يتناول هذا الكتاب جانبًا مهمًا من "الممارسة الثقافية" الصهيونية، وهو جانب إعادة الكتابة البصرية لتاريخ أرض فلسطين ولعملية طرد سكانها، وذلك من خلال العودة إلى بواكير الأفلام الصهيونية، بهدف إثبات أنها كانت جزءا من المشروع الصهيوني العام، وأن مهمتها كانت أيديولوجية بامتياز،
بالتالي فإنها تطلعت أكثر شيء إلى تحقيق أمرين مركزيين : أولا، تطوير الأساطير أو الخرافات المؤسسة وترويجها وتقديمها باعتبارها واقعًا تاريخيّا؛ثانيا، تهميش الآخر بل ومحاولة إلغاء وجوده، وذلك بهدف المساعدة على تعزيز هوية قومية ذاتية مختلقة، وعلى تبريرها.
وينوه الكاتب بأن الصهاينة كانوا سريعين في إدراك فوائد استخدام وسيلة الفيلم، كي يعكسوا ما جرى تسويقه على أنه "حلم مشترك " لليهود كلهم.
ولا شكّ في أنّ للصراع الإسرائيلي- العربي والإسرائيلي- الفلسطيني تأثيرًا كبيرًا، يمكن اعتباره دون خشية الوقوع في المبالغة تأثيرًا مفتاحيًا ومفصليًا،على الفنون المشهدية العبرية في إسرائيل، وعلى كيفية انعكاسه فيها. ودائمًا يبقى ثمة أهمية للغوص على الدوافع الخفّية التي تقف وراء هذا الانعكاسوتحرّكه، وتتوازى مع أهمية أخرى ينطوي عليها مبدأ التأصيل، بالمعنى الذي يفيد قراءة الظواهر من دون النأي عن أصولها وسيروراتها ومراحل تدرجّها.