قال تقرير مكتب الاحصاء المركزي إن نسبة البطالة في إسرائيل هبطت في الشهر الأخير من العام الماضي 2017، إلى مستوى 4%، بعد أن كانت في شهر تشرين الثاني الذي سبق 3ر4%. وحسب مكتب الإحصاء، فإن نسبة البطالة بين اليهود وحدهم في حدود 7ر3%، بينما نسبة البطالة بين العرب 5%. إلا أن الواقع الذي تعكسه تقارير سلطة التشغيل يبيّن بشكل واضح، أن نسبة البطالة في المجتمع العربي تتجاوز 10%. كما أن تقارير بحثية أكدت أن نسبة البطالة الحقيقية في إسرائيل من المفترض أن تكون أعلى، بعد احتساب من لا ينخرطون أصلا في سوق العمل، أو أولئك الذين يعملون قسرا في وظائف جزئية، كونهم لا يجدون وظائف كاملة تناسبهم.
وحسب التقرير، فإن عدد المنخرطين في سوق العمل في إسرائيل بلغ مع نهاية العام الماضي 362ر3 مليون نسمة، ونسبة المنخرطين في سوق العمل في الربع الأخير من العام الماضي، من جيل 15 عاما إلى 64 عاما، ارتفعت إلى 5ر61% مقابل 1ر61% في الربع الثالث من العام. أما نسبة الانخراط في سوق العمل، في الشريحة العمرية ما بين 25 عاما إلى 64 عاما، فقد بلغت 3ر80%، مقابل 9ر79%.
كما دلّ التقرير على زيادة طفيفة في نسبة الذين يعملون في وظائف جزئية بشكل قسري، من 2% في الربع الثالث إلى 3ر2% في الربع الأخير من العام 2017، وعلى أن النساء يشكلن ثلثي العاملين في الوظائف الجزئية قسرا. وتجاوز عدد العاملين الذين يعملون من خلال شركات قوى عاملة، وبظروف استبدادية، ومن دون ضمانات اجتماعية، 38 ألف عامل، مقابل 36 ألف عامل في الربع الثالث من العام.
وقال التقرير إن عدد العاملين في قطاع التقنية العالية، بكافة فروعه، بلغ 304 آلاف عامل، ثلثاهم من الرجال.
في حين قال تقرير آخر لسلطة التشغيل إن العام الماضي 2017، شهد تراجعا واضحا في أعداد طالبي العمل، في مكاتب السلطة، حيث أن إجمالي الذين توجهوا إلى مكاتب التشغيل في العام الماضي بلغ 406 آلاف عامل، من بينهم أكثر من 255 ألف عامل، كانوا من مستحقي مخصصات البطالة، ما يعني أنهم كانوا في مرحلة انتقالية من عمل إلى آخر. في حين أن قرابة 123 ألف شخص هم من مستحقي مخصصات ضمان الدخل، ما يعني أنهم إما من العاطلين عن العمل المزمنين، أو أنهم في جيل متقدم في السن من الذين يصعب ايجاد أماكن عمل لهم. بينما كان عدد الذين توجهوا إلى مكاتب التشغيل، بطلب ايجاد فرصة عمل، دون أن يكونوا مستحقين لمخصصات بطالة أو ضمان دخل، قرابة 28 ألف عامل.
ويشار إلى أن مخصصات البطالة يستحقها من أتم عمر 28 عاما، ولفترة زمنية لا تتعدى شهرين. ثم يبدأ الاستحقاق في الارتفاع تدريجيا، حتى فترة سبعة اشهر، لمن تجاوز عمره 35 عاما، ما يعني أن الكثير من الشرائح الشبابية العاطلة عن العمل، لا تتوجه لمكاتب التشغيل.
نسبة البطالة بين العرب أعلى
وكما ذكر، يدعي تقرير مكتب الاحصاء أن نسبة البطالة بين العرب 5%، مقابل 7ر3% بين اليهود وحدهم. ولغرض هذا التقرير، فحصنا نسبة البطالة الرسمية على مستوى المدن والبلدات العربية، وأيضا اليهودية لغرض المقارنة، وهذا وفق ما تنشر سلطة التشغيل، وآخر تقرير لها عن شهر كانون الأول، الأخير للعام 2017. وقد أظهرت المعطيات تراجعا طفيفا عن الأشهر التي سبقت، ما يعني أن معدل البطالة في كل واحدة من هذه البلدات في العام الماضي كانت أعلى من النسب التي نقرأها هنا.
