تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

تظاهر حوالي 5000 مهاجر إفريقي وعدد من المتضامنين الإسرائيليين، يوم السبت الماضي، في تل أبيب وطالبوا الحكومة الإسرائيلية بإطلاق سراح المهاجرين المعتقلين والبحث في طلبات لجوئهم.
وسار المتظاهرون في عدة شوارع في المدينة وتجمعوا في أحد الميادين، حيث ألقى مندوبون عن المتظاهرين كلمات، تحت نصب تذكاري لمحرقة اليهود إبان الحكم النازي لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.


وقالت تقارير صحافية إسرائيلية إن المندوبين عن المتظاهرين لم يستخدموا سماعات خلال إلقاء كلماتهم، التي كان يصعب سماعها. ورغم ذلك، فإن الرسالة التي أرادوا إيصالها كانت واضحة، وهي "الحرية"، إذ كان المتظاهرون يهتفون بكلمة Freedom كل بضع دقائق. كذلك فإن المتظاهرين أمسكوا بأيدي بعضهم بين حين وآخر تعبيرا عن تضامنهم مع مهاجرين من أريتريا والسودان المعتقلين في إسرائيل.

ورفع قسم من المتظاهرين لافتات كتب عليها أرقام، وذلك احتجاجا على مذكرة قدمتها النيابة العامة الإسرائيلية إلى المحكمة المركزية في بئر السبع، قبل أسبوعين، ضد 153 مهاجرا تظاهروا في القدس وتم اعتقالهم، لكن المذكرة لم تتضمن أسماء المتظاهرين وإنما أرقامهم كأسرى فقط.

ووزع المتظاهرون منشورات، باللغتين العبرية والانكليزية، جاء فيها أن "المئات من طالبي اللجوء نظموا مسيرة، الأسبوع الماضي، من معتقل ’حولوت’ في النقب إلى القدس، كي يقولوا إنهم ليسوا مجرمين وللمطالبة بالحرية والحقوق الأساسية. وقد اعتقلتهم الشرطة بصورة وحشية وأعادتهم إلى السجن. وتمت مطاردة آخرين في الصحراء وإعادتهم إلى السجن من خلال استخدام العنف. كذلك، فإننا نشهد في الأيام الأخيرة ممارسة سياسة جديدة تتمثل بأن السلطات تعتقل اللاجئين في أنحاء البلاد بصورة تعسفية وعنيفة".

وأضاف المنشور أن المسيرة هي "تعبير عن التضامن والدعم لنضال اللاجئين ومن أجل التعبير عن تزعزعنا العميق من التعامل معهم، ونحن هنا من أجل المطالبة باعتراف وبحقوق للاجئين وبإلغاء قانون المتسللين، وهو قانون قاسٍ وينتهك حقوق الإنسان الأساسية". كذلك عبر المتظاهرون عن غضبهم من أن شرطيي حرس الحدود الإسرائيليين كانوا يضعون قفازات جلدية سوداء خلال المظاهرة. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن الشرطيين لم يتلقوا أوامر بوضع قفازات كهذه.

وطالب "جاك"، وهو أحد المتحدثين في المظاهرة، حكومة إسرائيل بالتعامل مع طالبي اللجوء كبشر. وقال "لم نأت إلى إسرائيل كي نبقى هنا، ولم نأت بسبب العمل، ولا بحثا عن المال، وإنما جئنا لأنه تجري عملية تطهير عرقي في دارفور".

وقال "عمانوئيل" من أريتريا: "توجد لدينا مشكلة في أريتريا، إذ يوجد هناك حكم ديكتاتوري. وإذا عدنا إلى دولتنا سنموت، أو سنكون في السجن. أنا أريد الحرية وليس السجن. إذا تحسن الوضع في دولتنا فسوف نعود إليها، لكن الوضع سيء جدا الآن. وعلى إسرائيل أن تمنحنا الحرية".

من جانبها قالت المحامية الإسرائيلية يفعات سوليل، الناشطة من أجل حقوق المهاجرين الأفارقة وإحدى منظمات المظاهرة، لصحيفة "هآرتس"، إنه "حتى لو نجحت الحكومة الإسرائيلية بأن تملأ سجن ’حولوت’ وسجن ’ساهرونيم’، فإنه سيبقى 90% من اللاجئين في شوارع المدن، وخاصة في شوارع جنوب تل أبيب، التي أهملت الحكومة والبلدية سكانها منذ عشرات السنين. وبدلا من وضع حلول قابلة للتنفيذ، مثل السماح للاجئين بالعمل وتوزيعهم في أنحاء البلد ليعملوا في الزراعة والبناء، فإن حكومة إسرائيل مستمرة في حملة التحريض ضدهم".

 

قانون جديد يسمح بسجن المهاجرين لمدة عام بدون محاكمة

 صادق الكنيست، قبل ثلاثة أسابيع، على تعديل لقانون منع التسلل، ينص على أن بالإمكان سجن مهاجرين جدد من إفريقيا لمدة عام من دون محاكمة بسبب التسلل إلى إسرائيل. كذلك ينص التعديل الجديد على إقامة معتقل جديد للمهاجرين الأفارقة، بحيث يكون مفتوحا في النهار ومغلقا في الليل.

وتم افتتاح هذا المعتقل- معتقل "حولوت"- قرب سجن "كتسيعوت" في النقب بعد أيام من تعديل القانون، وتم نقل 483 مهاجرا إليه كانوا معتقلين في "ساهرونيم". ومنعت السلطات الإسرائيلية المهاجرين المعتقلين من العمل وطولبوا بالمثول لتسجيل تواجدهم ثلاث مرات في اليوم، صباحا وظهرا ومساء. وفي المقابل تعهدت السلطات بتوفير مكان للنوم وطعام وخدمات الصحة والرفاه.

وفي الأيام الأولى التي أعقبت فتح معتقل "حولوت" خرجت منه مسيرتان احتجاجيتان، انتهتا باعتقال المهاجرين، واستخدام مفتشي سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية العنف ضد المهاجرين. وتلزم السلطات 217 مهاجرا بالتواجد في معتقل "حولوت"، وتحتجز 266 مهاجرا آخر في معتقل "ساهرونيم" المغلق.

وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية صعدت، في الفترة الأخيرة، من ملاحقتها للمهاجرين الأفارقة الذي يسكنون في المدن، بادعاء أنه ليس بحوزتهم تصاريح للتواجد في إسرائيل أو أنهم خرجوا من معتقل "حولوت".

لكن من الجهة الأخرى، فإن المئات من المهاجرين يشكون من أنهم لا ينجحون في تجديد تصاريح تواجدهم في إسرائيل.

 

إسرائيل من أوائل الدول التي وقعت على ميثاق حقوق الإنسان لكنها تتنكر له

 وتشير معطيات نشرها مؤخرا الفرع الإسرائيلي لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، إلى أنه في العام 2013 يوجد في إسرائيل حوالي 55 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم جاء من أريتريا والسودان. وتؤكد المنظمة أن هؤلاء اللاجئين "هربوا من القمع، الحروب الأهلية، العبودية، التعذيب، الملاحقة على خلفية دينية والقتل على خلفية إثنية".

وأشارت "أمنستي" إلى أن ميثاق حقوق الإنسان من العام 1951 نشأ من أجل الاستجابة إلى مشاكل ملايين البشر الذين تحولوا إلى لاجئين نتيجة "فظائع المحرقة والحرب العالمية الثانية".

وأكدت المنظمة أن "إسرائيل كانت الدولة الخامسة التي وقعت على الميثاق، في العام 1954، وكانت داعمة هامة عندما ناضلت ضد معظم الدول من أجل منح حقوق واسعة وكثيرة للاجئين وطالبي اللجوء. [لكن] بعد مرور 60 عاما منذ توقيعها، لم ترسِ إسرائيل في قوانينها حتى الآن واجبها تجاه هؤلاء اللاجئين ومسؤوليتها عن تزويدهم بملجأ مناسب وبحقوق يضمن حياة كريمة لهم". 

وكما ذُكر أعلاه فإن معظم اللاجئين الأفارقة في إسرائيل جاء من السودان وأريتريا. وتشير "أمنستي" إلى أن أريتريا معروفة منذ فترة طويلة بكونها دولة يتم فيها ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان: ملاحقات على خلفية دينية وسياسية، إخفاء مواطنين واستخدام التعذيب من جانب السلطات وتحت رعايتها.

ومن بين اللاجئين من السودان يوجد الكثيرون من الناجين من إقليم دارفور الذين هربوا من ملاحقات متواصلة وعمليات تطهير عرقي للسكان المدنيين التي تنفذها الحكومة والمجموعات المسلحة. ووفقا لـ "أمنستي" فإن طالبي لجوء آخرين جاؤوا إلى إسرائيل من جنوب السودان، "وهي منطقة تجري فيها عمليات قمع قاسية يرتكبها النظام الإسلامي في الخرطوم، خاصة على خلفية دينية".

كذلك يصل لاجئون أفارقة من دول أخرى بينها الكونغو، التي تدور فيها حرب أهلية دموية، وأثيوبيا، ميانمار، كولومبيا وغيرها.

وتقول "أمنستي" وجمعيات إسرائيلية تعنى بشؤون اللاجئين الأفارقة إن الغالبية العظمى من اللاجئين تهرب من مواطنها من دون أن تكون لديها رغبة واضحة في الوصول إلى إسرائيل. وتزج السلطات الإسرائيلية الكثيرين من هؤلاء اللاجئين في معسكرات للاجئين من دون أن تكون لديهم إمكانية الحصول على الطعام والعلاج الصحي. "والأهم من ذلك، هو أنه في كثير من الأحيان لا يوجد في هذه المعسكرات التزام بميثاق حقوق الإنسان، وهم معرضون هناك لمخاطر كالتي تسببت بهروبهم من أوطانهم".

ويتعرض الكثير من اللاجئين للتعذيب والاعتداءات الجنسية من جانب مهربين في شمال شرق السودان ومصر، وخاصة في سيناء. وتتكرر الحالات التي يحتجز فيها مهربون لاجئين لمدة شهور ويبتزون المال من عائلاتهم من أجل إخلاء سبيلهم.

وتشكل الحدود بين إسرائيل وسيناء بوابة لدخول اللاجئين إلى إسرائيل، وذلك على الرغم من المخاطر التي تتهدد حياتهم لدى تجاوزهم الحدود. وقالت "أمنستي" إنه توجد شهادات كثيرة ومتكررة تتحدث عن مقتل لاجئين تعرضوا لإطلاق النار من جانب جنود مصريين. وأعادت السلطات المصرية آلاف اللاجئين إلى الدول التي هربوا منها على الرغم من المخاطر التي تتهددهم هناك، بينما يعاني اللاجئون الذين يبقون في مصر من معاملة سيئة وظروف اعتقال قاسية.

وقالت "أمنستي" إنه بعد فترة اعتقالهم في إسرائيل، يتم إطلاق سراح اللاجئين إلى الشوارع  من دون تقديم أية مساعدة لهم. ومنذ العام 1948، لم يتجاوز عدد اللاجئين الذين حصلوا على لجوء في إسرائيل 300 طالب لجوء. وتمنع السلطات الإسرائيلية اليوم 85% من طالبي اللجوء من إجراءات للحصول على مكانة لاجئ.

