نشر موقع "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" هذا الشهر، لمناسبة يوم المرأة العالمي، مقالا كتبه البروفسور عوفر كينغ بعنوان "يوم المرأة العالمي 2022: ما هو وضع النساء في السياسة الإسرائيلية؟". ويشير المؤلف، وهو باحث في المعهد المذكور ويتابع هذا الموضوع في عمله البحثي منذ سنوات، إلى أن يوم المرأة "فرصة لمراجعة مستوى تمثيل النساء في السياسة الإسرائيلية. فمن ناحية المعطيات الراهنة مشجعة، ونحن الآن في ذروة تمثيل النساء في الكنيست مع 35 عضو كنيست، وكذلك في الحكومة مع 9 وزيرات، ولكن من ناحية أخرى، ما زال الطريق إلى المساواة بين الجنسين في السياسة بعيداً جداً".
بدأ الكنيست الإسرائيلي في منتصف الشهر الجاري، آذار، عطلة الربيع التي ستنتهي في أوائل أيار المقبل، وهي فترة تزول فيها الضغوط البرلمانية، رغم أن الائتلاف الحاكم يُظهر ثباتا بأغلبيته الهشة. وبينما تنشغل إسرائيل باستقبال آلاف المهاجرين الجدد من أوكرانيا أساسا، وأيضا من روسيا، فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيغرق هذا العام، كما يبدو، في نسبة تضخم مالي لم يعرفها منذ ما يزيد عن 10 أعوام، وسط ارتفاع كلفة المعيشة للجمهور، في حين أعلنت البنوك الإسرائيلية الكبرى عن تسجيل أرباح غير مسبوقة، ومعها شركة النقليات البحرية الإسرائيلية، رغم دور كلفة النقل البحري في رفع الأسعار.
بعد الإعلان عن "اتفاقيات أبراهام" ودخول أربع دول عربية، هي الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب والسودان، في علاقات تطبيع مع إسرائيل، يكاد لا يمر أسبوع واحد بدون أن يتم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الأكاديمية، السياسية، الأمنية والاستخباراتية. على سبيل المثال، في بداية شباط 2022، زار وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، البحرين وقام بتوقيع اتفاقية تم اعتبارها بأنها تاريخية.
أصبح واضحاً للجميع الآن أن آثار جائحة كورونا على المجتمعات البشرية، منذ ظهورها في أواخر العام 2019 وحتى يومنا هذا مروراً بفترات تفاقمها التي لم تنته بعد، قد طالت مختلف مجالات الحياة ويبدو أن ما لم يظهر منها حتى الآن أكثر بكثير مما ظهر. ورغم أن الحديث عن هذه الجائحة يتركز، بصورة أساسية، في المجال الصحي/ الطبي وما أوقعته من أضرار جسيمة فيه، إلا إن دراسات الجائحة وآثارها وتداعياتها لم تقفز عن أي مجال من مجالات الحياة البشرية الحيوية، وفي مقدمتها الآثار الاقتصادية والاجتماعية بالطبع. ومن ضمن الآثار الاقتصادية والاجتماعية هذه، ثمة انشغال كبير وواسع في ما سببته الجائحة من زعزعة للاستقرار في أسواق العمل التي تعرضت لانتكاسات وتحولات فجائية حادة وعميقة ترتبت على الإغلاقات الشاملة لجميع مرافق الحياة في العديد من الدول والمجتمعات وما ترتب على ذلك من إخراج منظم وجارف للعمال في قطاعات العمل المختلفة إلى عطل إجبارية منظمة وطويلة المدى، ثم الانتقال تدريجياً إلى بديل العمل من المنزل وما تلا ذلك من استقالات واسعة وطرد جماعي من العمل وتقليصات في أجور العاملين وحقوقهم.
ما زالت هبّة أيار 2021 تأخذ مساحة من النقاشات الإسرائيلية، لا سيّما الأمنية- السياسية منها، حتى أنها تحولت إلى ظاهرة/ حالة تُثير الخوف، وتدفع في اتجاه العمل على تجنّبها لما أثبتته من قدرة على زعزعة الاستقرار الذي تسعى إسرائيل للحفاظ عليه والمتمثّل في الإبقاء على "الوضع الراهن"، وإضعاف قدرتها في إدارته والتحكّم فيه لصالح استمرار قطار الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس؛ والإبقاء على هامش للمناورة في سياساتها مع قطاع غزة بشكل يمنع انفجار الأوضاع، وفي المقابل، محاولة الحفاظ على معادلة الردع التي ترى إسرائيل أنها لا تزال قائمة حتى بعد الحرب الأخيرة- ما يسمى "حارس الأسوار"- ومجرياتها ونتائجها، بالإضافة إلى استمرار إدارة العلاقة مع الفلسطينيين في الداخل بين سياسات التحريض والأسرلة.
شبّه الكاتب تسفي برئيل موقف إسرائيل من الحرب الروسية على أوكرانيا بأنه أشبه بالسير على خيط رفيع حادّ ومميت، يمتد بين القدس وموسكو، وقال في مقال له في صحيفة "هآرتس" بتاريخ 2/3/2022 بأن هذا الحبل بات يهدّد بخنق إسرائيل التي هي من وضعته حول عنقها حين عقدت حلفا عسكريا مع روسيا، أو أبرمت معها تفاهمات، بشأن حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سورية. مصادر إعلامية وسياسية كثيرة أخرى انتقدت الموقف الإسرائيلي الصامت والمتلعثم والمتردد الذي يُشبه محاولة فرد ما السير بين قطرات المطر من دون أن يبتل، بينما أوساط أخرى إعلامية وعسكرية دعمت موقف الحياد. واللافت أن الانتقادات الجادة للموقف الرمادي صدرت عن أوساط مدنية وإعلامية مستقلة، وليس عن المعارضة السياسية بقيادة حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو، والتي اعتادت النفخ في كل خلاف مهما كان صغيرا أو كبيرا، وتوظيفه لإسقاط حكومة بينيت- لبيد، كما أن الحرج والتردد شملا مختلف أطراف الائتلاف الحكومي، ما يؤكد أن هذا الموقف أملته مصالح وحسابات سياسية معقدة، وليس مجرد اجتهادات في الرأي.
الصفحة 83 من 324