المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 609

يبدو أن حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة، التي سترتكز على الأغلبية التي ضمنها لها بيني غانتس بعد أن شقّ التحالف الأكبر لـ"أزرق أبيض"، ستكون بعد عيد الفصح العبري، الذي يبدأ هذا الأسبوع ويستمر أسبوعا، ما يعني أن على غانتس طلب تمديد أسبوعين لتكليفه، بموجب ما يتيحه له القانون. وقد ظهرت في المفاوضات نقاط خلافية بين الجانبين ستكون لاحقا نقاط أزمة مستقبلية، حتى وإن تم إيجاد مخرج لها كي يتم إقرار الحكومة. ورغم ذلك، فإن الاعتقاد السائد هو أنه سيتم تجاوز الخلافات في الدقيقة التسعين والحكومة ستقام.

وتنتهي فترة الأسابيع الأربعة لتكليف بيني غانتس بتشكيل الحكومة يوم الثلاثاء 14 نيسان الجاري، ويجيز له القانون طلب تمديد أسبوعين، لغاية 28 نيسان الجاري، وبعدها ينقل رئيس الدولة مهمة التكليف لبنيامين نتنياهو. والاتفاق على أن يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة أولا لمدة سنة ونصف السنة لا يتعارض مع تكليف غانتس بتشكيل الحكومة.

والنقاط الخلافية الأبرز في المفاوضات هي الموقف من فرض ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" على كل المستوطنات ومناطق أخرى في الضفة، إذ يطالب الليكود بالإسراع بتنفيذ قرار الضم، في حين أن غانتس وحزبه "مناعة لإسرائيل"، الذي شكّل من جديد كتلة "أزرق أبيض"، يريد تأجيل الأمر إلى حين وجود موافقة في العالم، أو إبرام "اتفاق سلام نهائي". وبحسب آخر ما قالته مصادر في حزب غانتس، فإنه من الممكن تجاوز الخلاف حول الضم، من دون تقديم تفاصيل أوضح.

كما أن من بين النقاط الخلافية ما يتعلق بلجنة تعيين القضاة، إذ يطالب الليكود أن يكون له اثنان من السياسيين الأربعة في اللجنة التي تضم 9 أعضاء، لأن عضوين سياسيين يحق لهما فرض حق النقض [الفيتو] على تعيين أي من قضاة المحكمة العليا المستهدفة أكثر من غيرها من طرف اليمين الاستيطاني.

وقد أدى قرار بيني غانتس وحزبه الانضمام إلى حكومة يرأسها نتنياهو لمدة سنة ونصف السنة، إلى شرذمة في الكتل المعارضة لاستمرار حكم نتنياهو. وأولاً أدى القرار إلى تفكيك تحالف "أزرق أبيض" إلى ثلاث كتل برلمانية، واحدة بقيت تضم حزبي "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد، و"تلم" برئاسة موشيه يعلون، وكتلة ثانية تضم حزب "مناعة لإسرائيل" برئاسة غانتس وحصلت أيضا على اسم التحالف "أزرق أبيض"، والكتلة الثالثة تضم نائبين من اليمين الاستيطاني في حزب "تلم" وهما في طريقهما لحكومة نتنياهو.

وليس هذا فحسب، بل أدى الأمر أيضا إلى تفكك كلي لتحالف حزبي العمل وميرتس. وبعد أن انشقت النائبة أورلي ليفي- أبكسيس، التي تترأس حزبا صوريا أسمته "غيشر"، بعد أيام من إعلان النتائج النهائية، فإن رئيس حزب العمل، عمير بيرتس، فكك في نهاية الأسبوع التحالف مع ميرتس، إذ أن بيرتس مع زميله في الحزب إيتسيك شمولي هما أيضا في طريقهما إلى حكومة نتنياهو، وسيتوليان حقيبتين من حصة حقائب "أزرق أبيض"، فيما أعلنت النائبة الثالثة من حزب العمل ميراف ميخائيلي تمردها على القرار، وأعلنت أنها ستصوت على قرارات الحكومة وقوانينها بموجب ما يتناسب مع برنامج حزبها.

وفي حال تشكلت الحكومة برئاسة تناوبية بين نتنياهو وغانتس، فإنها من المفترض أن ترتكز على قاعدة ائتلافية ثابتة، تضم 77 نائبا من أصل 120 نائبا، ولكن ليس مؤكدا ما إذا كانت كتلة "يمينا" التي لها 6 نواب، من ثلاثة أحزاب يمينية استيطانية متطرفة، ستنضم إلى الحكومة، لأن توزيعة الحقائب المعلنة تبقيها مع حقيبة أو اثنتين هامشيتين، كما أن هذا سيخلق أزمة داخلية في الكتلة ذاتها.

يضاف إلى هذا أن التشكيلة التي اتفق عليها الحزبان، الليكود و"مناعة لإسرائيل"، وتضم 34 وزيرا، ويكون فيها عدد متساو لكل واحد من الحزبين، تخلق تعقيدات جدية أمام "مناعة لإسرائيل"، الذي له 15 نائبا، ويقال إنه سيكون له 13 إلى 14 وزيرا، ما يعني أن كل نائب ستكون له حقيبة وزارية، ولكن حقيبتين منها سيتولاهما نائبا حزب العمل بيرتس- الاقتصاد، وشمولي- الرفاه. ولكن هذا لا يكفي لإنهاء التعقيد، لأنه في هذه الحالة لن يبقى لكتلة "مناعة لإسرائيل" نواب للعمل البرلماني الجاري والتفرغ للتصويت في الهيئة العامة. ومن أجل حل هذه القضية، فقد تم الاتفاق على توسيع مجال ما يسمى "القانون النرويجي"، الذي يجيز، بصيغته الإسرائيلية، لوزير من كتلة برلمانية حتى 12 عضوا، أن يستقيل من عضوية الكنيست، ويحل محله نائب من قائمة حزبه، وفي حال استقال الوزير فإنه يعود إلى عضوية الكنيست. ولكن هذه الصيغة لا تناسب "مناعة لإسرائيل"، الذي خاض الانتخابات بقائمة تحالفية مع حزبين، ويختلط فيها التدريج، بمعنى أنه حينما يستقيل وزير من "مناعة لإسرائيل"، فإن التالي قد يكون نائبا من كتلتي المعارضة، "يوجد مستقبل"، أو "تلم"، ولهذا فإن الليكود و"مناعة لإسرائيل" يريدان تعديل القانون بشكل مشوّه، من أجل تفكيك حتى قائمة الترشيحات الأصلية للكنيست، وليس فقط الكتلة البرلمانية، ويواجه هذا تعقيدات قانونية.

واقتراح القانون الجديد هذا يظهر كنوع من فساد الحكم، يضاف له مشروع قانون آخر ستقرّه حكومة نتنياهو- غانتس يمنح القائم بأعمال رئيس الحكومة مكانة رئيس حكومة في حال واجه لوائح اتهام، بمعنى أنه ليس مطالبا بالاستقالة من منصبه، وهذا من أجل ضمان استمرار نتنياهو في الحكومة عقب انتهاء ولايته بعد عام ونصف العام من تشكيل الحكومة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن غانتس، الذي أعلن أنه سيحارب فساد الحكم، طلب إقامة مقر خاص للقائم بأعمال رئيس الحكومة، لنفسه، أسوة برئيس الحكومة، وهذا بكلفة تصل إلى 4 ملايين دولار في ثلاث سنوات. وأمام كل هذا، كان غانتس قد تخلى كليا، بقراره، عن مشروع قانون من شأنه أن يمنع نتنياهو من تشكيل حكومة بعد انتخابات برلمانية تالية كونه يحاكم في قضايا فساد.

وهناك شبه اعتقاد لدى كثير من المحللين بأنه حتى في حال إقامة حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة بين حزبي الليكود و"أزرق أبيض" فإنها لن تدوم طويلا، وهناك من يشكك في أن يأتي الوقت الذي سيتاح فيه لرئيس الحزب الثاني بيني غانتس تولي رئاسة الحكومة، بعد عام ونصف العام من الآن.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات