استمراراً للمقال السابق بعنوان "معطيات رسمية: جرائم القتل بالسلاح في المجتمع العربي بين 2013 - 2019، ثلاثة أضعاف نظيرتَها في المجتمع اليهودي"، والذي تناول تقريراً نشره مراقب الدولة في إسرائيل، مؤخراً، تحت عنوان "تعامل شرطة إسرائيل مع حيازة الأسلحة غير القانونيّة وحوادث إطلاق النار في بلدات المجتمع العربيّ والبلدات المختلطة"، فيما يلي إجمالٌ لما تم اتخاذه من قرارات حكومية وما تم وضعه من خطط مختلفة عنوانها مكافحة الجريمة والسلاح في المجتمع العربي، والتقييم الذي يضعه المراقب، وهو يقوم بربط لبعض الخيوط التي تقود إلى بعض مكامن الخلل بل التقاعس، التي يكشفها ويحدّدها، في عمل السلطات.
انطلقت مساء أمس الأحد حكومة بينيت- لبيد التناوبيّة برئاسة نفتالي بينيت، رئيس حزب "يمينا" (من الصهيونية الدينية)، بعد أن حظيت بثقة 60 عضو كنيست ومعارضة 59 عضواً وامتناع عضو واحد عن التصويت. وتستند هذه الحكومة إلى ائتلاف مكوّن من ثمانية أحزاب بما في ذلك حزب عربي (القائمة العربية الموحدة التي تمثل الحركة الإسلامية- الجناح الجنوبي).
وحرص بينيت في أول خطاب له كرئيس للحكومة ألقاه أمام الكنيست، على أن يظهر بالمظهر الذي سبق أن أكده مراراً وتكراراً وهو أنه أكثر يمينية من رئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو بدرجات. ومعروف أن بدايات بينيت كانت مع حزب الليكود الذي انضم إليه العام 2006، وشغل العام 2007 منصب رئيس حملة نتنياهو لانتخابات الليكود الداخلية. وعارض بينيت تجميد الاستيطان في الأراضي المحتلة منذ 1967، وفي العام 2010 شغل منصب المدير العام لـ "مجلس مستوطنات يهودا والسامرة" (الضفة الغربية). وفي العام 2012 انتخب رئيساً لـ"البيت اليهودي"، حزب الصهيونية الدينية. وخلال الأزمة السياسية الإسرائيلية الأخيرة المستمرة منذ أكثر من عامين، استقال وزميلته أييلت شاكيد من حزب "البيت اليهودي"، وأقاما حزب "اليمين الجديد"، ثم حزب "يمينا" الحالي. واعتبر تأسيس حزب جديد قبل أي شيء بمثابة اعتراف من جانبهما بوجود سقف زجاجي انتخابي قطاعي لحزبهما السابق. ووفقاً لما كتبه كذلك بعض المحللين الإسرائيليين، أدرك كلاهما عدم وجود عدد كاف من الإسرائيليين المعنيين بشراء السلعة الأيديولوجية للصهيونية الدينية المكونة من التطرّف السياسي، والمسيانية، والعنصرية، وكراهية المثليين. ولكن ذلك لا يدلّ على أنهما أصبحا معتدلين سياسياً، أو أنهما غادرا خانة اليمين المتطرّف.
منح الكنيست الإسرائيلي مساء الأحد (13/6/2021)، بأغلبية هشة، الثقة للحكومة الإسرائيلية الـ 36، برئاسة تناوبية بين نفتالي بينيت، رئيس حزب "يمينا"، ويائير لبيد، رئيس حزب "يوجد مستقبل".
يرتكز الائتلاف الحاكم على أغلبية 61 نائبا، ضمنتها "القائمة العربية الموحدة"، الذراع البرلماني للحركة الإسلامية (الشق الجنوبي). وتعكس اتفاقيات الائتلاف التي نستعرض نقاطها المركزية أدناه، حجم التناقض بين أطراف الائتلاف، الذي سيكون أمام تحديات جمّة في مواجهة معارضة برلمانية لن تهدأ. كما تبرز في اتفاقيات الائتلاف معالم سياسات تعميق الاستيطان، مع تأكيد خاص على تشديد القبضة على المناطق (ج)، التي تشكل 60% من الضفة الغربية المحتلة.
ما إن انتهت جولة القتال الأخيرة، وصمتت المدافع، حتى بدأت حرب من نوع آخر بين طرفين إسرائيليين أساسيين هما وزارة المالية ووزارة الدفاع حول كلفة هذه الجولة وكيفية سداد فاتورتها الاقتصادية، وهو ما يثير الى جانب الأسئلة الاقتصادية والمادية، أسئلة أخلاقية وسياسية تتعلق بجدوى جولات القتال المتكررة دون أفق سياسي، في ظل عدم الحسم من جهة، وتكبد المواطن العادي من جيبه تكاليف هذه الجولات التي تترجم على شكل ضرائب وارتفاع في الأسعار.
الصفحة 202 من 859