ونسبة البطالة الأعلى بين العرب نجدها في صحراء النقب، حيث يعيش قرابة 230 ألف نسمة منهم، وهم يشكلون 15% من اجمالي فلسطينيي الداخل. وقد بلغت البطالة في كبرى مدن النقب، راهط، التي فيها أكثر من 60 ألف نسمة، 3ر12%. وفي البلدات الكبرى الأخرى في النقب، وجدنا: عرعرة النقب- 6ر25%، تل السبع- 16%، اللقية- 6ر15%، شقيب السلام- 8ر14%. وفي المجلسين الاقليميين اللذين يضمان عددا كبيرا من القرى الصغيرة، فإن نسبة البطالة هناك تتراوح ما بين 25% إلى 30%.
أما في مناطق الشمال والوسط، فقد كانت البطالة في الشهر الأخير من العام الماضي: في مدينة الناصرة، كبرى المدن العربية، والتي يعيش فيها أكثر من 80 ألف نسمة- 4ر7%، وهذه النسبة قائمة بعد جمع القرى الملتصقة بالمدينة، وبذلك يكون عدد السكان الاجمالي ما يزيد عن 120 ألفا (8 بالمئة من اجمالي العرب).
وفي مدينة أم الفحم، التي فيها ما يزيد عن 55 ألف نسمة- 9ر11%، والنسبة مشابهة أيضا في منطقة البطوف، حيث تقع مدينتا سخنين وعرابة وقرى دير حنا والمغار وكوكب أبو الهيجا، وفي هذه البلدات يعيش أكثر من 95 ألف نسمة.
وتتراوح نسب البطالة في منطقة شفاعمرو ما بين 4ر7% وحتى 10%، أقلها في مدينة شفاعمرو- 4ر7%، أما في مدينة طمرة فالنسبة 1ر9%، وفي هاتين المدينتين يعيش قرابة 75 ألف نسمة.
ووجدنا في منطقة الشاغور (الجليل الأوسط) حيث يعيش قرابة 45 ألف نسمة، نسبة بطالة في حدود 5ر6% بالمعدل. فمثلا كبرى هذه القرى، مجد الكروم، تبلغ نسبة البطالة فيها 6ر6%، ودير الأسد 4ر6%.
وأقل نسبة بطالة في المجتمع العربي وجدناها في مدن وقرى جنوب منطقة المثلث، وهي المنطقة الأقرب إلى منطقة تل أبيب الكبرى، حيث تراوحت نسب البطالة ما بين 7ر1% كما هو حال مدينة الطيرة (26 ألف نسمة)، وحتى 7ر4% كما هو في مدينة الطيبة (43 ألف نسمة). كما أن نسبة البطالة في مدينة قلنسوة (23 ألف نسمة) بلغت 9ر2%.
وهذا العرض السريع الذي يستعرض حال قرابة نصف الفلسطينيين في إسرائيل، يؤكد أن نسبة البطالة التي يقدرها مكتب الاحصاء المركزي هي أقل بكثير من الحقيقة. وعلى أساس هذه المعطيات بالإمكان القول، إن نسبة البطالة بين العرب تفوق 10%. وهذا يعني استنادا إلى كون نسبة البطالة 4%، في حين أن نسبة القوى العاملة العربية تعادل 5ر15%، أن نسبة البطالة بين اليهود تقل عن 9ر2%.
وللتأكد من هذا الاستنتاج، فحصنا نسب البطالة في المناطق اليهودية الكبرى، وخاصة منطقة تل أبيب الكبرى "غوش دان"، التي يعيش فيها 4 ملايين نسمة، من بينهم حوالي 75 ألف عربي، بمعنى أن في هذه المنطقة يعيش 60% من اليهود الإسرائيليين. ووجدنا في هذا الفحص أن البطالة في مدينة تل أبيب 7ر2%، ورمات غان 3ر2%، وريشون لتسيون 3%، وهرتسليا 2%، ورعنانا 7ر1%، وبيتح تكفا 9ر2%، وسافيون 7ر0%، وموديعين 2ر2% وحولون 9ر2%.
