يبدو العنوان أعلاه غريبا إلى درجة التناقض المطلق، فأين هي الدبلوماسية التي تتطلب أقصى قدر ممكن من الكياسة والحوار واللباقة وحسن الاستماع للآخر وتقدير مصالحه، من أجهزة الاستخبارات، وبخاصة الموساد الإسرائيلي، والتي اشتهرت وعرفت على مستوى العالم، بالاغتيالات، وانتهاك سيادة الدول، واستخدام جوازات السفر الأجنبية في تنفيذ سلسلة الأعمال المروّعة والمخالفة لكل القوانين الدولية والوطنية؟
رمال السياسة الإسرائيلية المتحركة تحفل بالكثير من المفاجآت والإتيان بنتائج تقلب كل التوقعات، لدرجة أنها قادرة في لحظة على انتشال ساسة قضوا ردحا من الزمن في الصحراء السياسية لتضعهم على رأس الهرم، وفي نفس الوقت إهالة التراب على آخرين كان يخيّل للمتابع أن حضورهم أبدي.
أظهر التقرير السنوي لمعهد "سياسة الشعب اليهودي"، التابع للوكالة اليهودية (الوكالة الصهيونية)، قلقه من انعكاسات تطبيق مخطط فرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" على المستوطنات ومناطق شاسعة من الضفة الغربية، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى إجراء حسابات عميقة، قبل اتخاذ القرار. كما عبّر التقرير الذي يقدم سنويا للحكومة الإسرائيلية، عن قلقه من تأزم علاقات حكومة بنيامين نتنياهو مع الحزب الديمقراطي الأميركي، محذرا من التدخل في الانتخابات الأميركية الوشيكة.
من شبه المؤكد أنه ستكون لنتائج الانتخابات الأميركية، التي ستجري يوم 3 تشرين الثاني المقبل، تداعيات على إسرائيل.
ومنذ فترة غير وجيزة يؤكد الناطقون المفوهون بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومعسكره اليميني أنها قد تكون تداعيات ذات طابع دراماتيكي في حال خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمصلحة منافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق.
وبرأي هؤلاء الناطقين فإن مواقف ترامب وبايدن حيال مختلف موضوعات السياستين الخارجية والأمنية تظهر بجلاء أن ثمة "فجوة كبيرة" بينهما.
الصفحة 274 من 880