المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
اشتباكات بين شرطة ومتظاهرين في تل أبيب. (أرشيفية، هآرتس)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 379
  • هشام نفاع

نشر معهد أبحاث ومعلومات الكنيست دراسة جديدة موضوعها عنف الشرطة الإسرائيلية مع التركيز على المظاهرات والنشاطات الاحتجاجية. إذ بلغ عدد الشكاوى المقدمة إلى "ماحش" (وحدة التحقيقات مع أفراد الشرطة) في جميع الظروف العام 2023 كله 1482 شكوى، مقابل 753 شكاوى في نصف العام 2024 (حتى 10 حزيران) وبلغ عدد الشكاوى على استخدام الشرطة للقوة في المظاهرات العام 2023 كله 117 شكوى مقابل 33 شكوى في نصف العام 2024 (حتى 10 حزيران).

تلاحظ الدراسة ثغرة إشكالية بالقول: إن بيانات العام 2024 هي بيانات جزئية ومن أجل مقارنة السنوات، توقفت الدراسة عند عدد الشكاوى الذي قُدّم ضد الشرطة في المتوسط ​​كل أسبوع:

ارتفع عدد الشكاوى المقدمة إلى "ماحش" بشأن جميع حالات استخدام القوة من ​​28.5 شكوى بالمتوسط أسبوعياً في العام 2023 إلى ​​32.7 شكوى بالمتوسط أسبوعياً في العام 2024 (زيادة بنسبة 15%). وتقول الدراسة: نلاحظ أن هذه الزيادة بدأت حتى في وقت سابق، ففي العام 2022، تم تقديم 1124 شكوى إلى "ماحش" بشأن استخدام القوة، أي أنه بين العامين 2022 و2023 ارتفع عدد الشكاوى بنسبة 32%؛ هذا بينما انخفض عدد الشكاوى المقدمة إلى "ماحش" بشأن استخدام القوة البوليسية في المظاهرات من ​​2.3 شكوى بالمتوسط أسبوعياً في العام 2023 إلى 1.4 شكوى بالمتوسط أسبوعياً في الفترة قيد المراجعة في العام 2024. وبطبيعة الحال فإن عدد المظاهرات وحجمها قد قلّ وتراجع في العام الجاري قياساً بالذي سبقه بسبب الحرب.

وكانت دراسة سابقة حول الموضوع نفسه،  صدرت في آذار الفائت عن معهد الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، قد أشارت إلى ازدياد الشكاوى ضد الاستخدام غير القانوني للقوة والعنف من قبل الشرطة. ففي العام 2022، تم تقديم 1124 شكوى بشأن الاستخدام غير القانوني للقوة من طرف عناصر الشرطة. هذه الشكاوى تشكل حوالي (34%) من مجمل الشكاوى المقدمة إلى "ماحش".

واتضح أن الشكاوى على الاستخدام غير القانوني للقوة من طرف عناصر الشرطة قد ارتفع بنسبة كبيرة العام 2022 قياساً بالأعوام السابقة. ووفقا للبيانات فقد تم خلال الأعوام 2017-2021 تقديم 4134 شكوى إلى "ماحش" تتعلق باستخدام القوة غير القانوني من قبل عناصر الشرطة، أي 827 شكوى سنويا في المتوسط، مما يعني أن عدد الشكاوى المقدمة في العام 2022 كان أكبر بنحو 36% من المتوسط في الأعوام الخمسة التي سبقته.

قلّت المظاهرات فتراجع عدد الشكاوى على العنف البوليسي فيها

8% من الشكاوى حول استخدام القوة تم تقديمها على خلفية مظاهرات - تظهر البيانات أنه في العام 2023 كانت هناك مظاهرات، وفي الفترة التي تتوفر عنها بيانات في العام 2024، انخفض هذا المعدل إلى 4%. وتقول الدراسة: "لا نعرف ما إذا كان هذا الانخفاض مرتبطاً بتغير عدد المظاهرات، أو عدد المظاهرات التي حدثت فيها اضطرابات، أو ترتيبها، أو عدد الأشخاص الحاضرين فيها. هناك عامل آخر محتمل وهو التغير في سلوك عناصر الشرطة خلال هذه الفترات الزمنية. تجدر الإشارة إلى أن العام 2023 اتسم بمظاهرات أحاطت بتغييرات النظام القضائي، وفي ربعه الأخير بدأت حرب السيوف الحديدية، التي قللت في البداية من عدد المظاهرات، وعلى ما يبدو قللت أيضاً من عدد المشاركين فيها. وعند توفير البيانات كانت الحرب لا تزال مستمرة، ومعها بدأت الاحتجاجات على خلفية سياسية وعلى خلفية المطالبة بصفقة إعادة المخطوفين".

للتذكير: تحدث مكتب الدفاع العام التابع لوزارة العدل عن "ظاهرة واسعة من عنف الشرطة" ضد المتظاهرين، وقال إنه عنف بوليسي "يمسّ ويضرّ بالأجساد والنفوس ويدوس على الحقوق". وجاء في بيان رسمي للمكتب أن "العنف يمسّ بجميع شرائح المجتمع في إسرائيل ويؤدي إلى انعدام الثقة في جهاز تطبيق القانون". ونوّه إلى أنه يحذر منذ سنوات من أن وحدة التحقيقات مع الشرطة المعروفة بـ"ماحش" يجب أن تحسّن أداءها في التعامل مع ظاهرة عنف الشرطة والقضاء عليها، بل جزم بأن سلوك "ماحش" يتيح استمرار ظاهرة عنف الشرطة.

تقارير التعامل مع مخالفة النظام غير متوفرة بشكل محوسب

تستعرض الدراسة الإطار القانوني والنظامي الذي تكون الشرطة مخوّلة باستخدام القوة. وتقول: يُسمح لعناصر الشرطة باستخدام القوة في ظل الظروف وبالقدر المنصوص عليه في حوالي 25 قانوناً وأمراً للشرطة. كما أن لدى الشرطة إجراءات تتعلق باستخدام "التدابير" مثل الهراوات ومسدسات الصعق وقنابل الصوت. ولدى الشرطة تعليمات بشأن السلوك العام وما يتعلق باستخدام وسائل مثل مسدسات الصعق وتعليمات بشأن استخدام الأسلحة النارية.

تقسم إجراءات الشرطة الانتهاكات إلى أربعة مستويات حسب حجمها. ويحدد التدريج التدابير التي يُسمح للشرطة باستخدامها ومن لديه سلطة الموافقة على استخدام هذه التدابير. وتحدد إجراءات الشرطة أيضاً طريقة توثيق استخدام التدابير في حالة مخالفة القانون والنظام. كقاعدة عامة، يجب على الشرطة استخدام الكاميرات وكاميرات مثبتة على الجسم لتسجيل الحادث بصرياً. ضباط الشرطة مطالَبون بتقديم تقرير كتابي عن تعامل الشرطة مع السلوك غير المنضبط.

يبدو أن تقارير عناصر الشرطة حول التعامل مع مخالفة النظام غير متوفرة بشكل محوسب. ويتم التعامل مع الشكاوى ضد عناصر الشرطة من قبل عدة هيئات: وحدة التحقيقات مع الشرطة (ماحش) في وزارة العدل، والتي تتعامل مع المخالفات الجنائية. بينما تتولى الإدارة التأديبية في الشرطة التعامل مع مخالفات الانضباط. تتلقى وحدة الشكاوى العامة التابعة للشرطة الشكاوى المتعلقة بعناصر الشرطة في مختلف القضايا، ويمكنها إحالتها إلى قسم التحقيق مع الشرطة وقسم التأديب.

تنوّه الدراسة إلى أن عدد الشكاوى يعتمد على عدد حوادث استخدام القوة في الميدان، وكذلك نسبة مقدمي الشكاوى من بين ضحايا استخدامها. بشكل عام، قد يعتمد قرار الشخص بتقديم شكوى إلى جهات الإنفاذ على مدى ثقته في جهة الانفاذ ونتائج الإجراء الذي يجري فيها، وعوامل أخرى مثل شدة الإصابة والضرر. ويعتمد قرار تقديم الشكوى أيضاً على مدى استعداد الضحية للمشاركة في الشكوى ضد الجهات التابعة لجهاز إنفاذ القانون.

عدد الشكاوى حول استخدام القوة قد يعتمد أيضاً على نطاق الأحداث الميدانية (بما في ذلك الاستخدام القانوني للقوة)، فمن المرجح أن يكون عدد حوادث الاستخدام سيزداد بما يتناسب مع زيادة الممارسات الإجرامية؛ أما بالنسبة لاستخدام القوة في المظاهرات فإنه يزداد كلما ازداد عدد المشاركين في المظاهرات، أو الاضطرابات.

توثيق منقوص في ملفات الشرطة لوسائل استخدام القوة

البيانات المتعلقة بوسائل استخدام القوة الموثقة في ملفات الشرطة كما ذكرنا، تسمح لضباط الشرطة باستخدام القوة بـ "وسائل" أو بدونها. في العام 2017 قدمت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل التماساً إلى المحكمة العليا بشأن عدم توفير إمكانية التصنيف في استخدام القوة وفقاً لنوع الوسيلة التي يُدعى أنه استخدمت القوة بها على نحو غير مناسب. وفي جلسة عقدت في العام 2021، بلغ قسم التحقيقات مع عناصر الشرطة المحكمة العليا بأن إنشاء نظام حاسوبي يسمح بذلك قد صار في مراحل متقدمة من الإنشاء، ولهذا السبب قضت المحكمة العليا بأن الالتماس فائض عن الحاجة وأمرت بحذفه.

بدأ تشغيل النظام المحوسب المذكور في نهاية العام 2022، ويمكن الآن توثيق مميزات الشكاوى في "ماحش" في نظام كمبيوتر مخصص للغرض، بما في ذلك وسائل استخدام القوة، وفيما يلي سيتم عرض البيانات التي تم جمعها في هذا النظام المحوسب، عن الحالات التي تم فيها تحديد نوع "استخدام القوة" إلى جانب الخصائص الأخرى التي تعتبر وسائل استخدام للقوة.

الدراسة تستدرك بالقول: يتم إدخال هذه الخصائص إلى النظام المحوسب يدوياً وبالتالي قد تكون هذه البيانات جزئية، مع الأخذ في الاعتبار بشكل أساس العدد الإجمالي للملفات المفتوحة بسبب استخدام القوة (2235 حالة بين بداية العام 2023 و10 حزيران 2024)، مقارنة بعدد الملفات التي سجلت فيها بالتحديد وسائل استخدام القوة - 107 ملفات فقط: تم تحديد الصعق الكهربائي في 38 حالة، إطلاق النار الحي في 26 حالة، غاز الفلفل في 19 حالة، خراطيم الماء في ثماني حالات (لا يتم هنا تحديد الحالات التي احتوت فيها المياه على مواد مضافة مثل تلك التي بروائح المجاري)، الغاز المسيل للدموع في سبعة ملفات، وقنبلة صوت في ملف واحد، وكرات إسفنجية أيضاً في ملف واحد.

النظام لا يفرق بين إطلاق النار في الهواء للردع وبين إطلاق النار المباشر

تقول دراسة المعهد التابع للكنيست: بالتركيز على ما يعرف بإطلاق النار الحي - والذي تم الإبلاغ عنه في 26 حالة - نلاحظ أن النظام المحوسب للشرطة لا يفرق بين إطلاق النار في الهواء بهدف الردع، وبين إطلاق النار بشكل مباشر على الأشخاص. وفي فحص مماثل لحالات استخدام القوة في التظاهرات، تبين وجود 9 حالات تمت الإشارة فيها إلى استخدام القوة – خراطيم المياه تم توثيقها في ثماني حالات والهراوات في حالة واحدة. خلال الفترة المعنيّة تشير البيانات إلى أنه تم فتح 150 حالة استخدام للقوة في المظاهرات في وحدةالتحقيقات مع أفراد الشرطة.

وتنوّه الدراسة فيما يفيد التشكيك في المصداقية: كما ذكرنا، فإن استخدام القوة يمكن أن يتم من دون وسائل. ومع ذلك، ليس من المستحيل ألا تعكس البيانات المقدمة أعلاه الصورة الكاملة، وليست لدينا طريقة لمعرفة ما إذا كانت الأقلية النسبية للحالات التي تم فيها تحديد التدابير ترجع إلى قلة استخدام التدابير أو إلى عدم توثيقها هذا في ملفات "ماحش".

في الخلاصة: بين مطلع العام 2023 و10 حزيران 2024، تم تسجيل 760 شريكاً أو مشتبهاً بهم من عناصر الشرطة في شكاوى حول استخدام القوة - 58 منهم لاستخدام القوة في المظاهرات. أي أنه تم تسجيل مشتبه به أو شريك في نحو 34% من القضايا المفتوحة على استخدام القوة في جميع الظروف وفي نحو 38% من القضايا المفتوحة لاستخدام القوة في التظاهرات. في 39% من قضايا استخدام القوة في كافة الظروف التي تم فتحها العام 2023 والتي تم الانتهاء من علاجها، تم إجراء تحقيق جنائي. وأُغلق 61% منها بدون إجراء تحقيق جنائي، وتم تقديم لوائح اتهام جنائية باستخدام القوة تحت جميع الظروف في 1.4% من القضايا فقط. وتم تحويل 6.3% من القضايا إلى جهات تحقيق أخرى. أما سائر القضايا فقد أُغلقت لأسباب مختلفة. في فترة صدور هذه البيانات، كان قد تم إجراء تحقيق جنائي في حوالي عُشر القضايا المفتوحة في العام 2024 لاستخدام القوة في جميع الظروف (15 حالة في هذا الوقت، في حوالي 90% من الحالات)؛ ولم يتم فتح أي تحقيق جنائي، ولكن هذا الرقم متغير، وتم إغلاق جميع القضايا الـ 15 المذكورة لأسباب مختلفة.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات