بعد أقل من ساعة على تقديم "خارطة الطريق" الى اسرائيل والفلسطينيين، بدأت في واشنطن حملة الضغوطات - مع وضد التقيد ببنود الخارطة وتطبيقها بلا تأجيل.
ويبرز بين اولئك الذين يحاولون التأثير على الادارة الامريكية، ممثلون من اسرائيل ايضاً - وزير السياحة، بيني الون، كان من المفترض ان يغادر اسرائيل متوجها الى واشنطن، للتعبير عن معارضة "الخارطة". ومن المقرر ان يلتقي الون أعضاء من مجلسي الكونغرس حاملا اليهم "رسالة تختلف عن تلك التي يحصلون عليها من اسرائيل الرسمية" (هآرتس 2/5). ويشمل برنامج الون لقاءات مع قادة المسيحيين الانجيليين، المعروفين بتأييدهم لاسرائيل وبمواقفهم الصقرية. ويشكل اقناعهم عنصرًا على غاية من الأهمية، نظراً لأنهم يشكلون قاعدة قوة هامة لبوش، وقدرتهم على مساعدته في الانتخابات القادمة كبيرة.
ولا تشمل زيارة الون لقاءات مع ممثلي الادارة الامريكية، "لكنهم سيتسلمون، دون شك، الرسالة التي ينقلها اليهم من خلال اعضاء مجلسي الكونغرس".
وتتحدث "هآرتس" عن رسالة مماثلة، "وإن كانت روحها اكثر اعتدالا"، تسلمتها الادارة الامريكية من مجلس النواب، الذي يطالبها بالتأكيد على ضرورة عدم المس باسرائيل، في اطار تطبيق "الخارطة". وقع هذه الرسالة، التي بادر اليها اعضاء الكونغرس توم لانتوس، وروي بلنت، وستاني هوير، وهنري هايد، ما لا يقل من 313 عضوًا من اعضاء مجلس النواب.
وجاء نص الرسالة حذرًا، لكنه واضح تمامًا: الأعضاء يؤيدون "الخارطة"، ويريدون دورًا امريكيًا فاعلاً لدفع السلام على اساس اقامة دولتين، لكنهم يحذرون من وضع مطالب كثيرة امام اسرائيل قبل ان ينفذ الفلسطينيون حصتهم. "اناس كثيرون يحثدونك عن تقصير الطريق والتركيز على الجدول الزمني في خارطة الطريق"، يكتب اعضاء الكونغرس للرئيس بوش، "غير اننا نؤمن بأنك لن تستسلم لهذه الفكرة، بل ستتركز في التطبيقات العملية الحقيقية. بدون قيادة فلسطينية جديدة، ذات صلاحيات، تعمل بشكل حازم ضد الارهاب، لن يكون لدى اسرائيل من تستطيع التفاوض معه".
وبالمقابل، وجهت الى الادارة الامريكية رسالة مماثلة ايضًا من مجلس الشيوخ وقع عليها 88 عضوًا من اصل الاعضاء الـ 100.
على الرغم من ان هذه الرسائل ليس لها معنى تشريعي، أو تأثير رسمي، الا ان حقيقة تلقيها الآن، وبتواقيع غالبية اعضاء الكونغرس من كلا الحزبين، تبين للادارة ان الكونغرس لا يزال متمسكًا بموقفه المؤيد لاسرائيل ولمطلبها بممارسة الضغط على الفلسطينيين.
ويمكن رد هذا الدعم الكبير جدًا، الوارد في رسالة اعضاء الكونغرس، الى العمل المكثف الذي يقوم به "اللوبي المؤيد لاسرائيل" (ايباك)، الذي نشر "إعلانًا حذرًا" للتهنئة والمباركة بمناسبة نشر "خارطة الطرق".
في "ايباك" يؤكدون انهم لا يؤيدون العناصر التي تدعو الى الغاء "الخارطة"، لكنهم في المقابل ايضاً لا يؤيدون العناصر الداعية الى دفعها قدمًا، دونما علاقة بما ينفذه - او لا ينفذه - الجانب الفلسطيني.
في الجهة المقابلة من الخارطة، ثمة تحركات لا تقل عن تلك، وفيها ايضا يشارك امريكيون واسرائيليون. 100 من الحاخامات المرتبطين بـ "لوبي السلام اليهودي" وجهوا رسالة الى بوش يطالبونه فيها بتطبيق "خارطة الطريق"، لكن باضافة شرح اكثر تفصيلا بشأن طابع الحل النهائي المرجو، من اجل تحفيز الفلسطينيين على العمل وفقاً للمطالب تجاههم. ويستند الحاخامات الى رسالة كان وجهها الى بوش الوزراء السابقون شلومو بن عامي وامنون ليفكين شاحك ويولي تمير في شهر سبتمبر الأخير، وحثوه فيها على بلورة خطة سلام امريكية والعمل من اجل ان يقبل بها الطرفان.
وهناك اوساط اخرى في الجالية اليهودية تعتقد ان صوتها لم يُسمع. مجموعة من المتبرعين اليهود الكبار، برئاسة ادغار برونفمان، وجهت رسالة خاصة من طرفها - الى رئيسي مجلسي الكونغرس، هذه المرة - اعلنوا فيها عن دعمهم غير المحدود وغير المشروط لخارطة الطريق: "اننا نكتب لكي نعبر عن خشيتنا حيال المساعي الأخيرة لعرقلة تطبيق الخارطة". ولا يوضح الموقعون من الذي يحاول عرقلة تطبيق الخطة، ويقولون انهم يعارضون ممارسة الضغط على اسرائيل.
الآن، اصبح على طاولة متخذي القرارات في واشنطن جميع أطياف الحجج والادعاءات، مع "خارطة الطريق" وضدها، بما فيها ايضاً الموقف الرسمي الاسرائيلي. حتى الآن، لم ترد الادارة الامريكية سوى على الموقف الرسمي الاسرائيلي اساسًا، لكن حين يصل التطبيق الى مرحلة المفاوضات والضغوط سيزداد وزن مجموعات الضغط المختلفة.