تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.


أثار وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، غضب الإدارة الأميركية، عندما وصف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بأنه "موسوس ومسياني" في كل ما يتعلق بالمحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين. لكن باستثناء هذا التهجم على وزير الخارجية الأميركي، فإن كيري لم يقل شيئا ولم يعبر عن أي موقف يتعارض مع مواقف الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو. وثمة من يعتقد أن الإهانة الدبلوماسية التي تم توجيهها إلى كيري إنما تعبر عن موقف قباطنة حكومة إسرائيل، ولذا فإن الضجة الحاصلة في إسرائيل لا تتعدى كونها "جلبة إعلامية"، ولا تغير شيئا في جوهر الأمور.


وجوهر الأمور هو أن يعلون لا يؤمن بحل الصراع، ويدعي باستمرار أنه لا توجد إمكانية للتوصل إلى حل الآن، وأنه لا يوجد في الجانب الفلسطيني شريك للسلام، وأن السلام هو وهم. ويطالب ببقاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية، ليس فقط في غور الأردن، وإنما في مدن الضفة الغربية، بعد قيام دولة فلسطينية. وقد عبر نتنياهو عن مواقف مشابهة وإن بلهجة مختلفة قليلا.

والأمر الواضح هو أنه يوجد خلف يعلون حكومة وحزب الليكود، وائتلاف واسع، يؤيد المواقف التي عبر عنها. وهذا الائتلاف يشمل حزبي "يوجد مستقبل" بقيادة يائير لبيد، و"الحركة" برئاسة تسيبي ليفني (رئيسة طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين)، اللذين لم يعبرا، على سبيل المثال، عن معارضتهما لشروط نتنياهو، وهي رفض الانسحاب من القدس الشرقية وغور الأردن والاعتراف بيهودية إسرائيل ورفض تجميد الاستيطان. وبالإمكان القول إن كل ما يسعى إليه لبيد وليفني هو عدم إطلاق تصريحات هوجاء أو عدم الإعلان عن مشاريع استيطانية في موازاة إطلاق سراح أسرى، لكنهما لا يعارضان البناء في المستوطنات.

أقوال يعلون

نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أواسط الأسبوع الفائت، عن يعلون قوله في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين إن "الخطة الأمنية الأميركية التي تم استعراضها أمامنا لا تساوي الحبر الذي كتبت به، ولا يوجد فيها أمن ولا سلام. وفقط استمرار وجودنا في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وعند نهر الأردن سيضمن عدم تحويل مطار بن- غوريون ومدينة نتانيا [وسط إسرائيل] إلى أهداف وغايات لهجمات صاروخية من جميع الجهات".

وأردف أن "وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي جاءنا مصمما ويعمل من خلال وسواس غير مفهوم وشعور مسياني، لا يمكنه أن يعلمني شيئا عن الصراع مع الفلسطينيين".

وقال يعلون، الذي شارك في المحادثات بين كيري ونتنياهو، عن نفسه إنه تحوّل إلى خصم للأميركيين، وقال "أنا حبة الجوز التي يصعب كسرها"، مضيفا أنه "لا توجد أبدا مفاوضات مع الفلسطينيين، والأميركيون يجرون مفاوضات معنا وفي موازاة ذلك يتفاوضون مع الفلسطينيين، وحتى الآن نحن الجانب الوحيد الذي أعطى شيئا، فقد أطلقنا سراح أسرى، بينما لم يعط الفلسطينيون شيئا".

وحول الخطة الأمنية التي قدمها الجنرال الأميركي جون ألين، قال يعلون إنه أبلغ مسؤولين أميركيين في طاقم كيري قائلاً: "عم تتحدثون؟ لقد استعرضتم أمامنا خطة تستند إلى تكنولوجيا متطورة وأقمار اصطناعية وأجهزة استشعار الكترونية وغرف حرب مع شاشات تلفزيون، لكن من دون وجود قواتنا على الأرض". وسأل المسؤولين الأميركيين "كيف سترد التكنولوجيا على ما سيحدث إذا لا قدر الله حاولت خلية سلفية أو من الجهاد الإسلامي تنفيذ اعتداء إرهابي ضد أهداف إسرائيلية؟ من سيتعامل معهم؟ وأية أقمار اصطناعية ستتعامل مع صناعة القذائف الصاروخية التي تتطور في نابلس ويتم إطلاقها باتجاه تل أبيب ووسط إسرائيل؟ وبحوزة المنظمات الإرهابية في قطاع غزة آلاف القذائف الصاروخية التي تغطي وسط إسرائيل، وهذه المنظمات الإرهابية نقلت خبرات وتكنولوجيا لإنتاج الصواريخ إلى الضفة".

واعتبر يعلون أن الأساس لضمان أمن الإسرائيليين يكمن في اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل على أنها الدولة القومية لليهود، وأنه "إذا لم يطرأ أي تغيير على هذا الأمر فإنه لا توجد أية أهمية للأقمار الاصطناعية وأجهزة الاستشعار الالكترونية التي يقترحها الأميركيون". وزعم أن "الطفل ابن الخمسة أعوام مع الحزام الناسف سيواصل محاولته إلحاق الأذى بنا عندما يكبر"، وأعلن أنه لا ينوي التعاون مع ما وصفه بـ "التضليل الفلسطيني - الأميركي".

وقالت صحيفة "معاريف"، يوم الخميس الماضي، إن مهاجمة يعلون لكيري سببها أن الطاقم المساعد لوزير الخارجية الأميركي يجند ضباطا إسرائيليين برتبة لواء من أجل تأييد انسحاب إسرائيل من غور الأردن في إطار اتفاق مع الفلسطينيين.

ووفقا للصحيفة فإن مندوبين أميركيين من طاقم مارتن إنديك، مستشار كيري، يلتقون مع ضباط إسرائيليين كبار في الاحتياط من أجل تحويلهم إلى لوبي مؤيد للانسحاب من الغور في أوساط الرأي العام الإسرائيلي.

حملة إسرائيلية ضد كيري

تجري في إسرائيل حملة إعلامية رسمية ضد كيري. فقد جرّ هذا الأخير نتنياهو إلى المفاوضات رغما عنه، قبل أكثر من خمسة شهور. وسادت التقديرات حينذاك، لدى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، بأنه لن ينتج شيء عن هذه المفاوضات، بسبب تعنت إسرائيل. لكن نتنياهو ووزراءه ربما لم يتوقعوا أن يبذل كيري كل هذه الجهود، من خلال زيارة إسرائيل مرة كل أسبوعين أو ثلاثة، ويطرح خلال ذلك أفكارا، ويقوم بجولات مكوكية بين إسرائيل والضفة. وقد نقلت صحيفة "هآرتس"، الأسبوع الماضي، عن مسؤولين في ديوان نتنياهو قولهم إنه كلما زار كيري رام الله يعود إلى إسرائيل وقد غيّر مواقفه من شروط نتنياهو.

ورغم تعثر المفاوضات بسبب التعنت والاستفزازات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالبناء الاستيطاني، إلا أنه ليس بإمكان حكومتها أن تفعل الكثير ضد كيري، بسبب الأزمة في العلاقات بينها وبين الإدارة الأميركية، وبشكل خاص بين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما. فالأخير لم يغفر لنتنياهو تدخله في انتخابات الرئاسة الأميركية لصالح منافسه الجمهوري ميت رومني. كما أن أوباما أوضح، في خطاب وجهه للإسرائيليين، التزامه بحل الدولتين، إضافة إلى أن نتنياهو انتقد باستمرار سياسة أوباما وإدارته خلال المفاوضات بين الدول العظمى وإيران.

وقال موقع "واللا" الالكتروني، يوم الأربعاء الماضي، إن الأميركيين ضاقوا ذرعا بتصريحات منسوبة لمسؤولين إسرائيليين، لا يتم ذكر هويتهم، ضد كيري. وفي أحد هذه التصريحات نقل المحلل العسكري لـ "هآرتس"، عاموس هارئيل، في 14 تشرين الثاني 2013، عمن وصفه بأنه "وزير رفيع"، قوله على خلفية تحذير كيري من انتفاضة ثالثة في حال استمرار تعثر المفاوضات، إنه "يوجد صدام مباشر مع كيري وليس مع أوباما... والمفاوضات هي الطفل المدلل لدى وزير الخارجية الأميركي، وأفكاره ليست ذات صلة بالواقع. وهو يعظنا ويهددنا بانتفاضة ثالثة وعزلة دولية ومنح الشرعية لتوجه فلسطيني مستقل إلى المنظمات التابعة للأمم المتحدة. وهذا الرجل يمنح الفلسطينيين شرعية تتجاوز إطار الاتفاقيات. وهو ليس وسيطا نزيها".

وقالت "هآرتس"، في 27 كانون الأول 2013، إن يعلون يقود "الخط المتشدد" في الحكومة الإسرائيلية، لدرجة أن كيري يرى فيه "عاملا إشكاليا وسلبيا ويحمل مواقف متطرفة وغير معقولة وتدل على أنه ليس مهتما باتفاق دائم". وأضافت الصحيفة أن يعلون طرح خلال محادثات مع كيري وفي مداولات داخلية حول الترتيبات الأمنية في الضفة، تحفظات من معظم بنود الخطة الأمنية الأميركية، وهو يطالب بأن يشمل أي اتفاق سلام "حرية عمل الجيش الإسرائيلي في جميع مدن الضفة وسيطرة إسرائيلية كاملة على غور الأردن والمعابر الحدودية والمجال الجوي للدولة الفلسطينية بعد قيامها".

ونقلت الصحيفة عن يعلون قوله لرجال أعمال إسرائيليين، يمثلون مجموعة تضم قرابة 200 رجل أعمال إسرائيلي وفلسطيني ويعملون من أجل دفع اتفاق سلام: "لا توهموا أنفسكم، لا يوجد لنا شريك في الجانب الفلسطيني لاتفاق حول دولتين للشعبين". وهاجم يعلون نية كيري طرح "اتفاق إطار" يتضمن حلا لقضايا الحل الدائم وانتقد الترتيبات الأميركية التي بلورها وطرحها الجنرال الأميركي جون ألين.

كذلك رفض يعلون تحذيرات من موجة مقاطعات ضد إسرائيل وقال لرجال الأعمال "إنني أشجع الأعمال مع السلطة الفلسطينية وأؤمن بعملية طويلة الأمد يتم خلالها بناء الثقة من الأسفل إلى الأعلى، ولكن لا ينبغي محاولة دفع اتفاق لن يتم التوصل إليه، برأيي، في المستقبل المنظور". واعتبر أن الاتفاق الذي ينوي كيري طرحه هو "اتفاق سيء وسيكون دمارا للاقتصاد إذا كنا نتحدث عن المقاطعة (لإسرائيل)، وإذا فقدنا حرية العمل العسكري فإن الضفة ستتحول إلى حماستان وستكون هناك صواريخ (تطلق) على تل أبيب والاقتصاد سيُدمر".

"خطط أميركية سخيفة وسطحية"

نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" التي تأسست لخدمة سياسة نتنياهو، في 2 كانون الثاني الحالي، عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين رفيعي المستوى قولهم حول الخطة الأمنية الأميركية "للدفاع عن غور الأردن"، إنها "سخيفة". وأضاف المسؤولون نفسهم أن "كيري يأتي كثيرا إلى هنا، لكنه لا يظهر تفهما حقيقيا حيال ما يتم فعله هنا. وخطط الولايات المتحدة سطحية وغير جدية ولا توجد علاقة بين التصريحات العلنية حول حدوث تقدم في المفاوضات وبين ما يحدث فعلا. ويبدو أن كيري ليس مرتبطا بالواقع. وهو لا يعرف جذور الصراع، ولا يجلب حلولا حقيقية وحتى أنه لا يظهر أية معرفة بالخرائط التي يتم استعراضها أمامه".    

وأضاف المسؤولون الإسرائيليون ذاتهم أن "أداء وزير الخارجية الأميركي ينطوي على هوَس. وثمة من يقولون أنه أكثر مما يريد دفع السلام، جاء لاستغلال الصراع لحاجاته السياسية، وعلى ما يبدو أن كيري يعتقد أن الطريق إلى البيت الأبيض تمر عبر توقيع اتفاق سلام في الشرق الأوسط. ويتجول كيري برفقة السفير الأميركي دان شابيرو، والمستشار الخاص مارتن إنديك، في البلاد ويعطون انطباعاً كما لو أنه سيتم التوقيع على اتفاق سلام بعد لحظة. وتضطر إسرائيل إلى التعاون مع خطط أميركية بالأساس، بسبب التخوف من أنه إذا رفضتها فإن الولايات المتحدة ستتهم زعامتها بفشل المفاوضات".

وتابع المسؤولون الإسرائيليون أن "تقديراتنا هي أنه مقابل طلب إسرائيل تمديد المفاوضات بعام واحد، سيطالب أبو مازن [الرئيس الفلسطيني محمود عباس] إسرائيل بمقابل آخر، مثل التجميد [للاستيطان] أو تحرير أسرى آخرين. وذلك فيما العرب لم يعطوا أي مقابل لمحادثات تفاوضية منذ أوسلو وحتى اليوم".

ونقلت "هآرتس"، الأسبوع الماضي، عن نتنياهو قوله لوزراء من حزبه، الليكود، إنه يرفض أي ذكر لقضية القدس في اتفاق الإطار للمحادثات، الذي يعمل كيري على بلورته. وقال مسؤولان إسرائيليان للصحيفة إن نتنياهو أبلغهما سوية مع آخرين أنه "لن يوافق على أن يتضمن اتفاق الإطار أي تطرق لقضية القدس". وقال أحد المسؤولين إن نتنياهو لا ينوي الموافقة على وثيقة "حتى لو ذكرت بصورة عامة إقامة عاصمة فلسطينية في أية منطقة من مناطق القدس" وأن نتنياهو أوضح أنه سيتمسك بهذا الموقف حتى لو كلف ذلك تفجر المحادثات حول اتفاق الإطار.

وقال مسؤول إسرائيلي للصحيفة إن جميع اللقاءات تقريبا بين نتنياهو وكيري، التي تم خلالها البحث في قضية القدس، جرت بحضورهما وحدهما فقط. لكن مصدرا إسرائيليا قال للصحيفة إنه خلال اجتماعاته مع كيري، كان نتنياهو أكثر ليونة حيال قضية القدس، وأنه "حاول جعل التطرق إلى موضوع القدس أكثر ضحالة والتقليل من ذكره" لكنه لم يعبر عن معارضة مطلقة لذكر هذه القضية في اتفاق الإطار الأميركي.

ووفقا للصحيفة فإن كيري وطاقمه يبحثان في هذه الأثناء في تضمين اتفاق الإطار صياغات ضبابية مثل أن العاصمة الفلسطينية ستكون في "القدس الكبرى"، بحيث يكون بإمكان الفلسطينيين القول إن المقصود هو القدس الشرقية، بينما يكون بإمكان الإسرائيليين القول إنها ستكون في قرية أبو ديس أو قرية العيزرية. 

سفراء إسرائيليون يحذرون من احتمال اتساع المقاطعة إلى داخل الخط الأخضر

على ضوء التقارير التي تحدثت عن وعود الاتحاد الأوروبي بمنح امتيازات خاصة لإسرائيل في حال توصلها إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين، نقلت صحيفة "معاريف"، الثلاثاء الفائت، عن مصادر في الحكومة الإسرائيلية قولها إن هذه الوعود الأوروبية هي "اقتراح أجوف". لكن الصحيفة قالت إنه، من الجهة الأخرى، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية تحذر من "الضرر الذي بإمكان أوروبا إلحاقه بإسرائيل أكبر من الفائدة التي بإمكانها جلبها، وهذا يجب أن يخيفنا".

وقالت الصحيفة إن هذه التحذيرات جاءت خلال اجتماع مغلق، عقد مؤخرا، في دائرة أوروبا في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وبمشاركة جميع سفراء إسرائيل في دول الاتحاد الأوروبي. وحذر السفراء من أن السياسة التي تطبقها دول الاتحاد الأوروبي في مجال مقاطعة المستوطنات، وخطوات أخرى مجمدة في هذه الأثناء، من شأنها أن تتسع إلى داخل الخط الأخضر في غضون عام أو اثنين. كذلك حذر السفراء من أن دولا أخرى من خارج أوروبا قد تنتهج سياسة مشابهة، وأن المثال الأبرز هو اليابان، ولكن ليس وحدها.

وقال موظف إسرائيلي رفيع المستوى إن "الاتحاد الأوروبي يبث أجواء تشجع على مقاطعة كاملة لإسرائيل التي في داخل الخط الأخضر، وستحول إسرائيل إلى دولة منبوذة". وهاجم سفير إسرائيل الأسبق لدى الاتحاد الأوروبي، عوديد عيران، الاتحاد الأوروبي بادعاء أنه تعين على الاتحاد البحث في مقاطعة المستوطنات من خلال "محادثات هادئة" مع إسرائيل. وقال إن "أوروبا تمنح الشرعية لهيئات غير حكومية تقاطع أي تعاون مع إسرائيل".

وقال موظف حكومي إسرائيلي رفيع آخر إن "السياسة الأوروبية تشجع أيضا دولا في أنحاء أخرى من العالم على التصرف بشكل مشابه ولذلك فإنه يتوقع أن تواجه إسرائيل مصاعب سياسية واقتصادية، وستكون هذه في المرحلة الأولى في الضفة الغربية".

وفي المقابل، أشار عيران، الباحث الكبير في معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب والرئيس السابق لهذا المعهد، إلى أنه في حال التوصل إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين فإنه سيكون بإمكان إسرائيل طلب "عضوية ناقصة" في الاتحاد الأوروبي، والمشاركة في قرارات يتخذها الاتحاد. لكن نائب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، ران كوريئيل، اعتبر أنه "من وجهة النظر الإسرائيلية، لا توجد أمور كثيرة بالإمكان دفعها في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وبالتأكيد ليس على المستوى الإستراتيجي".

رغم ذلك، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية ترى أن وقف التمويل الأوروبي للفلسطينيين أيضا، في حال فشل المفاوضات، هو تهديد لإسرائيل أكثر مما هو تهديد للسلطة الفلسطينية. وتعتبر الوزارة أن من شأن وقف تمويل الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى للسلطة الفلسطينية أن يقود إلى حالة من الفوضى وانعدام قدرة السلطة على إدارة جوانب مدنية فيها. وقال "منسق أعمال حكومة إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية، اللواء إيتان دانغوت، أمام اجتماع السفراء، إنه لا توجد نية لدى إسرائيل للعودة إلى الاعتناء بجوانب مدنية في مناطق السلطة الفلسطينية.

وأكد السفراء الإسرائيليون أن السياسة الأوروبية ضد استمرار البناء في المستوطنات "جارفة"، وأن ألمانيا، التي تعتبر أهم صديقة أوروبية لإسرائيل، لن تتمكن من المساعدة في هذا الخصوص.

وأجمع السفراء على أن "التقدم في العلاقات مع أوروبا مشروط بتقدم العملية السياسية مع الفلسطينيين". لكن وزارة الخارجية أوضحت خلال اجتماع السفراء أنه لا يتوجب على إسرائيل الاستسلام للضغوط المتعلقة بالمستوطنات فقط من أجل تحسين مكانتها لدى الاتحاد الأوروبي.

وقالت "معاريف" إنه على الرغم من رسائل الطمأنة من جانب مسؤولين أوروبيين لنظرائهم في إسرائيل بأن سياسة الاتحاد الأوروبي تتعلق بالمستوطنات، إلا أن الكثيرين في الخارجية الإسرائيلية يعتقدون أنه "لم يعد بالإمكان وقف الانجراف"، وأنه إذا لم يطرأ تغير حقيقي على سياسة إسرائيل بشأن البناء في المستوطنات فإن "المقاطعة لن تقف عند الخط الأخضر والضرر الذي سيلحق بإسرائيل سيكون بالغا".

"نتنياهو وحكومته أعلنا الحرب على العالم"

واستدعت وزارات الخارجية في كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا، يوم الخميس الماضي، سفراء إسرائيل لديها وقدمت احتجاجا على الإعلان عن نشر عطاءات بناء 1400 وحدة سكنية في المستوطنات في القدس والضفة الغربية بعد إطلاق سراح الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين. وفي المقابل استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفراء هذه الدول الأوروبية في تل أبيب من أجل إبلاغهم بأن دولهم تتخذ مواقف أحادية الجانب وبشكل دائم ضد إسرائيل، وأن "هذا موقف غير مقبول ويثير شعورا بأن هذه الدول تبحث عن اتهامات توجهها لإسرائيل".

وأصدر وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تعليمات للمسؤولين في وزارته بإبلاغ السفراء الأوروبيين، أن "إسرائيل تبذل جهوداً كبيرة من أجل مواصلة الحوار مع الفلسطينيين"، وأن مواقف الدول الأوروبية "عدا كونها منحازة وغير متوازنة وتتجاهل الواقع الميداني، فإنها تمس بصورة كبيرة بإمكانية التوصل إلى تسوية بين الجانبين" الإسرائيلي والفلسطيني.

وتطرق نتنياهو، إلى موضوع استدعاء السفراء وقال إن "الاتحاد الأوروبي يتصرف بشكل منافق"، مضيفا "متى استدعى الاتحاد الأوروبي سفيرا فلسطينيا من أجل الاحتجاج على التحريض؟" في إشارة إلى ادعاءات إسرائيلية بأن السلطة الفلسطينية تحرّض ضد إسرائيل. وتابع "متى استدعى الاتحاد الأوروبي سفيرا فلسطينيا للاحتجاج على المشاركة في الإرهاب؟ لقد حان الوقت لوقف هذا النفاق".

من جهة ثانية نقلت صحيفة "معاريف" عن قياديين في كتلة "الليكود - إسرائيل بيتنا" قولهم إن نتنياهو يؤيد خطة ليبرمان بشأن تبادل سكان وأراض في إطار تسوية الصراع، بحيث يتم نقل منطقة المثلث وسكانها إلى سيادة الدولة الفلسطينية بعد قيامها. كذلك نقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها إن مندوبين أميركيين في المفاوضات عبروا مؤخرا عن موافقتهم على خطة ليبرمان مقابل ضم كتل استيطانية لإسرائيل.

وانتقد عضو الكنيست نحمان شاي، من حزب العمل، تصريحات نتنياهو وقال للإذاعة العامة الإسرائيلية، إن نتنياهو وحكومته "أعلنا الحرب على العالم، ففي بداية الأسبوع [الماضي] هاجما الولايات المتحدة، وفي نهاية الأسبوع هاجما أوروبا".

ويبدو أن المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين متعثرة. وتصعيد المسؤولين الإسرائيليين من لهجتهم ضد جميع الأطراف الضالعة في المفاوضات، الأميركية والأوروبية والفلسطينية، يؤكد ذلك. وتسعى إسرائيل إلى تكويم العقبات أمام حدوث انطلاقة في المفاوضات، إذ أن نتنياهو أخذ يطالب الآن بضم كتلة "بيت إيل" الاستيطانية إلى إسرائيل، رغم أن هذا الأمر لم يكن مطروحا في جولات مفاوضات سابقة. وفي غضون ذلك، بدأت إسرائيل تحذر من "بدء العد التنازلي" لعدوان عسكري جديد ضد غزة، ما ينذر باحتمال وقف المفاوضات مثلما حدث لدى شن الحرب على غزة في نهاية العام

 

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"