ووجدنا نسبة بطالة أعلى في منطقة حيفا، ففي مدينة حيفا 8ر3% (نسبة العرب في المدينة أكثر من 15%)، وفي بلدات الضواحي، كريات آتا (كفر أتا) 9ر4%، وكريات موتسكين 4%.
البطالة الحقيقية أعلى
يشار إلى أن نسب البطالة هذه التي تعلنها المؤسسات الإسرائيلية تأخذ بعين الاعتبار من عملوا ذات مرّة، وفقدوا مكان عملهم، أو أنهم توقفوا عن العمل لسبب ما. ولكنها لا تحسب من هم لا ينخرطون اطلاقا في سوق العمل إراديا، خاصة في جمهور الحريديم، الذين ينخرط 51% من رجالهم في سوق العمل، مقابل نسبة 82% بين الرجال اليهود، أو قسريا كما هو الحال لدى غالبية جمهور النساء العربيات، اللاتي نسبة انخراطهن في سوق العمل قرابة 35%، مقابل أكثر من 72% في جيل العمل لدى النساء اليهوديات.
وحسب تقرير قبل سنوات في بنك إسرائيل المركزي، فإن سوق العمل الإسرائيلية ستكون في حال نقص كبير في أماكن العمل، في ما لو ارتفعت نسبة انخراط النساء العربيات ورجال الحريديم في سوق العمل.
وكان تقرير صدر في نهايات العام 2016، عن مكتب الخبير الرئيسي في وزارة المالية، قد دلّ على أنه في حال تغيير في احتساب البطالة، من شأن ذلك أن يضاعف النسبة الرسمية، إذ أن احتساب البطالة في مكتب الاحصاء المركزي، يرتكز على أسئلة عالمية، لا تعكس بشكل حقيقي الواقع الميداني. كما يشار إلى أن قانون الخدمة العسكرية الالزامية يساهم هو أيضا في تخفيض نسب البطالة. وتتجاهل كل هذه التقارير واقع سوق العمل في المجتمع العربي، الذي فيه إقصاء 65% من النساء عن سوق العمل، بفعل سياسة التمييز العنصري.
ويقول تقرير الخبير ذاته إن معطيات البطالة الإسرائيلية منخفضة مقارنة مع البطالة العالمية، وأيضا مقارنة مع البطالة الإسرائيلية في الماضي. ولكن إذا جرى احتساب أولئك الذين يئسوا من البحث عن مكان عمل، وهم يعملون في وظائف جزئية، بخلاف إرادتهم، فإن البطالة الرسمية المعلنة ستتضاعف. فاحتساب البطالة في إسرائيل هو من عمل ولو ساعة واحدة في الأسبوع الذي يجري فيه مكتب الاحصاء المركزي الاستطلاع. في حين يقول الخبير إنه إذا ما جرى احتساب من لم يعمل على مدى الأسابيع الـ 14 الأخيرة، قبل اجراء الاستطلاع، فإن نسبة البطالة قد تنخفض إلى نسبة 9ر1% بدلا من 7ر4%. ولكن في المقابل، إذا تم شمل من يئسوا من البحث عن العمل خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة قبل اجراء الاستطلاع، فإن البطالة ستقفز إلى 1ر8%. ويؤكد التقرير أن 10% من المواطنين في إسرائيل موجودون بشكل دائم في هامش احتساب البطالة، نظرا ليأسهم من احتمال العثور على مكان عمل. والقسم الأكبر من هؤلاء هم من أبناء 45 عاما وحتى جيل التقاعد، الذي هو للرجال 67 عاما، وللنساء 62 عاما.
ويقول التقرير إنه إذا ما جرى احتساب اليائسين من العثور على مكان عمل، ومعهم أيضا من يئسوا ولكنهم يعملون بغير ارادتهم في وظائف جزئية، فإن نسبة البطالة ستقفز إلى 6ر10%، بدلا من البطالة الرسمية المعلنة 7ر4%. وفي هذه الشريحة بالذات، تظهر الفجوة الأكبر بين النساء والرجال، إذ أن ظاهرة اليأس من العثور على مكان عمل، أو الاضطرار للعمل في وظائف جزئية، منتشرة أكثر بين النساء، إذ تبين في المسح أن البطالة في هذه الحالة بين النساء ستقفز إلى 3ر12%، مقابل نسبة 3ر9% بين الرجال، علما أن الفارق بين النساء والرجال في البطالة الرسمية المعلنة هامشي.