المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 740

أفادت آخر الأنباء المتعلقة بمساعي تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن كلاً من المُكلف بتأليفها بيني غانتس، رئيس تحالف "أزرق أبيض"، ورئيس الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو، متمترسان في موقفيهما بشأن شكل الحكومة المقبلة، في أول لقاء جمعهما للتفاوض مساء الأحد، وكذا الأمر في اجتماع وفدي الكتلتين الأول، الذي سبق لقاء غانتس ونتنياهو.

وفي حال لم يتم العثور على "حل سحري" يزيل غالبية العقبات، وهي كثيرة، فإن الانتخابات الثالثة ستكون واردة، وهذا ما سيظهر بعد ثلاثة أسابيع، مع انتهاء المهلة الزمنية التي يمنحها القانون لتشكيل الحكومة.

وترى كتلة "أزرق أبيض" أن خيار الحكومة الضيقة، المدعومة خارجيا من القائمة المشتركة، ليس وارداً على الاطلاق، وهذا هو أيضاً موقف الشريك الافتراضي في حكومة كهذه، أفيغدور ليبرمان، زعيم "يسرائيل بيتينو"، كما أن الأمر يشهد معارضة واسعة داخل القائمة المشتركة، إذ أن ملامح حكومة كهذه تضم ليبرمان وجناحا يمينيا استيطانيا متشددا في داخل "أزرق أبيض" ستسقط الفكرة كليا عن جدول أعمال القائمة.

وقال عضو الكنيست من كتلة "أزرق أبيض" حيلي طروفر للإذاعة الإسرائيلية العامة إنه يرفض تشكيل حكومة ضيقة برئاسة غانتس، تعتمد على دعم خارجي من القائمة المشتركة. واستبعد إمكان حدوث ذلك. واعتبر خيار الحكومة الضيقة من "الدعايات الإعلامية لنتنياهو". وأشار إلى أن "أزرق أبيض" يقول دائما إن حكومة الوحدة الوطنية ستشكلها أحزاب تقبل بـ"إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية".

وأضاف طروفر أنه من أجل تغيير شيء ما يحتاج الليكود إلى تغيير خطه. وفي الوقت الحالي يرسخ الليكود بناء كتل وجدران في وجه الحكومة. وأضاف أنه ليس سرا أن "أزرق أبيض" لا يمتلك حلاً سحريا، وأكد أن "ما لدينا هو جهد حقيقي".

كما ترفض كتلة ""أزرق أبيض" أن يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة أولاً، وأعلنت الكتلة أيضا رفضها للمسار الذي طرحه رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، قبل خمسة أسابيع، وبموجبه إذا تم توجيه لوائح اتهام لنتنياهو، وهو رئيس حكومة في الدورة الأولى، فإنه يسلم كافة صلاحياته لغانتس.

كذلك فإن العقبة الأكبر التي تقف أمام "أزرق أبيض" ورئيسه غانتس هي تماسك التحالف بين الليكود والكتل الأربع الشريكة الفورية له، وتضم كلها مجتمعة 55 نائبا، وهي كتلتا الحريديم شاس ولها 9 نواب، ويهدوت هتوراة ولها 7 نواب، وكتلتا اليمين الاستيطاني المنشقتان حديثا عن تحالف "يمينا" وتضم كلاهما 7 نواب، وكتلة الليكود التي لها 32 نائبا.

ويطالب "أزرق أبيض" بأن يفاوض كل واحدة من الكتل البرلمانية هذه على انفراد، إلا أن هذا الموقف يلقى معارضة من الأحزاب الشريكة لليكود، رغم ظهور بعض التصريحات التي تدل على احتمال إجراء مفاوضات كهذه. فقد أبدت رئيسة حزب "اليمين الجديد" عضو الكنيست أييلت شاكيد نوعا من التحرر المحدود من سطوة نتنياهو على معسكر اليمين الاستيطاني، إذ قالت للإذاعة العامة إن حزبها قال عدة مرات إن المفاوضات تجري من خلال مندوبي الكتلة. وقالت "عندما اتصل بي غانتس بعد تلقيه التفويض، أخبرته أنه سيجتمع أولاً مع نتنياهو، ومن ثم سيكون من الممكن الجلوس والتحدث".

في المقابل أعلن رئيس تحالف يهدوت هتوراة، نائب وزير الصحة يعقوب ليتسمان، أنه إذا تلقى دعوة لمفاوضات مع "أزرق أبيض"، فإنه عنوانه سيكون وفد الليكود المفاوض، رافضا أي مفاوضات مباشرة بين الكتلتين. كما أعلن زعيم شاس آرييه درعي أن تحالف كتل اليمين الاستيطاني والحريديم لن يتفكك، وهو متماسك في الموقف، رغم أنه قال لاحقا إنه مستعد للانضمام إلى الحكومة، في حال وافق زعيم "يسرائيل بيتينو" ليبرمان، ورئيس حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد، على الحفاظ على الوضع القائم في كل ما يتعلق بعلاقة الدين والدولة، وقوانين وأنظمة السبت والحلال.

وصعدت كتلتا الحريديم في الأيام الأخيرة من موقفهما فيما يتعلق بقوانين وأنظمة الإكراه الديني، إذ طرحتا شرطا جديدا للانضمام للحكومة، إذا ما تشكلت برئاسة غانتس، وهو سن قانون من شأنه أن يلغي مبادرة بلدية تل أبيب التي أعلنت عنها في الأسابيع الأخيرة، لتسيير حافلات ركاب مجانية في أيام السبت، من أحياء بعيدة وخاصة فقيرة، نحو مراكز الترفيه. ويشكل هذا الشرط عبوة ناسفة أخرى في الطريق لتشكيل الحكومة، وفي حال رضخ لها "أزرق أبيض" فإنه سيدفع ثمنا سياسيا انتخابيا كبيرا في الانتخابات المقبلة.

وكانت بلدية تل أبيب قد أعلنت في مطلع الشهر الجاري أنها ستنشر في الأسابيع القليلة المقبلة مناقصة لتسيير حافلات للمواصلات العامة، في أيام السبت والأعياد اليهودية، في تحد واضح لقوانين الإكراه الديني، التي تمنع المواصلات العامة في المدن والبلدات اليهودية في تلك الأيام. ومن أجل تجاوز عقبة القوانين، فإن الحافلات ستعمل مجانا كي لا يتكون منصاعة لتعليمات وزارة المواصلات. كما شرعت بلدية تل أبيب بالتفاوض مع المدن المتشابكة مع المدينة من أجل توسيع نطاق هذه الحافلات.

وأمام هذا المشهد، الذي يُظهر وكأن كل الأبواب مسدودة، نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن مسؤولين كبار في "أزرق أبيض" قولهم إنهم شرعوا في إعداد اقتراح حل وسط جديد لبدء محادثات مع الليكود. وقالوا إنه بموجب الاقتراح ستتم إقامة حكومة من دون كتلتي الحريديم، في المرحلة الأولى، إلى حين إنهاء كل ما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة، وبضمن ذلك قانون الخدمة العسكرية، وقوانين تتعلق بفتح المحال التجارية وحركة المواصلات العامة أيام السبت.

وما يطرحه مسؤولو "أزرق أبيض" جاء سابقا على لسان ليبرمان، وهذا اقتراح سيكون مرفوضا كليا من نتنياهو الذي يريد الحفاظ على دعم الحريديم له.

من ناحيته أعلن الليكود أنه يصر على دخول الحكومة سوية مع كافة شركائه دون استثناء، وفي حكومة كهذه ستجد كتلة "ازرق أبيض" نفسها أقلية داخل الحكومة، حتى لو كان غانتس رئيسها، لأن حكومة كهذه ربما تضم كتلة حزب العمل، ولكن من شبه المؤكد أن ليبرمان سيختار البقاء خارجها، وكذا بالنسبة لكتلة "المعسكر الديمقراطي" التي تضم حزب ميرتس.

عدا هذا، فإنه حسب تصريحات سابقة، لدى "أزرق أبيض" تحفظات من مشاركة كتلة اليمين الأشد تطرفا، "البيت اليهودي- الاتحاد الوطني"، ولها 4 مقاعد من بينها النائب بتسلئيل سموتريتش، الذي يتولى حاليا وزارة المواصلات. كما أن الليكود ملتزم لموشيه فيغلين بتولي حقيبة وزارية، مقابل انسحابه من المنافسة في انتخابات أيلول، وهذا أيضا سيكون عائقا أمام "أزرق أبيض".

ويقف في خلفية التمسك بالمواقف الاعتقاد السائد لدى جميع الكتل البرلمانية، وبشكل خاص الكتلتين الأكبرين الليكود و"أزرق أبيض"، أنه في كل الأحوال ستكون هناك انتخابات برلمانية قريبة، إما في حال فشل غانتس بتشكيل الحكومة، أو حتى لو قامت حكومة في أي معادلة كانت، نظراً إلى أن حكومة كهذه تملأها التناقضات ولن تعمر طويلاً، وستقف الحلبة السياسية أمام انتخابات برلمانية أخرى، وحينها سيكون كل واحد من الأحزاب أمام مساءلة الجمهور حول أدائه في حكومة كهذه.

كما أن من مسببات تفكيك حكومة كهذه صدور قرار بتوجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو بمستوى يفرض عليه التخلي عن حقيبته الوزارية إذا كان يتولى وزارة، أو إقصاء نفسه عن صلاحية رئاسة الحكومة في حال كان رئيسا للحكومة حينها. وهو قرار من المتوقع أن يصدر في النصف الأول من العام المقبل، إن لم يكن أبعد من هذا. وفي حال اضطر نتنياهو للنزول عن المسرح السياسي، فإن حزبه سيشهد انتخابات داخلية لرئاسة الحزب، ولن تمر انتخابات كهذه من دون قلاقل داخلية، بسبب غياب شخصية بارزة بمكانة نتنياهو.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات