المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1812

تعتزم إسرائيل بناء جدار على طول الحدود بينها وبين الأردن، وقسم كبير منها يقع في الضفة الغربية المحتلة، بادعاء أن من شأن جدار كهذا أن يمنع دخول لاجئين سوريين وعراقيين ومسلحين ومهربين إليها.

وفي هذه الأثناء، بدأت إسرائيل، أول من أمس الأحد، بأعمال بناء جدار بطول 30 كيلومترا في القسم الجنوبي من الحدود الأردنية – الإسرائيلية ويبدأ من مدينة إيلات وذلك لحماية مطار "تمناع"، بموجب قرار اتخذه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، في شهر حزيران الماضي.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية بصدد نشر عطاءات لبناء الجدار على طول الحدود مع الأردن.

وقالت صحيفة، أول من أمس، إن إسرائيل أبلغت الأردن بإقامة الجدار وتعهدت بألا تمس بسيادة الأردن ومصالحه القومية. وقال مسؤول أمني إسرائيلي إن "الجدار على الحدود مع الأردن من شأنه أن يسد الحدود أمام طالبي اللجوء والناشطين الإرهابيين وتهريب السلاح والمخدرات وغير ذلك من الجرائم".

ورفض رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، دعوة رئيس المعارضة، إسحاق هرتسوغ، إلى استقبال لاجئين سوريين "بصورة مراقبة" في إسرائيل، معتبرا أنه "لا يوجد لدى إسرائيل عمق ديمغرافي ولا جغرافي" يسمح باستقبال اللاجئين.

لكن قضية اللاجئين ليست القضية الوحيدة التي تثير اهتمام إسرائيل في سورية، إذ رصد الإسرائيليون سلسلة من الأنباء، التي ترددت منذ الأسبوع الماضي، واعتبروا أنها تشير إلى تزايد ملحوظ في الدعم العسكري الذي تمنحه روسيا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويبدو أن التخوف والقلق الأساس بالنسبة لإسرائيل، هما من احتمال حدوث نشاط لسلاح الجو الروسي في الأجواء السورية بهدف حماية نظام بشّار الأسد.

وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أن الانتقادات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى روسيا في هذا السياق كانت "ضعيفة"، وأنها لا تتعدى كونها "ضريبة كلامية" للموقف الأميركي الأصلي الذي طالب برحيل الأسد عن الحكم.

كذلك تعتبر تقديرات الجهات الأمنية الإسرائيلية أنه بعد مرور أربع سنوات ونصف السنة على الحرب الأهلية في سورية، ورغم الضربات الشديدة التي تلقاها، يبدو أن الأسد، الذي لن يتمكن في هذه المرحلة من استعادة السيطرة التي فقدها على أكثر من نصف الأراضي السورية، سيتمكن من الاستمرار في الإمساك بمقاليد الحكم، بمساعدة الدعم الروسي والإيراني وعلى ضوء تركيز الغرب على محاربة تنظيم "داعش".

وأثار تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مؤخرا، عن أن روسيا أرسلت إلى سورية في الفترة الأخيرة خبراء عسكريين وتعتزم إبقاء نحو ألف مستشار في مدينة اللاذقية الساحلية، تخوفات إسرائيلية من أن روسيا تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية روسية في هذا الجيب الذي يسيطر عليه النظام السوري، وغالبية سكانه من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

ويشار إلى أن الولايات المتحدة نفسها عبرت عن قلقها من هذا التقرير الأميركي، كما أن وزير الخارجية، جون كيري، حذر نظيره الروسي، سيرغي لافروف، من أن هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد إضافي في الحرب الأهلية.

وكانت تقارير دولية عدة ذكرت الأسبوع الماضي، نقلا عن مصادر في المعارضة السورية، أن روسيا زودت الجيش السوري بناقلات جند مدرعة حديثة. كذلك ادعت المصادر نفسها أن جنودا روس ضالعون في القتال في هذه الدولة. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن طائرات مقاتلة روسية ضالعة في القتال في سورية.

وكانت صحيفة "هآرتس" قد ذكرت، في تموز الفائت، أن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية تشير إلى أنه على الرغم من خسائر مني بها النظام السوري في الشهور الماضية، فإن روسيا وإيران مصرتان على ضمان بقاء النظام السوري. ووفقا لهذه التقديرات، فإن روسيا وإيران قررتا نقل أسلحة أخرى إلى النظام السوري وتزويده بمعلومات استخبارية في إطار صراعه ضد التنظيمات المسلحة العديدة التي تسعى إلى إسقاط حكمه.

ويعتبر جهاز الأمن الإسرائيلي أنه فيما كانت تعمل روسيا وإيران كلا على حدة في سورية في الماضي، ففي أعقاب توقيع الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران، في بداية تموز الماضي، تتزايد المؤشرات التي تدل على أنه بدأت تعمل قنوات تنسيق جديدة بين موسكو وطهران. وقالت تقارير صحافية إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، الذي يعتبر مسؤولا عن الدعم الإيراني لحزب الله وغيره من التنظيمات المسلحة في المنطقة، زار موسكو. وحاولت روسيا نفي هذا النبأ، خاصة وأن سليماني يخضع لعقوبات دولية تقضي بمنعه من السفر.

يشار إلى أن روسيا هي حليفة دائمة للنظام السوري، قبل الأزمة الحالية وخلالها. وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد تمكن من منع هجوم أميركي ضد سورية في أعقاب تهديد أطلقه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في صيف العام 2013، بسبب السلاح الكيميائي الذي بحوزة النظام. وتمكن بوتين من منع هجوم كهذا بعدما بادر إلى تفكيك سورية من ترسانتها الكيميائية.

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أمس الاثنين، أن أوباما وزعماء غربيين خففوا في الفترة الأخيرة من خطابهم ضد الأسد، على خلفية تزايد قوة "داعش" والتحسب من أن إسقاط نظام الأسد سيؤدي إلى سيطرة "منظمات سنية متطرفة على دمشق" وارتكابها مجازر واسعة النطاق بحق مواطنين سوريين من طوائف أخرى وموالية للأسد، وفي مقدمتها الطائفة العلوية.

وترى إسرائيل أن الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد "داعش" في العراق وسوريا ساعدت نظام الأسد بصورة غير مباشرة، لأنها أضعفت بقدر معين أحد أعدائه المركزيين وجعلت هذا التنظيم يركز جزءا من جهوده في الدفاع عن نفسه.

ووفقا لهرئيل، فإنه في ظل الوضع الآن، فيما الأميركيون لا يعملون على إسقاط الأسد وروسيا وإيران تزيدان دعمهما له، تتزايد الاحتمالات بأن ينجح الأسد في جعل خطوطه الدفاعية مستقرة، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها والمعنويات المتدنية في قواته والسيطرة المتواصلة لقوات المعارضة على مناطق في البلاد.
ولفت هرئيل إلى أنه "منذ سنوات وإسرائيل لا تؤيد إسقاط نظام الأسد، وإنما هي معنية باستمرار الوضع القائم وبقاء نظام الأسد ضعيفا ويسيطر على ’سورية الصغرى’ فقط، وهي منطقة تعادل مساحتها أقل من نصف المساحة الأصلية للدولة الأم".

واعتبر هرئيل أنه "على الرغم من ذلك، فإن التطورات الجديدة ليست مشجعة بالنسبة لإسرائيل، إذ أنه وفقا لتقارير أجنبية دائمة في الإعلام الأجنبي، وإسرائيل لم تكلف نفسها التعقيب عليها، يهاجم سلاح الجو الإسرائيلي مرة كل بضعة شهور قوافل أسلحة، تنقل أسلحة من سورية إلى حزب الله في لبنان. وهذه الغارات المنسوبة لإسرائيل، والرامية إلى منع تزود حزب الله بأسلحة حديثة، يتم شنها دون عائق تقريبا بسبب ضعف سلاح الجو السوري والقدرة المحدودة نسبيا لمنظومات الدفاع الجوي لدى سوريا وحزب الله".

وأضاف "لكن إذا نشرت روسيا فعلا طائرات مقاتلة وأقامت قاعدة جديدة في سورية، فإن إسرائيل ستضطر إلى مواجهة قيود من نوع آخر تماما، خاصة إذا انضمت إلى هذه الطائرات منظومات صواريخ روسية مضادة للطائرات. وجرى الحديث في السنوات الأخيرة عن ’معركة بين المعارك’، وهي عبارة عن نشاط عسكري واستخباري بمستوى منخفض بهدف منع تعاظم قوة التنظيمات الإرهابية في المنطقة وإبعاد خطر الحرب المقبلة. ودخول روسيا إلى الجبهة الروسية سيغير قواعد اللعبة".

وخلص هذا المحلل إلى أنه "في بداية سنوات السبعين، عندما أرسل الاتحاد السوفييتي (السابق) مستشارين إلى مصر وروسيا، أقيمت على وجه السرعة في الوحدة المركزية لجمع المعلومات في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، المعروفة بالوحدة 8200، دائرة باسم ’ماسريغا’، والتي عملت على التجسس بواسطة التصنت على النشاط الروسي في المنطقة. ورغم أن علاقات إسرائيل وروسيا تحسنت في العقود التي مرت منذئذ، غير أن تواجدا عسكريا متزايدا للروس في المنطقة من شأنه أن يلزم في المستقبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ببذل جهد أكبر في هذا الاتجاه أيضا" أي في اتجاه التجسس على الروس.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات