يناقش <المجلس القطري للتنظيم والبناء> هذه الأيام مخططًا بلدياً رسميًا لتوسيع المدينة غرباً، في وقت تعترض فيه منظمات بيئة اسرائيلية على ما يقترن به من اجتياح لآلاف الدونمات الحرجية لهذه الغاية، وتحذّر، أيضاً، من <مغبة إهمال مركز المدينة والمدينة القديمة، في ضوء غياب الأموال الكافية للتطوير>.
وتحيط بمدينة القدس الغربية من الجنوب الغربي، مجموعة من الأحراج والبساتين الزراعية وحرج طبيعي، ولم يمسّ توسّع المدينة تقريبًا هذه المنطقة. ولكن هذا المنظر سيتغيّر كليةً تقريبًا فيما لو صودق على خطة توسيع المدينة، لدى <المجلس القطري للتنظيم والبناء>. وبموجب <هآرتس> (4 آذار)، ستحاول <شركة حماية الطبيعة> أن تفرض في النقاش على توسيع المدينة غرباً <شروطًا للإستمرار في التطوير>، تحول دون المسّ بالمناطق الطبيعية المفتوحة.
وسيناقش المجلس توصيات اللجنة الفرعية المنبثقة عنه (اللجنة للمواضيع التخطيطية - المبدئية) بالتصديق على مخطط غربي القدس الخاص ببلدية القدس الغربية، و <دائرة أراضي إسرائيل> (الذي يسمى أيضًا بـ <مخطط سفادي>، على إسم المخطِّط الذي حضرها) الذي يمتد على مساحة 26.6 ألف دونم تقريبًا. ضُمّت هذه المنطقة إلى المدينة قبل 10 سنوات لكن حتى الآن لم تُستغل للبناء تقريبًا؛ ومن المفترض أن تعكس هذه التوصيات تسويةً بين مطامح بلدية القدس الرغبية بالتطوير – التي كانت معنية ببناء واسع - وبين معارضة وزارة جودة البيئة والتنظيمات الخضراء، مثل <شركة حماية الطبيعة>، الذين رغبوا في إنقاذ ما أمكن من المساحات المفتوحة التي تحيط بالمدينة.
في الجلسة التي عقدتها اللجنة الفرعية، قبل ثلاثة أشهر، أوصي بالمصادقة على عدة أنواع من البناء على مساحة 6000 دونم، بينما تُعرّف باقي المناطق كـ <بارك متروبولوني> أو أنها تبقى مفتوحة.
وفي إطار المخطط ستُقام 7400 وحدة سكنية على <السفح الأبيض>، حوالي 10500 وحدة في <جبل حيريت>، وحوالي 3000 وحدة في منطقة عين كارم - كل ذلك في إطار مخطط مدفوع في مسار آخر. وفي عدة مراكز، ستتحول مساحات كانت معدة للبناء إلى حديقة وطنية، لكن مساحات أخرى سيُبنى عليها بدلا منها. وافادت <هآرتس> أن هناك توصية أخرى للجنة كانت بعدم المصادقة على البناء في منطقة تُسمى <كتف تسوبا>، مجاورة لـ <تل تسوبا>، لعدم المسّ بالمنظر الخاص للتل، وللحفاظ على إستمرارية المساحة المفتوحة في المنطقة.
وادعى <الخضر> أن مخطط غربي القدس سيمسّ بشكل كبير بالمنظر والطبيعة، وسيهدم مَواطِنَ نمو النبات والحي وسيقلل من المساحات المفتوحة التي تدخل إليها مياه الأمطار وتثري المياه الارتوازية. وادعاء مركزي آخر، هو أن المخطط سيخلق <مدينة جديدة> تكون الاستثمارات فيها على حساب تقوية <المدينة العتيقة>، التي تعاني من هجرة سلبية قوية. وستشكل المدينة الجديدة مركز جذب إضافيًا لهذه المجموعات السكنية وبذلك ستمسّ أكثر بالبلدة القديمة.
عزري ليفي، مدير عام <السلطة البلدية لتطوير القدس>، التي كانت من بين العناصر الأساسية من وراء دفع مخطط غربي القدس، يرفض هذه الادعاءات. ويقول في حديث صحفي (هآرتس 4 آذار): <سيشكل البناء في المنطقة حزامًا يقوّي المدينة وربما يمنع هجرة السكان الذين خططوا للانتقال إلى بلدات (مستوطنات) مثل "موديعين"، والآن، سيبقون في مجال القدس. نحن نعمل من أجل وصول سكة "القطار الخفيف" المخططة في المدينة، إلى الأحياء الجديدة في الغرب، وبذلك سيتم المحافظة على العلاقة الوثيقة مع مركز المدينة. وقد وافقنا أيضًا على تغييرات في المخطط لمنع المسّ في أماكن مثل ‘تل تسوبا‘، ولم نرغب في أن يكون هذا مخططًا يُفرض على الآخرين، بل مخطط يتعايش مع البيئة>.
وبحسب إدعاء ليفي، فإن السلطة تستثمر موارد كثيرة في مشاريع مختلفة في البلدة القديمة من القدس الغربية من أجل تحسين جودة الحياة فيها. في النقاش الذي جرى في اللجنة الفرعية التابعة للمجلس القطري، قال ليفي إن السلطة تخطط هذه السنة لاستثمار 68 مليون شيكل في تطوير المدينة.
وبحسب ما قالته المخططة أيريس هان، من <شركة حماية الطبيعة> لصحيفة <هآرتس>، فإن الشركة وافقت في النهاية على التوصل إلى إتفاق حول ترسيم حدود التطوير البلدي، <بعد أن عرفت أن هناك نهجًا أخطر من ذلك - وهو إضافة مساحات أخرى للبناء غربي القدس>. وقد توصلت الشركة أيضًا إلى إستنتاج، بأنه في حالة عدم قبولها لتسوية، فإنها ستخسر أيضًا الحفاظ على المساحات التي أتيحت الآن.
مُركّز الحفاظ على الطبيعة في جبال القدس عن <الشركة>، أفرهام شاكيد، يشدد في حديث مع <هآرتس> على أن <شركة حماية الطبيعة> وافقت على ترسيم حدود التطوير البلدي في كل مقطع، ولكن يجب تقرير النسبة الدقيقة لحجم البناء في مخطط مفصل في المستقبل، يتعرض لكل مقطع - وعندها يمكن أن يناضل <الخضر> على أماكن البناء الدقيقة من أجل حماية مساحات مفتوحة أخرى.
ولكن، لـ <شركة حماية الطبيعة> مطلب مركزي آخر وهو تحديد <جدول زمني> في تطوير غربي القدس، بحيث يُصادق على كل بناء فقط بعد إستغلال الاحتياطي من الأراضي في محيط المدينة القائمة. <وهكذا سيكون بالامكان تطوير القسم الغربي من دون المسّ بتقوية مركز المدينة>، يقولون في <الشركة>.
وقد أوصت اللجنة الفرعية أمام المجلس القطري بإلزام لجنة التنظيم والبناء في لواء القدس، بفحص موضوع <المرحلية> في كل مرة تُطالب فيها بالمصادقة على مخططات بناء مفصلة في الأحياء الغربية. ويقول ليفي إن الحديث يدور عن توصية ذات طابع <بياني> فقط، والمقبولة عليه. ولكن الاعتقاد في <شركة حماية الطبيعة> هو أن الاعلان عن <المرحلية> غير كافٍ ولذلك سيقترحون على المجلس القطري إعطاء أمر واضح للجنة اللوائية للعمل بحسب هذا المبدأ.
وفي رد على هذه الأمور، يقول ليفي إن قبول هذا الاقتراح سيؤدي فورًا إلى إلغاء الاتفاقات مع <الخضر>. وبحسب ادعائه، يجب تطوير غربي القدس في عدة مراكز سويةً، من أجل خلق قطاع بلدي قوي، ولذلك، لا يمكن إنشاء <مرحلية> يؤدي فيها كل تأخير في تطوير المدينة، إلى منع الاستمرار في تطوير الأحياء الجديدة. <أنا آمل ألا يطرحوا هذا الموضوع لأننا سنتراجع عن التنازلات في التطوير، التي أتفقنا عليها>، يحذر ليفي.
ويتعلق تطوير الأحياء الجديدة في القدس الغربية بشق شوارع جديدة، وبضمنها شارع <الخاتم> الغربي الذي سيحيط بالقدس من الجنوب والغرب وسيمر بجوار الأحياء الجديدة. وتطلب الحكومة الاسرائيلية نقل النقاش حول هذا الشارع إلى لجنة البنى التحتية القومية، التي بإمكانها المصادقة على الخرائط بإجراء مُسرَّع، ولكن التنظيمات البيئية تعارض ذلك.
التنظيم البيئي <منتدى المواصلات العامة> طلب في الأسبوع الماضي دفع البنى التحتية النقلية العامة في القدس ومنحها الأفضلية على شق شوارع جديدة. وادعوا في هذا المنتدى أنه من غير الممكن المصادقة في إجراء مُسرَّع على شوارع تكلف مليارات الشيكلات، في الوقت الذي لم يُنجز فيه خط القطار الأول في القدس الغربية، ولا حتى المسار المخصص للمواصلات العامة في مدخل المدينة، ذا التكلفة المنخفضة.