تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1959
  • برهوم جرايسي

تستقبل لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، يومي الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع، قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية الـ 21، التي ستجري يوم 9 نيسان المقبل. وعلى الرغم من أن قوائم كبرى قد حددت شكلها، إلا أن تطورات الدقيقة التسعين ما تزال واردة لتحالفات برلمانية، إما لغرض الهروب من خطر عدم اجتياز نسبة الحسم 25ر3%، أو من أجل ضمان حضور برلماني يؤخذ بحجمه في التركيبة المقبلة للكنيست.

ومشهد كهذا لا نذكره على مدى السنوات السابقة، وهذا انعكاس لحالة التخبط في الحلبة السياسية، وقلق أحزاب من خطر عدم اجتياز نسبة الحسم، أو من تردي وضعها في استطلاعات الرأي العام. وحتى إغلاق هذا العدد، فإن القائمة الوحيدة، التي معالمها واضحة، هي قائمة حزب الليكود، التي تشكلت في الانتخابات الداخلية التي جرت يوم الخامس من شباط، ولم تأت بجديد، فنجوم الحزب السياسيون ضمنوا مقاعدهم البرلمانية، لكن مع تغيير في المواقع، ما سينعكس على وظائفهم في الحكومة والكنيست.

في حين أن الحزب الثاني وفق تصنيف استطلاعات الرأي، وهو "مناعة لإسرائيل"، بزعامة قائد أركان الجيش الأسبق بيني غانتس، قد يبادر إلى توسيع قائمته بشخصيات أخرى، بعد أن ضم إليه الحزب الجديد، الذي أقامه سلفه في منصبه العسكري موشيه يعلون، وحلّ ثانيا معه، ويوم الأحد الأخير ضم إليه رئيس اتحاد النقابات العامة، "الهستدروت"، آفي نيسانكورن، ليكون رابع رئيس لاتحاد النقابات، يستغل منصبه ليقفز على ما هو منصب سياسي كبير.

ومثل نيسانكورن فعل حاييم رامون في العام 1995، حينما عاد وزيرا للحكومة. وعمير بيرتس، الذي فضّل الكنيست على منصبه في العام 2005، في أعقاب قانون يلزمه بالاختيار بين عضوية الكنيست ورئاسة النقابات، والآن نيسانكورن، الذي كان سلفه عوفر عيني غادر منصبه إلى "القطب الآخر"، إلى عالم الاقتصاد، ليصبح بين ليلة وضحاها في قائمة الأثرياء الـ 500 التي صدرت في العامين الماضيين.

كذلك فإن غانتس قد يعزز قائمته بأحزاب تواجه خطر عدم اجتياز نسبة الحسم، مثل حزب "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، التي من الصعب رؤيتها تضمن مقعدها البرلماني في حال خاضت الانتخابات بقائمة منفردة. ومثلها أيضا النائبة أورلي ليفي- أبكسيس، المنشقة عن حزب "يسرائيل بيتينو"، والتي شكلت حزب "جيشر" (جسر) على اسم حزب أقامه والدها، حينما انشق عن حزبه الليكود لبضعة سنوات. وقد كانت استطلاعات الرأي تمنحها ما بين 5 إلى 7 مقاعد، أما الآن، فإنها تصارع لاجتياز نسبة الحسم، التي تضمن 4 مقاعد.

ومن الأحزاب التي تصارع هي أيضا نسبة الحسم، حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان، الضاغط الأكبر قبل سنوات لرفع نسبة الحسم، حينما كان يتمثل في الكنيست بـ 11 و15 مقعدا. أما اليوم، فهو يتأرجح ما بين 4 و5 مقاعد؛ إذ أن الجمهور الذي كان يرتكز عليه، وهم المهاجرون الروس في العقود الثلاثة الأخيرة، خرج كما يبدو من خانته، خاصة وأن ليبرمان لم يقدم شيئا لهذا الجمهور، على صعيد سلسلة من القوانين التي تحد من الإكراه الديني، وغيرها من الأمور.

كذلك، فإن قطاع المستوطنين، واليمين الاستيطاني الأشد تطرفا، ما زال يواجه احتمال حرق عشرات آلاف الأصوات. وقد بدأت هذه الحالة، حينما قرر زعيم تحالف "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، وشريكته وزيرة العدل أييليت شاكيد، الانشقاق عن هذا التحالف، الواقع تحت سيطرة التيار الديني الصهيوني، وشكلا قائمة "اليمين الجديد".

