تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1718

يتمثل الأمر الوحيد الذي يوجد بشأنه "إجماع" في إسرائيل حيال الهبة الفلسطينية الحالية، بعد مرور نصف عام على اندلاعها، في توكيد أنها مرشحة للاستمرار،

وأن استمرارها قد يكون لفترة طويلة يصعب تقديرها من النقطة الزمنية الراهنة، ولا سيما في ضوء استبعاد حدوث اختراق

سياسي في المدى القريب.

وفيما عدا هذا الاعتقاد، لا يمكن العثور على أمور أخرى محدّدة تحظى بمثل هذا الإجماع.

وقد أبرز الإعلام الإسرائيلي أخيرًا بحثًا جامعيًا ما يزال يتيمًا كتبه مستشرق من جامعة بار إيلان يزعم فيه أن كل الخيوط والمؤشرات المتعلقة بالهبّة الحالية تفضي إلى الاستنتاج بأنها ليست "هبّة أفراد" أو أنها منقطعة عن تنظيم فلسطيني، بل هي هبّة يتم توجيهها بطريقة ذكية للغاية من طرف حركة "حماس" ("يديعوت أحرونوت"، 11/3/2016).

ويعزو الباحث عدم تبني هذا الاستنتاج على نطاق واسع إلى سببين رئيسين: الأول، تحجّر أجهزة الأمن الإسرائيلية وتشبّثها بنظرية الفدائي الفردي المستقل عن أي تنظيم؛ الثاني، قيام حركة "حماس" ببذل جهود كبيرة من أجل طمس بصماتها في هذه الهبّة بهدف منع إدانتها في العالم.

لكن هذا التقدير ما زال غير مقبول لدى كبار المحللين السياسيين، كذلك فإنه غير مقبول من كبار المحللين العسكريين المقربين من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

بموازاة ذلك بالوسع ملاحظة أنه بدأ يتشكل توافق إسرائيلي على أن أحد أهم أسباب هذه الهبّة يكمن في الدور الذي يؤديه الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعية، وهو ما يفسّر اشتداد الحملة الإسرائيلية الأخيرة على الفضائيات الفلسطينية.

ماذا خسرت إسرائيل؟

بموجب ما يكتبه كبار المحللين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين، وهم بطبيعة الحال مقربون من المؤسسة الأمنية، فإن السمة الأهم للهبّة الحالية هي أنها أفقدت إسرائيل ثلاثة أشياء كانت متيسرة لها بحسب ادعائهم خلال الانتفاضتين الأولى (1987) والثانية (2000).

هذه الأشياء الثلاثة هي: المعلومات الاستخباراتية المسبقة؛ الردع؛ تحديد أهداف لعمليات عسكرية هجومية تهدف إلى تعزيز الردع.

والاعتقاد السائد لدى هؤلاء المحللين هو أن الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات واجها الانتفاضتين السابقتين بواسطة الردع والاستخبارات وعمليات عسكرية هجومية.

وبرأيهم فإن الاستخبارات أتاحت تنفيذ عمليات إحباط مسبقة، والردع دفع السكان والزعامة الفلسطينية إلى كبح أعضاء التنظيمات، والعمليات الهجومية ساعدت في جمع المعلومات الاستخباراتية وفي الردع أيضًا. لكن في الهبّة الحالية لا توجد معلومات استخباراتية ولا ردع ولا أهداف لعمليات عسكرية هجومية. وضمن ذلك يجري التأكيد على أنه لا يوجد ردع لأن الوسائل التي جرى استخدامها وبينها أيضًا "القبضة الحديدية" استُنفدت ولم تعد مفيدة.

ووفقًا لما يقوله المعلق العسكري واسع الإطلاع رون بن يشاي، ليس لدى إسرائيل في مواجهة ذلك أي وسيلة أو أسلوب عمل عسكري أو سياسي يمكن أن يضع حدًا لمثل هذه الهبّة خلال بضعة أسابيع أو أشهر. وفي القدس يصلي القادة السياسيون والأمنيون لحدوث معجزة "تخمدها".

ويضيف: "يجب أن نعترف بأننا في مواجهة هذه الهبّة نقف، نحن الإسرائيليين، عاجزين. صحيح أن عدد ضحاياها ليس مئات القتلى وآلاف الجرحى مثل الانتفاضة الثانية، لكن لا يمكن مواصلة روتين الحياة والعيش من دون أمن فردي معقول لوقت طويل. والأخطر من ذلك أن هبّة الشباب العفوية بنمطها الحالي يمكن أن تتحوّل في لحظة واحدة ومن خلال حدث واحد، إلى انتفاضة مسلحة شعبية شاملة يشارك فيها تنظيم فتح بأعضائه المسلحين" (الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، 9/3/2016).

وهذا ما يعتقده أيضًا المعلق العسكري يوسي ميلمان، الذي يؤكد أن ما يحدث هو انتفاضة تعجز عن مواجهتها أجهزة الأمن وشرطة إسرائيل والجيش الإسرائيلي. فالهجمات ليست موجهة من طرف تنظيم معين، ولا يستطيع جهاز الشاباك ولا قوات الأمن جمع معلومات مسبقة عنها، ولذلك ليس في الإمكان إحباطها. وفي مثل هذا الوضع من غير الممكن القيام بمبادرات لإحباطها، وكل ما يمكن هو فقط القيام بخطوات ردًا عليها ("معاريف"، 9/3/2016).

وبالنسبة إلى تعامل الجمهور الإسرائيلي العريض مع الهبّة، يرى هذا المعلق أن هناك رضوخًا للواقع، إذ يتعامل هذا الجمهور في معظمه مع الهجمات كما لو أنها قدر من السماء، أو حدث كوني، أو ظاهرة طبيعية. ومن جهة أخرى، تشير هذه المقاربة إلى نوع من الحصانة القومية، وإلى أن المقولة الداعية إلى مواصلة وتيرة الحياة الطبيعية قد استوعبها الجمهور جيدًا. لكن في الوقت عينه يشدّد على أن استسلام الجمهور للوضع القائم يخدم الحكومة، فالوزراء لا يتعرضون للانتقادات ولهذا يشعرون بالثقة لتضليل الجمهور باقتراحات تافهة لا حظ لها بأن تقر، وحتى لو أقرت فإنها لن تغيّر الواقع.

كما يرى أن الفرصة الوحيدة من أجل تقليص حجم هذه الظاهرة تكمن في خطوة سياسية أو مبادرة جدية تدل على حسن نية من جانب إسرائيل. ويكرّر أن هذا هو ما يقترحه ضمنًا المستوى العملياتي- وخصوصًا جهازي الشاباك والجيش - لكن التوصيات والاقتراحات الصادرة عن هذا المستوى لا تلاقي آذانًا صاغية لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزرائه، وهم يشعرون بالثقة لكونهم لا يتعرضون إلى ضغط شعبي من أجل العمل على تغيير الواقع.

أمّا اللواء احتياط غيورا أيلاند، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان") و"مجلس الأمن القومي"، فيرى أنه لا يوجد حل عملياتي فوري للهبّة، ومن الواضح أيضًا أن حلًا سياسيًا (من نمط "خطة الدولتين") غير ممكن في المستقبل القريب، وبناء على ذلك فإن ما يبقى في المدى المنظور هو إدارة أفضل للوضع الحالي ("يديعوت أحرونوت"، 9/3/2016).

دور الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعية

أصدر "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب ورقة تقييم حالة بعنوان "شباب الأنفاق وشباب السكاكين"، أشار فيها إلى أن النقاش الأمني في إسرائيل في الوقت الحالي في ما يتعلق بالساحة الفلسطينية، يتمحور في مسألتين مركزيتين: الأنفاق الهجومية التي حُفرت من قطاع غزة إلى أراضي إسرائيل، والتي عادت إلى العناوين الأولى في الصحف في الأسابيع الأخيرة بعد انهيار/ إغراق ثلاثة أنفاق في القطاع؛ وموجة العنف التي نشبت في الضفة الغربية والقدس الشرقية في خريف 2015، وما يسمى جبهة "إرهاب السكاكين". وعلى هذه الخلفية تُطرح أسئلة تتعلق بدور شبكات التواصل الاجتماعية من بين سائر العوامل التي تحفز الشباب الفلسطيني وتدفعه للمشاركة في هذه الأعمال.

وفي قراءة هذه الورقة فإن وجهة النظر السائدة في إسرائيل والقائلة إن مشاركة الشباب الفلسطيني في حفر أنفاق وهجمات طعن، هي نتيجة تشجيع التدين الذي تقوم به "حماس"، والتحريض الذي تمارسه السلطة الفلسطينية، هو كذب وتضليل. وأكدت أن شبكات التواصل الاجتماعية هي جذر المشكلة.
إن أهمية هذه الورقة تكمن في ما يلي:

أولًا، تأكيدها أن إسرائيل لا تملك "وسيلة ناجعة" لمواجهة هذه الشبكات التي تعتبرها جذر المشكلة. وبموجب ما تقول، لا يمكن "قتل" صفحة على فيسبوك، أو على تويتر أو يوتيوب، والذين يشغلون هذه الشبكات موجودون خارج ساحة المعركة، وبناء على ذلك فإن محاولة تنفيذ "اغتيال موضعي" على الإنترنت في مناطق معينة لن تنجح. كما أن محو صفحات وإغلاق حسابات مستخدمة سيؤدي إلى إعادة فتح هذه الصفحات والحسابات إلى ما نهاية.

ثانيًا، تأكيدها أن جهود المواجهة التي تبذلها إسرائيل على ساحة شبكات التواصل الاجتماعية من دون التطرق إلى المسائل الجوهرية الإشكالية المتصلة بالساحة الفلسطينية، وخصوصًا ضائقة شريحة جيل الشباب في هذه الساحة وأسباب الشعور بالإحباط لديهم، لن تساهم في تقليص ظاهرتي رجال الأنفاق وشباب السكاكين.

حملة تجريم سياسية ضد الفلسطينيين في الداخل

إذا كان النقاش الأمني المتعلق بالفلسطينيين متمحورًا في المسألتين المذكورتين آنفًا، فإن النقاش السياسي يشمل الفلسطينيين في إسرائيل.

ويتعرّض الفلسطينيون في إسرائيل وممثلوهم في الكنيست أخيرًا إلى حملة تجريم سياسية غير مسبوقة وصلت إلى ذروتها بحجة الاجتماع الذي عقده أعضاء الكنيست الثلاثة من التجمع الوطني الديمقراطي والقائمة المشتركة مع عائلات شهداء القدس الذين تحتجز إسرائيل جثامينهم وترفض تسليمها إلى عائلاتهم من أجل دفنها، وتفاقمت في إثر شجب حزبي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي قرار مجلس التعاون الخليجي الذي أعلن حزب الله تنظيمًا إرهابيًا.

ولا يمكن تأطير توقيت هذه الحملة ودوافعها بمعزل عن سياق "التقدير" الإسرائيلي الرسمي والإعلامي لمحفزّات الهبّة الفلسطينية الحالية.

ولعل أبرز ما يُشار إليه في هذا "التقدير" كما أسلفنا، هو أن أغلبية المشاركين في عمليات المقاومة ليست جزءًا من بنية تحتية منظّمة، بل أفراد مستقلون.
لكن يُشار على نحو رئيس إلى أن أوّل ما دفعهم إلى التحرك هو سببان مباشران:

الأول، اتهامات أطلقتها الحركة الإسلامية في إسرائيل (الجناح الشمالي بزعامة الشيخ رائد صلاح) والسلطة الفلسطينية بأن إسرائيل تعمل على تغيير "الوضع القائم" في الحرم القدسي الشريف؛

الثاني، الغضب بسبب جريمة مقتل عائلة دوابشة في قرية دوما (نابلس) في آب 2015 والتي تلكأت أجهزة الأمن الإسرائيلية في اعتقال مرتكبيها اليهود (فقط يوم 3/12/2015 سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر نبأ قيام أجهزة الأمن باعتقال عدد من الشبان اليهود للاشتباه بارتكابهم جريمة إحراق منزل عائلة دوابشة وبارتكاب اعتداءات إرهابية أخرى).

وداخل هذا كله، يجري التنويه بأن القدس المحتلة هي الصانع المركزي للمواجهات. فمن حولها، وخصوصًا بسبب المخاوف الفلسطينية من خطوات إسرائيلية من طرف واحد في الحرم القدسي، نشبت الهبّة.

كما يتم التنويه بأنه حتى بعد أكثر من أسبوعين من تفجّر الهبّـة خرج من القدس المحتلة معظم منفذّي عمليات الطعن والدهس.

وفي ضوء الاتهامات الموجهة إلى الجناح الشمالي للحركة الإسلامية وصولاً إلى إعلانها حركة غير قانونية، ركزت "تقديرات" كثيرة على مساهمة فلسطينيي 48 في الهبّة الحالية.

ويُصاب المرء بالدهشة من جرّاء أوجه التشابه إلى درجة التطابق شبه الكامل بين مُعظم ردات الفعل الإسرائيلية الأخيرة على مشاركة الفلسطينيين في الداخل في الهبّة الشعبية وبين أغلبية ردات الفعل على مشاركتهم في هبّات شعبية سابقة وخصوصاً دورهم في الانتفاضة الثانية العام 2000.

غير أن أوجه الشبه هذه تشكل دليلًا آخر على أن جوهر تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين في الداخل لم يتغيّر، وتُعتبر المقاربة الأمنية السمة الأبرز المسيطرة عليه منذ ما بعد نكبة 1948. وينسحب هذا الأمر على ردات الفعل الرسمية بقدر ما ينسحب على ردات الفعل الصادرة عن كثير من المحللين ومعاهد الأبحاث. ويتجاهل أصحاب هذه الردات حقيقة أن قضية الفلسطينيين في الداخل جزء من القضية الفلسطينية عامة.

بالرغم من ذلك شخّص بعض أصحاب ردات الفعل أن إسرائيل فشلت في القضاء على الهوية الوطنية المشتركة بين السكان في حيّزات الوجود الفلسطيني داخل إسرائيل وخارجها. وثبت مرة أخرى أنه بالرغم من "التطوّرات المستقلة" لمجالات هذا الوجود، فقد بقي ارتباط الفلسطينيين قويًا بماضيهم التاريخي وبهويتهم الفلسطينية وبالعلاقات العائلية، التي تولد معًا شعورًا بالتضامن يوضع موضع اختبار في كل مرة ينشأ وضع يُلحق أذًى كبيرًا بحياة الفلسطينيين أو برموز وطنية ودينية مثل المسجد الأقصى. لكن هذا التشخيص لم يُفضِ إلى أي استنتاج خارج عن المألوف، واكتفى أصحابه بدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى أن تدرس من جديد سياستها العامة حيال الأقلية العربية في إسرائيل، وبصورة خاصة أن تسرّع وتوسّع تنفيذ الخطوات التي بدئ بها من أجل "زيادة الاندماج الاقتصادي للسكان العرب"!.

وإذا ما شئنا أن نحدّد نقطة زمنية تُعدّ مفصلية بهذا الشأن، فهي نهاية يوم السبت 2/1/2016، عندما وقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في موقع عملية إطلاق النار في تل أبيب وألقى خطابًا أعدّه مسبقًا دعا فيه المواطنين العرب إلى أن يختاروا بين "ولائهم لدولة إسرائيل" وبين انتمائهم للشعب الفلسطيني، وإلا، كما أوضح، سيتم التعامل معهم كأعداء للدولة داخل الدولة، أي كطابور خامس. وأكّد بعض المحللين في حينه أن فحوى ما قاله نتنياهو هو: إما أن توافقوا على التخلي عن هوياتكم الخاصة أو تحزموا أمتعتكم.

ولفت بعض آخر إلى أن نهج "العدوّ في الداخل" ميّـز تحذير نتنياهو في يوم الانتخابات للكنيست من "العرب الذين يتدفقون بجموعهم إلى صناديق الاقتراع"، معيدًا إلى الأذهان أن هذا التحذير انطوى على فكرة أن معدل التصويت العالي للجمهور العربي في الانتخابات برأي رئيس الحكومة هو في واقع الأمر "جريمة ضد دولة إسرائيل."

ويثبت إعلان نتنياهو السالف كما تثبت خطواته الأخيرة أن إسرائيل لا تملك رغبة حقيقية في إنهاء حالة العداء المتفاقمة بينها وبين المواطنين الفلسطينيين، كونها تعرف أن إنهاء هذا العداء يتطلب منها التخلي عن صيغة النظام الحالي للدولة، وإقامة نظام عادل وديمقراطي مكانه.

من هنا تعمل إسرائيل في مسارين ثابتين ومتوازيين لكبح المطالب القومية والسياسية لهؤلاء المواطنين الفلسطينيين: المسار الأمني (العصا) ومسار المكافآت الاقتصادية (الجزرة).
وتتعلّق وتيرة استعمال هذين المسارين/ الأداتين بالتصرف السياسي للفلسطينيين في إسرائيل من جهة، وبالأوضاع السياسية والأمنية العامة من جهة أخرى.

ولم يعد خافيًا أن ترجمة المسار الأمني تتم بالملاحقة السياسية والأمنية الفردية للقيادات الفلسطينية وبالملاحقة الجماعية، خصوصًا في أوقات التوترات الأمنية كما حدث في إبان فترة الحرب الأخيرة على غزة وما جرى خلال الهبة الحالية بدءًا بقرار إعلان الحركة الإسلامية- الجناح الشمالي غير قانونية وصولًا إلى الحملة الحالية على التجمّـع.

ويتمثل الهدف الأساس من وراء هذا التعامل في منع قيام وحدة نضالية بين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر والفلسطينيين في الضفة الغربية، قد تكون بداية لالتحام النضال السياسي لكل فئات الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية.

وبالتوازي مع هذا تلجأ إسرائيل إلى سياسات الاحتواء بواسطة مسار السياسات الاقتصادية- الاجتماعية، خصوصًا مع رؤساء السلطات المحلية العربية وعدد من رجال الأعمال العرب بغية إيجاد نماذج نجاح على المستوى البلدي وعلى مستوى رجالات الأعمال، ويكون هذا الأمر مشروطًا دائمًا بالموقف السياسي.

العيش مع هبّـة مستمرة

أشير في سياق سابق إلى شيوع حالة في أوساط الجمهور الإسرائيلي العريض فحواها رضوخه لواقع استمرار الهبّة والهجمات التي تنتجها.

وليس من المبالغة القول إن الأمر الجديد الذي يستخلصه كثير من الإسرائيليين من هذه الانتفاضة، خلافًا للانتفاضتين السابقتين، هو الإحساس بأنه لا تبدو نهاية لها، وبأنه كما اعتاد الناس على العيش مع حوادث الطرق التي تجبي ثمنًا باهظًا يجب الاعتياد على العيش مع هبّة الفلسطينيين.

وتسعى الحكومة الإسرائيلية للهروب من العجز الذي تبديه في إيجاد الوسائل الكفيلة بما يسمى "توفير الأمن" إلى بذل جهود كبيرة على صعيد ما بات يسمى "توفير إحساس بالأمن" ولو وهمي، من خلال تكثيف دوريات الشرطة ورجال الأمن في شوارع المدن ولا سيما في الأماكن المكتظة بالناس.
وتؤدي الهبّة إلى تفاعلات في الحلبة الداخلية الإسرائيلية وإن كانت نتائجها حتى الآن ضئيلة.

 

هذه الورقة بالتعاون مع دائرة شؤون المفاوضات