المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 2605

دافعت صحيفة "يسرائيل هَيوم"، المقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، عن تصريحاته الأخيرة حول الجولان، وفي الوقت نفسه هاجمت موقف الولايات المتحدة الذي أكد أن الهضبة ليست جزءاً من إسرائيل.

وتحت عنوان "الجولان وإسرائيل: غير قابلين للانفصال"، كتبت الصحيفة بقلم أبرز معلقيها أن الموقف الرسمي للولايات المتحدة في ما يتعلق بهضبة الجولان يجب تحديثه من وقت إلى آخر بما يتلاءم مع الظروف المتغيرة في البيئة المحيطة.

وأضافت الصحيفة أن هذه الظروف لا تهم رؤساء الإدارة الحالية في الولايات المتحدة. وأشارت إلى أن جزءاً من الحجج التي كانت من البديهيات والتي تستند إليها وجهة نظر إعادة الجولان إلى سورية (مثلاً إذا انسحبت إسرائيل من الجولان ستنقطع العلاقة بين إيران وسورية، وبين سورية ولبنان، وبين لبنان وحزب الله)، لا أساس لها.
وختمت الصحيفة: لكن السؤال الأساس الذي يهمنا هو: ماذا يستطيع بشار الأسد أن يقدم مقابل إعادة الجولان؟. وتابعت قائلة إن الحرب الأهلية هي رد آخر على سؤال: لماذا يجب أن تبقى هضبة الجولان في يد إسرائيل إلى الأبد.

في المقابل أكد الوزير وعضو الكنيست السابق يوسي بيلين أن إعلان نتنياهو الأخير أنه لن ينزل أبداً من الهضبة، لن يمنع أي حكومة بما فيها حكومته، من التوصل إلى سلام مع سورية (إذا عادت كما كانت، وهو أمر احتمال حدوثه ضئيل)، والانسحاب من الجولان لو قرر صانعو القرار في ذلك الوقت أن في هذا مصلحة وطنية حقيقية من الناحيتين الأمنية والسياسية.

وأضاف بيلين في تحليل نشره مؤخرا حول قضية الجولان أنه في العام 1981 نجح مناحيم بيغن في إقرار قانون ضم الجولان، لكن موشيه آرنس الذي كان يتولى آنذاك رئاسة لجنة الخارجية والأمن قال: "إذا حدث أن جاء ذات يوم طرف يمكن أن نتحاور معه في سورية، فإن هذا القانون لن يمنع المفاوضات".

وكتب بيلين:
ما اتفق عليه المتفاوضون بشأن مستقبل سورية في مؤتمر فيينا مؤخرا هو في الأساس أنه يجب على إسرائيل إعادة هضبة الجولان إلى سورية. هذا الاتفاق هو الذي على ما يبدو أثار غضب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي لم تقلقه مسألة مستقبل الجولان منذ زمن طويل، على الأقل منذ نشوب "الربيع العربي" في سورية، فسارع إلى عقد جلسة الحكومة الأسبوعية في 17 نيسان في هضبة الجولان نفسها، وأعلن من هناك أن "إسرائيل لن تنسحب أبداً من هضبة الجولان". وأثار هذا الكلام انتقادات في العالم العربي، وأدانته الولايات المتحدة وانتقدته ألمانيا، لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي التقى نتنياهو ومن المفترض أنه سمع منه كلاماً جازماً بشأن مصير الجولان، لم يتطرق إلى الأمر في نهاية المحادثات.

وتابع: بعد أسبوع بالضبط من انتهاء حرب الأيام الستة، في 19 حزيران 1967، اجتمعت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة ليفي أشكول وبمشاركة مناحيم بيغن ووافقت على تبني قرار جوهره الاستعداد لإجراء مفاوضات سلام مع مصر وسورية على أساس الحدود الدولية، وكان هذا قراراً سرياً نُشر بعد بضع سنوات. ونصّ القرار في ما يتعلق بسورية على التالي: "تقترح إسرائيل عقد اتفاقية سلام مع سورية على أساس الحدود الدولية وحاجات إسرائيل الأمنية. وسيجري التعهد في اتفاقية السلام بـ: 1- نزع سلاح الهضبة السورية التي تسيطر عليها قوات الجيش الإسرائيلي. 2- تعهد مطلق بعدم عرقلة تدفق المياه من ينابيع نهر الأردن نحو إسرائيل. 3- حتى توقيع اتفاقية السلام مع سورية، تواصل إسرائيل الاحتفاظ بالمناطق التي تسيطر عليها حالياً".

