رام الله: صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" كتاب "التعليم في القدس الشرقية: الأسرلة الزاحفة (1967 – 2022)"، لمرام مصاروة، يقرأ على امتداد 200 صفحة واقع جهاز التربية والتعليم في القدس الشرقية المحتلة، ويحلل سياسات أسرلته في العقود الأخيرة، من خلال التعرف على واقع التعليم في القدس، والكشف عن التحديات التي تواجهها المؤسسات التعليمية والتربوية الفلسطينية العاملة فيها، واستهداف مناهجها بالرقابة والتحريف، متكئاً على جمع المعطيات والإحصائيات ومراجعتها وإجراء طيف واسع من المقابلات الخاصة مع أصحاب الشأن في الحقل التعليمي.
ويخلص الكتاب إلى أن المشهد التعليمي في القدس المحتلة لا يختلف عن مشهد حياة المقدسيين اليومية في القطاعات الحياتية كافة التي تعاني تحديات كبيرة، حيث يعمل الاحتلال منذ العام 1967 ضمن خطة ممنهجة وإستراتيجية لضرب قطاع التعليم، وربطه بجهاز التعليم الإسرائيلي من النواحي الاقتصادية، والإدارية، والإشرافية والتعليمية، ضمن محاولات طمسٍ كامل لمعالم الثقافة الوطنية وضرب عروبة القدس ومحو هويتها الثقافية وتزوير تاريخها، ونزع وعي الطلبة من خلال التدخل في المناهج الفلسطينية وتحريفها، بما يتماشى مع سياسة تكريس عزل المدينة عن واقعها ومحيطها الفلسطيني.
يقسم البحث إلى ثمانية فصول. يتناول الفصل الأول وضع القدس والمقدسيين القانوني، ملقياً الضوء على التحديات التي يواجها المقدسيون في ظل القوانين التي تسري عليهم، بالإضافة لـ "قانون القومية" العنصري وإسقاطاته على المدينة عامة وجهاز التعليم خاصة.
أما الفصل الثاني فيتناول الواقع التعليمي لمدارس القدس، كمعطيات عامة، من حيث عدد المدارس وأنواعها، والتسرب المدرسي وتبعاته، إضافة للاعبين الأساسيين في هذا الجهاز والتعمق بأدوارهم المختلفة، كما يتناول تركيبة جهاز التربية والتعليم وهرميته والتحديات التي يواجها المعلمون والمديرون والمفتشون، والتحولات التي طرأت في ظل قرار الخطة الخماسية الإسرائيلية، بالإضافة لآلية اختيار الطواقم المهنية، ووصف دور أجهزة الأمن في ضبط التعليم في القدس الشرقية المحتلة، ومحددات توزيع الميزانيات على المدارس وشروطها.
أما الفصل الثالث فيتناول الخطة الخما سية لتطوير القدس الشرقية - القرار الحكومي 3790 كمخطط وضعته إسرائيل في العقد الأخير بهدف أسرلة جهاز التربية والتعليم، ويتناول الفصل المخططات التي سبقت هذه الخطة بالإضافة للنقاشات الحكومية والدوافع السياسية التي وقفت وراء الخطة ورصد الميزانيات لها، كما يبحث الفصل أيضاً نتائج التقييم المصاحب للخطة الخما سية، بالإضافة لمخطط تطوير الخطة وتوسيعها وتمديدها لدورة خماسية أخرى.
أما الفصلان الرابع والخامس من الكتاب فيتناولان بتوسع واقع المناهج المدرسية في القدس الشرقية، فيسردان تاريخ تسلسل المناهج والتحولات السياسية وأثرها على مضامين هذه المناهج وتفعيلها. بالإضافة للتركيز على الأساليب والسياسات التي فرضتها إسرائيل على مدار عقود من الزمن في محاولة للسيطرة على المناهج الفلسطينية وانتهاء بالخطة الخماسية، والحراك السياسي والتربوي الذي تصدى لمجمل المخططات منذ احتلال مدينة القدس وحتى اليوم.
يركز الفصل الخامس على المنهاجين الفلسطيني والإسرائيلي، ويقارن بينهما من حيث المضمون وأساليب وآليات تفعيلهما والعمل من خلالهما من وجهة نظر المربين والمهنيين الفلسطينيين بالقدس الشرقية.
أما الفصل السادس فيتناول موضوع التعليم العالي وسوق العمل، حيث يرصد العلاقة بين التعليم في القدس وإمكانيات إيجاد فرص ووظائف في سوق العمل، ويناقش مخطط الجامعات الإسرائيلية وخاصة الجامعة العبرية وبرامجها لاستقطاب الطلبة المقدسيين. كما يركز الفصل على خيار الطلبة المقدسيين الالتحاق بالمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ويتناول أهم التحديات التي تواجه الطالب المقدسي في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية من وجهة نظره.
يتناول الفصل السابع مستقبل التربية والتعليم على ضوء نتائج البحث، إضافة للتوصيات التي خرج بها البحث في ضوء واقع جهاز التربية والتعليم في ظل المتغيرات السياسية والتحديات التي يواجهها هذا الجهاز.
بينما يناقش الفصل الثامن والأخير من الكتاب واقع هذا الجهاز من الجانب النظري، من خلال قراءة تحليلية معمقة لهذا الواقع تستند إلى نتائج البحث، إضافة للنظريات السياسية -التربوية وما بعد كولونيالية.