منذ بدايات مشروعها الاستيطاني في فلسطين عملت الحركة الصهيونية على تشكيل سياساتها بهدف سلب الأراضي الفلسطينية، واستقطاب اليهود من جميع أنحاء العالم ليحلوا مكان سكانها الأصليين. ومع تأسيس الدولة الإسرائيلية إبان النكبة العام 1948، عملت الدولة على تشكيل نظام سياسي ومؤسساتي وقانوني، يضمن سلب أملاك الفلسطينيين في الأراضي التي سيطرت عليها من جهة، ويشكل الأرضية المناسبة لاستمرارية المشروع الاستعماري، الذي يهدف في جوهره إلى التوسع والتمدد، من جهة أخرى. ولطالما عملت
تسلط أغلبية مواد هذا العدد الأسبوعي من "المشهد الإسرائيلي" الضوء على المُستجدات التي تراكمت في إسرائيل ترتباً على استمرار تداعيات أزمة فيروس كورونا، وفي مقدمها الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية الآخذة بالتأجج على خلفية هذه التداعيات.
ولعل أكثر ما ارتأينا الالتفات إليه في الوقت الحالي هو وجود نوع من التناغم أو الربط بين الاحتجاجات ضد الأزمتين الصحية والاقتصادية والاحتجاجات التي تربط بين هاتين الأزمتين وأداء حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة، والواقع تحت وطأة كون رئيسها يخصص جلّ وقته لهدف واحد فقط: بقاؤه بأي ثمن، كما سبقت لنا الإشارة إلى ذلك.
تزايد الحديث في الأيام الأخيرة عن أن بنيامين نتنياهو يعتزم افتعال أزمة حول مشروع ميزانية الدولة، كي لا يقرها الكنيست حتى الـ 25 من آب المقبل، ليتم حل الحكومة تلقائيا، والتوجه لانتخابات برلمانية مبكرة رابعة، تجري في نهاية تشرين الثاني المقبل. والدافع الأقوى الذي يدور الحديث عنه في كواليس السياسة الإسرائيلية، هو تخوف نتنياهو من صدور قرار قضائي حتى نهاية العام الجاري، يفرض عليه تجميد صلاحياته، بسبب مسار محاكمته المكثف الذي سينطلق في الشهر الأول من العام المقبل.
يشهد الشارع الإسرائيلي في الآونة الأخيرة موجة من الاحتجاجات المُستمرة تقريباً منذُ منتصف شهر نيسان الماضي، واشتدّت وتيرتها في الفترة القليلة الماضية، وهي تُنظّم بشكل شِبه أسبوعي من قِبل حراك "الرايات السوداء" وحركة "العقد الجديد" وغيرهما، وهي موجة لم نشهَد لها مثيلاً منذُ بدء تفشّي فيروس كورونا في إسرائيل.
الصفحة 270 من 859