كشفت منظمة "يش دين" (يوجد قانون) لحقوق الإنسان أن المخطط الهيكلي لمستوطنة "مخماش مزراح"، الذي بادرت إليه شركة أمانا ويدفع نحو تنفيذه المجلس الإقليمي مطيه بنيامين ومديرية الاستيطان بدعم من وزير الدفاع الإسرائيلي، يسعى إلى تحويل منطقة المستوطنات معاليه مخماش، ريمونيم، پساچوت وكوخاڤ يائير، الواقعة شرقي رام الله، إلى "ضاحية سكنية ذات مميّزات ريفية وشبه مدينية يسكنها 77 ألف نسمة" حتى العام 2040.
وأضافت أنه في إطار هذا المخطط تسعى الدولة لشرعنة البؤرة الاستيطانية غير القانونية متسبيه داني.
وجاء في بيان خاص صادر عن "يش دين" الأسبوع الماضي:
يهدف المخطط الذي بادرت إليه أمانا في التسعينات ومرّ بعدة تغييرات، إلى خلق تواصل مديني من الجهة الشرقية لشارع 60، على طريق ألون. وقد أقرّ مجلس التنظيم الأعلى للإدارة المدنية قبل عدة أشهر التقدّم في المخطط الهيكلي الذي تعكف عليه مديرية الاستيطان، ويشتمل على خطة لتوسيعٍ مكثّفٍ لمستوطنات المنطقة، وإقامة ما يقارب 2500 وحدة سكنية جديدة على مساحة 790 دونمًا. المخطط مكوّن من عدة مراحل، سيتمّ فيها بناء مئات الوحدات السكنية في كل واحدة من مستوطنات المنطقة.
يسكن اليوم في المستوطنات الأربع وفي البؤرة الاستيطانية متسبيه داني، حسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي، نحو 6000 مستوطن. ويبلغ إجمالي عدد سكان المجلس الإقليمي مطيه بنيامين الذي تتبع له هذه المستوطنات وغيرها، حوالي 55 ألف مستوطن. بمعنى، أن المخطط يقدّر زيادة بأكثر من 70 ألف مستوطن في المستوطنات الأربع والبؤرة المذكورة أعلاه، في غضون أقل من 25 عامًا. أما بالنسبة لمعاليه مخماش، فالتقدير حسب المخطط هو أن يصل عدد سكانها إلى 7000 مستوطن في العام 2040. ويقدّر المخطط أن الزيادة السكانية السنوية في التجمع الاستيطاني الجديد ستكون أعلى من الزيادة الحالية في بعض هذه المستوطنات وأعلى من المعدل السنوي في مستوطنات الضفة الغربية عمومًا.
وقدّمت مديرية الاستيطان المخطط إلى مجلس التنظيم الأعلى الذي أقرّ أسس المخطط في جلسته المنعقدة في تشرين الأول 2015. وذكر المبادرون للمخطط في الجلسة أنّ إمكانيات توسّع المستوطنات محدودة بسبب النقص في الأراضي "التابعة لملكية الدولة أو لملكية يهود". كما أُشير إلى عدم وجود إمكانية تقريبًا لتوسيع كوخاڤ يائير، ريمونيم وپساچوت، ولذا فالاقتراح المطروح هو تحويل المخطط الهيكلي لمعاليه مخماش إلى مخطط إقليمي، لأن المستوطنة والبؤرة الاستيطانية المحاذية لها (متسبيه داني) فيها "عرض كبير نسبيا من أراضي الدولة".
في تشرين الثاني الأخير رفضت محكمة العدل العليا التماسًا قدّمته "يش دين" في العام 2009 باسم رئيس مجلس القرية الفلسطينية دير دبوان، طالبًا هدم مبنى أُنشئ على أراضٍ عامة للقرية. وقد رفضت المحكمة الالتماس بعد أن بدأت الدولة التقدّم في شرعنة البؤرة الاستيطانية "متسبيه داني".
من ناحية أخرى قالت "يش دين" إنه إزاء التحريض المتواصل ضد منظّمات حقوق الإنسان في إسرائيل، والذي يحرف الأنظار عن الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان، تدعو إلى العودة للحديث عن القضايا الأساسية. وتقدّم منظّمة "يش دين" اليوم، وبالأرقام، ملخّص المخالفات التي تمّ ارتكابها بحق فلسطينيين على خلفية أيديولوجية خلال العام 2015، وذلك وفق المعلومات التي جمعتها المنظّمة خلال معالجتها الجارية للملفّات.
