دلت المعطيات الأولية، التي صدرت في مطلع هذا الأسبوع بمناسبة افتتاح السنة الدراسية الأكاديمية في معاهد التعليم العالي الإسرائيلية (يوم 30/10/2016)، أن الزيادة التي شهدها هذا العام في عدد الطلاب في الجامعات والكليات تلامس الصفر (2ر0%) مقارنة مع العام الماضي. وبالإمكان الاستنتاج أن شروط القبول في الجامعات الإسرائيلية من جهة، والكلفة والأعباء المالية الأخرى من جهة ثانية، يشكلان حاجزا أمام زيادة أعداد الطلبة وبشكل خاص من الشرائح الضعيفة والفقيرة.
ويمكن الإشارة إلى أن أعداد الطلاب العرب في تزايد مستمر، إضافة إلى الأعداد الكبيرة التي تضطر للدراسة في الخارج، وأيضا في جامعات الضفة الغربية المحتلة.
وإذا دققنا في المعطيات الرسمية سنجد أن نسبة الطلاب العرب في الجامعات والكليات الإسرائيلية، ما تزال أقل من نسبتهم من بين إجمالي شريحة التعليم الجامعي وهي 21%، بحسب نسبة ولادات العرب من دون القدس. إلا أن معطيات العامين الأخيرين تشير بشكل واضح إلى ارتفاع كبير في نسبة الطلاب العرب لدراسة اللقب الأول. واستباقا لظهور المعطيات الرسمية النهائية، التي قد تظهر في غضون أيام، فإن تقرير العام الماضي، الصادر عن مجلس التعليم العالي الإسرائيلي، دلّ على أن نسبة الطلاب العرب للقب الأول في معاهد التعليم العالي الإسرائيلية، ارتفعت من 7% في العام 1995 إلى ما يزيد بقليل عن 14% في العام الدراسي الماضي. ففي الجامعات وحدها ارتفعت النسبة من 9% قبل عقدين إلى 5ر16% في العام الماضي. في حين أن النسبة في الكليات ارتفعت من 5ر5% إلى ما يلامس 10%.
غير أن نسبة الطلاب العرب المنخرطين في التعليم العالي الحقيقة تبقى أعلى بكثير، ولكن من الصعب حصرها، وذلك بسبب الارتفاع الحاد في العقدين الأخيرين في أعداد الطلاب الذين يتوجهون للدراسة في الخارج. ففي السنوات الـ 18 الأخيرة بلغت أعداد الدارسين في الجامعات الأردنية ذروة غير مسبوقة، ووصلت حتى قبل أربع سنوات إلى ما بين 10 آلاف وحتى 12 ألف طالب، وهناك من تحدث في حينه عن احتمال وجود 13 ألفا و14 ألفا. لكن في السنوات الأربع الأخيرة، بدأت هذه الأعداد في التراجع لصالح الدراسة في جامعات الضفة المحتلة، وبشكل خاص في الجامعة الأميركية في مدينة جنين، وأيضا في جامعتي بير زيت والنجاح في نابلس.
كذلك فإن أعداد الطلبة المتوجهين إلى أوروبا، وبشكل خاص لدراسة الطب، أو العلوم الطبية والعلاجية، في تزايد، وبشكل خاص في شرق أوروبا، حيث تنتشر معاهد أميركية وبريطانية في دول مثل هنغاريا ورومانيا، في حين أن الدراسة في إيطاليا وألمانيا متواصلة.
والسبب الأساس لهجرة الطلاب العرب إلى الخارج، رغم الكلفة الأعلى، هو شروط القبول للجامعات الإسرائيلية، التي ما تزال تشكل عقبات كبيرة أمام انتساب الطلاب العرب لها، خاصة في المواضيع العلمية، وأولها الطب، في قائمة رغبات الطلاب العرب، رغم الارتفاع الحاد في أعداد الطلبة العرب في كليات الطب الإسرائيلية، لا لشيء إلا لأن الطلاب اليهود بات إقبالهم على الطب أقل مما مضى، لصالح علوم التقنيات العالية.
على سبيل المثال، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم الأحد 30 تشرين الأول، خبرا يفيد بأن معهد التطبيقات الهندسية "التخنيون" في حيفا، الذي يُعد من أرقى الجامعات الإسرائيلية، قد رفع معدل القبول للجامعات في ما يخص اللغة العبرية، من 105 نقاط كحد أدنى لعدم المثول أمام دورة تعليمية باللغة العبرية، إلى 113 نقطة، من أصل 150 نقطة، في حين أن 85% من الذين يفرض عليهم امتحان القبول باللغة العبرية في هذه الجامعة هم من العرب.
ويتضح أن "التخنيون" ليس الجامعة الوحيدة بل أيضا هناك جامعة تل أبيب، التي رفعت علامة الإعفاء من الدورة التعليمية إلى 135 نقطة من أصل 150 نقطة، وهذه علامة تعجيزية. وإلى جانب كون هذا يشكل عقبة أمام انتساب الطلاب العرب إلى الجامعات، له أهداف أخرى وهو زيادة الدورات التعليمية على الطلاب، ما يعني أقساطا ورسوما أكثر، وهذا يزيد من العبء المالي.
كذلك يستدل من التقرير ذاته، أن الشابات العربيات هُنّ صاحبات النسبة الأعلى من بين الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية، وارتفع عددهن من نسبة 40% من إجمالي الطلاب العرب في العام 1995 إلى نسبة 66% في العام الدراسي المنتهي. لكن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن نسبة الشبان الذي يدرسون في الخارج أعلى من الشابات، فإن النسبة النهائية تصبح متقاربة بين الجنسين.
غير أن الملفت الأكبر في العام الدراسي الجامعي الجديد، بحسب ما أعلن البروفسور يوسف رفيق جبارين، من معهد "التخنيون"، هو أن 35% من إجمالي الطالبات اللاتي يبدأن تعليمهن هذا العام للقب الأول في "التخنيون" هن عربيات، وهذه نسبة كان تُعد من شبه المستحيلات قبل سنوات.
يشار هنا إلى أن نسبة الطالبات اليهوديات من إجمالي الطلاب اليهود في الجامعات الإسرائيلية هي 55%.