المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 852

ما زال موعد إقامة حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة، بشراكة بيني غانتس وحزبه أزرق أبيض، مجهولا، نظرا إلى حاجة الائتلاف المتبلور إلى تعديل قوانين أساس، تتطلب أغلبية 61 نائبا على الأقل، قبل أن تقدم الحكومة أوراقها للكنيست، بهدف المصادقة عليها، ومن ثم التصويت على تركيبة الحكومة.

وقد شرعت الهيئة العامة في الكنيست بمعالجة بعض هذه القوانين.

ومن أبرز القوانين التي سيتم تعديلها:

- طلب الائتلاف الجديد أن يقر الكنيست الاتفاقية، بما تشمل مواعيد محددة لولاية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وموعد انتقال رئاسة الحكومة إلى بيني غانتس. وفي يوم انتقال رئاسة الحكومة، لن تكون حاجة لمصادقة الكنيست، ولا قسم يمين رئيس الحكومة البديل، ولا الوزراء أيضا. وليس واضحا مدى قانونية طلب كهذا. ولكن الهدف منه طمأنة بيني غانتس وأزرق أبيض، بأن تغيير رئيس الحكومة سيكون سلسا، من دون مناورات حزبية.

وبموجب ذات القانون، فإنه حينما سيتم إقرار اتفاقية الائتلاف، التي فيها سيكون تاريخ المناوبة بين نتنياهو وغانتس محددا، ستكون إشكالية في طرح اقتراحات حجب الثقة عن الحكومة، لأن الاقتراح سيكون مرتبطا بقانون يحدد هوية رئيس الحكومة وتاريخ عمله، إلا أن هذا ليس عائقا جديا، لكون الكثير من مشاريع القوانين تأتي لنقض قوانين قائمة، أو تعديلها.

- أن تكون مكانة القائم بأعمال رئيس الحكومة بمكانة رئيس الحكومة، في حال واجه لوائح اتهام، بمعنى أنه ليس مفروضا عليه الاستقالة من منصبه. وهذا كي يضمن بنيامين نتنياهو الاستمرار في عضويته للحكومة كوزير (قائم بأعمال الرئيس) بعد عام ونصف العام.

ولكن الاحتمال وارد بأن تنقض المحكمة العليا القانون، لأنه عادة القوانين الجديدة لا تسري على حالة قائمة. فقبل انتخابات آذار الماضي 2020، حينما ظهرت لدى المعارضين لنتنياهو، فكرة سن قانون سريع يمنع متهم يحاكم من تشكيل حكومة جديدة، جاء الرد السريع، بأن قانونا كهذا لا يسري على حالة قائمة. لذا باتت الفكرة أن يتم سن القانون، على افتراض أن يتم حل الكنيست مجددا، ويتم التوجه لانتخابات رابعة، حينها لا يستطيع نتنياهو ترؤس حزب الليكود. ما يعني الآن، أن القانون الذي يريده نتنياهو الآن، بمنع استقالة القائم بأعمال رئيس الحكومة من الحكومة بسبب محاكمته، قد لا يسري عليه، لكونه حالة قائمة.
- منح القائم بأعمال رئيس الحكومة ميزات رئيس حكومة، من حيث مقر دائم (بيت) وهذا بطلب بيني غانتس، ولاحقا سيستفيد منه نتنياهو في حال استقال من منصبه، ونقل رئاسة الحكومة لغانتس.

- تعديل ما يسمى "القانون النرويجي"، بصيغته الإسرائيلية، فهذا القانون يقضي بحق كل وزير أن يستقيل من عضوية البرلمان، ويدخل نائب بديل عنه من حزبه، وفي حال استقال الوزير يعود إلى عضوية البرلمان، بدلا من النائب البديل. وفي الصيغة الإسرائيلية القائمة، فإنه مسموح لوزير واحد أن يستقيل، شرط أن يكون من كتلة برلمانية لا تتعدى 12 نائبا. أما التعديل المطلوب، فهو أن يكون مسموحا باستقالة 5 وزراء، لكتلة برلمانية فيها حتى 20 نائبا، كي يخدم كتلة أزرق أبيض.

- تعديل قانون أساس الكنيست، بحيث أن انشقاق كتلة برلمانية، يسري أيضا على قائمة المرشحين فيها، إذا كانت الكتلة قد خاضت الانتخابات، ضمن قائمة تحالفية، وانشقت عنها. ويهدف هذا القانون إلى ضمان أنه في حال استقال وزير من كتلة أزرق أبيض بمعنى من حزب "مناعة لإسرائيل"، يدخل بدلا منه نائب من ذات الحزب، وليس من الحزبين الآخرين اللذين شاركا في ذلك التحالف، "يوجد مستقبل" و"تلم".
- وهذا القانون سيواجه أيضا عقبة قضائية، لأنه يعود بالخلف إلى قضية باتت منتهية، فصلاحية إقرار القوائم الانتخابية تعود للجنة الانتخابات المركزية، التي أقرت القوائم الاسمية كما هي. وهناك من يرى أن المحكمة العليا ستتدخل في هذه القضية، لأن الحديث عن نقض قرارات دخلت حيز التنفيذ، ولم يعد بالإمكان نقضها.

