لائحة الاتهام التي قدمها "قسم التحقيقات مع رجال الشرطة" (ماحش) إلى المحكمة المركزية في القدس، يوم الخميس الأخير (14 أيار)، هي من أخطر لوائح الاتهام التي قدمت في إسرائيل في قضايا "الفساد السياسي" بمعناه الأوسع: استغلال المنصب الرسمي (السلطة العامة - الحكومية) بصورة سلبية، لأهداف غير مشروعة ولتحقيق مكاسب ومنافع شخصية، من خلال الرشاوى، المحسوبيات، الاحتيال وممارسة النفوذ.
أكد تقرير جديد صادر عن "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" الأسبوع الفائت أن سكّان القدس الشرقيّة يعيشون منذ نحو خمسة عقود تحت وطأة واقع متواصل بالغ الشذوذ والاستثنائيّة، فكل بُعد في حياتهم متأثر بكونهم سكانًا لا مواطنين، يعيشون في منطقة محتلة ضُمّت إلى دولة هم في صراع متواصل معها. وهذا الواقع الشاذّ، الذي يصعب على الرائي من الخارج إدراكه، يُبقي الفلسطينيّين في القدس بلا حول ولا قوّة، ومُعرّضين لانتهاكات جسيمة ومتواصلة.
تحدثت دراسات وتقارير عديدة عن التعامل العنصري وغير الإنساني وحتى الوحشي من جانب الجنود والضباط الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين، وأن هذه الممارسات نابعة من استمرار الاحتلال وتأثيره على المجتمع الإسرائيلي عموما. كذلك تبين استطلاعات الرأي أن الجمهور الإسرائيلي هو جمهور يميني، وبرز ذلك في نتائج الانتخابات العامة الأخيرة، وأن أفكار أحزاب اليمين المتطرف، وبضمنها حزب الليكود الحاكم، باتت تهيمن على الرأي العام. ولعل تكثيف مضامين "الهوية اليهودية" وتمريرها في المدارس الثانوية، في السنوات الأخيرة، هو أحد أسباب تنامي العنصرية في إسرائيل والتي لم تعد خافية على أحد.
تعمل منظمات بدعم وتمويل حكومة إسرائيل والحركة الصهيونية، وفي مقدمتها الوكالة اليهودية، ومتبرعين يهود أثرياء، على تلقين الشبان اليهود من دول العالم بالأفكار الصهيونية وإقناعهم بـ"عدالة" السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، و"صدقية" الرواية الصهيونية حول الصراع. ويتم تنفيذ هذا المشروع من خلال إحضار هؤلاء الشبان من شتى أنحاء العالم إلى إسرائيل وتنظيم زيارات ورحلات لهم إلى مواقع في البلاد، وخصوصا القدس ومتحف "يد فَشِم" لتخليد ذكرى المحرقة النازية، وكذلك إلى المستوطنات في الضفة الغربية.
أطلق مركز "عدالة" (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل)، يوم الجمعة الأخير، حملة شعبية وإعلامية واسعة تحت عنوان "لن تسقط أم الحيران"، بغية التصدي لمخطط هدم وتهجير قرية عتير ـ أم الحيران البدوية في النقب، وذلك بالتعاون مع مركز "حملة" لتطوير الإعلام الاجتماعي.
بعد 13 عامًا من المرافعة القضائية، قررت المحكمة الإسرائيلية العليا أن تصادق نهائياً على هدم قرية عتير- أم الحيران وتهجير أهلها.
وقد جاءت المصادقة على أوامر الإخلاء بحجّة أن الدولة هي الجهة المالكة للأرض والتي "سمحت" للأهالي بالمكوث فيها، وعليه يُمكن للدولة أن تعود عن قرارها وتأمر السكّان بإخلاء وهدم بيوتهم القائمة في هذه الأرض.
الصفحة 317 من 329