المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1822

رفع نسبة الحسم لن يقلل من عدد الكتل البرلمانية  كل استطلاعات الرأي تشير إلى غياب جديد للكتلة الكبيرة وكل حكومة سترتكز على 7 كتل برلمانية كحد أدنى، ما سيؤجج الأزمات الحكومية  لاعبان مركزيان سيساهمان في حسم شكل النتيجة النهائية: نسبة التصويت العامة وبين العرب خاصة، وفوز أو خسارة قائمة "ياحد" التي تضم الإرهابي مارزل

 

تجري الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية للكنيست العشرين يوم الثلاثاء المقبل، السابع عشر من آذار الجاري، وسط تقديرات شبه مؤكدة بأن الدورة البرلمانية ستضم في يومها الأول من 10 إلى 11 كتلة برلمانية، وستغيب عنها الكتلة البرلمانية الكبيرة، في حين أن أي حكومة ستتشكل، وكي تكون ذات أغلبية مقنعة، ستحتاج إلى ائتلاف 7 كتل برلمانية على الأقل، وهذا ما يعزز الانطباع بأن التوجه سيكون نحو حكومة "وحدة قومية"، إلا أنها ستكون حكومة أزمات سياسية كما علّمت التجربة.

 

وأحد العناوين الأولى التي قد تحملها نتائج الانتخابات البرلمانية هي أن نسبة الحسم، التي جرى رفعها من 2% حتى الانتخابات السابقة إلى 25ر3% في هذه الانتخابات، لم تأت بالنتيجتين "المرجوتين" منها، وأولها محاولة ضرب تمثيل فلسطينيي 48 البرلماني، الذين توحدوا ضمن قائمة مشتركة واحدة، وفي حال تحققت توقعات استطلاعات الرأي، فقد تكون القوة الثالثة في الكنيست، لتضم ما بين 12 إلى 14 مقعدا. والنتيجة الثانية هي تقليص عدد الكتل البرلمانية، فالعدد المتوقع لدخول الكنيست في اليوم الأول أقل بكتلة واحدة من عدد القوائم التي اجتازت نسبة الحسم في الانتخابات السابقة.

 

المشاركون في الانتخابات

  ترجح الاستطلاعات دخول 11 قائمة انتخابية إلى الكنيست، من أصل 26 قائمة تتنافس على الانتخابات حتى مطلع الأسبوع الجاري، بمعنى أن الباب ما يزال مفتوحا حتى يوم الجمعة القريب لانسحاب قوائم انتخابية، لا فرصة لها في عبور نسبة الحسم، وكان قد شارك في الانتخابات السابقة 34 قائمة انتخابية.

 

ونورد في ما يلي القوائم المرشحة للفوز بمقاعد، وفق حجمها في استطلاعات الرأي.

 

"المعسكر الصهيوني"- وهو القائمة التحالفية بين حزب "العمل" برئاسة إسحاق هرتسوغ، الذي كان له في الدورة المنتهية 15 مقعدا، وبين "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني، التي انشقت في أواخر العام 2012 عن حزبها "كديما" وشكلت حزب "الحركة" وفازت بـ 6 مقاعد، بينما حزب "كديما" الذي أسسه أريئيل شارون في أواخر العام 2005، حصل على مقعدين، ولا يخوض الانتخابات الحالية.

وتتوقع استطلاعات الرأي حصول "المعسكر الصهيوني" على ما بين 23 إلى 25 مقعدا. وهو يُعد المنافس على تشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن احتمالات هذا تبقى ضعيفة، بعد أن أوضحت كتل المتدينين المتزمتين أنها أقرب إلى حزب "الليكود" من قائمة "المعسكر الصهيوني"، وأيضا بسبب التوجهات اليمينية لشكل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، التي أطلقها المنشق عن حزب "الليكود: موشيه كحلون، وشكّل قائمة لخوض الانتخابات.

 

"الليكود"- برئاسة بنيامين نتنياهو، وتتوقع له استطلاعات الرأي ما بين 22 إلى 24 مقعدا، وفي أحيان كثيرة يتساوى في استطلاعات الرأي مع قائمة "المعسكر الصهيوني". وهو الحزب صاحب الاحتمالات شبه المؤكدة، الذي سيشكل الحكومة المقبلة، بسبب القاعدة الائتلافية التي سيحظى بها، ولكن من الواضح أنه سيقود حكومة أزمات تحمل في داخلها الكثير من الصراعات بين مركبّات الائتلاف.

 

"القائمة المشتركة"- القائمة الوحدوية للأحزاب الناشطة في الشارع العربي، وهي تتشكل أساسا من الكتل الثلاث التي لها تمثيل في الدورة المنتهية، وكان لها 11 مقعدا. وهي تضم الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي في صلبها الحزب الشيوعي، ثم الحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي)، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير.

وباتت استطلاعات الأسبوعين الأخيرين، بغالبيتها الساحقة، تمنح هذه القائمة 13 مقعدا، أي بزيادة مقعدين، ولكن هذا سيعتمد على نسبة التصويت في الشارع العربي، التي حسب استطلاعات داخلية ستسجل ارتفاعا. كما أن هذه النتيجة قابلة للارتفاع في حال لم تتجاوز كتلة "ياحد" المتطرفة نسبة الحسم، وارتفعت نسبة التصويت بين العرب أكثر. وتطرح القائمة هدف الفوز بـ 15 مقعدا.

 

"البيت اليهودي"- وهو تحالف أحزاب ناشطة أساسا بين المستوطنين، ولكن الجسم الأكبر في هذه القائمة، هو حزب "المفدال" الديني اليميني المتطرف، ثم هناك أحزاب أصغر، في غالبيتها إذا لم تكن كلها منشقة منذ سنوات طويلة عن حزب "المفدال". وتتوقع استطلاعات الرأي لهذه القائمة ما بين 11 إلى 13 مقعدا. ومن المفترض أنها الشريك الأول لحزب "الليكود" في الحكومة المقبلة. وليس واضحا ما هو خيار هذه القائمة في حال قرر الليكود مفاوضة "المعسكر الصهيوني" لتشكيل حكومة وحدة. 

 

"يوجد مستقبل"- برئاسة من كان وزيرا للمالية حتى الإعلان عن الانتخابات المبكرة، يائير لبيد. وتتوقع استطلاعات الرأي حصول هذه القائمة ما بين 10 إلى 13 مقعدا، إذ أنها باتت تسجل ارتفاعا ما في الاستطلاعات الأخيرة. وعلى الرغم من أن هذا عدد مقاعد يُعد تراجعا كبيرا عما حصل عليه الحزب في الانتخابات السابقة، 19 مقعدا، إلا أنها تبقى نتيجة مفاجئة. وقد توقع المراقبون والمحللون أن يتلقى هذا الحزب ضربة أقوى ويحصل على أقل من 10 مقاعد. وهذا الحزب على الرغم من تلميحه بتأييد مرشح "المعسكر الصهيوني" لتشكيل الحكومة، إلا أنه قد ينضم على الأغلب لحكومة الليكود، برئاسة نتنياهو.

 

"كولانو" (كلنا)- برئاسة موشيه كحلون، المنشق عن حزب "الليكود"، وهو قائمة "اللاعب الجديد" في هذه الانتخابات. وتتوقع الاستطلاعات حصوله على ما بين 7 إلى 9 مقاعد. رغم أنه في استطلاعات الرأي التي ظهرت فور الإعلان عن الانتخابات المبكرة، كان يحصل على ما بين 11 إلى 14 مقعدا. ولكن كحلون أعلن في وقت لاحق عن توجهات يمينية في ما يتعلق بآفاق حل الصراع، ما جعله محسوبا أكثر على معسكر اليمين المتشدد، خاصة وأنه كان في هذا الجناح في حزب "الليكود" قبل الانشقاق عنه.

 

"شاس"- لليهود المتدينين المتزمتين "الحريديم"، من اليهود الشرقيين، برئاسة آرييه درعي، وتتوقع استطلاعات الرأي حصول هذه القائمة على 7 إلى 8 مقاعد، بدلا من 11 مقعدا في الانتخابات السابقة. وكانت حركة "شاس" قد شهدت في الشهر الأخير من العام الماضي انشقاقا، برئاسة الرئيس السياسي السابق في الحركة إيلي يشاي، ووصل هذا الانشقاق إلى ما يسمى "مجلس حكماء التوراة"، القيادة الروحية للحركة، التي شهدت أزمة بعد موت الزعيم المؤسس لحركة "شاس" عوفاديا يوسيف، قبل عام ونصف العام. والنتيجة النهائية لهذه القائمة ستتأثر من احتمالات فوز أو خسارة القائمة الانشقاقية "ياحد".

 

"يهدوت هتوراة"- القائمة التحالفية للحريديم "الأشكناز" (اليهود الغربيين)، وهي على هذا التحالف الذي يضم عدة أحزاب منذ العام 1992. وتتوقع لها استطلاعات الرأي ما بين 6 إلى 8 مقاعد، مقابل 7 مقاعد لها اليوم، وهي قائمة متشددة أكثر بشأن الشرائع، وحسب التقديرات فإن 95% من أصواتها تصل فقط من "الحريديم" الأشكناز، بعكس قائمة "شاس" التي حسب التقديرات، فإن ما بين 50% إلى 60% من أصواتها فقط تأتي من "الحريديم" الشرقيين. وكما "شاس" فإن "يهدوت هتوراة" ستتجه بشكل شبه مؤكد لتكليف نتنياهو لتشكيل الحكومة المقبلة.

 

"ميرتس"- الحزب اليساري الصهيوني، برئاسة زهافا غالئون، وتتوقع له استطلاعات الرأي ما بين 5 إلى 6 مقاعد، وهذا الحزب على الأغلب سيبقى في صفوف المعارضة، سوية مع القائمة المشتركة، لأنه لن يشارك في حكومة، إلا برئاسة "المعسكر الصهيوني"، ومن دون شركاء اليمين المتطرف.

 

"يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)"- بزعامة أفيغدور ليبرمان، الذي تتوقع له استطلاعات الرأي غالبا ما بين 5 إلى 6 مقاعد، وفي أحيان قليلة جدا يحصل على 7 مقاعد، بدلا من 11 مقعدا في الانتخابات السابقة، وقد تلقى هذا الحزب ضربة بعد تكشف فضائح فساد تورط فيها مسؤولون كبار في المؤسسات الحكومية، محسوبون على حزبه، وتورط فيها سياسيون، وخاصة من كانت نائبة وزير الداخلية في حزبه. وأعلن ليبرمان أنه لن يشارك إلا في حكومة يرأسها الليكود، ولا تضم "المعسكر الصهيوني".

 

"ياحد"- برئاسة إيلي يشاي، وهي القائمة السابق ذكرها، ومنشقة عن حركة "شاس"، ولكنها تضم أيضا نائبا منشقا عن كتلة المستوطنين "البيت اليهودي"، وكذلك حركة "كاخ" الإرهابية، بزعامة الإرهابي باروخ مارزل، الذي يقود الحركة تحت اسم "قوة يهودية"، وتتوقع استطلاعات الرأي حصول هذه القائمة على 4 مقاعد، وهو عدد المقاعد الأدنى الذي يمكن أن يكون لكتلة برلمانية تجتاز نسبة الحسم الجديدة، ما يعني أن القائمة ما تزال تصارع نسبة الحسم. وهي قائمة في غاية التطرف، رغم أن لرئيسها يشاي كانت مواقف أقل تشددا في ما مضى. كذلك فإنه على الرغم من أنها قائمة ستدعم تكليف نتنياهو لتشكيل الحكومة، إلا أن الأخير سيواجه صعوبة في ضم هذه الكتلة، نظرا لعضوية مارزل فيها، وهو السيناريو الذي كان قائما أمام نتنياهو، بأسماء أخرى، لدى تشكيله الحكومة بعد انتخابات 2009.

 

لاعبان سيحسمان النتيجة من حيث التوازنات

 

اللاعبان المركزيان اللذان سيحسمان النتيجة بقدر كبير، على صعيد التوازنات الحزبية، هما نسبة التصويت بين العرب، والثاني مصير قائمة "ياحد"، التي إن لم تجتز نسبة الحسم فستغير النتيجة العامة بقدر ملحوظ.

 

نسبة التصويت العامة في الانتخابات الأخيرة كانت في حدود 6ر67%، ولكنها بين اليهود كانت 5ر69%، وبين العرب قرابة 56%. وكانت أدنى نسبة تصويت تم تسجيلها في الانتخابات البرلمانية في العام 2006، حينما بلغت 64%.

 

كذلك فإن نسبة التصويت بين اليهود في تفاوت كبير، ففي معاقل اليمين المتشدد، مثل المستوطنين وغيرهم، يصل معدل التصويت إلى 85%، وفي مستوطنات صغيرة تجتاز 90%. ونسبة التصويت الأعلى نجدها في تجمعات "الحريديم"، حيث تتجاوز نسبة 90% عادة. وفي المقابل فإن نسب التصويت لدى الجمهور اليهودي العلماني، ومعاقل تصويت "الوسط" و"اليسار الصهيوني"، تتراوح ما بين 52% إلى 56%، وهي نسب شبيهة بنسب التصويت بين العرب، ودلالة على هذا نجدها في منطقتي تل أبيب وحيفا.

 

وتقول سلسلة من استطلاعات الرأي، خاصة في الاستطلاعات الداخلية لأحزاب تشارك في "القائمة المشتركة"، إن نسبة التصويت بين العرب ستشهد ارتفاعا، ويجري الحديث على ما بين 62% إلى 64%، وفي هذا تقليص للفجوة بين نسبة العرب واليهود، ولكنها ليست كافية كليا لرفع جدي في تمثيل القائمة.

 

ومن شأن رفع نسبة التصويت بين العرب أن ترفع نسبة التصويت العامة، ولكن في هذه المعادلة لن يتضرر تمثيل "القائمة المشتركة" كون أن جمهورها هو الذي رفع النسبة. بينما المتضرر من رفع نسبة التصويت العامة ستكون قائمة "ياحد"، التي تصارع نسبة الحسم. كما أن حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة ليبرمان قد يتراجع أكثر، كحالة افتراضية تعتمد نتائج استطلاعات الرأي.

 

وفي حال سقطت قائمة "ياحد" فإنها ستزيل معها عشرات آلاف كثيرة من الأصوات، لدى احتساب المقاعد الصافية، ما سيفيد الكتل الكبيرة، ومن بينها "القائمة المشتركة"، ولكن هذه خسارة مباشرة لمعسكر اليمين المتطرف، بمعنى أن التوزيعة النهائية ستتأثر بشكل ملحوظ.

 

وللتوضيح، فإن كل استطلاعات الرأي تتوقع أن تحصل أحزاب اليمين المتشدد ومن ضمنه الليكود، ومعه قوائم "الحريديم"، على ما بين 56 إلى 58 مقعدا، من أصل 120 مقعدا. وهذا يعني خسارة الأغلبية المطلقة التي حصل عليها هذا المعسكر في انتخابات 2009 (65 مقعدا) و2013 (61 مقعدا). ولكن قائمة "كلنا" بزعامة كحلون، ستضيف لهذا المعسكر ليحصل على ما بين 64 إلى 66 مقعدا. ولكن هذا يشمل المقاعد الأربعة المتوقعة لقائمة "ياحد" التي سيكون من الصعب على نتنياهو دمجها في الحكومة المقبلة. كما أن عدم تجاوزها نسبة الحسم سيضعف هذا التكتل الداعم المباشر لنتنياهو أكثر.

 

ونشير هنا إلى أنه في الانتخابات السابقة سقطت قائمة اليمين الإرهابي، التي تضم حزب مارزل، بعد أن حصدت 66 ألف صوت، وكانت بعيدة بثمانية آلاف صوت عن نسبة الحسم. وشهدت الانتخابات السابقة، أعلى نسبة أصوات لم تدخل في احتساب المقاعد، ما تزيد عن 7%، مقابل معدل 2% الى 4% في الانتخابات الماضية.

 

وفي هذه الانتخابات، وفي حال اجتازت "ياحد" نسبة الحسم، فإن نسبة الأصوات التي لن تحتسب في توزيع المقاعد، قد تكون في حدود 3%، وقد تتضاعف النسبة في حال سقوط "ياحد".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات