين ويتعارض معها"!!

وحيّا عضو الكنيست زوهر، الذي قدم مشروع القانون، "التعاون مع شبيبة الليكود في إعداد وتقديم مشروع القانون" الذي يأتي ـ كما أوضح ـ "لتشكيل حصن منيع أمام تنظيمات اليسار التي لا ترتدع عن استخدام كل الوسائل من أجل ضرب الاستيطان وتخريب مستوطنات دون أي مبرر ومن أجل فرض أجندتها وأجندات مموليها الأجانب على السلطات الشرعية في إسرائيل"!

واعتبر المحاميان متان فرايدين وميخائيل دفورين، العضوان في "طاقم حقوقيي الليكود"، أن مشروع القانون لتقليص "حق الالتماس" يأتي "لتجريد تنظيمات وجمعيات اليسار من سلاحها القانوني"، نظراً لكون "حق الالتماس" هذا هو "العامل الأهم والحاسم الذي تقوم عليه هذه المنظومة" التي "تتجاوز فيها المحكمة العليا مهماتها وصلاحياتها القانونية وتجعل من نفسها العنصر الأول والأهم في الدولة، في الوقت الذي لا يتحمل فيه القضاة أية مسؤولية عن قراراتهم وليسوا مُطالَبين بتقديم أي تقرير للجمهور عنها"!

والسؤال الأساس والجوهري الذي يعالجه مشروع القانون المطروح هو: مَن هو الشخص ومن هي الجهة التي يحق له/ لها تقديم التماس إلى المحكمة العليا ومطالبتها بالتدخل في أي موضوع كان؟

ففي الوضع القضائي السائد اليوم ـ كما أرسته وكرسته المحكمة العليا في سلسلة من قراراتها القضائية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي ـ يحق لأية منظمة أو جمعية تقديم التماس إلى المحكمة العليا في أي موضوع تراه ينطوي على ضرر يصيب فئة من المواطنين، جماعة كانوا أم أفراداً، بما يشكل تجاوزاً أو خرقاً لنصوص دستورية تتضمنها قوانين الأساس في إسرائيل ويتعارض معها. ويحق للمنظمة، أو الجمعية، تقديم مثل هذا الالتماس حتى لو تكن هي متضررا مباشرا من الإجراء ـ السياسي أو التشريعي ـ الذي تلتمس ضده.

وما يأتي مشروع القانون الجديد لتغييره هو في هذه النقطة تحديدا، بحيث يتم إلغاء ما يُعرف في المصطلحات القضائية بـ "الملتمس العام" وإعادة الوضع إلى ما كان عليه من قبل: حق الالتماس أمام المحكمة العليا يبقى مكفولا فقط للشخص الفرد الذي ألحق الإجراء السلطوي ـ الإداري، السياسي أو التشريعي ـ ضرراً مباشرا به، ينبغي عليه إثباته.

وقال فرايدين ودفورين، في مقال مشترك نشراه على موقع "ميداه" اليميني، إن النتيجة المباشرة التي ترتبت على "إلغاء محكمة العدل العليا حق الالتماس بصيغته السابقة" تمثلت في "ازدياد مطرد في عدد الالتماسات المقدمة إلى المحكمة العليا خلال العقود الأخيرة، وخاصة من جانب جمعيات تقمصت دور "الملتمس العام" ـ وهو مصطلح تم ابتداعه خصيصا لتمرير أجندات خارجية، من خلال استغلال الجهاز القضائي كأداة سياسية"!!

وخلص الكاتبان إلى القول إنه "آن الأوان لتجريد تنظيمات اليسار وجمعياته، من طراز "يش دين" (يوجد قانون) و"السلام الآن" وغيرهما، والتي تنشط بتمويل أوروبي تحت غطاء "منظمات حقوق إنسان"، من سلاحها القانوني المركزي ـ حق الالتماس أمام المحكمة العليا ـ وذلك بواسطة قانون يعيد الوضع في إسرائيل إلى سابق عهده، كما هي الحال في دول ديمقراطية متقدمة مثل كندا وبريطانيا".

وترى الجمعيات والمنظمات الحقوقية المعنية بهذا التشريع المقترَح أن "التوجه الرامي إلى تقليص إمكانيات اللجوء إلى المحكمة العليا يشكل خطرا جسيما على الديمقراطية في إسرائيل، لأنه سيؤدي إلى تقليص الحماية لحقوق الإنسان"، علاوة على ما فيه من محاولات لنزع الشرعية عن هذه الجمعيات والمنظمات، مع التذكير بأن "محكمة العدل العليا تعتمد أصلاً درجة عالية من الحذر، المبالغ فيه أحيانا كثيرة، لدى اضطرارها إلى التدخل في قرارات وممارسات السلطتين الأخريين، التنفيذية والتشريعية"!