وفي نهاية الأسبوع الماضي، تم الإعلان عن تحالف بين حزب "هئيحود هلئيومي" (الاتحاد القومي)، الشريك في تحالف "البيت اليهودي"، وبين حزب المفدال الديني، الذي هو صاحب تسمية "البيت اليهودي"، ليشكلا هذا التحالف من جديد، وتحت الاسم ذاته: "البيت اليهودي". لكن هذا التحالف لم ينه حالة الانشقاق في معسكر المستوطنين، إذ إن القائمة التي خاضت الانتخابات في العام 2015، وحرقت 125 ألف صوت، وكانت بعيدة عن نسبة الحسم بأقل من 12 ألف صوت، ما زالت عازمة على خوض الانتخابات. ويجري الحديث هنا عن تحالف بين الحزب المنبثق عن حركة "كاخ" الإرهابية، وحركة إيلي يشاي، المنشق عن حزب شاس. وكانت التقديرات تشير إلى احتمال ضم هذا التحالف إلى قائمة "البيت اليهودي".

لكن حتى كتابة هذه السطور فإن تحالفا كهذا لم يتم، ويمكن الاعتقاد أنه في حال لم يتم حتى الدقيقة التسعين، فإن هذا يعود إلى رفض تحالف "البيت اليهودي" ضم الحزب المنبثق عن حركة "كاخ" الإرهابية، كي لا يكون هذا عائقا أمام انضمام كتلة "البيت اليهودي" للحكومة المقبلة، كما جرى في العام 2009؛ إذ أن التحالف في حينه كان بين "هئيحود هليئومي" وحركة "كاخ"، ما أبقى التحالف خارج الحكومة، طيلة الولاية البرلمانية التي استمرت أربع سنوات.

وفي الجهة الأخرى، إن صح التعبير، فإن حزب العمل، الذي انفرد بالحكم في العقود الثلاثة الأولى لإسرائيل، تتنبأ له استطلاعات الرأي أن لا يقترب من حاجز المقاعد الـ 10، وتتنبأ له حصوله على ما بين 7 إلى 8 مقاعد. في حين أن انتخابات الحزب الداخلية أظهرت أنه باستثناء شخص النائب عمير بيرتس، فإن جميع المرشحين في المقاعد الأمامية، المضمونة في الكنيست، أو لها احتمال الدخول، هم من الأسماء الجديدة، التي انتسبت للحزب لغرض الترشح للكنيست، وليست ممن نمت في صفوف الحزب. ومن أبرز الأسماء التي لن تعود إلى الكنيست، في حال لم يتم أي تعديل على القائمة، النائب إيتان كابل، من آخر وجوه حزب العمل، الذي مرّ على عضويته في الكنيست 23 عاما.

والحال يسوء أيضا في حزب ميرتس، الذي تتنبأ له استطلاعات الرأي 5 مقاعد، ما يعني أبعد بمقعد واحد عن نسبة الحسم. إلا أن الانتخابات الداخلية في الحزب أفرزت نتائج قد تضع الحزب أمام مأزق نسبة الحسم. فقد تم إعادة انتخاب رئيسة الحزب تمار زاندبرغ، والنائب القديم إيلان غيلئون، والنائبة ميخال روزين، في حين أن المقعد الرابع كان من نصيب النائب العربي الحالي عيساوي فريج. أما المقعد الخامس، فكان من نصيب مرشح عربي آخر، هو علي صلالحة، ابن الطائفة العربية الدرزية، من قرية بيت جن، إلا أن ميرتس لا تحصل من العرب إلا على بضعة آلاف قليلة من الأصوات، وجاء هذا الترشح على حساب الشخصية القوية في الحزب موسي راز، صاحب المواقف السياسية الأكثر وضوحا من غيره، في كل الكتلة البرلمانية، وهو في حالة صدام مع رئيسة الحزب زاندبرغ، التي يرى بها راز أنها تشد ميرتس إلى خانة هي أقرب إلى الوسط. كما أن الحزب لم ينجح في انتخاب مرشحة من المهاجرين الأثيوبيين، إذ حلت سادسة، وهذا قد لا يكون مكانا مضمونا لحزب ميرتس.

أما عن القائمة المشتركة، فإنه حتى إغلاق هذا العدد كانت الاتصالات في ذروتها، بعد اجتماع ضم المركّبات الأربعة يوم الأحد. وما تزال الاحتمالات واردة لخوض الانتخابات ضمن قائمة واحدة، أو بأكثر.

منافسة الجنرالات

يمكن القول إن منافسة رئيس هيئة الأركان بيني غانتس على رأس الحزب الذي شكّله، "مناعة لإسرائيل"، ومعه ثانيا رئيس هيئة الأركان الأسبق موشيه يعلون، وقد تكون هناك شخصيات عسكرية أخرى، أفرزت تنافسا غير معلن على الجنرالات.

وقد انعكست هذه المنافسة في تركيبة قائمة الليكود، إذ أفرزت الانتخابات الداخلية في الليكود أن حل في المكان السابع، المنتسب حديثا للحزب، الجنرال احتياط يوآف غالانت، الذي كان مرشحا لتولي رئاسة الأركان قبل سنوات قليلة.

وقد دخل غالانت إلى الكنيست في العام 2015، ضمن قائمة حزب "كولانو"، وتولى وزارة البناء والإسكان. إلا أن غالانت انفصل عن حزب "كولانو" وانضم إلى الليكود، وسط توقعات أولية بأن لا يحصل على مكان متقدم. كذلك فإن هذا الأمر انعكس على نتيجة رئيس جهاز الأمن العام الأسبق، آفي ديختر، الذي حلّ في قائمة الليكود في المكان الـ 11، بعد أن حلّ في انتخابات 2015 في المكان الـ 24.

وأجواء هذه المنافسة انعكست على أداء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يتولى منصب وزير الدفاع، ويسعى في الأسابيع الأخيرة، إلى إضفاء طابع عسكري على شخصيته، رغم أنه كان جنديا عاديا، ضمن وحدة النخبة العسكرية "دورية رئاسة الأركان".

وقد سعى نتنياهو إلى إظهار مشاهد للجيش في حملته الدعائية، ما دعا المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، إلى إصدار أمر يمنع إظهار جنود في الدعاية الانتخابية، تبعه قرار صادر عن رئيس لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، القاضي حنان ميلتسر، يحظر على حزب الليكود نشر صور لجنود الاحتلال ضمن الدعاية الانتخابية للحزب ورئيسه بنيامين نتنياهو. ولم يترك نتنياهو هذه القضية جانبا، بل نشر شريط فيديو يتباهى فيه بقوة جيش الاحتلال، وقال فيه إنه يظهر في الشريط وحده "لأن هناك من قرر حظر نشر صور جنود، وأنا لا أفهم طبيعة هذا الحظر"، وقد قال هذا بلهجة استخفاف.

كذلك بادر نتنياهو في نهايات شهر كانون الثاني، وأيضا في الأسبوع الماضي، للمجاهرة بأن جيشه شن عدوانا على سورية، خلافا لموقف الجيش الذي يفضل الاستمرار في سياسة الضبابية، فيما يتعلق بالهجمات على سورية.

وإرادة الجيش ظهرت في مقال للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الذي قال إن الجيش "بذل جهدا في الأيام الأخيرة من أجل إعادة فرض ستار الضبابية على السياسة الهجومية الإسرائيلية في سورية". ويقول هرئيل إن ضباطا كبار في جيش الاحتلال رفضوا الإجابة على أسئلة حول الهجوم الأخير على سورية، على الرغم من تصريحات نتنياهو.

وفي الملخص، يمكن القول إن إسرائيل تتجه إلى حملة انتخابات، تنتظرها محطات عديدة من الأمور التي قد تنعكس على توجهات الناخبين، مثل قرار مرتقب للمستشار القانوني للحكومة بشأن ملفات نتنياهو. وقد تصدر قرارات أخرى تتعلق بالوزير حاييم كاتس وبالنائب دافيد بيطان من حزب الليكود بقضايا فساد، وقرار آخر متعلق بوزير الداخلية آرييه درعي، الزعيم السياسي لحزب شاس.

وإلى جانب كل هذا هناك الجانب العسكري، فقد تقع تطورات إما في مواجهة قطاع غزة، أو أمام سورية ولبنان، تقود إلى تصعيد عسكري سيؤثر حتماً على الأجواء الانتخابية.