ودفعت قرارات الجامعة العربية في الخرطوم بعد شهرين بعدم الاعتراف بإسرائيل وعدم التفاوض معها أو التوصل إلى سلام، الحكومة الإسرائيلية إلى أن تقرر عدم اقتراح أي شيء في هذه الأثناء، لكن من جهة ثانية لم يكن في هذا القرار ما يبرر المطالبة بضم سيناء أو الهضبة. ولكن عملياً جرى بناء مستوطنات سواء في هضبة الجولان أو في شبه جزيرة سيناء، وكان موقف الحزب الحاكم - في ما يتعلق بالمناطق التي احتلت في الحرب - أنه يجب التوصل إلى "تسوية جغرافية".

وفي 14 كانون الأول 1981 عقد بيغن جلسة للحكومة في منزله واقترح أن تتخذ الحكومة قراراً يقضي بالبدء "بتطبيق قانون وقضاء وإدارة الدولة" على أراضي هضبة الجولان. لم يفهم الوزراء تماماً الحاجة إلى إصدار مثل هذا القانون، وفي النهاية عارض الوزير إسحاق برمان بشدة مبادرة رئيس الحكومة، وفضل عدم التصويت، وبذلك وافقت الحكومة على اقتراح بيغن من دون معارضة. وفي ذلك اليوم بالذات، طُلب من لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، طرح القانون على التصويت بالقراءات الثلاث ووافقت اللجنة على ذلك، كما لو أن المطروح شيء طارئ لا يمكن تأجيله. ووصل بيغن إلى قاعة الكنيست على كرسيه المتحرك (كان قد أجرى عملية لقدمه قبل وقت قصير من ذلك)، وحصل على موافقة خاصة كي يخطب وهو جالس في كرسيه.

وكان زعيم المعارضة شمعون بيريس آنذاك في الولايات المتحدة، ولم تعرف كتلة المعراخ ماذا يتعين عليها أن تفعل، وقررت عدم المشاركة في النقاش الذي لم يكن هناك مبرر للإسراع فيه، لكن عملياً لم تنجح الكتلة في التوفيق بين الخلافات في وجهات النظر بين مؤيدي الضم ومعارضيه، وفي نهاية الأمر أيد ثمانية من أعضائها اقتراح القانون، الذي أقر بأغلبية كبيرة.

ومع ذلك قال موشيه آرنس الذي كان رئيساً للجنة الخارجية والأمن في الكنيست خلال النقاش: "هناك حالات كثيرة في التاريخ جرت خلالها مفاوضات، ونُقلت أراض من سيادة طرف إلى سيادة طرف آخر، وحقيقة أن هذه الأراضي كانت تدار من جانب سلطة مدنية لا عسكرية لم تحل دون المفاوضات. ولو جاء يوم وكان هناك طرف يمكن التحاور معه في سورية، فأنا متأكد من أن هذه الخطوة لن تمنع مفاوضات مع الحكومة التي ستكون موجودة آنذاك". ودلّ هذا الكلام على أن القانون مؤقت، ولا يمنع انسحاباً في المستقبل.

وبعد مرور بضع سنوات أعلن رئيس حزب العمل إسحاق رابين، أن مجنوناً فقط هو من ينسحب من هضبة الجولان. لكن بعد انتخابه رئيساً للحكومة أدرك أنه هو هذا المجنون، ولذلك اقترح أن مثل هذا القرار يجب أن يتخذ فقط بعد إجراء استفتاء عام. وقام رابين بتسليم "وديعة" إلى وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر مفادها أنه إذا جرت تلبية حاجات إسرائيل الأمنية فإنها ستنزل عن الهضبة. وحاول بيريس الذي أصبح رئيساً للحكومة بعد وقت قصير من ذلك التوصل إلى سلام مع سورية على هذا الأساس، لكنه لم ينجح. كما حاول الذي انتخب من بعده (بنيامين نتنياهو) التوصل إلى سلام مع حافظ الأسد على أساس الانسحاب من الجولان. وأيضاً كان إيهود باراك الذي حل محله في رئاسة الحكومة مستعداً للتنازل عن هضبة الجولان بشروط لم يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات