صدر عن المركز قضايا اسرائيلية عدد 34 محور عن رؤى إسرائيلية حل مشاريع التسوية مع أن ما اصطلح على تسميته بـ "حل الدولتين" يحتل صدارة المشهد العام المنشغل بمشاريع التسوية السياسية، إلا أن هناك حلولاً أخرى يتم التداول فيها إمّا من خلال المحافل الأكاديمية وإمّا من خلال الاجتهادات الخاصة. ولا بُدّ من ملاحظة أن عمليات تداول مشاريع الحلول الأخرى تنطلق، أساسًا، من القناعة بأن "حلّ الدولتين" غير قابل للتطبيق لأسباب كثيرة، تحيل في معظمها إلى وجود فجوات كبيرة بين الموقف الفلسطيني وبين الموقف الإسرائيلي إزاء هذا الحلّ.
وقد ارتأينا أن نخصّص معظم هذا العدد لمجموعة من الرؤى الإسرائيلية بشأن مشاريع التسوية السياسية، والتي تتراوح بين حل الدولتين وحل الدولة الواحدة وبين حل الاتحاد والحل الإقليمي، ويتراوح استنادها بين نموذج 1967 وبين نموذج 1947- 1948.
ولا شكّ في أن هناك رؤى أخرى لمشاريع تسوية سياسية لم يشملها هذا المحور الخاص، فضلاً عن وجود اجتهادات موازية في هذا الشأن أيضًا لدى الطرف الفلسطيني وسائر الأطراف العربية. علاوة على ذلك ثمة من يرى أن عدم توفر ظروف سياسية مواتية للتوصل إلى حل، على غرار "حل الدولتين"، يستدعي البحث في طرق أخرى تؤدي إلى "اتفاقيات جزئية أو مرحلية"، تزكي الحل الأشمل، كما يبرز من المقابلة الخاصة في هذا العدد مع أحد أبرز الدبلوماسيين الإسرائيليين السابقين، الذي يتولى الآن رئاسة "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب.
وتركز القراءات في هذا العدد على كتب إسرائيلية تتناول الجدل داخل الحركة الصهيونية بشأن مشاريع الحلول المختلفة، وخصوصًا من جانب التيارات التي كانت تنادي بحل الدولة الثنائية القومية، وترصد بالصورة سنوات تأسيس إسرائيل على العنف ونظام العنف المستتر في واقع الاحتلال ونُظمه، وتحلل جوهر العلاقة بين المجالين الأمني والمدني في إسرائيل.
ولعل القاسم المشترك لموضوعات العدد كافة هو أنها تتيح الإطلالة، عن كثب، على خلفيات السياسة الإسرائيلية من خلال ارتباط حاضرها الراهن بماضيها الذي لا يزال حاضرًا.