المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 1469

شكل تدمير معظم صواريخ "حزب الله" البعيدة المدى في اليوم الأول للحرب واحداً من أهم منجزات سلاحي الاستخبارات والجو الإسرائيليين. غير أن الوزير شاؤول موفاز ذكر مؤخراً أن إيران وسورية زودتا حزب الله بصواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب أهداف في وسط وجنوب إسرائيل [رؤية تحليلية بعيون إسرائيلية]

 

  

بقلم: أودي غولان *

 شكل تدمير معظم صواريخ "حزب الله" البعيدة المدى في اليوم الأول للحرب واحداً من أهم منجزات سلاحي الاستخبارات والجو الإسرائيليين. غير أن الوزير شاؤول موفاز (نائب رئيس الحكومة) ذكر مؤخراً، في نطاق مباحثات الحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، أن إيران وسورية زودتا حزب الله بصواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب أهداف في وسط وجنوب إسرائيل. من جهة أخرى فإن الأضرار التي لحقت بشبكة صواريخ الكاتيوشا القصيرة المدى كانت جزئية بدليل أن حزب الله استمر في إطلاق مثل هذه الصواريخ (على شمال إسرائيل) حتى آخر يوم من أيام الحرب، ووفقاً لأحد التقديرات فقد بقي في حوزة الحزب بعد انتهاء الحرب ما لا يقل عن 5000 صاروخ من هذا الطراز. مؤخراً تفاخر حسن نصر الله بأن "حزب الله" تسلح مجدداً وأنه يقوم بنقل أسلحة وذخائر إلى خطوط الجبهة في جنوب لبنان.

 

رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان")، يوسي بايدتس، ذكر في إيجاز قدمه أخيراً إلى الكنيست أن حزب الله يمتلك الآن قوة نارية أكثر مما كانت تتوفر لديه قبل الحرب. وأكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الحدود بين سورية ولبنان مخترقة ومهيأة لنقل وتهريب الأسلحة دون صعوبة، وأن حزب الله لا يعاني من مشكلة تسلح.

 

التواجد في جنوب لبنان

 

كما هو معروف فقد قام الجيش الإسرائيلي بتدمير جزء من شبكة تحصينات وأنفاق "حزب الله" المتاخمة للحدود مع إسرائيل، وبالتالي لم يعد مقاتلو الحزب يتواجدون على تخوم الحدود كما كان عليه الوضع في ما مضى، ولكن وبصورة غير منطقية فقد خلق هذا الوضع بالذات مشكلة عويصة للجيش الإسرائيلي من حيث قدرة الإنذار والرد على تحركات "حزب الله". ثمة إفادات متضاربة فيما يتعلق بتواجد "حزب الله" في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني، ووفقاً لمصادر الجيش الإسرائيلي فقد تمكن "حزب الله" من إعادة تنظيم قواته في جنوب لبنان أيضاً وهو ينشط في المنطقة، هذا فيما فند قائد قوة اليونيفل، الجنرال كلاوديو غراتسياني، في مقابلة مع صحيفة "جروزاليم بوست" هذه الإدعاءات، وقال إن حزب الله لم يعد انتشاره أو تمركزه جنوبي الليطاني وإن قوات اليونيفيل تقوم بدوريات واسعة في المنطقة.

 

يبدو أن هناك، على الأرجح، تواجدا معينا لحزب الله جنوبي الليطاني، لكن هذا التواجد ليس بحجم ودرجة حرية العمل التي تمتعت بهما منظمة "حزب الله" في المنطقة في الماضي.

 

وبحسب تقرير لمراسل صحيفة "التايمز" في جنوب لبنان، نيك بلينفورد، فإن "حزب الله" يقوم ببناء تحصينات في المنطقة كما أن قواته تنتشر في خط دفاعي إلى الشمال من الليطاني. ويضيف بلينفورد أنه صادف في أثناء جولة قام بها في المنطقة حواجز تفتيش لمقاتلي الحزب إضافة إلى يافطات تحذر من الدخول إلى مناطق معينة. علاوة على ذلك صرح الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مؤخراً أن أحد الأثرياء الشيعيين المقربين من "حزب الله" يقوم بشراء أراضٍ من دروز ومسيحيين في جنوب لبنان بهدف إيجاد تواجد وتواصل شيعي بما يتيح للحزب العمل بحرية في المنطقة.

 

العامل البشري

 

وفقاً لمعطيات الجيش الإسرائيلي فقد قتل أثناء الحرب نحو 600 عنصر من أفراد "حزب الله" وجرح، على ما يبدو، قرابة 1000 آخرين. لم ينجح الجيش الإسرائيلي في تصفية حسن نصر الله أو مسؤولين مهمين آخرين في المنظمة. غير أن هذه المعطيات لا تفصّل كم من القتلى هم من أعضاء المستوى المقاتل في الحزب وكم هم من "معاوني المجهود الحربي". ولكن إذا أخذنا في الحسبان أن الـ 600 قتيل هم من أصل 8000 إلى 10000 مقاتل، فإن ذلك يشكل كما يبدو الضربة الأعنف التي وجهت للحزب.

 

في أثناء المواجهة الأخيرة وقف المواطن الإسرائيلي في شكل أساس على شخصية الشيخ حسن نصر الله، سواء من خلال خطبه المتلفزة أو من خلال محاولات المحللين والباحثين (الإسرائيليين وغيرهم) تحليل شخصيته. بيد أن المواطن الإسرائيلي لم يعرف إلا القليل جداً عن شخصيات مقاتلي "حزب الله"، الذي لم ينشر بدوره أية تفاصيل أو معطيات عن عدد القتلى في صفوف مقاتليه... بعد بضعة أشهر من الحرب ذكر مسؤول كبير في المنظمة أن قتلاها في الحرب بلغ نحو 250 مقاتلاً.

 

إنّ الكفاءة والدافعية العالية اللتين أظهرهما مقاتلو "حزب الله" خلال القتال قوبلا في إسرائيل بنوع من المفاجأة. وفي هذا السياق لعل البحث الذي أجراه إيلي هوروفيتس تحت عنوان "المستوى العسكري في حزب الله: صورة اجتماعية"، والذي نشره مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، يسلط شيئاً من الضوء على شخصية مقاتلي "حزب الله".

 

يستند البحث إلى تحليل معطيات بيوغرافية لـ 130 "شهيداً" من مقاتلي الحزب الذين سقطوا في المعارك في سنوات 1986-1989 و1992-1994، أي الرعيلين الأول والثاني من مقاتلي "حزب الله". لم يتضمن البحث معطيات بيوغرافية كاملة فيما يتعلق بكل مقاتل من المقاتلين (الشهداء) الـ 130، وبالتالي فإن جزءاً من المعطيات المتعلقة بالسمات المختلفة (سن التجنيد، الحالة الاجتماعية وغيرها) يعتبر معطيات جزئية لا تستند إلى العينة الكاملة للقتلى. مع ذلك يمكن التكهن أن مقاتلي الحزب يتحدرون من طبقة اجتماعية- اقتصادية متدنية (عائلات كثيرة الأولاد، بعضهم يتامى). وبحسب الفرضية الأساس التي ينطلق منها البحث فإن الفئة أو الفئات الاجتماعية التي ينتمي إليها القتلى تشكل عينة ممثلة لمجمل مقاتلي المستوى العسكري في الحزب. ووفقاً لما يستشف من البحث ذاته فقد انضم 90% من القتلى إلى صفوف الحزب وهم دون العشرين من العمر، ويمكن القول إن متوسط سن التجنيد (الالتحاق بالحزب) كان 17 عاماً.

 

على ما يبدو فقد حاولت منظمة "حزب الله" إخفاء حقيقة أن معظم القتلى كانوا من الشبان الصغار، وذلك على أرضية الانتقادات التي اتهمت الحزب باستخدام شبان صغار السن في أعمال مسلحة. ولكن في السنوات اللاحقة، في التسعينيات، حرصت المنظمة على أن يتلقى مقاتلوها تأهيلاً عسكرياً بصورة منظمة قبل زجهم في المهام القتالية. ويستدل من المعطيات أيضاً أن مقاتلي الحزب خدموا بالمتوسط 5 أعوام في صفوف الحزب قبل سقوطهم في القتال، وأن معظم القتلى (75%) كانوا في أعمار تتراوح بين 19 و 24 عاماً.

 

النشاطات الاجتماعية التي تقوم بها المنظمة في ميادين التعليم والرفاه الاجتماعي والصحة تساعد "حزب الله" في زيادة مخزون المقاتلين. في فترة التسعينيات وسعت المنظمة جهود التعبئة والتجنيد مستخدمة لهذا الغرض وسائل الإعلام ومخاطبة طلاب المدارس.

 

ووفقاً للبحث فإن قرابة نصف القتلى تلقوا تعليمهم في إحدى مؤسسات التعليم الدينية أو المهنية التابعة لحزب الله، وهو ما مكن الحزب من انتقاء الشبان الملائمين وفرزهم للالتحاق بنشاطاته المختلفة. إضافة إلى ذلك ذكر فيما يتعلق بنصف عدد القتلى الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 18 عاماً أن الدافع للانضمام إلى المنظمة كان المرور بصدمة أو تجربة لها علاقة بممارسات الجيش الإسرائيلي أو ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" (المنحلة عقب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان العام 2000) أما الأغلبية الساحقة من نشطاء ومقاتلي الحزب فهم من المسلمين الشيعة، فضلاً عن أعداد قليلة من طوائف أخرى بما في ذلك مسيحية.

 

ووفقاً للباحث هوروفيتس فإن حزب الله يتكون من ائتلاف نخب فرعية في أوساط الشيعة، أُقصيت من مواقع التأثير على يد حركة "أمل"، وإن إحدى هذه المجموعات تتألف من "رجالات الدين الجدد" الذين تلقوا تأهيلهم في المؤسسات الشيعية منذ الستينيات، واستناداً لمقارنة أسماء العائلة توصل معد البحث ذاته إلى استنتاج بأن قرابة نصف قتلى المستوى العسكري انتموا إلى عائلات من "مجموعة" رجالات الدين الجدد. وبحسب قول هوروفيتس فإن ذلك يمثل دليلاً على المكانة المركزية التي تحتلها هذه المجموعة داخل منظمة "حزب الله".

 

ويظهر معطى مثير آخر أنه ورغم أن معظم القتلى هم من سكان (الضاحية) بيروت (حوالي 43%) فقد قتل الكثير من النشطاء في نفس المحافظة أو المنطقة التي هاجرت منها أُسرهم إلى بيروت، حيث ذكر في قسم من الحالات أن الناشط (الشهيد) كان ملم جيداً بطبيعة المنطقة التي "استشهد فيها"، في إشارة كما يبدو إلى أنه ولد وأقام في هذه المنطقة في فترة صباه أو لأنه مكث فيها عند أقارب له.

 

أحد مقاتلي الحزب الذين وقعوا في أسر إسرائيل وأجريت معه مقابلة تلفزيونية، هو حسين علي سليمان (22 عاماً) شيعي من بيروت. شارك "سليمان" منذ بلوغه الخامسة عشرة في معسكرات تدريب يديرها حزب الله وتلقى خلال ذلك تأهيلاً أيديولوجياً ومن ثم عدة دورات عسكرية متقدمة (في لبنان أو إيران) بما في ذلك المشاركة في مناورتين عسكريتين في إيران. تفاصيل سليمان مطابقة لمعطيات البحث. فالتجنيد والتأهيل للمقاتلين هما عملية طويلة نسبياً، لتمكينهم من اكتساب تجربة وخبرة مهنيين. من هنا يبدو أن حزب الله سيحتاج لفترة من الوقت حتى يتمكن من تعويض الخسائر التي تكبدها في حرب لبنان الثانية والعودة إلى مستوى القوة البشرية التي كان الحزب يمتلكها قبل الحرب.

 

على الصعيد السياسي

 

 

أُعتبر "حزب الله" في الساحة الداخلية اللبنانية حزباً مشروعاً يصعب انتقاده طالما كان يخوض نضالاً ضد التواجد (الاحتلال) العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان. بعد حرب لبنان بدأت تسمع في لبنان أصوات تتساءل حول ما إذا كان يتعين على حزب الله إلقاء السلاح وحول ما إذا كان الحزب يعمل باسم لبنان أم باسم جهات أخرى خارجية، أي إيران. وقد جاءت حرب لبنان الثانية لتعزز إدعاء معارضي حزب الله بأن الحزب يعمل "كدولة داخل الدولة" وأنه يجرّ لبنان إلى مواجهة مع إسرائيل ويجبرها- لبنان- على دفع ثمن باهظ باسم مصالح دخيلة، إيرانية وسورية. وبطبيعة الحال فإن حكومة فؤاد السنيورة والائتلاف الماروني- السني يعارضان حزب الله، وقد تمكنا من تحقيق بعض المكاسب والإنجازات وفي مقدمها نشر جيش لبنان الرسمي في الجنوب، وهو ما تدل عليه حقيقة أن الحكومة ما زالت صامدة في وجه الضغوط السورية والداخلية المصحوبة أيضاً باغتيالات وتهديدات.

 

ولكن، وبسبب البنية الطائفية للسياسة اللبنانية، يبدو أن حزب الله، سيستمر في التمتع بتأييد قسم كبير من الطائفة الشيعية، وبالتالي لا يتوقع أن يتحول عدد كبير من الشيعة إلى تأييد التحالف المسيحي- السني. فمنذ المظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي جرت في بيروت في كانون الأول 2006، نشأت حالة تعادل سياسي وجمود، وهو أيضاً ما يحد من قدرة جيش لبنان على العمل ضد "حزب الله" طالما لم يحسم الأمر على المستوى السياسي.

 

في أيلول القادم من المقرر أن تجري انتخابات الرئاسة اللبنانية والتي يمكن أن تكون لها انعكاسات مهمة. فانتصار المعسكر المؤيد لسورية، مثلاً إذا انتخب ميشيل عون- حليف "حزب الله"- رئيساً قادماً للبنان فإن من شأن ذلك أن يسهل على "حزب الله" الاحتفاظ بقوته العسكرية ومواصلة نشاطه.

 

خيار المقاومة

 

 

بيد أن أهمية "حزب الله" تتعدى قدرته العسكرية وتتعدى الساحة اللبنانية. فمنذ حرب "الأيام الستة" (حزيران 1967) جرت عملية بطيئة أدرك فيها زعماء الدول العربية بأنه ما من فرصة أو أمل في هزيمة إسرائيل في ساحة المعركة، ولذلك اتجهوا إلى الخيار السياسي والتسووي مع الدولة الإسرائيلية (مصر، الأردن). ثم جاء انهيار الاتحاد السوفييتي ونشوء عالم القطب الواحد الذي أضحت فيه الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، القوة العظمى الوحيدة في العالم، لتعزز هذا الاتجاه، مما حدا بسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية ودول عربية أخرى للسير في مسار التقارب مع الولايات المتحدة والتفاوض مع إسرائيل. وبرر الزعماء العرب توجههم إلى مسار التفاوض والتسويات بالقول إن خيار الحرب ضد إسرائيل فشل ولم يعد عملياً، في المقابل يطرح "حزب الله"، إلى جانب راعيته إيران، توجهاً بديلاً مؤداه أنه يمكن التصدي لإسرائيل والولايات المتحدة، بل ويمكن الانتصار على إسرائيل في الحرب.

 

النجاح الذي حققه "حزب الله" في إرغام إسرائيل على الانسحاب بشكل أحادي الجانب من لبنان العام 2000 كان له أثر كبير على اندلاع "انتفاضة الأقصى" وتوجه الفلسطينيين إلى طريق "الإرهاب". ويمكن التقدير بأنه كان لحرب لبنان الثانية تأثير على النزعة العسكرية المتجددة لدى سورية، التي عادت بعد سنوات للتحدث عن إمكانية الحرب مع إسرائيل، وكذلك على سياسة حركة "حماس" التي شعرت بأنها أصبحت أقوى بعد نجاح طرق وأساليب نضال "حزب الله" ضد إسرائيل. كما وألهب نجاح "حزب الله" حماس جهات أخرى في العالم العربي، وعلى الرغم من أن زعماء الدول العربية المعتدلة واعون لقوة وتفوق إسرائيل، إلا أنهم قد يواجهون صعوبة في شرح وتبرير خيارهم المقارب للمفاوضات والتسوية مع إسرائيل، وذلك في ضوء حقيقة أن "حزب الله" برهن، من وجهة نظره على الأقل، أن خيار المقاومة ما زال قائماً وصالحاً.

 

خلاصة القول، وإذا ما أخذنا الأمور بعيون إسرائيلية، فإن صورة الوضع الراهن تجاه مكانة وحالة "حزب الله"، تبدو مختلطة ومتباينة. فمن جهة، أدّت الحرب "ميدانياً على الأرض" إلى توجيه ضربة حقيقية لقوام قوات المنظمة وقدراتها العسكرية التكتيكية، وعلى صعيد الساحة الداخلية اللبنانية يخيل أن مكانة "حزب الله" ضعفت وأنه تقف في مواجهته الآن قوة مؤيدة للغرب، ذات بأس، لكنه ما زالت بانتظارها اختبارات كثيرة.

 

من جهة أخرى، وعلى مستوى الوعي، فقد ارتسمت صورة الحرب في إسرائيل والعالم العربي، وحتى في واشنطن، على أنها إنجاز عسكري- إن لم يكن نصراً عسكرياً- منقطع النظير لحزب الله في مواجهة إسرائيل. والحديث يدور هنا عن ضربة لقدرة الردع الإسرائيلية ولمكانة إسرائيل كأقوى قوة في الشرق الأوسط، فضلاً عما يشكله الأمر من تعزيز وتدعيم نظري ومعنوي لراعية المنظمة (الحزب)، ألا وهي إيران.

 

_____________________________

 

* خبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية. المقال ترجمة خاصة بـ "المشهد".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات