عدد الجمعيات غير الحكومية (فيما يلي الجمعيات) الناشطة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، وأيضاً في الضفة الغربية وغزة آخذ في الازدياد بشكل ملحوظ؛ إلا أن عمل هذه الجمعيات لا يزال غير مضبوط بالمعنى السياسي والفكري. ما زالت الضبابيّة تلفّ الدور المتوخّى من عمل هذه الجمعيات على المدى البعيد، وكيف يستوي عملها وكيف ينسجم مع المشاريع الوطنية والسياسية التي تواجه الشعب الفلسطيني.
من اجل افتتاح مصنع جديد ومركز تجاري جديد وخط انتاج جديد، نحن بحاجة الى مستثمر ومبادر على امل ان يكون المستقبل افضل وأن يقوم الجمهور بالمشتريات اكثر وأن يأتي السياح. وعندما تزداد العمليات التفجيرية وتتصاعد الحرب في المناطق (الفلسطينية) ولا توجد اي إشارة الى ان الحكومة على استعداد لقبول "خارطة الطريق"، والسياح لا يأتون والمستثمرون لا ينقلون تمويلهم الى هنا ويبقى الجمهور ايضاً في البيت - وهكذا لن ينطلق الاقتصاد ولن تنخفض البطالة، لأن "تأثير العمليات التفجيرية" أقوى من "تحرير اللولب".
معروف عن الجالية اليهودية في امريكا بأنها من اكثر المجموعات نشاطًا في مجال جمع ودفع التبرعات. ويتبرع اليهود اكثر بكثير من نسبتهم بين السكان لأغراض خاصة بالجالية اليهودية، ولدولة اسرائيل، وللمجتمع والأكاديمية والفن في الولايات المتحدة، وكذلك للأحزاب السياسية ومختلف المرشحين. لكن البحث الجديد الذي نشر الشهر الماضي (نيسان 2003) يدل على ان سلم اولويات المتبرعين اليهود الكبار يختلف عما كان يمكن توقعه. فالمتبرعون اليهود الذين يتبرعون بعشرات ملايين الدولارات يفضلون منح هذه المبالغ الضخمة لجهات وأهداف غير يهودية.
لا خلاف على ان اسرائيل، حتى الآن، هي دولة رفاه. "اسرائيل لا تزال توفر احتياجات مواطنيها بصورة معقولة"، يقول د. جوني غال من كلية العمل الاجتماعي في الجامعة العبرية في القدس. وهو يعتقد بأن اسرائيل تخطو نحو النموذج الأمريكي، الذي يتقلص فيه تدخل الدولة ويصبح اكثر انتقائية، بينما كانت اسرائيل في السبعينات أقرب الى النماذج الأوروبية لدول الرفاه الاشتراكية - الدمقراطية.
الصفحة 97 من 98