العدد 8 من قضايا اسرائيلية، حكومة شارون ليست الحكومة الإسرائيلية الوحيدة التي تسقط قبل أوانها، ففي العقد الأخير عرفت إسرائيل خمسة رؤساء وزراء: إسحق رابين، شمعون بيريس، بيبي نتنياهو، إيهود باراك، وأريئيل شارون، أي بمعدل رئيس حكومة في كل عامين، وهذا يعني ليس فقط أزمة نظام، بل أزمة مجتمع أيضاً، ولا يهم أية أزمة تولد الأخرى، بل الأهم في هذا المشهد هو أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من أزمة حقيقية على كافة المستويات وفي جميع المجالات.
لم نتطرق في هذا العدد إلى أزمة النظام، بل إلى أزمة المجتمع، ذلك عبر دراسات ومقالات تعكس أوجهاً مختلفة قد تكّون صورة شاملة عن رقعة وعمق هذه الأزمة، فمسألة الهوية، هوية الدولة ومواطنيها، وهويتها السياسية والإيديولوجية والإجتماعية والحضارية، تبقى الخلفية الفكرية التي تعزز أزمات لها بدايات، لكن أحداً لا يعرف نهايتها. واضح أن أزمة الديمقراطية في المجتمع الإسرائيلي هي الدليل على غياب هذه الديمقراطية بمفهومها الشامل والحقيقي، ولا يقنع أحد بتبجج قادة هذا المجتمع إنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فقد تكون أكثر ديمقراطية من معظم الأنظمة العربية، لكن الديمقراطية لا تقاس بما هو أسوأ منها، بل بما هو أفضل منها.
استمرار الإحتلال العسكري وممارساته القمعية، لا تعرفه أية ديمقراطية في العالم، كذلك التمييز العنصري على خلفية قومية ودينية وطائفية، داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، يتنافى وابسط الحقوق الديمقراطية، هذا التمييز لا يمارس فقط بوسائل بيروقراطية، بل بواسطة تشريعات برلمانية وقرارات حكومية ومصدره الأساس تعريف الدولة لنفسها ولأيديولوجيتها الصهيونية. الديمقراطية تحمي نفسها من مظاهر العنصرية، وفي الواقع فإن العنصرية تحكم هذا المجتمع كالأخطبوط الممتدة أذرعتها إلى كل رقعة في النظام والمجتمع، في الجهاز الحكومي ووسائل الإعلام وفي الأوساط الشعبية.
الدراسات المنشورة هنا عن التعددية الثقافية والعنصرية ومعاملة العمال الأجانب والتربية الدينية وحتى إقامة السياج الفاصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المناطق المحتلة من شأنها أن تفسر الأسباب التي تؤدي إلى سقوط حكومة بمعدل كل عامين في العقد الأخير.