وأضافت أنه في العام 2015 وثّقت "يش دين" 135 مخالفة بحق فلسطينيين على خلفية أيديولوجية، منها 58 حادثة عنف و39 حادثة انتهاك لممتلكات. ومن أصل الحوادث التي تمّ ارتكابها، وقعت 27 حادثة داخل حدود البيوت أو البلدات الفلسطينية، ومنها 6 حوادث إضرام نار أو محاولة لإضرام نار في بيوت مأهولة بسكانها الفلسطينيين.
مركز عدالة: فقط 6ر4% من الوحدات السكنيّة التي سوّقتها دائرة أراضي إسرائيل في 2015 كانت مخصصة للبلدات العربيّة!
أصدر مركز عدالة القانوني لحقوق الفلسطينيين في إسرائيل تقرير يوم الأرض السنويّ والذي يرصد فيه المناقصات الحكوميّة التي أصدرتها دائرة أراضي إسرائيل ووزارة البناء والإسكان في العام 2015، مبينًا فيه استمرار وتصعيد السياسات العنصريّة التي تنتهجها السلطات الإسرائيليّة والتي تسبب بشكلٍ مباشرٍ في تفاقم أزمة الأرض والمسكن في القرى والمدن الفلسطينيّة داخل إسرائيل.
وجاء في التقرير أنّ فحص المناقصات الحكوميّة يؤكّد أن الأغلبيّة الساحقة من مناقصات تسويق الأراضي ومساعي تخفيض أسعار البيوت، تُخصص للتجمّعات السكّانيّة اليهوديّة أو المختلطة، بينما لا تُبذل أي جهود لحل أزمة المسكن في 136 قرية ومدينة عربيّة يعيش فيها 91% من المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل.
وتشير المعلومات التي نشرها مركز عدالة في تقريره إلى أن 6ر4% فقط من الوحدات السكنيّة التي سوّقتها دائرة أراضي إسرائيل في العام 2015، كانت مخصصة للبلدات العربيّة التي يشكّل سكّانها نحو 20% من مواطني الدولة. فبينما سوّقت 38095 وحدة سكنيّة في التجمّعات اليهوديّة والمختلطة، لم تسوّق إلا 1835 وحدة سكنيّة في البلدات العربيّة. أما الوحدات السكنيّة التي تم تسويقها ضمن برنامج "السعر للساكن" – وهو برنامج من شأنه تخفيض أسعار البيوت – فلم تكن حصّة البلدات العربيّة منها إلا 5ر2% فقط. وبينما سوّق هذا البرنامج 27539 وحدة سكنيّة للتجمعات اليهوديّة والمختلطة، سوّق 729 وحدة فقط للبلدات العربيّة. كما يشير التقرير إلى أن البلدات العربيّة حصلت على 2 من 20 مناقصة فقط لإقامة مناطق صناعيّة، و5 من 42 مناقصة فقط لإقامة مناطق تجاريّة.
ويتطرّق تقرير عدالة إلى البلدات القرويّة في قائمة "الأفضليّة القوميّة" وهي مناطق تستحق دعمًا حكوميًّا يتراوح بين نسبة 20% و 70% من ميزانيّة تطوير المباني الجديدة في البلدات المدرجة في القائمة. وبينما لا تحتوي القائمة على أكثر من 30 قرية عربيّة من أصل 558 بلدة قرويّة مستحقة (أي نسبة 5% فقط، وهي كلها مصنفة بالحد الأدنى من استحقاق الدعم)، فعلى أرض الواقع لا تحصل كل البلدات في القائمة على هذا الدعم. ففي العام 2015 حصلت 363 بلدة قروية على هذا الدعم، منها 3 قرى عربيّة فقط – أي بنسبة 8ر0%.
وأكد تقرير عدالة أن أزمة المسكن في القرى والمدن العربيّة ليست تحصيل حاصل الإخفاقات الموضعيّة أو الإهمال غير المتعمّد من قبل سلطات الدولة، إنما هي نتيجة سياسة موجّهة ومنهجيّة ترى، منذ قيام إسرائيل وحتّى اليوم، في المجتمع العربيّ مجتمعًا دخيلًا ومعاديًا، يتناقض جوهريّا مع أيديولوجيا تهويد الأرض الصهيونيّة. وعليه، فإن حلول أزمة المسكن في المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل لا يمكنها أن تكون عادلة أو ناجعة من دون إصلاح الغبن التاريخيّ المستمر بحقّ الشعب الفلسطينيّ، ومن خلال مواجهة شاملة وعميقة لهذا الغبن التاريخيّ على كل المستويات التاريخيّة المذكورة.