ورقة إسرائيلية 74 "الخطط الاقتصادية الإسرائيلية في القدس الشرقية وتأثيرها على حلّ الدولتين"، تستعرض وتحلل أبرز الخطط والقرارات الحكومية الاقتصادية الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة منذ العام 2010، وتحاول الكشف عن علاقتها بسياسات التهويد الإسرائيلية التي تسعى - ضمن مساعٍ أخرى كثيرة - إلى تثبيت مقولة "القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل" على الأرض، والحيلولة دون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية مستقبلاً.
وتُشخص الورقة التي أعدها الباحث عبد القادر بدوي، وتقع في 48 صفحة، كيف لجأت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى مجموعة من الأدوات والآليات من أجل "إدارة" حياة الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة بما يتواءم مع استراتيجيتها الساعية إلى "تهويد المدينة"؛ فصعّدت من عملية الاستيطان وسهّلت انتقال المستوطنين إلى الأحياء الاستيطانية التي أقامتها في المدينة من جهة، ومن جهةٍ أخرى عمدت إلى التضييق على المقدسيين وصعّدت من عمليات مصادرة الأرض والعقارات وهدم المنازل، وبشكلٍ متزامن أيضًا، فرضت "نوعية حياة" من الناحيتين الاقتصادية والسياسية أثقلت كاهل المقدسيين ووضعتهم في مأزقٍ كبير خاصة في قضايا السكن والبناء وغيرها.
تتابع الورقة إحداثيات كثيرة تبين اعتماد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة الاستيعاب والأسرلة ضمن سياساتها تجاه المقدسيين سعيًا منها لاستدماجهم في النظام الاقتصادي الإسرائيلي، بعد أن "أدركت" أنه لا يُمكن لـ "اقتصاد القدس" أن يتطوّر دون استدماج المقدسيين فيه، كونهم، وفق هذا المنظور، كتلة بشرية كبيرة في المدينة لا يُمكن تجاوزها في إطار عملية "التطوير الاقتصادي العام"، لذلك؛ لجأت أولاً إلى استيعابهم ضمن منظومة التعليم الإسرائيلية، في حين حاربت المنهاج الفلسطيني والمدارس التي التزمت به، ووضعت مجموعة من "الحوافز" للمدراس التي تُدّرس المنهاج العبري واللغة العبرية، وبشكل متزامن وضعت مجموعة من "الحوافز" في الجامعات العبرية لتشجيع المقدسيين على الانخراط فيها، كلّ ذلك بهدف تأهيلهم لسوق العمل الإسرائيلية، كأيد عاملة رخيصة، بما يضمن تطور هذه السوق ونهوضها بشكل رئيس.
وخلصت الورقة إلى إن السياسات الإسرائيلية عملت على إعادة انتاج المكان/ الحيز الفلسطيني من خلال عمليات التخطيط والاستيطان، وبشكل موازٍ، التعامل مع الفلسطينيين كمُقيمين تتم إدارتهم وفق خطّة محكمة تحدُّ من تناميهم ديمغرافيًا، وخلقت واقعًا جديدًا - سيكون من الصعب التراجع عنه ما لم يُفرض عليها دوليًا - بعد أن تمكّنت من إعادة صياغة "حلّ الدولتين" بطريقة تضمن مصالحها واعتباراتها التي تحتل القدس فيها المرتبة الأولى "كعاصمة موحّدة"، حيث عملت ومن خلال منظومة استيطانية تهويدية متكاملة (الجمعيات الاستيطانية، الحكومة وقراراتها والخطط البرامج الصادرة عنها) إلى تشويه طابع المدينة المقدّسة وصولاً إلى محاولة تغييره كلّيًا ليُصبح طابعًا يهوديًا صهيونيًا بالتزامن مع السعي المسعور لإزالة الطابع العروبي (الإسلامي-المسيحي) في سياق "تحويل القدس إلى أورشليم" بكل ما تتضمّنه هذه المقولة من إحالات سياسية واقتصادية وثقافية ودينية مكثّفة.
ويشار إلى أن هذه الورقة أُنجزت بالتعاون مع دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.