ولهذا فإن الليكود وأزرق أبيض أدركا صعوبة هذا التعديل، وأن المحكمة العليا ستنقضه على الأغلب، ولذا تم سحب مشروع القانونين، "النرويجي" وانشقاق قوائم المرشحين، لطرحهما لاحقا على الهيئة العامة. ولهذا قيل إن أزرق أبيض سيلجأ لتعيين عدد من الوزراء، ليسوا أعضاء كنيست، لأن عدد نوابه لا يكفي عدد الحقائب الوزارية والمناصب البرلمانية المسنودة له.

- تعديل قانون انشقاق الكتل البرلمانية، الذي يمنع بصيغته الحالية تمويل كتلة منشقة عن حزبها، من الحصول على تمويل حزبي، إلا إذا كان قد مرّت على الانتخابات مدة عامين. ويستثني القانون القائم انشقاق أحزاب مسجلة عن كتلة تحالفية. والهدف من هذا التعديل منح تمويل حزبي، للنائبين المنشقين عن حزب "تلم" الذي يرأسه موشيه يعلون، وهو شريك في التحالف السابق لأزرق أبيض.

والنائبان هما تسفي هاوزر ويوعز هندل، وهما من اليمين الاستيطاني المتطرف، وسيشاركان في الائتلاف الحاكم، ضمن فريق أزرق أبيض، برئاسة غانتس، ولكن على الأغلب لن يحصلا على مناصب وزارية، لأن القانون القائم يمنع توليهما حقائب وزارية، بفعل انشقاقهما عن حزبهما. وسيتوليان مناصب برلمانية، على حساب ما من المفروض أن يكون لكتل المعارضة، التي لم يبق لها سوى لجنة المراقبة، التي ينص قانون أساس الكنيست على اسناد رئاستها للمعارضة البرلمانية.

وحذر المستشار القانوني للجنة الكنيست غور بلاي، مطلع الأسبوع، في جلسة اللجنة البرلمانية الخاصة بإعداد القوانين لتمرير اتفاقية الائتلاف الحاكم، التي تعنى ببنود لشل المعارضة، وأخرى لضمان استمرار حكم بنيامين نتنياهو وتجنبيه الاستقالة، من أن هذه القوانين تتعارض مع قوانين أساس قائمة، وبضمنها مسألة التناوب، التي تريد كتلتا الليكود وأزرق أبيض تحديدها كقانون، كي لا تكون حاجة لحل الحكومة بعد عام ونصف العام وتشكيلها من جديد.

وقال بلاي في اللجنة إن "الترتيب المقترح يحتوي على العديد من الثغرات والحلقات المفقودة، التي يتعين على اللجنة معالجتها في العملية التشريعية. وبطبيعة الحال، من المهم أن تكون الترتيبات التي تم التوصل إليها شاملة ومتسقة قدر الإمكان لضمان توضيح كل حالة لهوية رئيس الحكومة ورئيس الحكومة المناوب".

وفيما يتعلق بالتناوب بين نتنياهو وغانتس، ذكر بلاي أن "الترتيب المقترح ليس ترتيبا كاملا، وهناك حالات يجب استكمالها لتجنب عدم اليقين بشأن هوية رئيس الحكومة أو رئيس الحكومة المناوب".

ورغم ذلك، فإنه لا يوجد احتمال كبير بأن تتدخل المحكمة في مسألة مشاريع قوانين، قبل أن يقرها الكنيست كليا، إلا أن المحكمة ستكون مطالبة بإصدار قرار مبدئي بشأن أهلية بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة، بسبب مثوله للمحاكمة في ثلاث قضايا فساد.

وكانت المحكمة العليا قد رفضت التماسات قدمت لها خلال حملة انتخابات آذار الماضي، بشأن عدم أهلية نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة. وقالت المحكمة إنها لا تعالج مسائل افتراضية، وحينما يكون الأمر واقعا فإنها ستبحث فيه. ولهذا فإنه من المفترض الآن أن تصدر المحكمة قرارا بشأن التماسات جديدة قدمت لها، ضد تكليف نتنياهو؛ إلا أن خبراء حقوق يشككون في أن تقرر المحكمة عدم أهلية نتنياهو لتشكيل حكومة، بسبب عدم وجود قانون يمنعه من ذلك، كما أن الاعتقاد السائد هو أن المحكمة العليا ليست معنية بالدخول في صدام مباشر مع اليمين الاستيطاني الحاكم، ورغم ذلك فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات