تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1916

يثير نشاط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS) صراعا داخليا في إسرائيل، بين الحكومة وأحزاب المعارضة. 

وهاجم قادة الأحزاب الصهيونية في المعارضة رئيس الحكومة ووزير الخارجية الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واتهموه بأنه لا يفعل شيئا من أجل محاربة حركة المقاطعة العالمية وبأنه دمر الدبلوماسية الإسرائيلية.

وقال الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) وعضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عضو الكنيست يعقوب بيري من حزب "ييش عتيد (يوجد مستقبل)"، خلال ندوة "سبت الثقافة" في مدينة حولون، أول من أمس السبت، إن "حضور حركة BDS يتسع في الجامعات في أنحاء العالم، وبرلمانات كثيرة تسن قوانين ضد إسرائيل، ويراكم الفلسطينيون إنجازات في الحلبة الدولية، ورئيس الحكومة لا يفعل شيئا".

وأضاف بيري أنه "يحاولون تصنيف إسرائيل كدولة أبارتهايد وبدلا من رصد ميزانيات لوزارة الخارجية وتعيين وزير بوظيفة كاملة، فإن رئيس الحكومة منشغل بصراع البقاء السياسي".

ولفت بيري إلى ما يوصف بأنه عزلة إسرائيل في العالم على خلفية الجمود الحاصل منذ سنوات في العملية السياسية مع الفلسطينيين، وتساءل "هل ستبادر دولة إسرائيل ولو بخطوة صغيرة تجاه الفلسطينيين؟"، معتبرا أنه في حال تم ذلك فإن "معظم دول العالم ستكون إلى جانبنا وسنحظى بتأييد دولي واسع".

وشدد بيري على أن "انعدام الثقة (بإسرائيل) بين أوساط زعماء العالم مطلق، ومن أجل أن نبدأ شكلا ما من المفاوضات، ينبغي أن نبني قاعدة ثقة ولا ينبغي تحديد الحوار السياسي بفترة زمنية ولا ينبغي التطلع إلى تعريفات مثل سلام وإنما القيام بسلسلة تسويات".

واعتبر أن "جهات معادية للسامية في BDS تحاول المساس بإسرائيل وتقويض حقنا في الوجود في هذه البلاد، وبنيامين نتنياهو لا يفعل شيئا".

وقال عضو الكنيست إيتان كابل، من قائمة "المعسكر الصهيوني"، في اليوم نفسه إن مدير عام شركة "أورانج" الفرنسية استسلم لـBDS بعد حملة إعلامية للحركة. وكان كابل يشير بذلك إلى فك الارتباط بين "أورانج" الفرنسية وشركة "بارتنر" الإسرائيلية للاتصالات الخليوية مؤخرا. وقال إنه طلب عقد اجتماع طارئ للجنة الاقتصاد في الكنيست، التي يرأسها، من أجل بحث ظاهرة مقاطعة إسرائيل.

لبيد وليبرمان: نتنياهو يدمر الدبلوماسية الإسرائيلية

وعقد رئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، ورئيس حزب "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)"، أفيغدور ليبرمان، ما وصفاه بأنه "مؤتمر طارئ" في الكنيست، يوم الاثنين الماضي، دعوا فيه إلى محاربة حركة BDS تحت عنوان "نحارب من أجل مكانة إسرائيل الدولية"، ووجهوا خلاله انتقادات شديدة إلى نتنياهو.

وقال ليبرمان، وهو وزير الخارجية السابق، إن "نتنياهو يحاول أن يأخذ الدبلوماسية الإسرائيلية وتدميرها بالقوة. ووزارة الخارجية هذه ليست ملكا خاصا لأي أحد، بمن في ذلك عائلة نتنياهو. لا يمكن تدميرها من أساسها".

وتطرق ليبرمان إلى إغلاق سفارات وممثليات دبلوماسية إسرائيلية في العالم خلال الشهور الأخيرة، ووصف ذلك بأنه "جنون". وأردف أنه "لا توجد سياسة خارجية للحكومة وهذه استباحة مطلقة، ونتنياهو لا يدخل السفراء إلى لقاءاته مع رؤساء دول. فكيف يجب أن يشعر السفراء؟".

بدوره، تحدث لبيد أيضا عن "المس الخطير ليس بالدبلوماسية والعلاقات الخارجية فقط وإنما بالأمن القومي أيضا".

وقال لبيد إن "التدهور الحاصل هو دراماتيكي. حركة BDS تراكم القوة والمؤسسات الدولية وبضمنها الأمم المتحدة أيضا تتبع خطا معاديا لإسرائيل. وهناك أزمة مع الإدارة الأميركية، وأزمة مع الاتحاد الأوروبي، ووسائل الإعلام العالمية تتبع خطا معاديا بشدة لإسرائيل وتشوه سمعتها بمساعدة منظمات معادية لإسرائيل".

وشدد لبيد على أن "وضعنا الدولي لم يكن أبدا، في كل تاريخ الدولة منذ العام 1948 وحتى اليوم، سيئا إلى هذه الدرجة. وما يزيد الوضع سوءا هو أن حكومة إسرائيل لا تعترف بذلك. لا يعترفون بأن وضعنا سيء، وإنما يحاولون التظاهر بأن كل شيء يجري بشكل حسن. لكن كل شيء ليس حسنا".

وتابع لبيد أن الإنجازات التي حققتها إسرائيل في الماضي، وبينها إقامة مفاعل ديمونا النووي بمساعدة فرنسا والحصول على غواصات نووية بمساعدة ألمانيا والمساعدات الأميركية، "ما كنا سنحصل عليها اليوم. لقد أجريت محادثات وبإمكاني أن أقول إننا غير موجودين في الميدان الدولي".

إسرائيل: نعمل ضد BDS بدون تغطية إعلامية!

صعدت BDS نشاطها في بريطانيا قبل أسبوعين من خلال "أسبوع الأبارتهايد الإسرائيلي" في بريطانيا، والذي تم في إطاره تعليق منشورات تدعو إلى مقاطعة إسرائيل في قرابة 500 من قطارات الأنفاق، وكتبت فيها عبارات تدين الممارسات الإسرائيلية خلال الهبة الشعبية الفلسطينية الحالية، وبينها "دولة أبارتهايد" و"محكمة ميدانية" و"قتل" الفلسطينيين.

وقال لبيد إنه "توجهت إلى رئيس بلدية لندن، بوريس جونسون، وهو صديق كبير لإسرائيل، وشرحت له أن دولة إسرائيل لن تتحمل هذه الأمور ونطلب منكم التدخل". وبعد ذلك أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو أصدر تعليمات إلى مدير عام وزارة الخارجية، دوري غولد، بالمطالبة بإزالة المنشورات على الفور.

ويبدو أن خطوات نتنياهو ولبيد في هذا السياق ليست جدية، وقال المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في لندن، يفتاح كوريئيل، لصحيفة "معاريف" إنه "توجد هنا مشكلة صعبة تشكلها حركة المقاطعة" لكنه اعتبر أنه رغم ذلك "ينبغي النظر إليها برؤية صحيحة. فهذا ’أسبوع الأبارتهايد’ في بريطانيا ويركزون فيه كل الجهود من أجل تشويه سمعة إسرائيل، والحدث في القطارات افتتح الأسبوع. وفي نهاية الأمر هذا حدث همجي، ولا تأثير كبير له هنا. وتغطيته هنا لم تكن واسعة".

وأضاف كوريئيل أن "عملا كثيرا يجري خلف أبواب مغلقة من أجل مواجهة نشاط BDS. ويجري قسم كبير مما نفعله خلف الكواليس لأن هدف أعضاء الحركة هو الحصول على تغطية إعلامية، ونحن معنيون بمنع ذلك. يوجد تحد كبير ونواجهه بوسائل خفية. ولا يمكن أن نأخذ حدثا كهذا الذي تم فيه تعليق منشورات والاستنتاج منه حول الوضع في بريطانيا".

وأشار كوريئيل إلى أمثلة غايتها محاربة حركة المقاطعة، مثل إعلان الحكومة البريطانية عن مجموعة أنظمة جديدة، يحظر بموجبها على السلطات المحلية ومنظمات عامة مقاطعة مزودين إسرائيليين، وفرض غرامات كبيرة على مخالفي هذه الأنظمة.

وأضاف أنه جرى تعديل قانون صناديق التقاعد بحيث يُمنع مدراء الصناديق العامة من سحب استثمارات على خلفية المقاطعة وخلافا للسياسة الخارجية البريطانية، ومن إغلاق حسابات مصرفية لمنظمات مركزية تنشط ضد إسرائيل.

وقال كوريئيل إن "كل هذا تم فعله في الأشهر الأخيرة. لقد زدنا نشاطنا في الجامعات وتواجدنا في 60 نشاطا في 30 جامعة هذه السنة. وبإمكاني أن أعد على يد واحدة عدد النشاطات التي أرادوا إلغاءها" بسبب حضور إسرائيلي فيها.

ليفني: يجب تغيير السياسة

كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية مكلفة بمحاربة حركة BDS، لكن في أعقاب تشكيل الحكومة الحالية تم تكليف وزير الشؤون الإستراتيجية، غلعاد إردان، بهذه المهمة، وذلك إضافة إلى توليه منصب وزير الأمن الداخلي.

ووضعت الحكومة الإسرائيلية خطة لمحاربة حركة المقاطعة ورصدت لها ميزانية بمبلغ 120 مليون شيكل. وأعلن إردان أنه سيعمل من أجل التنسيق بين الجهات التي تحارب حملة المقاطعة العالمية وتعهد بتحويل قسم من الميزانية إلى وزارة الخارجية من أجل إضافة وظائف جديدة تشارك في محاربة الحملة. وقال قبل أسبوعين إن وزارته رصدت لصالح وزارة الخارجية مخصصات لتمويل عشر وظائف يشغلها مركزون للعمل ضد BDS في سفارات إسرائيلية.

وأثار نقل محاربة BDS إلى وزارة الشؤون الإستراتيجية غضبا عارما بين المسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذين اعتبروا أنهم يتواجدون في الجبهة الإعلامية ويضطرون بصورة فعلية ومباشرة إلى مواجهة تبعات حملة المقاطعة.

وقالت وزيرة الخارجية السابقة، عضو الكنيست تسيبي ليفني من قائمة "المعسكر الصهيوني"، إنه طالما لم تتغير السياسة الإسرائيلية فإننا سنخسر مقابل BDS. وأضافت أن "كل عملية تفكيك وزارة الخارجية ليست سليمة. فقد جرى التخلي عن الملعب الدولي. ويقول لي وزراء أوروبيون إنه ’ساعدونا لكي نساعدكم’. يجب أن تكون هناك جهة واحدة تحارب BDS. ويجب عدم الإكثار من الموظفين وإنما الإكثار من النشاط".

يذكر أن ليفني جربت نشاط BDS على جلدها، عندما صدرت ضدها مذكرة اعتقال في بريطانيا واتهمت بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2008، عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية. وفي العام 2014 منحتها الحكومة البريطانية حصانة من الاعتقال.

واعتبر دبلوماسي إسرائيلي رفيع أن "الحرب ضد مقاطعة إسرائيل يجب أن تجري بهدوء وعدم بروزها في العناوين التي تتغذى عليها هذه الحركة. وأفراد وزارة الخارجية هم الموجودون في الميدان. ولذلك فإنه عندما نقلوا المسؤولية عن محاربة BDS إلى وزارة أخرى، كان هذا تقاسم عمل اصطناعي وأجري لأغراض سياسية داخلية".

وقال السفير الإسرائيلي السابق في لندن والأمم المتحدة، رون بروسور، إنه يجب انتهاج توجه هجومي ضد حركة المقاطعة. وأضاف أن "النظرية السائدة كانت أنه إذا تحدثنا عن BDS، فإننا سنمنحهم اعترافا أكثر مما يستحقون، لكن هذه النظرية تنهار الآن. ويجب معالجة أمر هذه الظاهرة مثلما يتم التعامل مع عدو وفيما الإعلام هو ساحة المعركة".

وأشار بروسور إلى أن "جميع محطات قطار الأنفاق في لندن مزودة بكاميرات بدائرة مغلقة. والسكوتلاند يارد (الشرطة السرية البريطانية) بإمكانه معرفة من علق المنشورات ومتى وكيف فعلوا ذلك. وينبغي أن نوضح أننا نعرف من هم، والقول للجمهور البريطاني أيضا من يقف وراء هذا العمل".

وتابع أنه "يجب تكثيف العمل الاستخباراتي. فهذا هو الأمر الأساس. من يقود هذه الحملات؟ من يمولها؟ يجب نشر أسماء الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الحركة وأن نبين للجمهور البريطاني أنه مرتبط بجهات إشكالية. المعركة هي على الوعي. وأعتقد أننا في الطريق الصحيح في محاربة هذا الموضوع. وأصبحوا يعترفون بهذه المشكلة أخيرا. توجد وزارة تعنى بذلك ورصدت لهذا الأمر موارد وانتباها. وهذه هي الطريق للحل".