 

محاولات إسرائيلية لطرد آلاف اللاجئين

 معاناة اللاجئين الأفارقة والمخاطر التي تتهدد حياتهم، لم تمنع السلطات الإسرائيلية، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من وضع خطط لطردهم من إسرائيل. وأعلنت إسرائيل، في نهاية شهر آب الماضي، أنها ستطرد نحو 50 ألف لاجئ من السودان وأريتريا إلى أوغندا بعد أن أبرمت صفقات أسلحة ومعدات زراعية ستزودها إسرائيل إلى أوغندا، فيما عبر لاجئون عن مخاوفهم من نقلهم إلى دولة إفريقية.

وأعلن وزير الداخلية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن إسرائيل ستنفذ عملية طرد واسعة للاجئين من السودان وأريتريا إلى "دولة ثالثة" ستستوعب اللاجئين الأفارقة وأنها تشكل محطة لينتقلوا منها إلى دولهم. وأفادت تقارير صحافية إسرائيلية، في حينه، أن حجاي هداس، مبعوث نتنياهو الخاص، هو الذي أبرم الصفقة مع أوغندا، فيما أعلن ساعر أن إسرائيل ستتخذ إجراءات ضد من يرفض المغادرة.

وذكر تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، في 29 آب الماضي، أن إسرائيل حسنت علاقاتها مع أوغندا بشكل كبير جدا خلال السنوات الأخيرة وأن هذه الدولة كانت هدفا لزيارات متكررة لوزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، ونائبه خلال ولاية الحكومة السابقة، داني أيالون.

وكان عضو الكنيست دوف حنين، من كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، قد كشف في شهر شباط الماضي أن حكومة إسرائيل تخطط لطرد اللاجئين إلى أوغندا، لكن الحكومة الإسرائيلية فرضت تعتيما حول اسم "الدولة الثالثة" وسمحت بالكشف عنها في نهاية آب الماضي.

وقالت "هآرتس" إنه في مركز العلاقات التجارية بين إسرائيل وأوغندا صفقات في مجال التكنولوجيا الزراعية وصفقات أسلحة شملت وفقا لتقارير أجنبية تزويد أوغندا بمدافع وراجمات وعتاد للمراقبة وتحسين طائرات مقاتلة قديمة وطائرات صغيرة من دون طيار إضافة إلى تدريب قوات، كما تقدم إسرائيل مساعدات لجهاز الصحة في أوغندا. لكن هذه "الصفقة" لم تخرج إلى حيز التنفيذ بعد أن رفضت أوغندا تطبيقها.

وكشفت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، الشهر الماضي، عن أن نتنياهو أبرم اتفاقا مع محرر الشؤون الدولية في صحيفة "يسرائيل هيوم"، بوعاز بيسموت، الذي كان سفيرا لإسرائيل في موريتانيا.

ووفقا للصحيفة فإن نتنياهو كان ينوي تعيين بيسموت في منصب "مدير مشروع خارجي خاص بموضوع إبعاد المتسللين"، مقابل راتب شهري بمبلغ 30 ألف شيكل، ومكافأة بمبلغ 200 ألف شيكل إذا تمكن من التوصل إلى طرد 2500 لاجئ.

وأضافت الصحيفة أن نتنياهو اختار بيسموت على ضوء خبرته وتجربته في العمل الدبلوماسي في القارة الإفريقية. وكانت مهمته تقضي بأن يتوصل إلى اتفاقات مع دول إفريقية توافق على استقبال لاجئين أفارقة وصلوا إلى إسرائيل. لكن هذا الاتفاق لم يخرج إلى حيز التنفيذ أيضا.

وترافق الحملة الإسرائيلية ضد اللاجئين الأفارقة تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، بينها أنهم "يشكلون خطرا على الطابع اليهودي للدولة". كذلك يتهم هؤلاء المسؤولون النشطاء الإسرائيليين الذين يعملون على مساعدة اللاجئين بأنهم "ينتمون إلى اليسار الراديكالي ويسعون إلى إقامة دولة ثنائية القومية ودولة جميع مواطنيها، والقضاء على الدولة اليهودية الصهيونية"!.

    

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"