المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 699

حذرت منظمة إسرائيلية لحقوق الإنسان من مغبة تواطؤ منظومة القضاء العسكرية الإسرائيلية مع عمليات تحويل أسرى فلسطينيين اعتقلوا بموجب إجراء جنائي إلى الاعتقال الإداري بدلاً من الإفراج عنهم، وأكدت أنه بذلك تؤكّد هذه المنظومة أنّها تندرج ضمن أذرُع نظام الاحتلال الأكثر أذيّة وأنّها ليست سوى جهاز آخر في منظومة إدامة سيطرة إسرائيل على الشعب الفلسطينيّ.

وقالت منظمة "بتسيلم" (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) في سياق تقرير جديد لها صدر قبل عدة أيام:

تستخدم إسرائيل نوعين من الإجراءات لزجّ فلسطينيّي الضفة الغربية في السّجون: الإجراء الجنائيّ والإجراء الإداريّ. في بعض الحالات يجري اعتقال شخص بهدف التحقيق معه وفقط عند نهاية التحقيق يصدر القرار بخصوص أيّ من الإجراءين تختار الدولة - هذا إذا اختارت - للمضيّ في إجراءات إدخاله إلى السّجن.

ويُفترض أنّ الإجراءين يختلفان تماماً لكنّ الفرق في الواقع الفعليّ أقلّ من الفرق الشكليّ: في الإجراء الجنائيّ تقدّم الدولة لدى محكمة عسكريّة لائحة اتهام ضدّ المتّهم. ولكن بشكل عام تكون الأدلّة في هذه القضايا - مهما كانت عُرضة للتشكيك - واهية وتقتصر عادة على اعتراف المتّهم أو بإدانته استناداً إلى اعتراف شخص آخر ضدّه. لكنّ الأدلة على أيّة حال تكاد لا تلعب دوراً في الإجراء إذ أنّ المحكمة لا تعقد جلسة إثبات للنظر في الأدلّة إلّا في حالات استثنائيّة. ما يحدث عادةً هو أنّ الملفّات تُغلق دون أن تنظر فيها المحكمة حيث تعقد النيابة مع الدّفاع صفقة اعتراف يُتّفق فيها على أن يعترف المتّهم - عادةً مقابل شطب بعض بنود لائحة الاتّهام - ويقبل عقوبة معيّنة. وفي هذه الحالة لا يبقى لقضاة المحكمة سوى المصادقة على الصفقة التي تمّت خارج إطار الإجراء القضائيّ ومنحها صفة حُكم قضائيّ. وتفيد المعطيات حتّى نهاية شهر آب 2019 أنّ إسرائيل تحتجز 2851 فلسطينياً من سكّان الضفة الغربية يقضون عقوبة السّجن وفقاً لقرار حُكم قضائيّ.

وأضاف التقرير: إن من يوقّع أمر الاعتقال في إجراء الاعتقال الإداريّ هو قائد المنطقة العسكرية الوسطى وذلك استناداً إلى أدلّة تبقى محجوبة عن المعتقل، الذي لا يعرف حتى ما هي التّهمة الموجّهة إليه. لا يتمّ إطلاع المتّهم ولا محاميه على الأدلّة حتى في حالة الاستئناف على أمر الاعتقال، وبالتالي لا يمكنهما حتى محاولة تفنيد الأدلّة. وتفيد المعطيات حتى نهاية شهر آب 2019 أنّ إسرائيل تحتجز 413 فلسطينياً من سكّان الضفة الغربية رهن الاعتقال الإداري.

الفرق الجوهريّ والأساسيّ بين الإجراءين هو موعد الإفراج عن الأسير: في الإجراء الجنائيّ تكون العقوبة نهائيّة بحيث يعرف الأسير أنّه سيُفرج عنه ويعود إلى منزله عند انتهاء فترة محكوميّته. خلافاً لذلك، في إجراء الاعتقال الإداريّ يمكن تمديد أمر الاعتقال مراراً وتكراراً من دون تحديد عدد المرّات؛ ويمكن القيام بذلك حتى في يوم الإفراج عن المعتقل. من هنا فالمعتقلون الإداريّون لا يعلمون مطلقاً متى سيتمّ الإفراج عنهم. وكلّ ما يعلمونه هو مدّة "الوجبة" الحاليّة من الاعتقال الإداريّ.

وأشار التقرير إلى أنه في عدد من الحالات التي حقّقت فيها "بتسيلم" ألغى الجيش حتى هذا الفرق وأوعز باعتقال الأسرى إداريّاً فورَ انتهاء محكوميّتهم التي فرضتها المحكمة العسكرية. وتمّ تبليغ الأسير بأنّه معتقل إداريّاً عند موعد الإفراج عنه وهو في خضمّ استعداده للعودة إلى منزله واستعداد أفراد أسرته لاستقباله. ويُدخل هذا الأداء الأسرى وأسرهم في توتّر لا يُطاق وحالة من انعدام اليقين بخصوص موعد الإفراج، ناهيك عن تداعيات ذلك على بقيّة الأسرى الذين باتوا يخشون عدم الإفراج عنهم لدى انتهاء محكوميّتهم.

وختم التقرير: تتواطأ المحاكم العسكرية مع هذا الأداء إذ تصادق في جميع الحالات على تحويل الأسرى إلى الاعتقال الإداري بدلاً من الإفراج عنهم. وبذلك تؤكّد هذه المحاكم أنّها تندرج ضمن أذرُع نظام الاحتلال الأكثر أذيّة وأنّها ليست سوى جهاز آخر في منظومة إدامة سيطرة إسرائيل على الشعب الفلسطينيّ.

 

المصطلحات المستخدمة:

بتسيلم, دورا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات